محمد العرابى
محمد العرابى


خبراء ودبلوماسيون: قرار محكمة العدل انتصار ضد الهمجية

العرابي: يدعم القضية.. نجم: يعيد الثقة في المنظومة الدولية.. وسعداوي: يفوق التوقعات

ريهام نبيل

السبت، 27 يناير 2024 - 07:07 م

أكد عدد من الخبراء والمتخصصين أن قرار محكمة العدل الدولية، انتصار ضد الهمجية ومكسب مهم للقضية الفلسطينية، خاصة بعد إجهاض محاولات إسرائيل إقناع المحكمة برفض قبول نظر الدعوى. الحكم وفق الخبراء أقصى ما يمكن الحصول عليه فى المرحلة الحالية، لكنه نقطة انطلاق أساسية لاتخاذ مزيد من الإجراءات لوقف عملية الإبادة الشاملة فى قطاع غزة.

قبل صدور القرار وصلت توقعات البعض إلى أن المحكمة الدولية سوف تطالب بوقف إطلاق النار، لكن السفير محمد العرابى وزير الخارجية الأسبق يؤكد أن القرار هو أقصى ما يمكن الحصول عليه فى المرحلة الحالية، ويعد انتصارًا للقضية الفلسطينية ويدعمها، بينما يرى أن إسرائيل بعيدة عن إطار الشرعية الدولية، لذا لن تنصاع لهذه الأحكام.

ويشدد العرابى على ضرورة وجود إجراءات أخرى لوقف إطلاق النار فى غزة والضفة، خاصة أن الطريق أمام الحكم النهائى لا يزال طويلا، وهو الأمر الذى يعنى المزيد من القتلى والضحايا.

من جانبها، أكدت السفيرة د.نميرة نجم خبيرة القانون الدولى العام أن صدور قرار محكمة العدل الدولية يعد انتصارًا للقانون الدولى ضد الهمجية، ويعيد الثقة فى المنظومة القانونية الدولية، بعد أن شهدنا انهيارا تدريجيا خلال المائة يوم السابقة منذ بداية العملية العسكرية الإسرائيلية ضد المدنيين فى غزة، وأضافت أن حكم المحكمة ملزم لإسرائيل، فحتى إن لم يتطرق إلى وقف إطلاق النار إلا أنه أعطى لإسرائيل مهلة لاتخاذ تدابير احترازية انتهت إليها المحكمة بشكل مبدئى، وهي الامتناع عن أى أعمال من المنصوص عليها في الاتفاقية الدولية لمنع جريمة الإبادة الجماعية ومعاقبة كل من يقوم بالتحريض العام والمباشر على الإبادة الجماعية، واتخاذ كل التدابير لضمان وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين، والحفاظ على كل الأدلة المتربطة بالإبادة الجماعية فى غزة، وتقديمها فى تقرير للمحكمة، وأكدت السفيرة أن هذه هى المرة الأولى التى تصدر محكمة دولية قرارًا قانونيًا ضد إسرائيل يكون ملزمًا لها وليس استشاريا، وأشارت إلى أن الأغلبية الساحقة التى صدر بها الحكم من قضاة يمثلون مدارس قانونية مختلفة من حول العالم تعطى قوة لهذا القرار.

ومن جانب آخر قالت نجم إن نمط تصويت القاضية الأوغندية جوليا سيبوتندة على قرار المحكمة جاء مخيبا للآمال، ولا يتعارض فقط مع موقف أوغندا باعتبارها قاضية مستقلة عن بلادها، إلا أنه يتعارض أيضا مع المواقف الإفريقية بشكل عام وموقف الاتحاد الإفريقى بشكل خاص، فى ضوء أنها رشحت من قبل أفريقيا لمنصب قاض فى محكمة العدل الدولية، بالإضافة إلى أنه جانبها الصواب فى رأيها المعارض لحكم المحكمة فيما يتعلق بأسس القانون الثابتة وإصرارها على أن الصراع الفلسطينى الإسرائيلى هو صراع سياسى بالأساس، ولا علاقة له بالقانون أو بالولاية القضائية للمحكمة، وأن الحل السياسى هو الآلية الواجب اتباعها من أجل حل القضية، وهنا تناست القاضية الأوغندية أن ما يحدث على الأرض اليوم من مجازر جماعية وتهجير وقتل متعمد وتصريحات المسئولين الإسرائيليين التى تحرض على استهداف المدنيين الفلسطينيين فى كل الأراضى المحتلة كلها أمور تقع تحت طائلة القانون الدولى، وحتى التفاوض فى الموضوعات السياسية الدولية يستند إلى قواعد القانون ومن المستغرب أن القاضى الإسرائيلى صوت لصالح نصوص اتفاقية منع الإبادة الجماعية، بينما أصرت القاضية الأوغندية على التصويت ضد قواعد القانون الآمرة، وهو أمر مخز من قاضية فى أعلى منصب قضائى دولى فى العالم، ويؤكد ذلك تعليق عدد من السفراء الأوغنديين الذين أكدوا أنها لا تمثل موقف أوغندا الذى رشحتها من الأساس للمنصب. 

وأضافت نجم أنه رغم احتمالات تجاهل قواعد القانون عند التنفيذ فإننا نأمل أن يأتى الحراك القانونى بتغيير الوضع على أرض الواقع، حتى يتمكن المدنيون الفلسطينيون من إعادة بناء ديارهم ومستشفياتهم ودولتهم. 

وأوضحت أن القرار يؤكد أن المحكمة على قناعة بوجود احتمال معقول بوقوع الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، وأن عدم تنفيذ الإجراءات الاحترازية قد يؤدى إلى زيادة الوضع سوءا على الأرض، ومن ثم تتحقق فعليا أركان جريمة الإبادة الجماعية.

وتقول: يجب أن نوضح أن التدابير الاحترازية التى تتخذها محكمة العدل الدولية يمكن أن تقارن فى القانون الداخلى للدول بقرارات محاكم القضاء المستعجل، التى تتخذ تدابير مؤقتة فى الدعاوى بشكل إجرائى لحين نظر الدعوى الموضوعية، وتتخذ هذه التدابير لوقف تدهور الوضع على الأرض أو وقف إحداث تغييرات لا يمكن الرجوع عنها، قد تؤثر على مسار الدعوى الموضوعية، وهذا الاتجاه من القضاة جاء بسبب قناعة محكمة العدل الدولية بوجود شبهة أو أدلة ظاهرية بوقوع جريمة الإبادة الجماعية ومن ثم كان هناك ضرورة بإصدار هذا الأمر لوقف كل الأعمال التى قد تؤدى إلى الإبادة الجماعية.

وعقب صدور الحكم هنأت السفيرة د.نميرة نجم وزير خارجية جنوب إفريقيا ناليدى باندور على دور بلاده فى دعم القضية الفلسطينية والجهد الذى بذله فريق المحامين التابع لها أمام المحكمة.
أما الدكتور عدلى سعداوى عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية والعميد الأسبق لمعهد البحوث والدراسات الاستراتيجية لدول حوض النيل، فيوضح أن القرار جيد ويفوق التوقعات، وذلك فى ظل الضغوط على قضاة المحكمة برفض الدعوى، لكن المحكمة أثبتت أنها عادلة وأنها الملاذ الأخير لأى دولة تتعرض للإبادة.. ويضيف أنه لأول مرة يصدر حكم دولى من أعلى محكمة دولية ينصر القضية الفلسطينية، ويجعل الشعوب الصغيرة فى العالم تشعر بالعدل.. كما أشاد بدور جنوب أفريقيا التى حرصت على تقديم ملف مستوف يدين جرائم إسرائيل.

ويقول: ما وصلنا إليه نتيجة جيدة، خاصة مع فرض المحكمة لكل التدابير الوقائية التى طالبت بها جنوب أفريقيا. بينما يرى أن المحكمة لم تتحدث عن وقف إطلاق النار لأنه ليس من اختصاصها، ويتعلق هذا القرار باختصاصات مجلس الأمن الدولى، لكنه يوضح أن التدابير التى طالبت بها المحكمة وفرضتها على إسرائيل تتطلب وقف إطلاق النار، فعلى سبيل المثال لا يمكن وصول المساعدات أو الخدمات الطبية لكل الناس بدون وقف إطلاق النار.

ويتوقع سعداوى أن يطلب الأمين العام للأمم المتحدة تنظيم جلسة مع مجلس الأمن وعرض ما طالبت به، وهو الأمر الذى يتطلب وقف إطلاق النار، ليحدد مجلس الأمن هذا الأمر.. كما يرى أن المحكمة خلال الفترة القادمة ستقوم بالاستقصاء حول الحقيقة على أرض الواقع، وستتابع لتتأكد من وجود الإبادة الجماعية، وفى حال ظهور حكمها بثبوت ذلك، سيساعد ذلك الحكم الدول والمحامين والهيئات والمنظمات على تقديم رئيس حكومة إسرائيل ووزرائها وقادة الجيش للمحكمة الجنائية الدولية لإدانتهم واتخاذ الإجراءات المطلوبة.

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة