جرائم إسرائيل في حق الفلسطينيين قتل وخراب
جرائم إسرائيل في حق الفلسطينيين قتل وخراب


سيطرة الأقلية الصهيونية تجر المنطقة لحرب طويلة| هشاشة و«وحشية» حكومة نتنياهو تهدد الشرق الأوسط

آخر ساعة

الأربعاء، 06 مارس 2024 - 06:45 م

■ كتب: أحمد جمال

على مدار خمسة أشهر من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة كانت السمة السائدة هى سيطرة النزعة المتطرفة على التصرفات الإسرائيلية وهو ما فوت الفرصة على العديد من محاولات التهدئة أو وقف الحرب فى ظل جهود عربية ودولية حثيثة للضغط على دولة الاحتلال، وهو ما يؤشر على أن حالة الهشاشة التى تعانيها حكومة رئيس الوزراء المتطرف بنيامين نتيناهو أضحت خطرًا لا يهدد الأمن والاستقرار فقط على الأراضى الفلسطينية لكنه يجر المنطقة بأكملها إلى حرب طويلة ومتعددة الأقطاب مع شهية القتل المفتوحة لدى المتطرفين الإسرائيليين.

◄ زيارة جانتس لواشنطن حلقة في سلسلة الخلافات

◄ الغالبية وافقت على الهدنة باستثناء بن غفير وسومترتش

◄ الدعم الغربي غير المحدود يشجعها على إطالة أمد الحرب

◄ حكومة الاحتلال في حالة شلل بسبب الأقلية المسيطرة

فى تلك الأثناء يجرى الحديث عن إمكانية الوصول إلى هدنة إنسانية قبل شهر رمضان قد تستمر إلى نهايته أو أكثر قليلاً وتبذل مصر جهوداً قوية للضغط على كل من إسرائيل وحماس للقبول بما جرى التوصل إليه من تفاهمات خلال الأسابيع القليلة الماضية فى العاصمة الفرنسية باريس أو فى العاصمة القطرية الدوحة وكذلك فى القاهرة، لكن فى كلتا الحالات سواء جرى التوصل لتلك الهدنة أم لا فإن الحرب لن تضع أوزارها، ورغم حالة الانهاك التى تبدو واضحة على جيش الاحتلال الذى يحاول التغطية على فشله إلا أن حالة الهشاشة الداخلية تدفع للهروب إلى الأمام أملاً فى التغطية على المأزق الداخلى.

لم تكن الزيارة المقررة لعضو حكومة الحرب الإسرائيلية بينى جانتس إلى واشنطن، دون أن يحظى بموافقة رئيس الحكومة نتنياهو  سوى حلقة فى سلسلة الخلافات التى أخذت فى الاتساع داخل الحكومة الإسرائيلية والتى يبقى لديها انعكاسات على المجتمع الإسرائيلى بأجمعه الذى أضحى يرى نخبته التى توحدت داخل حكومة واحدة وصلت إلى مرحلة الفشل الكامل وهو ما يترك آثاره السلبية على قرارات إسرائيل الخاصة بوقف الحرب تحديداً، وأن الفرصة تبدو هذه المرة مواتية لصمود الحكومة التى لن تتعرض للسقوط بسهولة بعكس حكومات سابقة بفعل سيطرة اليمين المتطرف عليها.

◄ دعم ساحق
ويمكن القول بأن الدعم الغربى غير المحدود لإسرائيل وهو أمر اعترف به الرئيس الأمريكى جو بايدن، الذى أشار فى تصريحات إعلامية أخيرة إلى أن «إسرائيل تلقت دعماً ساحقًا من الدول العظمى»، هو من يدفع لأن تستمر الحرب وتتسع رقعتها بما يحقق أمن إسرائيل الذى سيكون معرضَا لاختراقات وهزات أكثر فداحة فى حال جرى تسليط الضوء على الخلافات الداخلية وليس على ما يدور من تطورات فى المعارك العسكرية وإفرازاتها التى تخلق حالة من الشد والجذب المستمر سواء بين إسرائيل ودول أخرى لتعزيز إطار المظلومية التى تأسست عليه دولة الاحتلال، أو من خلال التأكيد على وجود خطر مازال الاحتلال بحاجة لمزيد من الوقت والدعم لكى يتخلص منه فى غزة أو فى الأراضى الفلسطينية بوجه عام.

وبحسب صحف إسرائيلية فإن زيارة جانتس إلى واشنطن لعقد سلسلة من الاجتماعات هناك، لم تجدول بالتنسيق مع نتنياهو ، الذى اعتبرها تجاوزا لمنصبه، وأنها تأتى وسط مساع لإبرام صفقة لوقف إطلاق النار فى غزة مقابل الإفراج عن رهائن، وحديث عن نفاد صبر الإدارة الأمريكية من سلوك نتنياهو  فى الحرب.

تلقت سفارة إسرائيل فى واشنطن تعليمات بعدم تسهيل رحلة الوزير إلى الولايات المتحدة، بعد عدم حصوله على تصريح من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ، حسبما ذكرت هيئة البث العامة «كان»، ولم يشارك السفير الإسرائيلى لدى الولايات المتحدة مايكل هرتسوغ، شقيق الرئيس يتسحاق هرتسوغ، فى الزيارة، بحسب تقرير الهيئة.

وأظهر استطلاع رأى لصحيفة معاريف أن بينى جانتس حظى بنسبة 50 % من المؤيدين له ليكون رئيسا للوزراء بدلا من نتنياهو. وهذا يظهر تراجع شعبية الحكومة الإسرائيلية الحالية، وهو ما يبرهن أيضَا على حجم الهشاشة التى تصل ذروتها على اتجاهات الإسرائيليين والذين ينقسمون على أنفسهم بشأن رؤيتهم للحكومة المقبلة.

◄ مطالب بالتنحي
وكانت الخلافات داخل الحكومة ومجلس الحرب الإسرائيليين قد اتسعت، بعد 148 يوما من الحرب على قطاع غزة، بينما تعالت الأصوات التى تطالب رئيس الوزراء الإسرائيلى بالتنحى. ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، شهدت اجتماعات الحكومة الكثير من التوتر وصلت إلى حد تبادل الإهانات والتجريح بين أعضائها.

وفى منتصف يناير الماضى، أثارت مشاركة وزير الحرب الإسرائيلى بينى جانتس فى مظاهرة حاشدة بتل أبيب تعارض الحكومة وتهاجم تعاطيها مع ملف الأسرى الإسرائيليين فى غزة، العديد من التساؤلات حول تماسك الحكومة بعد الحرب فى غزة.

ويعتبر الدكتور أحمد فؤاد أنور، أستاذ اللغة العبرية بجامعة الإسكندرية، أن حكومة الاحتلال الإسرائيلى فى حالة شلل بسبب الأقلية التى تسيطر على اتخاذ القرار داخلها وهؤلاء يمثلون «الصهيونية الدينية» بتشكيلاتها المختلفة وهؤلاء يستغلون حالة الضعف التى يمر بها نتنياهو  بسبب فساده للضغط عليه، ورغم أن هؤلاء لديهم فقط 10 مقاعد فى الكنيست من بين 120 مقعدا إلا أن أوهامهم التوسعية لطرد سكان قطاع غزة تبقى هى السائدة والمسيطرة على المشهد السياسى الإسرائيلى فى الوقت الحالى.

وأكد أن تكتلات الصهيونية الدينية يشكلون قطعان المستوطنين الذين يمثلهم داخل الحكومة وزير الأمن القومى إيميتار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سومترتش، ورغم أن استطلاعات الرأى تشير فى إسرائيل إلى أن أى انتخابات مقبلة سيواجه فيها هؤلاء هزيمة ساحقة إلا أنهم يصارعون من أجل البقاء فى مناصبهم عبر النفخ فى نيران الحرب الدائرة الآن ويعرقلون أى محاولات للتسوية، ويدركون بأن مصيرهم سيكون السجن لكن ما يقوضهم حجم الضغوطات التى تمارسها عائلات المحتجزين لدى حركة حماس فى قطاع غزة إلى الدرجة التى دفعت جانتس للتهديد بالتمرد.

◄ اقرأ أيضًا | مصر والإمارات تواصلان إسقاط المساعدات شمال غزة

◄ إسقاط الحكومة
وشدد على أن هناك أربعة وزراء لديهم رغبة حالية فى إسقاط الحكومة الحالية وهو أمر بدأ يلوح فى الأفق داخل إسرائيل وهؤلاء يسوقون لأنفسهم باعتبارهم العقلاء الناضجين الذين من الممكن أن يتماهوا مع وجهة النظر الأمريكية بشأن التهدئة فى غزة، مشيراً إلى أن مؤشرات تجاوز نتنياهو  كرئيس حكومة موثوق به من الولايات المتحدة تظهر فى صور وتصرفات عديدة بينها زيارة جانتس إلى واشنطن إلى جانب طلب وزير الخارجية الأميركى أنتونى بلينكن مقابلة رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسى هاليفى على انفراد وكان من المفترض أن يكون ذلك ضمن مجلس الحرب.

وأوضح أن التوصل إلى هدنة فى قطاع غزة يتوقف على توافر الإرادة السياسية لدى إسرائيل لتنفيذها، والأمر أكبر  من مجرد إرسال وفد إلى القاهرة من عدمه والقضايا الخلافية سهلة الحل وقد لا تستغرق نصف ساعة على الأكثر وهى بمثابة أمور إجرائية، وفى ظل الضغوطات التى تمارسها أطراف إقليمية على حكومة الاحتلال فإنه من المتوقع أن يتم التوصل إليها مع اقتراب شهر رمضان، بخاصة بعد أن ارتكب جيش الاحتلال مجزرة «المساعدات الإنسانية» فى شمال قطاع غزة.

ولفت إلى أن وزراء حكومة الحرب فى إسرائيل يهدفون إلى إعادة حساباتهم فى حال جرى التوصل إلى هدنة ويحاولون تمرير عقبة رمضان بأقل الخسائر لأنهم يخشون تحرك فلسطينيى 48 وتكرار حوادث الذئاب البشرية التى تكلف الاحتلال خسائر بشرية وميزانيات ضخمة للتأمين، مما يجعل السيناريو الأقرب هو تنفيذ الهدنة على مرحلتين الأولى تشمل الإفراج عن المدنيين لدى حماس مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين فى سجون الاحتلال وأخرى ثانية تتضمن الإفراج عن جنود جيش الاحتلال.

واستشهد ما لا يقل عن 112 فلسطينيا يوم الخميس على مشارف مدينة غزة بعد أن فتحت القوات الإسرائيلية النار عليهم أثناء تجمعهم للحصول على المساعدات. وزعم الجيش الإسرائيلى أن أغلب الوفيات حدثت بسبب التدافع، إلا أن شهادات الشهود والأطباء أكدت أن أغلب الجرحى والشهداء أصيبوا بأعيرة نارية، قالت مصادر فلسطينية إن 11 شخصا استشهدوا، السبت، بغارة إسرائيلية أصابت خيمة للنازحين مقابل المستشفى الإماراتى غرب مدينة رفح فى جنوب قطاع غزة.

وكانت السلطات الصحية التابعة لحماس أعلنت السبت ارتفاع حصيلة الشهداء فى قطاع غزة إلى 30320 منذ بدء الحرب بين إسرائيل والحركة فى السابع من أكتوبر الماضى، وبلغ عدد الجرحى 71533 منذ بدء القصف الإسرائيلى المدمّر على القطاع الفلسطينى المحاصر.

◄ الهدنة المرتقبة
وأكد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أن الهدنة المرتقبة تتفق عليها غالبية الحكومة الإسرائيلية باستثناء بن غفير وسومترتش، وهو ما يجعل الاتجاهات تسير باتجاه التوقيع عليها خلال الأيام المقبلة وأن معارضيها لن يستطيعوا إسقاط الحكومة الحالية، لكن ذلك يأتى ضمن صفقة من المقرر أن يمررها نتنياهو  مع الأحزاب الدينية التى تحارب لمنع تمرير تعديلات على قانون عدم إعفاء شباب المجتمع «الحريدى» من الخدمة العسكرية وهو المقترح الذى يسعى لإقراره وزير الدفاع جالنت.

وكان قد حصل نحو 66 ألف شاب من المجتمع «الحريدى» على إعفاء من الخدمة العسكرية خلال العام الماضى، وهو رقم قياسى، تحديدا وسط حالة الحرب التى تعيشها إسرائيل، وتعدّد الجبهات التى تتعامل معها.

وأضاف الرقب أن الخلافات على الجانب الفلسطينى المقابل لم تنته أيضَا لكن الأمر لا يتعلق بالهدنة ولكن بمستقبل السلطة الفلسطينية والحكومة المستقبلية، مشيراً إلى أن اجتماعات موسكو بين الفصائل لم تأت بجديد مع رفض حماس المشاركة فى تشكيل حكومة تستجيب لشروط الرباعية الدولية بما فيها الاعتراف بإسرائيل وهو نفس موقف الجبهة الشعبية وهناك قناعة بضرورة عدم اعتراف جميع الأطراف الفلسطينية بدولة الاحتلال، وأن وجود اجتماعات ومشاورات عربية لطرح جديد للمبادرة العربية بشأن السلام وإعادة ترتيب البيت الفلسطينى يمكن التعويل عليها مستقبلاً لإيجاد حلول منطقية للأزمات الحالية.


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة