كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

النار حولنا

كرم جبر

الجمعة، 12 يناير 2024 - 07:55 م

يمكن للسفينة المحملة بالنفط الخام أن تقطع مسافة 650 ميلا بحريا من موانئ الخليج إلى روتردام بهولندا عن طريق قناة السويس، بينما تصل المسافة إلى 1200 ميل بحرى إذا سلكت طريق رأس الرجاء الصالح، أى الضعف.

وهذا معناه زيادة الوقت والمسافة والتكلفة، بسبب الأحداث فى منطقة البحر الأحمر، التى أدت إلى ارتباك شديد لخطوط شحن الحاويات بين آسيا وأوروبا والساحل الشرقى للولايات المتحدة إلى منطقة الشرق الأوسط، بما يحمله ذلك من مخاطر كبيرة على الاقتصاد العالمى.

والشاحنات تنقل كل الأشياء من السلع المصنعة والحبوب والنفط والغاز والمواد الغذائية وغيرها، ويتحمل فاتورة الخسائر بشكل أكبر الدول النامية والفقيرة الأكثر استيراداً واستهلاكاً لهذه السلع والمواد، وتتأثر بذلك جميع دول العالم، بعد نشوب صراع دولى جديد، واشتعال النار فى منطقة البحر الأحمر، وليس معقولاً ولا مقبولاً الادعاء الذى يقول إن استهداف السفن لمناصرة أهالى غزة، فرقعة الصراع تتسع فى غير صالح الجميع.

أما بالنسبة لمصر فهيئة قناة السويس تتابع الموقف لحظة بلحظة ودقيقة بدقيقة، لدراسة مدى تأثر الملاحة فى القناة، وحصر السفن التى تقوم بتحويل رحلاتها، ولا يمكن التكهن بحجم الأضرار إلا من خلال بيانات رسمية موثقة.

فمصر فى منطقة مشتعلة، وقدرها أن تواجه وتتحدى وتحافظ على أمنها القومى، فى فترة من أسوأ الفترات التى تعيشها المنطقة، التى أصبحت مثل الجسد الملىء بالطعنات، ومصر فى القلب.

والسودان الشقيق.. تحولت العاصمة التى يعيش فيها 5 ملايين نسمة إلى ساحة للقتال، والناس خائفون ومذعورون ويدفعون ثمناً باهظاً، وحياتهم فى خطر بعد احتلال المتحاربين الشوارع وإطلاق النار من الأسطح والمبانى، وانتشار عمليات السرقة والسلب والنهب.

لم يهدأ السودان منذ ثورته فى 19 ديسمبر 2018، وتبددت الآمال فى تسوية سلمية بين الدعم السريع وقوات الجيش، وينزح حوالى مليون ونصف المليون إلى البلدان المجاورة وتحملت مصر العبء الأكبر، بينما السودان من أغنى الدول فى أفريقيا.

وليبيا الشقيقة.. عشر سنوات من الفوضى منذ مقتل القذافى، سياسياً وأمنياً واقتصادياً وتدخلات خارجية وبنية تحتية مدمرة، وعشرات الآلاف من النازحين إلى دول أكثر استقراراً.

والميليشيات المسلحة حاضرة فى المشهد، وطال العنف قطاع النفط فى بلد يحتوى أكبر احتياطى فى أفريقيا، ومطالبات فى الشمال والجنوب بأن يكون توزيع الإيرادات أكثر شمولاً، وآلية تضمن عدالة المشروعات فى كل البلديات.

والأمن القومى المصرى يرتبط بالأمن القومى فى البلدان المجاورة ليبيا والسودان والبحر الأحمر، وغزة التى تنزف، وتنتظر الإنقاذ.

بداية إنقاذ غزة فى حكومة وحدة وطنية واحدة تدير الضفة الغربية والقطاع، وترسم خريطة للمستقبل الآمن بإقامة الدولة الفلسطينية، لينعكس الهدوء والاستقرار على الحدود المشتركة مع غزة، التى تتسبب فى كثير من القلق والفوضى والخسائر.

انظر حولك، وعلى المصريين جميعاً أن يدركوا أن مصر محاطة بالنار من كل جانب، والحفاظ على أمنها واستقرارها أصعب من الإمساك بالجمر، ولكنها تفعل.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة