كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

أمريكا.. ماذا تريد.. ونريد؟

كرم جبر

الجمعة، 16 فبراير 2024 - 10:10 م

 أخشى أن تكون أمريكا قد فتشت فى دفاترها القديمة، وتكرر مع مصر تجربتها مع الرئيس جمال عبد الناصر، بفرض حصار اقتصادي، سواء عن طريق صندوق النقد الدولى أو الدول المانحة والمستثمرة فى مصر.

لم تجن أمريكا من عدائها لمصر عبد الناصر سوى القطيعة والعداء، ووقفت إسرائيل دائماً لإفشال العلاقات بين البلدين، ولم تتحسن إلا بعد الجهود المضنية التى بذلها الرئيس السادات ورؤساء أمريكا العقلاء، لرفع العلاقات بين البلدين إلى مستوى التعاون الاستراتيجي.

الدنيا تغيرت، ومصر هى مفتاح الاستقرار فى المنطقة، وتدير ملف غزة الملتهب والملفات الأخرى بمنتهى العقلانية والموضوعية، حفاظاً على مصالح دول المنطقة التى تخشى أن تمتد إليها رقعة النار.

وتدفع مصر ثمناً كبيراً لأوضاع إقليمية مرتبكة، تجمعت صعوباتها فى الأزمة الاقتصادية الطاحنة، التى هبت على البلاد مرة واحدة فى غضون أقل من عامين، وكأن هناك من يحرك خيوط الشر واحدة تلو الأخرى.

حاربوا عبد الناصر لأنه كان عدواً لإسرائيل، أما الآن فمصر تحرص على معاهدة السلام وتمنع انفجار الموقف، وتحافظ على علاقات متوازنة تصب فى مصلحة الاستقرار فى المنطقة.
ومصر تريد من أمريكا أن تظل الدولة الراعية للسلام، وأن يتبع "بايدن" خطوات سابقيه الذين مدوا يد المساعدة والمصافحة، وأنهوا سنوات القطيعة والعداء، وأن يحذو حذو الكونجرس الذى أقر منذ سنوات مشروع قانون يمنح الرئيس السادات الميدالية الذهبية، تقديراً لإنجازاته التاريخية ومساهماته الشجاعة فى تحقيق السلام.

هذه هى أمريكا التى نريدها، الدولة المحبة للسلام والحريصة على استقرار المنطقة، والتى تمد يدها بالمصافحة، وليس بالقنابل والمتفجرات التى تغرق بها غزة.

نريد من أمريكا أن تكون عادلة، فلا تسعى إلى توسيع نطاق الحرب فى المنطقة، ولا تنحاز لإسرائيل فى قتل المدنيين والإبادة الجماعية، وتعمل على وقف إطلاق النار لا أن تعارضه، رغم اعترافها باستخدام اسرائيل أسلحتها ضد المدنيين بطريقة محرمة.

نريد من أمريكا أن تتأكد أن حصار مصر اقتصادياً ليس مجدياً، وأن خطة "أوميجا" التى نفذتها ضد عبد الناصر كانت فى ظروف إقليمية ودولية تختلف تماماً عن الآن، وأن أحداث 25 يناير لن تتكرر، لأن المصريين لن يسمحوا مرة ثانية بتخريب بلدهم.

ونتذكر- مثلاً- أغنية عبد الحليم حافظ وصلاح جاهين وكمال الطويل التى يقول فيها "والحصار الاقتصادى .. بردو مذلش بلادي"، ومصر ستبقى مرفوعة الرأس رغم ظروفها الصعبة، وتتمتع بمخزون هائل من القوة، يمنحها القدرة على مواجهة كافة التحديات.

خطة "أوميجا" كانت تستهدف- أيضاً- إفساد علاقة مصر بالدول العربية خصوصاً السعودية، وهو ما يجب أن يكون أمام أعين الدول الشقيقة، لأن أمن مصر واستقرارها ينعكس على المنطقة كلها، وإضعافها يؤثر على الجميع.

كانت أمريكا وبعض الدول الغربية تريد التساهل فى التهجير، ولكنهم تأكدوا جميعاً أن ذلك من رابع المستحيلات، وأن مصر التى حررت سيناء بتضحيات ودماء الشهداء، لن تكون إلا للمصريين.

نريد من أمريكا ألا تبتلع طعم إسرائيل ولا تكرر تجاربها الفاشلة فى إفساد العلاقات بين البلدين، وأن تكون شريكاً فى بناء الصداقة والتعاون والسلام، وإحلال الهدوء والاستقرار فى المنطقة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة