كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

«الأزمات وفقه الأولويات»!

كرم جبر

الجمعة، 26 يناير 2024 - 09:07 م

والسؤال الذى طرحه الرئيس فى احتفال عيد الشرطة: هل كان المصريون يتحملون الأزمات الكبيرة بعد 25 يناير؟..

 وقبل الإجابة.. فقد كانت الأزمات تشمل كل شيء، من رغيف الخبز حتى مياه الشرب وألبان الأطفال والبوتاجاز والبنزين والكهرباء، ولا توجد سلعة أو خدمة إلا وفيها أزمة.

 وكانت السخرية والشماتة هى اللغة السائدة فى وسائل الإعلام فى الداخل والخارج، وكانوا يضخمون حكايات حقيقية أو وهمية عن شهداء الخبز والبوتاجاز، ويسلطون كاميراتهم على الطوابير الطويلة أمام حنفيات مياه الشرب فى القرى والأرياف.

 وكانت برامج التوك شو تسرد قصصاً عن انقطاع الكهرباء عن غرف العمليات وحضانات الاطفال فى المستشفيات وطوابير مرضى فيروس سى أمام معهد الكبد، وتوقف الأسانسيرات بين الأدوار فى العمارات، وانهيارات العشش فى المناطق القديمة، وحياة البشر غير الآدمية.

 وعن الأمن حدث ولا حرج، بعد الاقتحامات الهمجية لأقسام الشرطة والسجون وإطلاق سراح المجرمين، وما صاحبه من الانتشار المكثف لتجارة المخدرات وسرقة السيارات والمنازل، والخوف من الخروج من المنازل ليلاً.

 وكانت البلاد تصعد بسرعة كبيرة إلى الهاوية، وتجثم على صدرها جماعة إرهابية، رهنت بقاءها بتصعيد الأزمات والغضب والاحتجاجات، وابتداع أشكال وألوان للفوضى، فيما يسمى "جمعة الغضب وجمعة الكرامة وجمعة الرحيل"، وغيرها من المسميات.

 بجانب فاتورة الخسائر الفادحة نتيجة الحرق وتدمير المنشآت العامة والخاصة والتى تقدر بآلاف المليارات واحتلال الميادين وتعطيل العمل والإضرابات.
 فهل كان المصريون يتحملون ذلك طويلاً فى دولة جريحة تتكالب عليها المؤامرات فى الداخل والخارج، وإعلام عشوائى يشحن الناس بالعصيان؟

 دفعت مصر ثمناً فادحاً لاستعادة الأمن والهدوء والاستقرار، ومكافحة عصابات إرهابية، التى لم تنقطع جرائمها يوماً فى سائر المدن خصوصاً سيناء، والفاتورة مليار دولار شهرياً كان يمكن أن تسهم فى انفراج الأزمات.

 أذكر مثلاً واحداً فى سيناء، حيث أحيطت مدينة العريش والمنطقة الحدودية بأسوار أسمنتية بمواصفات خاصة ضد القنابل والمتفجرات، والسور ارتفاعه ستة أمتار فوق الأرض ومثلها تحت الأرض.. وكانت تكلفته تكفى لبناء عدة مدن، ولكن كيف تعمّر سيناء والناس رهائن للإرهاب والإرهابيين؟

 وقبل أزمة كورونا وبعدها ، كان ضرورياً أن تستمر المشروعات الكبرى التى توفر خمسة ملايين فرصة عمل، وكان البديل هو البطالة والحرمان من الرزق الحلال، وما يتبعه من جرائم واضطرابات اجتماعية.

 انفقت الأموال فى بناء المدن لإنقاذ الناس من العشش والأكواخ، والطرق والكبارى حتى لا تتحول القاهرة وعواصم المدن إلى مناطق مغلقة، بجانب استصلاح الأراضى والمدن الصناعية وغيرها، فالزيادة السكانية كل سنة 2.5 مليون، بمعدل دولة صغيرة، ووصلت إلى 25 مليوناً فى آخر عشر سنوات.
 الخلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية، وحتى المختلفون مع فقه الأولويات، لا ينكرون أنها كانت ضرورية ويتحفظون على التوقيتات.. فهل كان المصريون يصبرون على "حصار الأزمات"؟

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة