صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


آثار سلبية على غزة لاتساع دائرة القتال بالمنطقة

واشنطن تناور بحل الدولة وإسرائيل تستمر في ترتيباتها الأمنية

آخر ساعة

الأربعاء، 24 يناير 2024 - 10:52 م

■ كتب: أحمد جمال

 يخدم اتساع مناطق الصراع فى الشرق الأوسط، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذى يبحث عن الانخراط الأمريكى الغربي بقوة فى مواجهة التهديدات التى تتعرض لها دولة الاحتلال، وهو ما يجعل الضربات الأمريكية فى سوريا والعراق واليمن أخيرًا جزءا من خطط إسرائيلية تسعى لإطالة أمد الحرب أطول فترة ممكنة، فى وقت يعمل فيه جيش الاحتلال على استفزاز حزب الله وتوجيه ضربات إلى قيادات عسكرية إيرانية بما يدعم نقطة الذهاب إلى حرب أشمل وتشتيت الأنظار جرائمه اليومية في غزة.

◄ الحديث عن انسحاب قوات إسرائيل من شمال القطاع دعاية سياسية

وجاءت المكالمة الهاتفية التى جرت بين الرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو بعد فترة من انقطاع التواصل الرسمى بينهما، الجمعة، فى هذا الإطار إذ قدم الرئيس الأمريكى على استحياء فكرة إقامة الدولة الواحدة منزوعة السلاح وسرعان ما رفضها نتنياهو دون أن يكون لدى الإدارة الأمريكية رؤية بشأن تطبيقها على الأرض ودون أن يوضح بايدن ما إذا كان سوف يضغط على دولة الاحتلال للقبول بالفكرة من عدمه، وهو ما يجعلها تأتى ضمن مساعٍ أمريكية لتحسين صورتها.

◄ بايدن وحلّ الدولتَين

وقال بايدن إنه تحدث مع نتنياهو بشأن الحلول الممكنة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، مشيرا إلى أن أحد المسارين قد يشمل تشكيل حكومة غير عسكرية، وردا على سؤال عما إذا كان حل الدولتين مستحيلا بينما لا يزال نتنياهو فى منصبه، قال بايدن: «لا، ليس كذلك».

وصرح المتحدّث باسم مجلس الأمن القومى الأمريكي جون كيربي: «ما زال الرئيس يؤمن بأفق حلّ الدولتَين وإمكانيّته. هو يدرك أنّ الأمر سيتطلّب كثيرا من العمل الشاقّ»، مشيراً إلى أنّ بايدن أبدى خلال محادثته مع نتنياهو «اقتناعه القوى بأنّ حلّ الدولتين ما زال المسار الصحيح للمضى قدما. وسنُواصل طرح هذا الموقف».

وسئل بايدن عما إذا كان سيعيد النظر فى شروط المساعدات لإسرائيل نظرا لتصريحات نتنياهو الرافضة لحل الدولتين. ورد قائلا: «أعتقد أننا سنكون قادرين على التوصل إلى شىء ما... أعتقد أن هناك طرقا يمكن أن ينجح بها هذا الأمر».

ولم يمنح نتنياهو الفرصة لعرض الرؤية الأمريكية أذ سبقها بتصريحات قال فيها إن «إسرائيل يجب أن تضمن السيطرة الأمنيّة على كلّ الأراضى الواقعة غرب (نهر) الأردن»، مشيرا إلى أنّه أوضح ذلك «لأصدقاء إسرائيل الأمريكيين»، لافتاً إلى أن هذا شرط ضرورى ويتعارض مع فكرة السيادة (الفلسطينيّة)، وبالنظر إلى الأوضاع العسكرية على الأرض فإن الاحتلال يستمر فى عدوانه عبر خطط عسكرية مختلفة ولم يكن الحديث عن انسحاب جزء من قواته فى شمال القطاع سوى دعاية يشير من خلالها إلى أنه يلتزم بالمطالب الأمريكية  العلنية بتركيز عملياته العسكرية لتقليل استهداف المدنيين، الأمر الذى يبرهن على أن الاحتلال يستهدف تحويل القطاع إلى منطقة عمليات عسكرية طويلة المدى، واستمر عدوان الاحتلال فى جنوب قطاع غزة الذى يشهد أزمة إنسانيّة، فى وقت أعلنت فيه كتائب القسام، الجناح العسكرى لحركة حماس، أن مقاتليها يخوضون معارك ضارية من مسافة صفر مع قوات إسرائيلية متوغلة شرق جباليا فى شمال قطاع غزة.

◄ فهمي: جاء وقت تنفيذ الرؤى الأمريكية «النظرية» لوقف الحرب إلى «واقع»

◄ غياب الآليات
وقال الدكتور طارق فهمي الخبير فى الشأن الإسرائيلى، إن نتنياهو لم يرد على لسانه قبوله بفكرة الدولة الفلسطينية إلا منذ سنوات وذكر وقتها أنه قد يقبل بدولة فلسطينية منزوعة السلاح، وأن ما يطرحه بايدن الآن يتحدث عن مقاربات شاملة لفكرة الدولة الفلسطينية المستقلة لكن دون أى يحدد الخطوات التى يمكن السير خلالها للوصول إلى هذا الحل، وأنه حان الأوان لأن تتحول أحاديثه وأفكاره وتصريحاته إلى أفعال قابلة للتنفيذ على الأرض، وسيكون عليه إرغام إسرائيل على ذلك، وأن الأزمة تتمثل فى أنه لا يرغب فى استخدام أدوات الضغط على الاحتلال ولم يشر من قريب أو بعيد إلى إمكانية الضغط على الحكومة الإسرائيلية الحالية وبالتالى تبقى أفكاره نظرية، وأوضح أن كلاً من حماس والاحتلال يواجهان خسائر فادحة فى غزة، ويذهب كلا الطرفين نحو حافة الهاوية، وهناك أزمة ثقة داخلية فى الحكومة الإسرائيلية مع وجود جمهور ثائر يريد عودة الأسرى، كما أن حماس تتلقى خسائر يومية فى أرواح الفلسطينيين وكذلك عناصر المستهدفين، لكن فى الوقت ذاته فإن الاحتلال يستمر فى تنفيذ ترتيباته الأمنية بالقطاع من جانب واحد ويعمل على إيجاد مساحات آمنة وتقليص مساحته والعمل على شطر القطاع بعد أن أضحى غير صالح للعيش ويحتاج إلى سنوات طويلة لإعادة إعماره.

وأشار إلى أن سيناريوهات وقف الحرب تبقى كما هى دون أن يكون هناك بشائر للوصول إلى حلول بشأنها وليس هناك تغييرات جذرية على مشهد التفاوض من الممكن أن تؤشر على إمكانية الوصول إلى هدنة جديدة لكن يبقى هناك غموض بشأن مرحلة ما بعد الحرب.

◄ عبدالمقصود: استقرار إسرائيل الداخلي أحد العوامل الضاغطة لوقف الحرب

◄ محددات رئيسية
وقال اللواء محمد عبدالمقصود، رئيس مركز البحوث الاستراتيجية وتنمية القيم، والخبير فى الشأن الفلسطينى، إن مسألة إقامة الدولة الفلسطينية هى بالأساس مقبولة أمريكيا وعربيًا لكن تبقى الأزمة فى إسرائيل مع وجود حكومة يمينية يقودها بنيامين نتنياهو، والذى يعانى وضعاً سيئاً على المستوى الداخلى وعلى مستوى العمل العسكرى فى غزة مع وجود تهديدات تأتى بين الحين والآخر من المنطقة الشمالية ويحاول أن يستمر فى كسب مساندة أمريكا عبر تنفيذ بعض مطالبها لكنه فى النهاية يرفض إقامة الدولة الفلسطينية.

وأكد أن وقف إطلاق النار فى غزة يرتبط بعدد من المحددات الرئيسية، أولها مدى استقرار أو توتر الوضع الداخلى فى إسرائيل والتى بدأت  أن تشهد خلال الأيام الماضية حالة من التململ جراء طول أكد الحرب وترتب على ذلك غياب الثقة بين القيادات العسكرية والسياسية بخاصة فى أوساط العناصر المتطرفة المسيطرة على الائتلاف الحكومي، وتابع: «إذا استمرت الخسائر الإسرائيلية على الجبهة الجنوبية فى قطاع غزة والشمالية على حدود لبنان مع حزب الله فإن الضغوط تتزايد على نتنياهو لوقف نزيف الخسائر التى يتعرض لها الجيش الإسرائيلي»، مشيراً إلى أن العامل الآخر المؤثر فى مسألة وقف الحرب يتعلق بالضغوط التى يمارسها أسر أهالى الأسرى خاصة وأن عدداً ليس بالقليل من الرهائن الموجودة الآن بالقطاع قتلت نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية، ويعد ذلك أحد أبرز عوامل الضغط على حكومة نتنياهو لوقف الحرب أو البحث عن بديل آخر يحقق أهدافه المعلنة منها.

أضاف، أن ترتيبات ما بعد حرب غزة هى غامضة بالنسبة للطرف الإسرائيلى والذى يقدم مطالب غير قابلة للتنفيذ وهو ما يدفع نتنياهو للمراوغة، مشيراً إلى وجود شبه توافق عربى أمريكى على أن تعود السلطة الفلسطينية مرة أخرى لإدارة القطاع على أن يشمل ذلك إعادة بناء المؤسسات الأمنية وهى شرطية بالأساس للقيام بدور فى حفظ الأمن والنظام العام داخل القطاع، على أن يكون هناك دور دولى وعربى فى تدريب تلك الكوادر، لافتاً إلى أن هذا المسار يرفضه نتنياهو الذى يرغب فى استمرار العمليات العسكرية للحد من فرص مساءلته على ما حدث فى السابع من أكتوبر، وأشار إلى أن هذا الحل سيكون مقبولاً بالنسبة لحركة حماس لأنه يضمن وقف الحرب ويضمن بقاء كوادرها داخل قطاع غزة، كما أنه قد يفتح المجال أمام وجود مستقبلى لها فى سلطة القطاع، ويعد ذلك بمثابة قشة توظفها إسرائيل عبر تغذية الانقسامات بين الفصائل المختلفة بما لا يدعم وصول حماس للسلطة.

◄ نانيس: الإدارة الأمريكية تحاول تبييض وجهها بتقديم مقترح الدولة منزوعة السلاح

◄ نهاية غير معروفة
وأكدت الدكتورة نانيس عبدالرازق فهمى، الخبيرة فى شئون الأمن الإقليمى، إن الولايات المتحدة لديها موقف واضح منذ بدء الحرب فى غزة وهو الدعم المطلق لإسرائيل معنويا وماليا ولوجستيا بغض النظر عن المجازر والمذابح التى ارتكبها الاحتلال، وهو الأمر الذى يساهم فى أن تكون الحرب مستمرة لفترات أطول مع عدم وجود ضغط حقيقى على إسرائيل، كما أن التوقع بموعد نهايتها يبقى مستحيلاً الآن، وأن تحركات بايدن الأخيرة جاءت بعد أن انطلقت مظاهرات فى الولايات المتحدة ودول غربية عديدة ومع استمرار مطالب الدول العربية بضرورة وقف القتال.

وأوضحت أن ما قدمه بايدن لنتنياهو أخيراً فى المكالمة الهاتفية بشان إقامة دولة منزوعة السلاح أمر ليس بالجديد وهدف بالأساس من خلال هذا الطرح تبييض وجه الإدارة الأمريكية  باعتبارها ساعية للسلام ووقف الحرب، مشيرة إلى أن وجود نتنياهو فى السلطة ووجود أطراف أخرى متصارعة على السلطة فى إسرائيل يصعب من مهمة الوصول لحلول لإنهاء الحرب والذهاب باتجاه خوض مفاوضات شاقة لإقامة الدولة الفلسطينية، كما أنه يتطلب ضغوط أمريكية حقيقية وليست شكلية، وأشارت إلى أن إسرائيل قالت إنها لن تنهى الحرب قبل القضاء على حماس لكن مع دخول أطراف جديدة على خط الصراع من خلال أذرع إيران فى المنطقة خلط الأوراق بالمنطقة وأن تدشين تحالف دولى لمواجهة خطر الحوثيين مؤشر على استمرار توسع الصراع بعد أن وصل أيضَا إلى البحر الأحمر وباب المندب والساحة اللبنانية، وأن لتلك الصراعات تداعيات جيوسياسية واقتصادية على دول الشرق الأوسط بأكملها.

◄ ضربات جديدة

وخلال الأسبوع الماضى شنّت الولايات المتحدة ضربات جديدة ضدّ الحوثيّين فى اليمن، قائلة إنّها تتصرّف «دفاعا عن النفس» فى مواجهة هجمات متكرّرة يشنّها المتمرّدون اليمنيّون على السفن التجاريّة فى منطقة بحريّة حيويّة للتجارة العالميّة، علاوةً على ذلك، نفّذت مجموعات قريبة من إيران هجمات استهدفت القوّات الأمريكية  فى العراق وسوريا، ما استدعى ردا من الولايات المتحدة، كما ساد توتّر شديد بين إيران وباكستان مع عمليّات قصف متبادل بين البلدين.

لكنّ الدولتين اتّفقتا على خفض التصعيد، بينما اتهمت إيران إسرائيل، السبت، بتنفيذ الضربة التى قتلت مسئولًا فى استخبارات الحرس الثورى الإيرانى ونائبه وعنصرين آخرين فى دمشق، متوعدة بالانتقام «فى الزمان والمكان المناسبَين»، وأدان الناطق باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعانى فى بيان «بشدّة بالعمل الإجرامى الذى نفذه الكيان الصهيونى» والذى يُعدّ «محاولة يائسة لنشر عدم الاستقرار وانعدام الأمن فى المنطقة»، ودمرت غارة إسرائيلية على دمشق مبنى يستخدمه الحرس الثورى الإيراني، ما أسفر عن مقتل أربعة إيرانيين على الأقل، وقال التلفزيون الرسمى الإيرانى إن أربعة مستشارين من الحرس الثورى قتلوا فى الضربة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة