بيروت إلى أين؟.. سؤال يسيطر الآن على المشهد العربي في ضوء تسارع وتيرة الأحداث في لبنان خاصة مع شغور منصب الرئيس اللبناني منذ أكثر من 15 شهرا والمظاهرات التي تشهدها بيروت الآن بسبب أزمة النفايات ظاهريا ولكن السبب الخفي معروف وهو رغبة حزب معين فرض إرادته على اللبنانيين..


وسط هذا المشهد يظل لبنان على صفيح ساخن بسبب وضعه الجغرافي ومحاذاته للحدود السورية وتواجد أكثر من مليون ونصف المليون نازح سوري على أراضيه.. لذلك كان هذا الحوار مع نهاد المشنوق وزير الداخلية اللبناني.. هذا الرجل الذي يجمع بين الصبغة الثقافية والأمنية في آن واحد، فقد كان في بداياته صحفيا ونائبا برلمانيا والآن عضو بارز في تيار المستقبل الداعم الرئيسي لقوى 14 آذار التي تطالب بالشرعية اللبنانية واحترام اتفاقية الطائف، كما أنه الآن هو المسؤول الأول عن الأمن في لبنان.. حاورناه حول الشأن العربي بحكم ثقافته وتطرقنا إلى الوضع الداخلي اللبناني المشتعل الآن فماذا قال؟


كيف ترى المنطقة العربية في ضوء المستجدات التي تشهدها الساحة السياسية؟
كل المؤشرات في المنطقة سلبية ، فكلام أمريكا عن تقسيم العراق والوضع في اليمن وسوريا ولبنان والتمدد الإيراني الأمني من كل اتجاه يؤدى إلى هذه المؤشرات، حتى أنه في الوقت الذي يتحدث فيه الإعلام التابع لإيران في المنطقة عن الايجابيات وتصريحات وزير الخارجية الإيراني عن المنطقة بأنها تسير للأفضل إلا أننا نكتشف أن الأمور تتجه إلى الأسوأ وخير دليل على ذلك كميات المتفجرات الكبيرة التي تم العثور عليها في منزل أحد الكويتيين وفي منزل أحد اللبنانيين بالمنطقة، وبالطبع هناك محاولة إيرانية لتجميل وجه إيران بالمنطقة عبر وسائل الإعلام ولكن الحقيقة ليس في رسائل الإعلام ولكن بحجم المتفجرات التي يتم العثور عليها.
ونحن الآن في مشكلة كبيرة في المنطقة بسبب دعم إيران لجماعات إرهابية بعينها وحرصها على التمدد الإيراني فضلا عن الوضع الأمريكي الذي أصبح أكثر حيرة، فسياسة الولايات المتحدة أصبحت غير مفهومة خاصة وأنها ابتعدت كل البعد عن تقديم المساعدة لدول المنطقة كما أن الوضع في سوريا أصبح مؤلم لغاية.


كيف يمكن مواجهة التمدد الإيراني في المنطقة؟
عمليا لابد من العودة إلى الأسس، والأسس تقوم على أمرين أولهما انه لا استقرار في المنطقة بدون استعادة مصر لدورها الإقليمي والعربي وهذا بدا واضحا مع تولى الرئيس السيسي، والأمر الثاني هو تحالف مصري- سعودي، وآي تفاوض سياسي مع إيران الآن ليس له قيمة أو توازن بدون أن تجلس مصر والسعودية على طاولة هذه المفاوضات، فأي كلام أخر عن توازن عربي إيراني أو أي توازن عربي عربي قد يساهم في تغير المجتمع الدولي فلن يفيد ولا يؤدي إلى أي نتيجة بدون مصر والسعودية..
وإذا كان هناك من يروج بأن مصر غير قادرة على قيادة هذا التوازن نظرا لوضعها الداخلي واحتياجات المواطنين من مياه وكهرباء، فهذا أمر غير منطقي لسببين أولهما الدور الخارجي ليس له علاقة بالإدارات المتخصصة بالشأن الداخلي وقد اتضح أن هناك إدارات داخلية في مصر قادرة على عمل عظيم مثل مشروع قناة السويس الجديدة في فترة قياسية وبتنفيذ ممتاز باعتراف كل الجهات والدول وبالتالي لا يجوز الربط بين الشأن الداخلي المصري وبين قدرة مصر على القيام بدور إقليمي، فهذا الدور الإقليمي لمصر يحميها أيضا من الداخل.
والنجاح في الداخل هو انعكاس للنجاح في الخارج والعكس صحيح فلا يمكن عمليا فصل الدور الخارجي عن الدور الداخلي وهناك ضرورة ملحة وملزمة ومصيرية لاستعادة مصر لدورها الإقليمي في الوقت ذاته، فعندما نتكلم عم الدور المصري والسعودي فلا يوجد شئ أهم من هذا الدور.


وهل التحالف العربي السعودي قد يساهم في تصحيح المؤشرات السلبية للمنطقة؟
هناك مؤشرات ايجابية لهذا المعنى خاصة بعد إعلان القاهرة مؤخرا عقب لقاء وزير الخارجية المصري مع نظيره السعودي، كما أن تصريحات وزير الخارجية المصري عن دور مصر والسعودية الإقليمي والعربي فيما يخص قضايا سوريا واليمن وليبيا يؤكد ويعطي انطباعات بأن العلاقة بين مصر والسعودية تقوم على أسس قوية ويعكس هذا زيارة ولي ولي العهد السعودي مؤخرا لمصر فضلا عن وجود قوات من البحرية المصرية في مياه خليج عدن بجوار القوات السعودية، وهذا التحالف المصري والسعودي هو مصدر الأمل لدول المنطقة.
وأحب أن انوه بأن التمهل المصري والركازة التي تتبعها مصر حاليا مع مشاكل المنطقة سيعطي مضمون أكبر لدور مصر عن مستقبل القضايا العربية والإقليمية وقد التقيت الرئيس السيسي ضمن وفد الحكومة اللبنانية في مؤتمر القمة العربية التي عقدت بالقاهرة وقد لاحظت أن الرئيس السيسي يمتلك فهم دقيق لما يجري في المنطقة ولديه وصف شامل وبمنتهى الدقة لما يدور فيها.
وخارج إعلان القاهرة مؤخرا لا توجد أي مؤشرات خارجية في أي اتجاه عدا هذا التفاهم المصري والسعودي، فجميع قضايا المنطقة بها مؤشرات سلبية، ويعكس ذلك عدم انتخاب رئيس في لبنان والحرب المستمرة من النظام السوري على الشعب السوري والفوضى اللامتناهية في العراق وتأزم الشرعية في اليمن وجنون المنطق في ليبيا، فعمليا صورة هذا الوضع العربي المهلهل بدأت في 2003 مع الاجتياح الأمريكي للعراق، فقد كسروا النظام العربي بشكل أو بأخر ودمروا البنية التحتية والسياسية في العراق بالشراكة مع إيران، والآن الأمريكان يتخبطون ولا يعرفون كيف يصنعون شيئا؟


ربما يكون هناك هدف من وراء هذا التخبط الأمريكي غير معلن عنه؟
ربما يكون هناك سياسة من وراء هذا التخبط الأمريكي في العراق ودول المنطقة ولكن في رأيي الشخصي لا اعتقد ذلك، وقد كنت في واشنطن منذ عدة أشهر وشعرت أن أوباما هو رئيس سابق لم يعد له مكان في السلطة ولم يعد له مخطط واقعي في السياسة لتسيير الأمور في الشرق الأوسط فضلا عن غموض الاتفاق النووي الأمريكي الإيراني فهذا الاتفاق شديد الغموض وقد يكون ثمن هذا الاتفاق هو تسليح المنطقة.


كيف ترى الأوضاع في سوريا وموقف جميع الأطراف الفاعلة في هذا الملف الشائك؟
كل القوى الإقليمية تتصارع في سوريا الآن، وسوريا لاعب كبير في المنطقة وتاريخها من السبعينات وبعد حرب تشرين يثبت أنها لاعب كبير في المنطقة، وسوريا الآن أصبحت ساحة وملعب للآخرين بكل ألوانه وأطيافه واتجاهاته. فالصراع الرئيسي في المنطقة هو الصراع على سوريا، فمن يتحكم في سوريا يتحكم في الشرق الأدنى كله..
ويمكن القول إن كل الخيارات والمبادرات أصبحت متواجدة أمامنا الآن ولكن ماذا نقدم، فهذا النظام السوري لا يريد التفاوض وهو حتى الآن في حالة إنكار تام لما يحدث على أراضيه، وسوريا الآن أصبحت بشكل أو بأخر مستعمرة إيرانية، القرار فيها لإيران.


من وجهة نظرك كيف يمكن الخروج بالأزمة السورية من عنق الزجاجة؟
أي وسيلة للتفاوض حول حلول للأزمة السورية يجب أن تنطلق من قاعدة واحدة وهي تواجد نظام جديد بدلا من النظام الحالي وهذه نظريتي، وهناك نظرية أخرى ترى أن المرحلة الانتقالية تبدأ بالأسد وتنتهي بوجوده، ومصر مؤخرا تبنت وجهة نظر السعودية بأن هذا النظام لا يريد أن يفاوض رغم أنه أصبح يسيطر فقط على ٢٥٪ من سوريا.


لقراءة الحوار كاملا برجاء اقتناء عدد الأخبار الصادر غدا الإثنين 24 أغسطس...