كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

الوحدة والانفصال !

كرم جبر

الثلاثاء، 20 فبراير 2024 - 08:00 م

22 فبراير 1958 كان يوماً عظيماً فى حياة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الوحدة مع سوريا، وخرجت الجماهير العظيمة كالطوفان تحمل سيارته وتهتف بحياته، وملأت المشاعر الوطنية الحناجر والقلوب.

وقبل مرور ثلاث سنوات جاء الانفصال، وكان جرحاً غائراً فى قلب الزعيم، الذى كان يحلم بوحدة الشعوب العربية والتضامن بينها، ولم يكن مسموحاً من قوى محلية وإقليمية ودولية أن يظهر تحالف كبير فى المنطقة.

ولا داعى للإغراق فى تفاصيل أسباب الانفصال فهى مكررة فى كل الحالات.. ففى وحدة العرب خطر داهم فى هذه المنطقة من قلب العالم، والتآمر ضدها يستهدف حماية مصالح الدول الغربية وإسرائيل، وتعددت المحاولات الوحدوية بعد ذلك، وكان الفشل مصيرها جميعاً.

>>>

دمشق مهما طال الزمن

عام 2006 زرت سوريا، وأديت صلاة الجمعة فى المسجد الأموى، ويشبه إلى حد كبير مسجد الإمام الحسين، ويلفت الانتباه بشدة الدوائر الزجاجية الملونة فى الأسقف، وتعكس ألواناً جميلة عندما تسطع عليها الشمس.

أعجبنى جداً مجموعات المنشدين الذين يؤدون أذان الظهر بالتناوب، ويضفى ذلك خشوعاً ممزوجاً بالبهجة، وبالمناسبة فالمسجد الأموى من المساجد التى تشعر فيها بالارتياح النفسى بمجرد دخول ساحته.

تجولت بعد الصلاة فى سوق الحميدية أروع أسواق الدنيا، وكأنك فى عالم غريب من المتعة، خصوصاً فى الحارات المُخصصة لبيع أوراق الزهور المجففة، التى نجح العطارون السوريون فى جعلها أدوية طبيعية للشفاء من الأمراض وتضفى نكهة طيبة على الطعام.

دمشق فى ذلك الوقت كانت تشبه مصر الجديدة فى الستينيات، بحدائقها الواسعة وميادينها الفخمة التى لا تزيد علي أربعة أدوار، ويتسم السوريون بنفس الطيبة التى كانت تميزنا زمان، وكانوا يرحبون بنا بالجملة الشهيرة «أنت مصرى.. مرحباً».

فى ذلك الوقت كانت أمريكا وفرنسا بالذات تفكران فى تغيير النظام السورى، والإطاحة بالرئيس بشار الأسد، وكانت هناك دول أخرى ترفض ذلك وتحذر من خطورة تفكيك الدول، وتطرح البديل وهو «تهذيب النظام بدلاً من تغييره»، ونصبوا الفخ لدمشق بعد بغداد.

وكان الخطر الأكبر الذى تغافل عنه النظام، هو استشراء الجماعات الدينية وتغلغلها فى المجتمع خصوصاً جماعة الإخوان المسلمين، وكتبت فى ذلك الوقت عن خريطة الجماعات الدينية فى سوريا، واحتدام الصراع بين جماعاتٍ كثيرة بجانب نفوذ طهران وحزب الله، وأغضب المقال المسئولين السوريين، ولكنه كان رؤية من الواقع.

آن الأوان أن يتم ترسيخ الاستقرار إلى سوريا، وأن تعود دمشق القوية الرابضة فى قلب الوطن العربى عزيزة كريمة أبية، وأن ترحل عن ترابها الميليشيات المسلحة والجماعات التكفيرية، وأن تترك الدول الخارجية الحق للشعب السورى فى العيش فى أمنٍ وطمأنينة واستقرار.

يُحسب للرئيس بشار الأسد، أنه ظل صامداً فى ظروفٍ داخلية وإقليمية وعالمية فى منتهى الخطورة والتخبط، فحافظ على دولته من السقوط فى وقتٍ كان مستهدفاً أن تسقط دمشق بسرعة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة