كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

لماذا 25 يناير ؟

كرم جبر

الثلاثاء، 23 يناير 2024 - 06:18 م

كثير من الأحداث التى وقعت فى 25 يناير لم تكن بريئة، ولكن وراءها من يخطط ويدبر ويحرض، وشاهدنا نماذج متعددة، ومن أسوأها محاولة أخونة الشرطة التى تصدت للمؤامرة، فقد حاولوا تحطيمها وتفكيكها لصالح ميليشيات الشاطر ومكتب الإرشاد فى المقطم، ولكنها عادت أكثر قوة، بعد أن عاش المصريون أياماً من الفوضى وانتشار الجرائم بسبب غياب الشرطة.

اختاروا يوم - 25 يناير - بدقة، وفرشوا إليه الطريق بإفساد العلاقات بين الشرطة والمصريين، بفيديوهات التعذيب المفبركة، وضخَّموا الأخطاء الصغيرة، لتقديم غطاء شرعى للانتقام والفوضى وتصفية الحسابات وحرق الأقسام.

وعلى مقربة من ميدان التحرير، بالتحديد فوق كوبرى أكتوبر، كانت المظاهرات الفوضوية تأتى بالشوم والسيوف والآلي والخرطوش.. نفس الوجوه الواقفة أمام وزارة الداخلية.. «اغضب، اصرخ، حطم، اقتل»، ولا أنسى أبداً ذلك الهمجي صاحب الكرش الكبير فى ميدان رمسيس، وهو يعبث بسلاح آلي، ويطلق دفعات ودفعات فى الهواء وكأنه يلعب فى السيرك، ووراءه صبية يهتفون ويحرقون ويسرقون.

وكله «كوم»، ومنظر ضباط الشرطة الملتحين أمام وزارتهم «كوم»، صورة كانت تجلب الخوف والذعر، وتكشف عن المصير الأسود الذى أرادوه لمصر، وكانت البلاد على مقربة من الوصول إلى محطة القاعدة وداعش، نفس اللحى الكثيفة المخيفة، والوجوه الكئيبة الغاضبة، ينقصهم فقط سيف وكرباج.. أيكون مصير هذا الوطن العظيم فى أيدى قوى الشر والظلام؟.. مصر بلد عبد الناصر والعقاد وطه حسين وأم كلثوم، وطوابير طويلة من نجوم الثقافة والفنون، لا يمكن أبداً أن تستسلم.

واختاروا بدقة يوم 25 يناير عيد الشرطة، ليزيلوا من ذاكرة التاريخ بطولات خالدة، ففى مثل هذا اليوم 1952، وقف القائد البريطانى الجنرال «اكسهام»، يؤدى التحية العسكرية إعجاباً بجنود وضباط الشرطة، الذين رفضوا الاستسلام وتسليم أسلحتهم للمحتل الغاصب، ودافعوا عن قسم شرطة الإسماعيلية ببنادقهم الصغيرة، فى مواجهة المصفحات والدبابات حتى استشهد منهم 25 بطلاً، وصار عيداً للشرطة، ورمزاً لالتحام الجيش والشرطة فى مقاومة المحتل الغاصب.
فى أعياد الشرطة نقول لهم: لن ننسى تضحياتكم وشهداءكم، ودوركم والقوات المسلحة العظيمة فى معركة تطهير الوطن من دنس الإرهاب، وكان طبيعياً أن يختار أهل الشر يوم العيد، لتحويله إلى جنازة وثأر وانتقام، ولكن فى ذاكرة المصريين شريط الأيام السوداء، حين تحولت البلاد إلى غابة يحرسها ذئاب الليل، فصلبوا القانون على أسوار الاتحادية، وانتهكوا حرمة وطن بالسطو على الشرعية، وأرادوا إذلال شعب يموت جوعاً ولا ينحني.. فلم تكن الشرطة وحدها هى المستهدفة.. بل مصر كلها.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة