كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

كرم جبر يكتب: الحرب ليست انتحارًا !

كرم جبر

الإثنين، 19 فبراير 2024 - 05:40 م

قال لي مسئول عربي كبير: السادات كان صح واحنا غلط ، هاجمناه واتهمناه ولكنه كان يقرأ المستقبل ويتنبأ به ، ولو صدقناه لاختصرنا السنوات الضائعة .

اختار السادات السلام، لأنه كان يعلم جيداً أن قوته فى بلده وليست فى الآخرين ولا وعودهم ، وأن أمريكا ألقت بكل ثقلها بجانب إسرائيل، لتنتصر في معركة توازن القوى العالمية مع الاتحاد السوفيتي، وتظل على رأس النظام العالمي.

في أوج الانتصار ونشوة الفرح وتكبيد العدو خسائر فادحة، قال الرئيس أنور السادات جملته الشهيرة «مقدرش أحارب أمريكا»، لأنها عبأت ترسانتها العسكرية للوقوف بجانب اسرائيل.

كان ذلك في حرب أكتوبر المجيدة، عندما أدرك الزعيم المصرى بخبرته العسكرية ورؤيته السياسية، أنه سيكبد جيشه وبلده خسائر فادحة، وهو لم يدخل الحرب من أجل الحرب، وإنما لتحرير ترابه الوطني، واختار سلام الأقوياء لاستكمال مهمته المقدسة.

لم يعبأ السادات بأن يغضب منه الحليف الاستراتيجى فى ذلك الوقت «الاتحاد السوفيتي»، بلدي أولاً وأخيراً، ولم يخدع أحداً عندما قال أن 99% من أوراق اللعبة فى يد أمريكا، لأنه يعلم أنها الطرف الوحيد القادر على إجبار إسرائيل على قبول السلام.

«لو» ركب السادات رأسه واغتر بقوته واعتمد على وعود الآخرين، لكانت الدنيا غير الدنيا واستمرت مصر فى دوامة اللا سلم واللا حرب، ورهنت مواردها وقدراتها على حرب لا تنتهى وسلام لا يتحقق، ولا يمكن لدولة أو شعب أن يتحملا ذلك لسنوات طويلة.

هكذا الزعماء الحقيقيون، الذين يولدون من رحم الأحداث ومخزون الخبرات، ويتسلحون بالوعى واليقظة، فيلهمهم الله قرارات فى صالح دولهم وشعوبهم، دون تقدير خاطئ لقوتهم فى مواجهة الآخرين.

كانت فرحته غامرة وهو يسأل القادة الكبار فى جلسة تاريخية فى مجلس الشعب عن احوال الجنود والضباط ، وهل حافظوا على اسلحتهم ، واخذوا اجازات للعودة الى اسرهم للاطمئنان عليهم ، والقادة يؤكدون : تمام يا فندم .

فالحرب ليست استعراض عضلات او عمليات انتحارية ، ولا ان تعرض سلامة بلدك وشعبك للخطر، وامن الشعوب ومصالح الاوطان ليست مجالا للمقامرة، وجيشك للدفاع عن ترابك الوطنى وليس للغزوات الخارجية .

الحكمة هى القوة وليست التهور والاندفاع، وكان الرئيس السادات حكيماً وعبقرياً فى إدارة معركة الحرب والسلام، فلم يتخذ قراراً إلا لتحقيق الهدف الثابت: تحرير سيناء.

وما تصل إليه بالسلام ليس ضرورياً أن تضحى من أجله فى الحرب، فنهاية الصراع فى ميادين القتال، هى الجلوس فى غرف التفاوض، ويحاول كل طرف أن يستثمر ما حققه فى الميدان.

السادات كان بارعاً فى التخطيط للحرب وممارسة فنون التمويه والخداع والحرب خدعة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة