صورة موضوعية
صورة موضوعية


إلى أندريه بريتون

أخبار الأدب

الإثنين، 08 يناير 2024 - 04:54 م

إلى أندريه بريتون

باريس 26 يوليو 1948

عزيزي أندريه بريتون

أكتب هذه السطور بلا انفعال أو غضب. إن قرار ترك جماعة لم أفقد احترامى لها، وقد ارتبطت بها على مدى أثنى عشر عاما من الأنشطة المشتركة، ليس من تلك القرارات التى تتخذ بقلب سعيد.

أؤكد على الفور أننى لا أجد نفسى على خلاف مع المواقف الأساسية للسوريالية، إذ أن الأسماء التى أبلغتنى بها، باستثناء شازال (shazal)كانت عونا دائما ، كما أن خطوط بحثها تبقى هى الأكثر جاذبية بالنسبة لي.

اقرأ أيضاً | الاستسلام المتمرد.. شذرات من يوميات جورج حنين

فى الحقيقة، ألست تشعر بالصدمة أن ما حافظ على السريالية منذ نهايات الحرب، ما هى إلا أفعال ونتاجات فردية، بينما كل ما مال إلى التعبير الجمعى أدركه الإخفاق الأليم، هذا إذا لم يلغم الصرح الشامخ الذى تم تشييده فى صبر؟

 لا أعرف، لأجل قياس درجة حرارة السريالية مثل أى شىء آخر من 1946 إلى 1948، لم أجد أفضل من معارض برونر ، ماتا وهيرولد. بالطبع، أنت حر فى تجاهل هذه الحقائق والخضوع لحاجة مرعبة من التجديد الذى لن يؤدي، فى المرحلة الحالية من السوريالية التى تحتاج لإعادة ترتيب وتكثيف قيمتها القائدة، إلا إلى إبداعات تجارية.

ساهمت، بصفتى مناهضا ضد الستالينية وضد المسيحية، فى تحرير « القطيعة التدشينية» ولم أتاجر بتوقيعى على البيان الأخير. ما ضايقنى أن هذه البيانات المتتابعة ليست أكثر من عملك الشخصي، لم تبدد الضيق الذى يثقل الجماعة السريالية.

إنها لم تساعد، وبالأخص البيان الأخير، إلا فى جعل هذا الضيق مدركا والطموح العام للجماعة أقل احتمالاً، لا أريد تقديم أى تفسير هنا، غير أننى لا أستطيع أن أمنع نفسى من إثبات، وهذا منذ عامين، أن كثير من المبادرات تم أخذها على «أنها أفضل الموجود»، أى بتحدى الحاجة الأساسية التى قامت عليها السريالية، أنت نفسك قلت لى إنك تعتبر مجلة «نيون» جديرة بإبقاء انتباه أصدقائنا الشبان فى انتظار الأفضل.

وعن تحفظات رمسيس يونان على البيان الذى رفض توقيعه، أجيب بأنه« أفضل من لا شىء»، وحينما نصل إلى «أفضل من لا شىء» قد تكون موافقا لى بأن كافة الاحباطات ممكنة.

بالنسبة للاحباط، لا يوجد مثال أفضل يكشف عنه أفضل من العرض الذى شهدته: سيرياليون يسخرون من بيان يحمل توقيعهم، أو أيضا- متغير بسيط- يتهكمون علنا على مجلة يصدرونها- و مادامت تطالب بقوة بالجديد، هذا هو بملء الفم «الجديد». فى الواقع، حالة الجماعة، هذه الحالة الفريدة والمقلقة التى تفكر بمداواتها عبر التضحية ببعض الأفراد الذين لا يطأطون الرأس كثيرا ليست سوى الأثر أو انعكاس المبادرات التعسة التى تثير إعجابكم فى تشجيعها أو الحث عليها: نيون، المعرض. هم فى كلمات مختصرة، مبادرات لا تحمل شيئا جديدا لكنها أيضا ترتد على أشياء بدت لنا مكتسبة.

أنت حر فى تجاهل ما يقال عن نيون بلندن، بوخارست والقاهرة. أنت حر فى تهنة نفسك على أى عدد من التوقيعات، دون أن تعبأ بدلالة هذه التوقيعات و«المقاصد الخفية» وراء ذلك الانتساب. دعنى أقول لك إن لا شىء أفضل من «نيون» و«مثل»، وإن لا شىء أفضل من « نيون» وما دام لا يوجد شئ أفضل منهما، يبق الصمت هو التعبير السيريالى الجديرة بالاحترام.

تحياتي إليك

ت: أحمد عثمان


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة