الإثنين، 15 يناير 2024 - 07:50 م

 فقد شهدت مصر فى سنوات قليلة سابقة أحداثاً تحتاج قروناً، وتغيرت الأمزجة وتعددت الولاءات، وتجمع الحصاد فى أحداث 25 يناير، حيث قفزت جماعة الشر فوق المشاعر الوطنية، واختارت لها علم غير العلم ونشيداً غير النشيد، واختلطت الدفوف الصاخبة بالإيقاعات الهادئة.

وظهر بيننا من يدعى أن حب الأوطان ضد الأديان، ومن يصوب رصاص الغدر فى صدر أخيه المصرى المسلم والمسيحي، ومن يقتل صائماً، ويحرق مسجداً وكنيسة.

عشنا أياماً غسلوا فيها عقول بعض الشباب بل انتزعوها من رءوسهم، وعبأوها أفكاراً فاسدة أشد خطورة من الديناميت والمتفجرات، فأصبحت عقولهم تنتج قتلاً وموتاً وسفكاً للدماء.
أقنعوا الإرهابى بأن حزام الديناميت الذى يلفه حول خصره هو إكليل الحياة، وبأن القنبلة هى الطريق إلى الجنة، وأن العبوات الناسفة هى سر الخلود فى الدنيا والآخرة.
واستدعت قوى الشر مخزون الوقيعة، لتفتيت الكتلة الصلبة على أساس دينى وطائفى، دون أن يدركوا أن مصر ليست ساحة للحرب بل السلام، ولديها مخزون عظيم يفيض خيراً فى المشاعر والوجدان، ولا يمكن لقوى الشر أن تهزم إرادته.
الحمد لله.. فرغم الظروف الصعبة تقف البلاد قوية فى مواجهة تحديات لم تكن لها يد فيها، وتواجه تداعيات ما يحدث فى غزة والبحر الأحمر والدول الشقيقة التى تعانى الفوضى غير الخلاقة، وتجمعت كل الخيوط فى فترة زمنية وجيزة.
وكلمة السر هى دائماً الاصطفاف خلف الدولة، والتصدى للفتن والشائعات ومحاولات الوقيعة، وكما كانت تلك هى أسلحة إفشال مؤامرة الفوضى، هى أيضاً أهم عوامل الاستقرار، لعبور الصعوبات والوصول إلى بر الأمان.

>>>
تعودت الأسر المصرية زمان أن تسهر فى شتاء ليالى الخميس، للاستماع إلى حفلات أم كلثوم، وكانت مهرجاناً كبيراً حول الراديو، واكتست كلمات الأغانى فى هذه الفترة بريقاً من ذهب، وعاشت مصر سنوات الإبداع، والاستمتاع برصيد لا ينفد.

وشهدت تلك السنوات ازدهاراً رائعاً للأغانى الوطنية، فغنى المصريون للسد العالى والوحدة العربية والصورة المشرفة التى تجمع المصريين، وفاضت المشاعر الجميلة فى الكلمات الحماسية والألحان الرائعة، وخلقت نماذج للفن المصرى الذى نحتاجه اليوم، لإظهار عظمة الإنجازات الحالية الكبيرة التى تفوق ما كان يحدث فى تلك الفترة.

وقهرت مصر مؤامرات متعددة الأطراف، تصب فى مجرى واحد هو كسر إرادتها، ولكن الشعب استدعى رصيده الوطنى الكامن فى الأعماق لتنشيط الهوية الوطنية، والتصدى لمحاولات المساس بالأمن القومى.