عادل القليعي
عادل القليعي


عادل القليعي يكتب: أمهات غزة.. تعظيم سلام

بوابة أخبار اليوم

السبت، 16 مارس 2024 - 11:08 ص

كتابتي هذا العام في عيد الأم عن الأم ستكون مختلفة بعض الشئ عن كل عام.

كتابتي هذا العام سأهديها إلى أمهات غزة الصابرات المحتسبات ، أطهر الأرحام التي حملت أفضل الرجال والصبية والأطفال ، البنين والبنات.

فإذا كنا في كل عام من شهر مارس نحتفل بعيد الأم ، وكل يعد عدته ويشحذ فكره وقلمه كي يقدم كل ما في وسعه من كتابات إن شعرا أو نثرا أو مقالا لأمه أو خالته أو عمته أو صلة رحم له.

أو يفكر تفكيرا جديا مع زوجه الصالحة وأولاده ماذا سيقدمون من الهدايا لذويهم فماذا سيقدم الإبن لأمه ، والزوجة لأمها وحماتها ، والأحفاد ، الكل يتسابق لشراء هديته وباقات وروده للحبيبة الغالية التي تعبت وسهرت الليالي وربت وكبرت وعلمت وذاقت الأمرين حتى ترى أبنائها فى أبهى صورهم وأحسن تعليمهم وأرفع مناصبهم.

بل وتتسابق وزارات التضامن الإجتماعي والثقافة وقصور الثقافة لتنظيم مسابقات الأم المثالية ، بل وتعقد هذه المسابقات كتقليد رائع فى المصالح الحكومية لاختيار الأم المثالية العاملة التي جمعت بين الحسنيين الإهتمام ببيتها وتربية أبنائها وبين عملها الذي تنفق منه مساعدة زوجها إن كان حيا على أعباء الحياة ، أو كان ميتا توفاه الله ، تعينه على إكمال رسالته والوصول بأولاهما إلى بر الأمان.

ليس هذا وحسب بل وتتبارى القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية والصحف والمجلات لإبراز مراسم الإحتفال بهذا اليوم في أبهى صورة.

نعم كتابتي هذا العام ستكون مختلفة ، ستكون مهداة إلى الأمهات المرابطات ، السيدات الفضليات اللواتي لم يؤثروا مصلحتهم وضحوا بالغالي والنفيس وتركوا بيوتهم نصرة لدين الله ، إعلاء لكلمة الله وراحوا ليرابطوا دفاعا عن المسجد الأقصى بأرواحهم بل وجعلوا من أجسادهم دروعا أمام هؤلاء الغدرة المعتدين فكلما وطأت أقدامهم باحاته المباركة وجدوا هذه الدروع متترسنة صامدة لا تهتز منه شعرة ، لا ترعبهن بنادقهم ولا طائراتهم الزنانة ولا قنابلهم الدخانية ، أتدرون لماذا ، لأنهم مؤمنون حقا ، صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، يملأ قلوبهم الإيمان بالله والإيمان بقضيتهم العادلة (القدس لنا ، الأقصى لنا ، الأرض لنا ، دماؤنا فداء للوطن)
فلله دركم أيتها السيدات الأمهات العفيفات المناضلات لله دركم يا نساء غزة ، يا أمهات فلسطين ، يا من قدمتن أرواحكم فداء لوطنكم ونصرته واسترداد اراضيكم المغتصبة ، آمنتم أن ما أخذ منكم بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.

لله دركم وأنتم تستقبلون أولادكم الشهداء بالزغاريد والبشر والسرور ، اي نساء أنتن ، ومن أي زمن أنتن ، هل أنتن من زمن الصحابة والصحابيات في عهد الرسول ، الواحدة منكن تعدل أمة من الخانعين والخانعات الذين باعوا أوطانهم بثمن بخس.

نعم أنتم من زمن الصحابة والرسول الكريم ولم لا ولكن فيه الأسوة والقدوة الحسنة.

لله دركم أيتها السيدات التى شاهدنا دموعكن لا تزرف على شهيدكم وإنما تزرف الدمع على اراضيكم المغتصبة ويعلو صوتكن بالهتاف لي خمسة أبناء سنقدمهن فداء للوطن الحبيب.

رأيناكم على شاشات التلفاز واحنينا هاماتنا أمامكن وأمام بطولاتكن وأنتن تودعن شهداءكن من أبناءكن وبناتكن واحفادكن ، وأنتن صامدات صابرات محتسبات ، رابطات الجأش ، نعم رأيناكم وأنتم تشتمون رائحة المسك والعنبر وتمسحون بها على وجوهكن من اكفان أولادكن.

نعم رأيناكم وأنتن تستمعن إلى رسائل أولادكن الصوتية المسجلة وهم فرحين بنصر الله يثبتونكن وانتن ثابتات مرابطات.

أي عزم وأي ثبات وأي إصرار هذا ، رأيناكن واولادكن غارقين فى دماءهم واخوتهم يبكون حولهم ، رأيناكم وأنتن تصرخن بأعلى صوتكن فى إخوانهم الأحياء ، هيا موتوا على ما ماتوا عليه ، حى على الجهاد ، النصر أو الاستشهاد.

سمعناكم تقلن ، إذا مات وليدنا ارحامنا ستنجب عشرة غيره وجميعهم وهبناهم للجهاد.

أمهات غزة الفضليات ، اعطيتن العالم أجمع دروسا فى الجهاد والصبر والاصطبار والعزة والاباء.فيا سيدات العالم تعلمن منهن العزة والشموخ والاباء ، تعلمن من نساء غزة التضحية والفداء ، تعلمن من سيدات أرض الرباط، الرباط ، تعلمن من سيدات تهدمت فوق رؤوسهن بيوتهن ومات أزواجهن واولادهن ، تعلمن منهن البذل والجود والعطاء ، وأي عطاء ، عطاء غال وثمين لا تعوضه أبهظ الاثمان ، عطاء فلذات الاكباد ، لكن هن مرابطات صابرات محتسبات ، نعم دماء ابناءهن الشهداء جعلوها حنة حنوا بها قلوبهم قبل أيديهم ، حنوا بها جبين وطنهم فى عزة وكبرياء.

أمثال هؤلاء هن اللواتي ينبغي تكريمهن ، من فقدت ابنا أو بنتا أو زوجا أو حفيدا ، أو راح ولدها ليقدم لها هدية عديها فوجدها من الشهيدات ، هولاء هن اللواتي تقبل جبينهن فهن شرف الأمة جميعها ، هؤلاء هن اللواتي تعقد الندوات والمؤتمرات والمنتديات لتكريمهن وإبراز دورهن البطولي ، نعم ليس هذا وحسب بل ومن ارتقت  منهن ينبغي أن تصنع نصب تذكاري لهن فى الميادين العامة افتخار بمآثرهن.
كل عام وكل أمهات فلسطين وعزة العزة بخير ، كل عام وكل أمهات مصر بخير وعزة وسعادة.كل عام وكل أمهات العالم بكل الخيرات والمسرات والبشارات.

ونترحم على أمهاتنا اللواتي فارقن دنيانا على أمل فى لقاء خالد إن شاءالله تعالى، في جنات قال عنها الرسول الكريم ، الجنة تحت أقدام الأمهات.

كاتب المقال أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة