ليلى عبداللطيف وعبير فؤاد
ليلى عبداللطيف وعبير فؤاد


بعد تحقق العديد من نبوءاتهم.. توقعات خبراء الأبراج.. هوس يقود للانتحار!

آخر ساعة

الإثنين، 05 فبراير 2024 - 03:19 م

كتبت: علا نافع

ظاهرة الاهتمام بمتابعة ما يقوله خبراء الأبراج فى  مصر، شهدت زيادة ملحوظة فى  الفترة الأخيرة، بسبب صعود نجمهم، وتحقُّق الكثير من نبوءاتهم. ويعتقد الكثير من الناس أن هذه النبوءات تحمل فى  طياتها معانى وتفسيرات للأحداث اليومية، بينما ينظر البعض الآخر إليها بشكل يشكك فيها، ويعتبرها بعيدة عن التفكير العلمى  والمنطق.

فى الفترة الأخيرة، صدفت عدة توقعات لبعض خبراء الأبراج وما يسمى «علم التاروت»، ومنها توقّع خبيرة الأبراج اللبنانية ليلى عبداللطيف، طلاق الفنانة ياسمين عبدالعزيز والفنان أحمد العوضى، وكذلك توقع خبيرة الأبراج عبير فؤاد إصابة محمد صلاح فى  مباراة المنتخب المصرى  مع نظيره الغانى، وهما الواقعتان اللتان حدثتا بالفعل الأسبوع الماضى.

اقرأ أيضاً | الصحة العالمية تحذّر: العالم في انتظار وباء مجهول

وعمومًا، يجب النظر إلى هذه الظاهرة بعين ناقدة، فالتوقعات التى  يقدّمها خبراء الأبراج عادة ما تكون عامة وغامضة بما فيه الكفاية لتطبّق على عدد كبير من الأشخاص، وليس فقط على فرد واحد، وقد يستخدمون تقنيات الاستدلال العامة والتلاعب اللغوى  لجعل توقعاتهم تبدو دقيقة بشكل عام، ما يعزّز انطباع مَنْ يعتقدون فى  صحة هذه التوقعات.



حالة الزخم التى  صاحبت هذه التوقعات التى أصابت هدفها بالمصادفة، دفعت الكثيرين إلى متابعة توقعات خبراء الأبراج والتاروت، وأخذ تنبؤاتهم على محمل الجد، حتى أن الكثير منهم بات يتواصل معهم لمعرفة ما سيحمله المستقبل له فى  قادم الأيام، زاعمين أنه علم له قواعده ولا يجوز التشكيك فيه، بل وروجوا لأن بعض هؤلاء المنجمين على صلة قوية بالله ومكشوف عنهم الحجاب، وأن ما يتوقعونه هو أمر من الله.

وحصدت صفحات المنجمين على «فيسبوك» وغيره من مواقع التواصل الآلاف من المتابعين، الذين يحرص أغلبهم على حضور البثوث المباشرة (اللايف) التى  يستعرض فيها المنجِّم توقعاته، وينتظرون بلهفة أخبارًا سارة تخص أبراجهم الفلكية، وكذلك قراءة أوراق التاروت، وتغيُّر حركة النجوم وتأثيرها فى  حياتهم، فضلًا عن موعد اكتمال القمر.

الأبراج والتاروت 
فى  صفحة تحمل اسم توقعات ليلى  عبد اللطيف على «فيسبوك»، وصل عدد متابعيها من الدول العربية إلى مئات الألوف يتهافتون على متابعة توقعاتها عما ستحمله شهور العام المنتظر من أحداث سياسية واقتصادية، بل إن بعضهم أصبح يؤجل خططه المستقبلية ومشروعاته لحين التعرف إلى تلك التوقعات، ومنهم من يتجنب السفر فى  أيام معينة أو حتى البيع والشراء، وآخرون يسألونها بإلحاح عن توقعات أبراجهم وما يجب عليهم فعله لتجنب الفأل السيئ، وهناك من يسألونها فى  أمور خاصة قدرية لا يعرفها إلا الله كوقت الوفاة والزواج وغيرها، ليصل الأمر إلى حد الهوس والقلق المرضى.



صفحة أخرى لأحد خبراء الأبراج والتاروت، يطلق على نفسه «معالج روحانى»، ويقدّم نفسه باعتباره قادرًا على قراءة الكف ومعرفة الطالع من خلال أوراق التاروت، بحسب روايته. ويكتظ آلاف المتابعين رجالًا ونساءً ينتظرون موعد ظهوره على صفحته على «فيسبوك»، ويدعون له بطول العمر والتوفيق، كما أن بعضهم يعرض عليه أموالًا كثيرة مقابل إخباره بتوقعات الفلك له شخصيًا، ومنهم من يستشيره فى  أمور تجارته والوقت الأمثل للبيع والشراء، والمحيّر أن أغلب المتابعين حاصلون على شهادات علمية عالية، ويبررون متابعتهم لهذا الشخص بأن علم الفلك هو علم سماوى  لم ينكره أى  دين، وأن توقعاته دائمًا ما تتحقق.

تقول جليلة.س: «بعد توقعات ليلى  عبداللطيف وعبير فؤاد، وغيرهما من خبراء الأبراج العالميين، تنامت لدىّ  قناعة بأن تنبؤاتهم من المستحيل أن تكون مصادفة، خاصة أن بعضها يدور حول الحياة الشخصية لبعض المشاهير، مما دفعنى  للقراءة عن علم التنجيم والأبراج، فوجدت أنها علوم مثلها مثل غيرها، ناهيك عن أنه تم ذكرها فى  القرآن الكريم»، مؤكدة أن ما يقوم به الخبراء ما هو إلا اجتهاد شخصى  بُنى  على حركة الكواكب والنجوم، فضلًا عن توقعات تم استنتاجها من حياة الشخص ذاته.

أما أحمد جابر (موظف)، فيرى أن التنبؤات التى  ذكرتها العرافة البلغارية الشهيرة بابا فانجا، قبل أكثر من عشرين عامًا، تحقق أغلبها، رغم وفاتها فى  القرن الماضى، فضلا عن نبوءة عالم الزلازل الهولندى  الذى  توقع حدوث زلزالى  المغرب وتركيا الشهيرين، وغيرها من التنبؤات تشير إلى أنها توقعات حقيقية مرتبطة بعلم الفلك، مؤكدًا أنه لا يؤمن بها إيمانًا كاملًا لكنه لا ينكر وجودها وصدقها.

مصادفة
من جانبه، يقول الدكتور أشرف تادرس، أستاذ الفلك بالمعهد القومى  للبحوث الفلكية: «لا يوجد أى  علاقة بين تنجيم المتنبئين وعلم الفلك، فالتنجيم حرفة يشتغلون بها ويتوقعون المستقبل تخمينًا، والدليل أنهم لا يتفقون على حدوث أمر بعينه وإنما يؤولونه بطريقتهم الخاصة، كما أن ادعاء أحدهم قراءة الطالع تعتمد على ما يعرفه عن الشخص الذى  يتنبأ له، فضلًا عن ثقافة المنجم وخلفيته العلمية»، مشيرًا إلى أن أغلب التنبؤات تعتمد على مصادفة يمكن حدوثها أو لا، وعلى أساس ذلك يحرص المنجم على إصدار عشرات التنبؤات ولا يحدث منها سوى حدث واحد فقط.

ويتابع: «القمر هو الجسم السماوى  الوحيد الذى  يؤثر فى  مزاج الإنسان، سلبًا أو إيجابًا، لكن يظل تأثيره ضعيفًا لقربه من الأرض، كما أن هناك علماء يشككون فى  هذه المسألة أيضًا لعدم وجود براهين قاطعة على صحتها»، محذرًا من عدم الخلط بين علم الفلك القائم على النظريات العلمية ودراسة النجوم والمجرات من حيث نواحيهما الكيميائية والفيزيائية، وبين علم التنجيم الذى  يدعى أصحابه الخوض فيه بهدف تحذير الأشخاص من المجهول أو استكشاف الفضاء لأجل التطوّر المعرفى  للبشرية.

الخوف من المستقبل
وفيما يتعلق بسبب ولع البعض بمتابعة التنبؤات المستقبلية وقراءة الطالع، يقول الخبير النفسى، الدكتور أحمد نوح: «ينتاب الكثيرين خوف مما يحمله المستقبل لهم من أمور وتترجم عقولهم ذلك بضرورة الاستقواء بشخص ما يعتقدون أنه قادر على طمأنتهم ومعرفة المستقبل، إما يقينًا أو تنجيمًا، مما يجعلهم يحرصون على متابعة خبراء الأبراج والعرافين، خصوصًا أن وسائل الإعلام ساهمت فى  تلميعهم واستضافتهم قبل بداية كل عام».

ويشير إلى أن الأشخاص الذين لديهم ضعف فى  الشخصية وإيمانهم بالله ضعيف، هم الأكثر تصديقًا لهذه النبوءات، بل وانتظارها على أحرّ من الجمر، وإذا لم تتحقق يفقدون ثقتهم بذواتهم أكثر، وقد تسوء حالتهم وتصل إلى حد الانتحار، وهناك وقائع لأشخاص أوروبيين انتحروا بعد أن تنبأ عرافوهم بأحداث سعيدة وحصل عكسها، مؤكدًا أن فئة الشباب باتوا هم الأكثر متابعة لخبراء الأبراج وحظك اليوم بهدف تضميد الجراح الداخلية أو الأمل فى  تغيير حياتهم للأفضل.

مرفوضة شرعًا
دار الإفتاء دخلت على الخط، وحسمت الجدل الدائر حول موضوع التوقعات والنبوءات، حيث قال أمين الفتوى، الدكتور أحمد ممدوح، فى  تصريحات له، إن متابعة الأبراج مرفوضة شرعًا، ولا يجوز بأى  شكل، لأنه علم زائف غير موثوق به من الأساس، فضلًا عن أن مَنْ يصدقه أو يعمل به لا تُقبل له 40 صلاة مع وجوب أن يؤديها، مؤكدًا أن علم الفلك هو علم الهدف منه معرفة المواقيت والاتجاهات كالقبلة وغيرها.

فيما يقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة بجامعة الأزهر، إن ما أثير مؤخرًا حول تنبؤ بعض الدجالين بطلاق فنانين أو أحداث معينة هو نوع من الشرك بالله، حيث إن الله جل جلاله اختص نفسه بعلم الغيب المطلق ومعرفة المستقبل، فقال تعالى  «وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ۚ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم»، حتى أن الله لم يختص رسوله الكريم (ص) بهذا العلم ولا نبياً  من الأنبياء، فالجن الذين كانوا يعملون مع النبى  سليمان (عليه السلام) بأمر منه لم يعلموا بوفاته وهو جالس على الكرسى.

ويضيــــف كريمـــــة: هــــــؤلاء الأشــــــخاص يتلاعبون بمشاعر الناس ويبحثون عن جنى  الأموال والشهرة والمؤسف أن هناك الكثير ممن يحرصون على متابعتهم، فلا يعلم الغيب إلا الله، ومن يستمع إليهم ويصدقهم فقد كفر بحسب حديث الرسول «من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أُنزِل على محمد».

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة