صورة موضوعية
صورة موضوعية


أبرز الأسلحة لهزيمة الشعوب نفسيًا.. «امسك إشاعة»!

آخر ساعة

الأربعاء، 21 فبراير 2024 - 10:21 م

■ كتب: هانئ مباشر

حرب الشائعات أو «الحرب البديلة» للحروب العسكرية، وهى أشد خطورة لأن الأمم والدول يمكن أن تتعرض للهزائم العسكرية، لكنها تقوم بإعادة بناء قوتها، وتحقق الانتصارات من جديد، لكن الشعوب والمجتمعات التي تتعرض للهزائم النفسية تفقد ثقتها بنفسها، وتشعر بالإحباط والاكتئاب واليأس، وتفقد الحلم، والقدرة على تحقيق الإنجازات.

◄ هدفها انقاذ الشعوب القدرة على الصمود والمقاومة

◄ الشائعات تنتمى إلى حروب الجيل الرابع

◄ الذكاء الاصطناعي ساهم ف انتشارها

◄ أصبحت أشد فتكا من القتل

تهدف «حرب الشائعات» إلى التأثير السلبي فى الروح المعنوية للجبهة الداخلية، بالتالى محاولة هدم الاستقرار وخلق حالة من الحيرة والتوتر وعدم الثقة، ما يؤثر سلبا فى ناتج الدولة عمومًا وفى كل المجالات بأيسر الطرق وأقل تكلفة، فكيف يمكن مواجهة خطر الشائعات والقضاء عليها وقبل هذا كيف تؤثر الشائعات فى ناتج الدولة بشكل عام؟

تعتبر الشائعات من أبرز الأسلحة التى يتم استخدامها فى هزيمة العدو نفسيا، والتأثير فى الشعوب، بحيث تفقد قدرتها على الصمود والمقاومة، لذلك عمل خبراء الحرب النفسية لتطوير عملية صنع الشائعات.

وفي عالمنا المعاصر الذي يشهد تطورا تقنيا في وسائل الاتصال أصبحت الشائعة أكثر رواجا وأبلغ تأثيرا، وأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي أحد الأسلحة المستخدمة في «حرب الشائعات» والتى تعد من «حروب الجيل الرابع».

◄ أنواع متعددة
لأن الحرب «أوّلها كلام»، فعند نشر الشائعة تنتشر كالنار فى الهشيم ويتم تداولها فى دقائق، وتفتك بالمجتمع، وتفرق أهله، ويسوء ظن بعضهم ببعض، ويفضى ذلك إلى عدم الثقة بينهم، وتتردد الأخبار الكاذبة دون تمحيص ولا تفنيد، فتثير الفتن، لذا لا بد من وضع استراتيجية تعمل على مواجهة الشائعات.

وتعد الشائعات من أبرز الموضوعات الهامة والخطيرة التى يتصدى لدراستها العلماء والباحثون في علم النفس وعلم الاجتماع والدين والتربية وكافه الجهات الأمنية بمختلف أجهزتها، لأنها أصبحت تمثل أهم مرتكزات الحرب النفسية الباردة التى تعمل على قلب حالة الأمن إلى فوضى وحالة النصر إلى هزيمة.

و«الشائعة» خبر أو معلومة كاذبة زائفة تنتشر فى المجتمع سريعًا ويتم تداولها بين الناس ظنًا أنها صحيحة، ودائما ما تكون هذه الأخبار شائقة ومثيرة للفضول واهتمامات واحتياجات المواطنين، وأيضا يكون فيها شىء من الحقيقة وهنا يطلق عليها «السم في العسل».

من هذا المنطلق يبدأ كلام الدكتورة شيماء إسماعيل، استشارية الصحة النفسية وتطوير الذات، والتى توضح «أنواع الشائعات»، فتقول إن هناك أنواعًا عِدة ويمكن تحديدها وأهمها «الزاحفة»، وهى التى تنتشر ببطء ويتناقلها الناس همسًا وبطريقة سرية، و»الاندفاعية»، وهى تنتشر بسرعة فائقة وغالبا ما تكون متعلقة بالكوارث الطبيعية أو حالات الحروب، و»التمييزية»، وتخص فئة معينة أو كيانًا معينًا أو مهنة أو منطقة أو سلعة بالذات، و«المتحولة»، وتعتمد على أجزاء صغيرة حقيقية من المعلومة، ولكن يتم تحويلها لتصبح شيئًا آخر، و«التخوفية»، وتنتشر فى الأماكن المملوءة بالفزع والرعب، وأخيرا «شائعة الأمل»، التى تنتشر فى الأوساط التى تتمنى صحة هذا الشائعة.

◄ اقرأ أيضًا | شائعات الإعلام الغربي تفشل في «تجريح» الموقف المصري بغزة

◄ الأسباب والعوامل
وهناك أسباب وعوامل تساعد على انتشار الشائعات، منها اضطراب حالة الفرد النفسية، حيث تسهم حالته الخائفة المتوترة أو القلقة فى عدم الشعور بالأمان وتعرضه لأى نوع من الأزمات أو الضغوط النفسية فى انتشار الشائعات سريعًا، حيث يميل هؤلاء الأشخاص بطبعهم لتصديق الأخبار السلبية.

ويتسبب غياب المعلومة السليمة فى وجود مناخ خصب لتفشى الشائعات، والرغبة فى جذب الانتباه، وظهور الشخص فى صورة المطلع والعليم بكل الأمور والموضوعات، وهذا يجعله يجد قبولا واهتماما وترحيبا بكلامه فى الوقت نفسه  يشعر بذاته وقيمته ومكانته حتى وان كان ينقل أخبارا لا أساس لها من الصحة.

وقد يكون هناك دافع داخلى لدى الفرد بإيقاع الأذى والضرر بالآخرين نتيجه شعوره بالغيرة أو الحسد أو الحقد عليهم، فيقوم بتشويه صورتهم وسمعتهم وشرفهم وأعراضهم عبر الادعاء عليهم.

وهناك شائعة بدافع إثارة الشفقة، حيث قد يدعى الفرد أى ظروف كاذبة لاستدرار عطف الآخرين وابتزازهم، كإعلانه عن حالة المرض أو العجز أو الإفلاس أو الفصل من العمل أو الدراسة أو الوقوع فى ورطة مالية.

وتنتشر «شائعة قراءة المستقبل» إذا كان بعض الأفراد ينتظرون باهتمام سماع خبر هام أو حدوث أمر يهمهم طال انتظاره فإنه يسهل فى هذه الحالة توليد مختلف الشائعات الخاصة بهم.

وتؤكد الدكتورة شيماء، أن الشائعات باتت أشد فتكا من القتل، حيث إنها وسيلة للفتنة وتعد وسيلة شيطانية لهدم وحدة البيوت والأسر وتخريب الروابط الوجدانية بين الأهل، كما تمثل خطرا شديدا على المجتمع من خلال التأثير السلبى وإضعاف الروح المعنوية للمواطنين وبث روح اليأس والإحباط وإضعاف القيم والمبادئ والانتماء وتهديد الأمن القومى.

وتوضح أن مواجهة الشائعات تحتاج فى المقام الأول إلى معرفتها جيدا ومعرفة الهدف منها وأنواعها وأساليبها وطرق تحريكها وتكنيكات اكتشافها ومقاومتها وهزيمتها وإن كانت مقاومة الشائعات تقع أساسًا على أجهزة الدولة ومؤسساتها المعنية إلا أن الأمر يحتاج لرؤية ثاقبة واعية من المواطنين، فليست الدولة وحدها فقط المعنية بالتصدى للشائعات فهناك أيضًا دور للمواطن.

ومن هنا يجب التمسك بأخلاقيات وقيم وتعاليم الأديان السماوية قولا وعملا، والثقة فى القادة أمر جوهرى حيث يجب أن يكون لدى المواطنين الوعى الكافى، وتعزيز مشاعر حب الوطن والانتماء والولاء له، وعدم الخلط بين حرية التعبير المسئول والفوضوى فى ترويج الشائعات لغايات العبث بالأمن الوطنى، وزيادة الوعى الأمنى لدى المواطنين بضرورة التحرى من الأخبار المتداولة فليس كل ما يسمع ينقل أو يقال، والتأكد من المصادر الحكومية الرسمية.

◄ المواجهة
إن تنمية الوعى واحدة من القضايا الهامة التى ينبغى النقاش حولها على أعلى المستويات للوصول لأفضل الطرق فى مواجهتها، وذلك فى إطار الموجات المتتالية من حروب الشائعات.
ويتابع: لا بد من تعميق صناعة الوعى، والوصول بالمواطن للوعى الكامل ليجابه الشائعات بنفسه، ومحاولات ضرب المجتمع والذى يمثل غاية الخطورة، فالدولة نجحت فى إحداث نهضة متكاملة بكافة المجالات وهو ما يتطلب بذل الجهد لحمايتها برفع الوعى وأن يكون هناك دور للمجتمع المدنى والتكاتف ضد تشويه صورة الوطن، كما أن الثقافة لها دور كبير فى تشكيل وعى المواطنين وتنظيم العديد من الفاعليات على مستوى قصور الثقافة ودار الأوبرا وعلى مستوى الفنون التشكيلية والمسرح والسينما.

وتؤكد الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن هناك شائعات تهدف لإثارة البلبلة لإحداث حالة من الاضطراب فى المجتمعات وزعزعة الثقة بمؤسسات الدولة، لذا يجب على وسائل الإعلام نشر الوعى والكشف عن نية أهل الشر لجميع فئات المجتمع، كما أن للأسرة دورا كبيرا فى زرع وغرس حب الوطن لدى أبنائها. 

كما أن الفن له دور كبير فى هذه الحملات المضادة من خلال تقديم أعمال درامية وسينمائية وأغانٍ وطنية، وتعريف المواطن يوميًا بالحملات التى تطلقها وسائل الإعلام المضادة من فبركة الصور والفيديوهات والتريندات الزائفة التى تطلقها عبر وسائل التواصل الاجتماعى.

◄ خطورة الذكاء الاصطناعي
أما الدكتورة آمال حسن الغزاوى، عميدة كلية الإعلام بالجامعة الكندية، فتقول: شهد الإعلام المصرى تحولًا كبيرًا نحو الرقمنة واستخدام التكنولوجيا الحديثة فى توفير المحتوى والتواصل مع الجمهور، حيث زادت الاستخدامات الرقمية كالمواقع الإلكترونية والتطبيقات المحمولة ومنصات التواصل الاجتماعى، مما ساهم فى وصول المحتوى الإعلامى للجمهور بشكل أكبر وأسرع، لكن مع التسارع فى استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعى ظهر التحيز والتمييز فيما ينشر من بعض الأخبار والفيديوهات واختراق بما تحتويه من اختراق للخصوصية وافتقادها للموثوقية والموضوعية بالإضافة إلى استخدامها للتزييف العميق فى الصور ومقاطع الفيديو للأشخاص والأخبار، مما يسهم فى نشر الشائعات النابعة من هذا التزييف.

وتضيف: وسائل الإعلام تسهم فى تشكيل الوعى الاجتماعى وتطوره وهو ما يُعدُّ عمليةً ديناميكية مستمرة يتم غرس جذورها فى إطار عملية التنشئة الاجتماعية الأولى، وتتحدد ملامحها فى إطار الثقافة العامة للجماعة والبيئة الاجتماعية التى ينمو فيها الفرد لأن الإعلام الجديد من أبرز سمات الثورة المعلوماتية حيث ساهمت التطورات المتلاحقة على شبكة الانترنت فى إيجاد شكل جديد من الإعلام، وأطلقوا عليه الإعلام الجديد والإعلام البديل الذى يشمل الشبكات الاجتماعية الافتراضية والمدونات والمنتديات الإلكترونية والمجموعات البريدية وغيرها، كما ساهم الإعلام الجديد فى جذب الانتباه وتفجير العديد من القضايا التى أثارت الرأى العام.

وتؤكد ضرورة أن تتضافر جهود كافة المؤسسات الإعلامية والتربوية لنشر الوعى ومكافحة الشائعات حتى لا تتحول وسائل الإعلام الجديد والسوشيال ميديا لأدوات تستخدمها التنظيمات الإرهابية والمتطرفة لتغذية الكراهية واختلاق الصراعات للنيل من استقرار الوطن وتماسكه.

◄ توفير المعلومات
ووفق الدكتورة آمال الغزاوي، فإن المواجهة أو الحرب على هذه الشائعات يمكن أن تتم من خلال ثلاث خطوات رئيسية هى: توفير المعلومات الصحيحة بشفافية وفى التوقيت المناسب وهو الأمر الذى يمنع ظهور الشائعات أو على الأقل يقضى عليها فى مهدها، والخطوة الثانية هى التفنيد المستمر للشائعات خاصة تلك التى تنتشر بشكل كبير، لأن أحد أهداف حرب الشائعات هو استنزاف الطاقة فى الرد على الشائعات والانشغال بها، على أن يتم تقديم المعلومات الصحيحة التى تفند هذه الشائعات وتنهيها تمامًا، وأخيرا الاهتمام بتنمية الوعى لدى مستخدمى وسائل التواصل الاجتماعى والتأكد من مصدر أى خبر قبل التعامل معه على أنه حقيقة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة