تدريبات قتالية لأبطال الشرطة
تدريبات قتالية لأبطال الشرطة


مقاومة المحتل في 1952 و20 ألف شهيد ومصاب بعد يناير 2011

وزير الداخلية للرئيس: نمضي خلف قيادتكم الحكيمة لأداء رسالتنا أكثر فداءً وأصدق وفاءً

الأخبار

الثلاثاء، 23 يناير 2024 - 07:43 م

على العهد والوعد دائما يعاهد رجال الشرطة الوطن ببذل الغالي والنفيس لحفظ الأمن والأمان، تضحيات لا تنقطع من أجل رفعة مصر وتحقيق الأمن لمواطنيها، منذ معركة الإسماعيلية وحتى الوصول للجمهورية الجديدة رسالة عطاء لا تنقطع وهو ما أعرب عنه اللواء محمود توفيق وزير الداخلية في كلمة سجلها مؤخرا رفقة أعضاء المجلس الأعلى للشرطة بالقصر الجمهوري بعابدين ، تقديرا للرئيس عبدالفتاح السيسى، فى إطار الاحتفال بعيد الشرطة 2024 أكد فيها أن مسيرة جهاز الشرطة تمضى خلف القيادة الحكيمة للرئيس لأداء رسالته النبيلة أكثر فداءً وأعمق عطاءً وأصدق وفاءً .

مسلسل التضحيات والبطولات مستمر من مواجهة المحتل إلى محاربة الإرهاب وعلى مدار السنوات الماضية خاض جهاز الشرطة مواجهات عنيفة مع الخارجين عن القانون والعناصر الاجرامية والإرهابية وتحديدًا فى أعقاب ثورة 30 يونيو 2013، وقدم رجال الشرطة العديد من التضحيات فى مواجهة الإرهاب الغاشم، إضافة إلى استشهاد عدد من رجال الشرطة خلال تطهير العديد من البؤر الاجرامية شديدة الخطورة بمختلف المحافظات.

وتشير المعلومات الأمنية بأن عدد شهداء الشرطة فى الفترة منذ ثورة 25 يناير 2011 م حتى 10مارس 2013م بلغوا 181 شهيدًا، كما بلغ عدد المصابين من ضباط وأفراد ومجندين الشرطة خلال تلك الفترة 7448 مصابًا.

وتعاقبت الأحداث بعد ثورة 30 يونيو 2013 وتزايد أعداد الشهداء ومصابى الشرطة بعد مواجهات عنيفة مع التنظيمات المتطرفة والإرهابية، حتى وصلت الى نحو 20 ألف مصاب وشهيد، ما بين مجندين أفراد أمناء ضباط بمختلف الرتب الوظيفية.

معركة الإسماعيلية فصل من فصول النضال لأبطال الشرطة الشرفاء تركت بصمة لا تنسى فى سجل النضال والتغيير كانت تلك اللحظة الفارقة فى تاريخ مصر حاضرة تمامًا، حيث تكاتفت القوى الوطنية ورجال الشرطة لمقاومة المحتل فى مدينة الإسماعيلية فى يناير 1952، ليجسدوا ملحمة من الكفاح والشرف.

الإسماعيلية.. هنا سالت دماء الشهداء دفاعا عن أرض الوطن.. هنا سطر الرجال أروع البطولات.. ٧ آلاف جندى وضابط بريطانى قاموا بمحاصرة مبنى المحافظة ومديرية الأمن بعدما وصلت قمة التوتر بين مصر وبريطانيا الى حد مرتفع واشتدت أعمال التخريب والأنشطة الفدائية ضد معسكرات الإنجليز وجنودهم وضباطهم فى منطقة القنال فكانت الخسائر البريطانية نتيجة العمليات الفدائية فادحة وتوالت عمليات الفدائيين ومنها واقعة كوبرى «سالا» أمام منطقة الجمرك فى شارع محمد على والتى راح ضحيتها العشرات من الجنود الإنجليز حيث تجمع ثلاثة أفراد من الفدائيين بعربة يد خشبية بها كمية من البرتقال وتوقفت العربة بالقرب من أحد الأكمنة الخاصة بجنود الاحتلال وافتعل الفدائيون معركة وتركوا عربة البرتقال ليسطوا عليها جنود الاحتلال وتنفجر القنبلة التى كانت أسفل العربة لتتناثر أشلاء جنود الاحتلال على جانبى ترعة محمد على والشارع لتبدأ غضبة قيادات الاحتلال البريطانى والتنكيل بالمدنيين من أبناء المدينة.

الكفاح الوطنى

وجاء إعلان الحكومة عن فتح مكاتب لتسجيل أسماء عمال المعسكرات الراغبين فى ترك عملهم مساهمة فى الكفاح الوطنى حيث سجل 91 572 عاملاً أسماءهم فى الفترة من 16 أكتوبر 1951 وحتى 30 من نوفمبر 1951 وتوقف المتعهدون عن توريد الخضراوات واللحوم والمستلزمات الأخرى الضرورية لإعاشة 80 ألف جندى وضابط بريطانى .. لتقدم القوات البريطانية على الانتقام من خلال مجزرة الإسماعيلية التى تعتبر من أهم الأحداث التى أدت إلى غضب الشعب والتسرع بالثورة لجلاء المستعمر عن مصر عام 1952
ووفق السجلات التى يسطرها التاريخ بأحرف من نور أقدمت بريطانيا على مغامرة أخرى لا تقل رعونة أو استفزازًا عن ممارساتها المعروفة منذ بداية الاحتلال حيث قامت صباح يوم الجمعة 25 يناير 1952 باستدعاء القائد البريطانى بمنطقة القناة «البريجادير أكسهام» ضابط الاتصال المصرى وسلمه إنذارًا بأن تسلم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية وتجلو عن المحافظة والثكنات التى تعسكر بها وترحل عن منطقة القناة كلها والانسحاب إلى القاهرة بدعوى إخفاء الفدائيين المكافحين ضد قواته فى منطقة القنال بها ليكون الرد حاسما حيث رفضت المحافظة الإنذار البريطانى وأبلغته إلى وزير الداخلية انذاك اللواء فؤاد سراج الدين الذى أقر موقف الشرطة وطلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام.

شرارة الحرب

الزمان: الجمعة ‏25‏ يناير ١٩٥٢
المكان: مبنى محافظة الإسماعيلية ومديرية الأمن
الحدث: ‏الاستعمار البريطانى يقدم على ارتكاب مجزرة وحشية لا مثيل لها من قبل‏..‏ حيث تحركت القوات البريطانية فجر هذا اليوم من معسكراتها الى شوارع الإسماعيلية وكانت تضم عشرات من الدبابات والعربات المدرعة ومدافع الميدان وعربات اللاسلكى وقوات تقدر بـ 7 آلاف ضابط ومجند ..اتجهت هذه الحملة العسكرية الكبيرة الى مبنى محافظة الإسماعيلية وثكنة بلوكات النظام التى تجاورها واللتين لم تكن تضمان أكثر من‏850‏ ضابطا وجنديا حيث ضربت حولهما حصارا محكما‏ لإجبار رجال الشرطة على الاستسلام.
الجنرال اكسهام قائد القوات البريطانية فى الاسماعيلية قدم فى منتصف الساعة السادسة صباحا انذارا الى ضابط الاتصال المصرى المقدم شريف العبد يطالب فيه بأن تسلم جميع قوات الشرطة المصرية وبلوكات النظام فى الإسماعيلية أسلحتها وان ترحل عن منطقة القناة فى صباح اليوم نفسه بكامل قواتها‏‏ وهدد باستخدام القوة فى حالة عدم الاستجابة الى انذاره‏.

رفض الإنذار

‏ اللواء احمد رائف قائد بلوكات النظام‏ وعلى حلمى وكيل المحافظة قاما بالاتصال هاتفيا على الفور بوزير الداخلية انذاك اللواء فؤاد سراج الدين فى منزله بالقاهرة فأمرهما برفض الانذار البريطانى ودفع القوة بالقوة والمقاومة حتى اخر طلقة واخر رجل‏ وفى السابعة صباحا بدأت المجزرة الوحشية وانطلقت مدافع الميدان من عيار ‏25‏ رطلا ومدافع الدبابات الضخمة من عيار‏ 100‏ ملليمتر تدك بقنابلها مبنى المحافظة وثكنة بلوكات النظام بلا شفقة أو رحمة ظنا بأن الأمر قد يكون سهلا وان رجال الشرطة سيسلمون عتادهم ويرحلون.
وحينما استشعر القائد البريطانى فى القناة الإهانة برفض الانذار أمر قواته ودباباته وعرباته المصفحة بمحاصرة قسم بوليس شرطة الإسماعيلية ـ مديرية الأمن حالياـ بعد أن أرسل إنذارا لمأمور قسم الشرطة يطالبه بتسليم أسلحة جنوده وعساكره غير أن ضباط وجنود الشرطة رفضوا قبول هذا الانذار.. ووجه العدو نيران دباباته ومدافعه صوب القسم وأطلقت القوات البريطانية نيران قنابلهم بشكل مركز وبشع بدون توقف ولمدة زادت على الساعة الكاملة ولم تكن قوات الشرطة مسلحة بشىء سوى البنادق العادية القديمة، وقبل غروب شمس ذلك اليوم أمر الجنرال اكسهام بوقف الضرب لمدة قصيرة لكى يعلن على رجال الشرطة المحاصرين فى الداخل انذاره الأخير وهو التسليم والخروج رافعى الأيدى وبدون أسلحتهم وإلا فإن قواته ستستأنف الضرب بأقصى شدة.‏

لن تتسلموا منا إلا جثثا هامدة

بحسابات الحرب معركة غير متكافئة فالوضع الميدانى يقول إن 7 آلاف جندى بريطانى مزودين بالأسلحة تدعمهم الدبابات والعربات المصفحة ومدافع الميدان بينما كان عدد الجنود المصريين المحاصرين لا يزيد على 800 فى الثكنات و80 فى المحافظة لا يحملون غير البنادق واستخدم البريطانيون كل ما معهم من الأسلحة فى قصف مبنى المحافظة ومع ذلك قاوم رجال الشرطة واستمروا يقاومون ببسالة وشجاعة فائقة .

ودارت معركة غير متكافئة القوة بين القوات الانجليزية فى الخارج والمحاصرين داخل القسم ولم تتوقف هذه المجزرة حتى نفدت آخر طلقة معهم بعد ساعتين طويلتين من القتال وبعد أن تقوضت الجدران وسالت الدماء انهارا تملكت الدهشة القائد البريطانى المتعجرف حينما جاءه الرد من ضابط شاب صغير الرتبة لكنه متأجج الحماسة والوطنية وهو النقيب مصطفى رفعت حيث صرخ فى وجهه فى شجاعة وثبات‏:‏ لن تتسلموا منا إلا جثثا هامدة.

واستأنف البريطانيون المذبحة فانطلقت المدافع والدبابات وأخذت القنابل تنهمر على المبانى حتى حولتها الى انقاض بينما تبعثرت فى أركانها الأشلاء وتخضبت أرضها بالدماء‏ الطاهرة. ‏

دماء الشهداء

ظل أبطال الشرطة صامدين فى مواقعهم يقاومون ببنادقهم من طراز «‏لى انفيلد‏» أقوى المدافع وأحدث الأسلحة البريطانية حتى نفدت ذخيرتهم وسقط منهم فى المعركة ‏50‏ شهيدا و ‏80‏ جريحا‏‏ بينما سقط من الضباط البريطانيين‏13‏ قتيلا و‏12‏ جريحا واسر البريطانيون من بقى منهم على قيد الحياة من الضباط والجنود وعلى رأسهم قائدهم اللواء احمد رائف ولم يفرج عنهم إلا فى فبراير‏ 1952.

تحية للرجال

ولم يستطع الجنرال اكسهام ان يخفى اعجابه بشجاعة المصريين فقال للمقدم شريف العبد ضابط الاتصال‏:‏ لقد قاتل رجال الشرطة المصريون بشرف واستسلموا بشرف ولذا فإن من واجبنا احترامهم جميعا ضباطا وجنودا وقام جنود فصيلة بريطانية بأمر من الجنرال اكسهام باداء التحية العسكرية لطابور رجال الشرطة المصريين عند خروجهم من دار المحافظة ومرورهم أمامهم تكريما لهم وتقديرا لشجاعتهم‏.‏

أخبار الحادث انتشرت فى ارجاء مصر واستقبل الشعب تلك الأنباء بالغضب والسخط لتخرج المظاهرات العارمة فى القاهرة واشترك جنود الشرطة مع طلاب الجامعة فى مظاهراتهم فى صباح السبت 26 من يناير 1952، وانطلقت المظاهرات تشق شوارع القاهرة التى امتلأت بالجماهير الغاضبة ينادون بحمل السلاح ومحاربة الإنجليز وكانت معركة الإسماعيلية الشرارة التى أشعلت بداية ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ لتكتب مرحلة جديدة فى تاريخ مصر.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة