كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

سر قوة الدولار !

كرم جبر

الأربعاء، 07 فبراير 2024 - 07:33 م

اكتسب الدولار قوته إبان الحرب العالمية الثانية، بعد أن خرجت جميع الدول منتصرة ومهزومة من الحرب بخسائر فادحة، ودمرت اقتصادياتها تماماً وانهارت مرافقها وعملتها الوطنية.
إلا أمريكا التى دخلت الحرب فى منتصفها ولم تكن على أراضيها، وأصبحت عملتها هى الوعاء الآمن، لجذب الاستثمارات والفوائض المالية من كل دول العالم، بسبب الثقة والشفافية فى الاقتصاد الأمريكى، فشارك الدولار الذهب كغطاء للعملة فى البنوك المركزية فى كثير من دول العالم.
وعندما تضخمت العوائد النفطية فى السبعينات، اتجهت أيضاً إلى الاستثمار فى أمريكا، وحدث نفس الشيء مع الفوائض الصينية والروسية، حيث فضلت الدولار على عملاتها الوطنية الروبل والإيوان.
وتحول الدولار من عملة اقتصادية إلى أداة سياسية، وأصبح أقوى سلاح فى الترسانة الأمريكية، وانتقلت سلبياته إلى الدول التى تتعامل بالدولار، وخصوصاً بعد طبع حوالى 13 تريليون دولار فى العام الماضى، تكلفة طباعة الورقة 100 دولار "ورق وحبر" 7٫5 سنت.
وفى الحالة المصرية تأثر الدولار بالأزمة الاقتصادية وتأثرت به، وارتبطت الارتفاعات المتتالية فى أسعار مختلف السلع والخدمات بسعر الدولار فى السوق الموازية، ووصل الفارق مع السعر الرسمى لأكثر من ١٠٠٪.
وتضخمت الفجوة الدولارية بين الإيرادات والنفقات خلال العام الجارى، واستغلت السوق السوداء الموقف للمضاربة ورفع السعر، وكما ارتفع سعر الدولار لأسباب مفاجئة، هبط سعره أيضاً بشكل مفاجئ، بسبب الإجراءات المشددة لمحاربة السوق السوداء وبعض القرارات الحكومية لضبط الإنفاق.
والعالم من حولنا - أيضاً - تطحنه الأزمة الاقتصادية، بريطانيا- مثلاً - لأول مرة منذ عام 1961، تبلغ ديونها ١٠٠٪ من الناتج الإجمالى، وتعانى ٦٠٪ من الدول الأقل دخلاً من العجز فى سداد التزامات الديون.
واعترف التقرير الأخير للبنك الدولى بخطورة الأزمة، وضرورة التفكير فى إعادة هيكلة ديون أربعين دولة أفريقية لتمكينها من السداد، وانتقد الدول الدائنة، للتباطؤ الشديد فى إعادة الهيكلة.
وفى الحالة المصرية حدثت متغيرات كثيرة أدت إلى تراجع الإيرادات الدولارية، سواء الحرب فى غزة أو الأزمة فى البحر الأحمر وقناة السويس، وغيرها من الأسباب لكن مصر لم تتأخر فى سداد الديون المستحقة وفوائدها فى المواعيد المحددة، مما يؤكد تعاملها معها بمنتهى الشفافية والالتزام.
إعادة الهيكلة ليس مقصوداً بها التلكؤ فى السداد، وإنما إعادة الجدولة حفاظاً على مصالح الدائنين والمدنيين، ومراعاة الظروف الطارئة والأزمات الاقتصادية العالمية، التى تعانى منها الدول الأقل دخلاً.
الدولار ليس أزمة مصرية فقط، بل أزمة عالمية تستوجب عملاً جماعياً على مستوى مؤسسات التمويل الدولية، حماية للنظام العالمى من الانهيار.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة