هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

أشتية ليس المشكلة وغيابه ليس حلًا

هالة العيسوي

الأربعاء، 28 فبراير 2024 - 06:57 م

استقالة رئيس الوزراء الفلسطينى محمد أشتية، وقبول الرئيس أبو مازن لها، يتم الترويج لها إعلاميًا على أنها الخطوة الأولى فى طريق بسط السلطة الفلسطينية «المتجددة»، وفق التعبير الأمريكى، على غزة والضفة الغربية، تمهيدًا لتوحيدهما، تحت راية حكومة تكنوقراط بعيدة عن الانتماءات الأيديولوجية والولاءات السياسية للفصائل الفلسطينية.

الولايات المتحدة هى التى وضعت مواصفات هذه الحكومة المرتقبة، اتساقًا مع الرغبة الإسرائيلية فى إبعاد حركة حماس عن حكم غزة، وتهيئة القطاع لمرحلة جديدة من الإدارة بعد وقف الحرب. هنا يلوح ما يبدو أنه صراع إرادات على عكس الحقيقة.

وبينما ترفض إسرائيل الدخول فى بيت الطاعة الأمريكى، ويعلن نتانياهو رفضه الإملاءات الأمريكية، تبدو واشنطن وكأنها هى التى دخلت بيت الطاعة الإسرائيلى.

فالرئيس بايدن الذى يدفع فى الكونجرس باتجاه إصدار قانون لزيادة المساعدات لإسرائيل، يتظاهر بأنه يعمل على توحيد الحكم الفلسطينى للضفة والقطاع كنواة لدولة فلسطينية موعودة. وواشنطن التى تدير مفاوضات مكوكية لوقف الحرب، هى نفسها التى استخدمت الفيتو فى مجلس الأمن وأجهضت مشروعًا عربيًا لإدانة إسرائيل وإلزامها بوقف الحرب، لتتقدم بمشروع بديل  بذرائع واهية.

فى تلك الأثناء تعمل إسرائيل على أن يقع القطاع تحت سيطرتها الكاملة، عبر استنساخ الوضع القائم فى الضفة الغربية وتطبيقه فى غزة بمزيج من الحكم العسكرى والأمنى الإسرائيلى، وترتيبات إدارية فلسطينية محلية. وتصدر القرارات باستئناف الاستيطان فى القطاع، حتى قبل وقف القتال. وتعمل فى عدة محاور بالضفة والقدس فضلًا عن عدوانها الوحشى على غزة.

القصة كلها تبدو استهلاكًا للوقت، وإلهاء للفلسطينيين فى مناقشات داخلية والإسراع فى اتخاذ إجراءات مرضية للأمريكين على أمل أن تؤدى إلى تحقيق وعد هو فى حقيقته سراب اسمه الدولة الفلسطينية، وذلك حتى تنهى إسرائيل مهمتها بإعادة احتلال غزة، وتحقيق واقع سياسى وعسكرى جديد على الأرض يستحيل تغييره، لذلك كان من المثير للدهشة أن تسارع السلطة الفلسطينية بإعلان استقالة الحكومة والشروع فى تشكيل حكومة التكنوقراط، مع أن هذه الخطوة يفترض أن تتم مقرونة بوقف الحرب على غزة، وضمن صفقة شاملة يتم بناء عليها الإفراج عن الرهائن وتبادل الأسرى، والإدخال العاجل للإغاثات الإنسانية، والبدء فى إعادة إعمار القطاع ثم يمكن بعد ذلك الحديث عن مستقبل القطاع ومن يحكمه. وهى كلها شروط ترفضها إسرائيل. بل إن الدولة العبرية ترفض أصلًا وجود السلطة الفلسطينية على رأس الحكم فى غزة سواء بهيكلها القديم أو «المتجدد».

يعنى لا رئيس الحكومة المستقيل أشتية كان هو المشكلة، ولا غيابه أو استبداله، بأى كان البديل يأتى بالحل. فالمشكلة فى نظر تل أبيب تكمن فى الرئيس محمود عباس نفسه، وهى تعد العدة لاستبداله شخصيًا وتجهز البديل، بينما هو يعد نفسه لحكم غزة حسب الوعد الأمريكى.

لكن بالتزامن مع ذلك تكون الانتخابات الأمريكية قد اقتربت، وينشغل بايدن وإدارته للحفاظ على مقعده الرئاسى ويفقدان الحماس لأى مغامرة والقدرة على أى إملاءات، وهذا هو ما تراهن عليه تل أبيب.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة