صورة تعبيرية
من ينكر فرضية الصوم
الجمعة، 08 مارس 2024 - 02:27 م
ما حكم من ينكر فرضية الصوم فى الإسلام؟
ليس فى بلاد الإسلام من يجهل معنى الصوم الذى طلبه الله من المسلمين فى هذا الشهر
وليس فيها من يجهل أن صومه ركن من أركان الإسلام، وفريضة من فرائضه الأولى التى بنى عليها. وقد عبر القرآن عن فرضيته «بمادة» لا تحتمل غير الإثبات والإيجاب والتحتيم، بمادة لم تعرف فيه لغير الصوم من أركان الإسلام. بمادة كان أكثر ما ورد التعبير بها فى الدلالة على التحتم والثبوت لمقتضيات الذات الإلهية، أو لمقتضيات النظام الكونى الذى قدّره الله فى سابق علمه للكائنات، ولا يعتريه فى سنته تغيير ولا تبديل. وإنك وإذا قرأت فى الدلالة على تحتم تلك المقتضيات قوله تعالى: (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ)، وقوله (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِى إِنَّ اللَّهَ قَوِىٌّ عَزِيزٌ).
> سافر وهو صائم فأفطر وقت دخول الصوم وقوله (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا)، وقوله ( أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ)، فإنك نرى القرآن لم يقف فى شرع الصوم وطلبه من المؤمنين عند (المادة) المألوفة فى طلب الشيء، أو الأمر به نحو (فليصمه) أو نحو (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)، أو نحو (وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)، بل سما به إلى مادة (الكتب) والكتابة التى عرفت عنه فى مقام التعبير عن مقتضى الألوهية، أو مقتضى التقدير الإلهى فى النظام الكونى الثابت المتقرر، ترى القرآن سما بالصوم إلى هذه المادة، ممهدًا له بالنداء الموقظ للشعور، وبوصف الإيمان الباعث على الامتثال، ومشيرًا فى الأسلوب نفسه إلى أن الصوم تكليف الله العام لهؤلاء ولمن مضى من عباده السابقين فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، ثم حدد وقته، وفصّل أعذاره على نحو لم يوجد فى غيره من الفرائض والأركان.
ومن هنا أجمع المسلمون من عهد التشريع على أن من أنكر فرضية الصوم أو أوَّلَ طلبه، أو حرَّف وضعه، أو ردَّه إلى مجرد الشوق إليه والرغبة فيه كان خارجًا عن ربقة الإسلام لا تجرى عليه أحكامه، ولا يعد من أهله.
اقرأ أيضاً | محافظ كفر الشيخ يفتتح معرض «أهلاً رمضان» بمدينة بيلا
وهذا هو حكم الله فى الصوم وفى سائر ما ثبتت فرضيته أو حرمته بمصدر تشريعى قطعى فى ثبوته عن الله، ودلالته على معناه، وتناقل جميع المؤمنين العلم به هكذا، جيلاً عن جيل، وطبقة عن طبقة. وأثراً للتشريع بهذا النحو، استقر فى ضمير المؤمنين أن ما ثبتت به فرضيته أو حرمته ليس محلاً للرأى ولا مجالاً للاجتهاد الذى أباحه الله للعباد، واستقر كذلك فى ضميرهم أن من يعبث بشىء من تلك الأحكام القطعية، ويتخذ ذلك العبث باسم «الرأى وحريته» قنطرة يعبر عليها إلى فتنة الناس فى دينهم، أو زعزعة إيمانهم، يكون خارجاً عن الإسلام.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة