مسجد الطباخ
مسجد الطباخ


أصل الحكاية| الأمير آقوش ومسجد الطباخ في العصر المملوكي

شيرين الكردي

الإثنين، 22 يناير 2024 - 02:46 م

القاهرة التاريخية مليئة بالروايات والحكايات عن المساجد الأثرية التاريخية، وذلك لكثرة المساجد فيها، وتضم العديد منها منذ الفتح الإسلامي على يد عمرو بن العاص.

تبرز من بينها المساجد الأثرية بمآذنها التي تشق السماء، كعلامة من أهم معالم العاصمة، لذا لم يكن غريبا أن تلقب القاهرة بـ«مدينة الألف مئذنة».

حكاية «مسجد الطباخ» :

"حكاية أثر"، سنتناول واحدًا من تلك الآثار الإسلامية العريقة التي ربما لا يعرف عنها الكثيرون ونتحدث اليوم عن «مسجد الطباخ» ، بمجرد خروجك من محطة مترو محمد نجيب سالكا شارع حسن الأكبر قاصدا باب اللوق؛ تجد على يسارك مسجدا صغيرا رائعا، مسجدا ربما لا يعرفه الكثير من المتخصصين فضلا عن غيرهم، وهو رغم بساطته يحمل خلفه تاريخا طويلا مثيرا، إنه مسجد الطباخ، كما أكده الباحث الآثارى الدكتور حسين دقيل المتخصص فى الآثار اليونانية والرومانية.

اقرأ أيضا|وزير السياحة «متحدث رئيسي» في اللقاء الشهري لغرفة التجارة الأمريكية

نبذه عن المنشئ مسجد «الطباخ»:

أضاف دقيل ، أن نشأة مسجد «الطباخ» تعود إلى العصر المملوكي، حيث تم بناؤه على يد الأمير جمال الدين آقوش سنة (640هـ/ ‏1243‏م)؛ وآقوش هذا كان استادارا  للملك الصالح نجم الدين أيوب‏، وكان السلطان أيوب يثق فيه كثيرآ ويعتمد عليه في الكثير من أمور الحكم. 

أصل حكاية مسجد «الأمير آقوش»:

ويروي د. دقيل، عن حكاية "الأمير آقوش" الذي قام ببناء المسجد وسمي باسمه مسجد «آقوش» كما قام بأعمال أخرى عديدة بمصر؛ منها قاعة بالمستشفى المنصوري، كما قام بنحت جدران البيمارستان والمدرسة المنصورية من الداخل والخارج، وجدد الزخارف المذهبة في مباني المنصور قلاوون كلها.

وبعد سنوات من إنشاء الأمير آقوش للمسجد حدث خلاف بينه وبين السلطان لأمر ما، فاستغل المغرضون الخلاف بينهما وعملوا على استمراره فزادت حدته، ثم قام السلطان على إثره بترحيل الأمير إلى الإسكندرية وحبسه هناك، فتأثر آقوش بتبدل حاله فمات بالسجن، ودفن بتربته التي أنشأها بالقرافة الصغرى جبانة الإمام الشافعي في ربيع الثاني سنة (667هـ/ 1368م). 

وبعد موت الأمير آقوش تعرض مسجده للانهيار والهدم.
وفي عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون قام بتكليف أحد أبرز المقربين منه، وهو طباخه المحبب إلى قلبه المدعو علي، وكلفه بتجديد المسجد فجدده على نفقته الخاصة، وجعل له منبرا غاية في الروعة والجمال، وسُمي المسجد بـ "الطباخ" نسبة إليه، والحاج على؛ كان طباخا ماهرا، كما كان يتولى مهمة الإشراف على مائدة السلطان، ولذا فقد كان شخصية مهمة في القصر يهابه من دونه، وهو مع ذلك كان رجلا تاجرا ثريا.

وعندما تولى الحكم السلطان الكامل سيف الدين شعبان بن الناصر قلاوون؛ استمع لوشاية المغرضين الذين كانوا ساخطين على الحاج علي لقربه من السلطان، فقام بطرده من المطبخ السلطاني، وصادر أمواله. وأُهمل المسجد مرة أخرى، وتحول إلى أطلال تذكر الناس بمفارقات سيرة الطباخ. 

وفي عهد السلطان العثماني سليمان القانوني وبالتحديد في عام (949هـ/ 1542م)، تم إعادة بناء المسجد، وقد وثقت لجنة حفظ الآثار العربية عام 1889 ذلك بإشارتها أنه كان مكتوب على عتبة المسجد العمومية ما يدل على ذلك. وفي عام 1900م قررت لجنة حفظ الآثار العربية في تقريرها الذي حمل رقم 76 عدم تسجيل المسجد ضمن الآثار. 

وفي عام 1931م، وخلال عهد الملك فؤاد الأول، جُدد المسجد على الطراز المملوكي وخاصة مئذنته، ولا يزال باب المسجد يحمل شريطا كتابيا يشير لذلك، نصه: "جُدد هذا المسجد في عصر صاحب الجلالة فؤاد الأول ملك مصر المعظم سنة 1350هـ".

 وبعد الزلزال الذي أصاب مصر عام 1992م والذي أثر على العديد من المباني الأثرية بالقاهرة التاريخية؛ قامت وزارة الأوقاف بهدم القسم العلوي من المئذنة وأعادت بناءها محاولة الاقتراب من شكلها الطبيعي.

الوصف المعمارى .. للمسجد «الطباخ» أو مسجد «الأمير آقوش» :

والمسجد الطباخ مبني من الطوب الأحمر، وله باب واحد رئيس يطل على الميدان، وبه منبر خشبي مزركش ومزخرفا بفتحات من الأرابيسك. 

وعن المسجد تقول الدكتورة سعاد ماهر في كتابها "مساجد مصر وأولياؤها الصالحون": إن المسجد الطباخ الموجود حاليا بشارع الصنافيري أقيم مكان المسجد القديم، وهو مسجد غير منتظم الأضلاع تتوسطه 4 دعائم كبيرة يقوم عليها السقف الخشبي المنقوش بالزخارف الزيتية الجميلة، ويعلو الدعائم الأربع رقبة مثمنة بها ثماني نوافذ يعلوها قبة ضخمة. 

وأضلاع المسجد المتعدد تحتوي على فتحات مملوءة بالزجاج المعشق، وهذه الفتحات تكون كل ثلاث منها نافذة قنديلية الشكل.

وهكذا ظل المسجد يحمل أسم بانيه الطباخ رغم كل ما فعله السلطان الكامل شعبان من مصادرة أمواله وإزالة اسمه، فلم تفلح مساعيه كما فلحت مساعي من قبله في إزالة اسم الأمير آقوش.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة