الثانوية العامة
الثانوية العامة


«التجهيزية.. التوجيهية.. والبكالوريا».. 200 عاما على امتحانات الثانوية العامة

فاتن زكريا

السبت، 16 مارس 2024 - 01:52 م

لا تزال امتحانات الثانوية العامة من الصور المرعبة التي تغلغلت في نسيج المجتمع المصري علي مدار قرنين من الزمان، التي لم تقتصر أثارها المرعبة على النواحي النفسية المقترنة بأخبار انتحار طلاب أو طالبات التي تحاول الحكومات المتعاقبة علي محوها عبر تعديل منظومة الامتحانات، بل امتد اثارها إلى النواحي الاقتصادية، حيث وصلت تكلفة الدروس الخصوصية إلي رقم يتجاوز 40 مليار جنيه في بعض التقديرات، وهو يمتص مصادر دخل الاسر المصرية خلال سنوات دراسة أبنائهم في المرحلة الثانوية.

فالحكومات المصرية المتعاقبة بداية من العهد الملكي مرور بالجمهورية قامت بـ 8 تعديلات على شكل الثانوية العامة، لوقف اثارها النفسية والاقتصادية على المجتمع المصري، ولتخريج أجيال مسلحة بالعلم قادرة علي تلبية احتياجات سوق العمل في نفس الوقت.

اقرأ أيضا :مصدر بـ«التعليم»: إعلان أرقام جلوس طلاب الثانوية العامة أبريل المقبل

شهادة الثانوية العامة المصرية

تاريخ شهادة الثانوية العامة المصرية التعليمية في المجتمع المصري الذي يمتد الي ما يزيد عن قرنين من زمان تقريبا، بدأ مع بدايات القرن 19 وكانت وقتئذ مدخلا ملكيا للحصول على وظيفة حكومية، أو استكمال الدراسة في المدارس العليا (الكليات الجامعية) بشكل يمنح صاحبها مكانة مرموقة في المجتمع ويضمن له وظيفة ممتازة.

وخلال تلك الفترة الزمنية تغير اسم شهادة الثانوية العامة وعدد سنواتها وقيمتها العلمية، لكن الثابت أنها ظلت " بعبع" يتوارثها المصريون، وعبئا نفسيا يحطم الأعصاب وضغطا مادّيا يلتهم دخل الأسر.

بدأت شهادة الثانوية العامة في مصر بعهد محمد علي باشا (1805-1848) الذي أنشأ أولى المدارس التجهيزية (الثانوية) عام 1925 لتجهيز الطلاب للالتحاق بالمدارس العليا ألا أنه سرعان ما أغلقت بعهد عباس حلمي الأول (1848-1854)، قبل أن تعود في عهد الخديوي إسماعيل (1863-1879) بمدرستي "الخديوية" بالقاهرة و"رأس التين" بالإسكندرية، وتبعتهما مدرسة "التوفيقية" في عهد الخديوي توفيق (1879-1892).

اقرأ أيضا : الموعد الأخير للتسجيل الالكتروني لطلاب الثانوية العامة للتقدم لامتحانات 2024

بلغت مدة الدراسة في هذه المدارس 4 سنوات، ولكل مدرسة نظامها الخاص وامتحانها المنفرد.

محمد على باشا

تاريخ امتحانات الثانوية العامة

في يونيو 1887 عقد أول امتحانات الثانوية العامة، تحت مسمى امتحان وطني موحد للشهادة التجهيزية (الثانوية)، على مرحلتين، تحريرية وشفوية، وليطلق على هذا الامتحان "الشهادة العمومية".

وفي عام 1891 زادت مدة الدراسة بالمدارس الثانوية العامة إلى 5 سنوات، قبل أن تقرر السلطات عام 1897 تقليص سنوات الدارسة إلى 3 سنوات فقط ، بسبب حاجة الحكومة إلى المتعلمين لشغل الوظائف العامة.

أدى تخفيض مدة الدراسة إلى تدهور مستوى التعليم الثانوي لتقرر وزارة حسين فخري باشا تعديل نظام الثانوية العامة عام 1905 لتعود مدة الدراسة 4 سنوات على مرحلتين: الأولى عامة لمدة سنتين يمنح الناجح فيها شهادة "الكفاءة" وتؤهل حاملها لشغل المناصب الحكومية الصغيرة أو مواصلة الدراسة في المرحلة التالية.

أما المرحلة الثانية ومدتها عامان أيضا، فشهدت لأول مرة دخول نظام الشعب في الثانوية العامة ، إذ قسمت إلى قسمين: الأدبي والعلمي، ويمنح الناجح فيها شهادة "البكالوريا".

واستمر العمل بهذا النظام حتى عام 1928، حين شهدت المرحلة الأولى زيادة لتصبح 3 سنوات واستمرت المرحلة الثانية لمدة عامين.

امتحانات الثانوية العامة

تزايد عدد المدارس الثانوية وطلابها في مصر حتى بلغ عدد الطلاب الذين تقدموا لامتحان الشهادة الثانوية العامة (الكفاءة والبكالوريا) عام 1933 أكثر من 15 ألف طالب وطالبة، ينتمون إلى 140 مدرسة ثانوية بينها 30 مدرسة أميرية (حكومية) فقط.

وفي عام 1935 قررت وزارة أحمد نجيب الهلالي إعادة تنظيم الثانوية العامة وقسمت الدراسة إلى مرحلتين: الأولى دراسة عامة مدتها 4 سنوات يمنح الناجح فيها شهادة "الثقافة"، في حين يتخصص الطالب الراغب في متابعة الدراسة للالتحاق بالجامعة في السنة الخامسة في واحد من 3 أقسام (أدبي وعلمي ورياضة) ويحصل الناجح فيها على شهادة "التوجيهية".

وفي عام 1951 أعاد وزير المعارف طه حسين تنظيم المرحلة الثانوية بتقسيم سنوات الدراسة الخمس إلى 3 مراحل، السنة الأولى والثانية: القسم الإعدادي، السنة الثالثة والرابعة: شهادة الثقافة، السنة الخامسة شهادة التوجيهية.

طه حسين

امتحانات الثانوية العامة

بعد انتهاء الحكم الملكي وإعلان الجمهورية قسمت المرحلة الثانوية إلى قسمين فقط: الإعدادية ومدتها سنتان، والثانوية 3 سنوات (الأولى عامة، والثانية والثالثة تتشعب فيهما الدراسة إلى علمي وأدبي).

وفى عام 1956 فصلت المرحلة الإعدادية لتصبح مرحلة مستقلة مدتها 3 سنوات، وظلت المرحلة الثانوية 3 سنوات.

وفي عام 1981 أصبح التخصص منذ السنة الأولى للدراسة الثانوية، ولكن هذا النظام لم يستمر طويلا وألغي عام 1988 ليصبح الصفان الأول والثاني دراسة عامة، أما الصف الثالث فهو عام التخصص ويمنح الناجح فيه شهادة إتمام الدراسة الثانوية.

التحسين في امتحانات الثانوية العامة

في تسعينيات القرن الماضي، طرأ تعديل جذري على نظام الثانوية العامة حيث أدخل نظام المواد الاختيارية ومواد المستوى الرفيع، وفي عام 1994 أصبحت شهادة الثانوية العامة حصيلة امتحانات السنتين الثانية والثالثة، ومنح الطالب حق التقدم لامتحان المادة نفسها أكثر من مرة مع الحصول على الدرجة الأعلى تحت مسمى "التحسين".

وهو ما أدى إلى حصول بعض الطلاب على مجموع يتجاوز 100%، ولكن سرعان ما ألغي هذا النظام، وإن ظلت الثانوية العامة تُدرس بنظام العامين وبنظام الشعبتين حتى تم تعديله عام 2012 لتقتصر الشهادة على عام واحد هو الصف الثالث.

 الثانوية العامة

 تطوير امتحانات الثانوية العامة

ولازالت منظومة الثانوية العامة الصورة المرعبة مع كل حكومة جديدة ، ليبدأ التفكير في عملية تطويرها للقضاء علي البعبع الذي يرهق الطلاب والاسر المصرية ،ويستنزف جيوبهم ، فمع تولي كل وزير جديد للتعليم تصبح منظومة الثانوية العامة حقل تجارب تحت ما ادعاء التطوير ، فلازالت الحكومة تفكر وتدرس بل وتسعي لتطوير منظومة الثانوية العامة، وبدأت حاليا وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى،بقيادة الدكتور رضا حجازي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، التحضير لتنظيم مؤتمر قومى لبدء الحوار الوطنى لتطوير مرحلة الثانوية العامة بالصفوف الثلاثة، بالإضافة لتطوير نظام التقييم الخاص بامتحانات الثانوية العامة.

وكشف الدكتور رضا حجازى وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، عن تفاصيل الرؤية العامة لتطوير منظومة الثانوية العامة، موضحا إن الرؤية العامة لتطوير منظومة الثانوية العامة ترتكز على منح الطالب أكثر من فرصة من خلال تعدد محاولات التقييم فضلا عن الإسراع التعليمي؛ وتعدد المسارات وحرية الاختيار بين المسارات بما يتناسب مع كل طالب وميوله وقدراته.

وزير التربية والتعليم

وأشار حجازى ، أن الوزارة حريصة على توفير منتج جيد للطالب، وإعداد الطالب ليكون قادرًا على المنافسة، مع التأكيد على مراعاة الظروف الحالية والوضع الحالى للمدارس، فضلًا عن إعداد المعلم بما يتناسب مع التطوير.

وأضاف الوزير أن مشروع تطوير الثانوية العامة، يتيح دخول الطالب امتحانات الثانوية العامة الدور الثانى بالدرجة الفعلية، لكن سيتم وضع آليات أولا، بالإضافة إلى شروط ومعايير يجب أن تتوافر ليستفيد الطالب من ميزة دخول الدور الثانى بالدرجة الفعلية، موضحا أنه لم يتم الاستقرار بعد على المعايير التى يجب توافرها، ولكنها ستكون محل نقاش موسع مع الخبراء والمتخصصين خلال المؤتمر الخاص بمناقشة مشروع الثانوية العامة .

وشدد الوزير على أن تطوير المرحلة الثانوية من الصف الأول إلى الثالث الثانوى، يستهدف تطبيقه على التلاميذ الموجودين حاليا فى المنظومة الجديدة للتعليم، مؤكدا أنه قبل إقرار أى ضوابط أو تطوير سيتم الاستماع إلى جميع الرؤى، ووجهات النظر والآراء المختلفة من متخصصين و تربويين وأولياء أمور، وأعضاء هيئة تدريس حيث سيتم إطلاق حوار مجتمعى بمشاركة كافة الأطراف ذات الصلة بالمنظومة التعليمية للوصول إلى الآليات المناسبة لتطوير مناهج المرحلة الثانوية.

وزير التربية والتعليم

وأكد وزير التعليم،  أن الهدف من تطوير منظومة الثانوية العامة هو منح الطالب حرية اختيار المسار التعليمى الذى يرى فيه أنه مبدع أو مناسب لأفكاره وميوله التعليمية، وخاصة الكلية التى يلتحق بها، مشيرا إلى أن تطوير المرحلة يستهدف تحديث وتصميم المناهج الدراسية وإدخال مناهج حديثة ودمج مواد تعليمية، موضحا أن تغيير شكل الثانوية العامة سيتم بشكل كامل، وتشمل" التقييم والمناهج وطرق الالتحاق بالجامعات والتشعيب والمواد التعليمية.

ولفت حجازي، إلي أن هناك جزءا مهما فى تطوير منظومة الثانوية العامة سوف يتم أخذه فى الاعتبار وهو كيف يكون للطالب قدرة على التعلم الذاتى المستمر والابتعاد عن الدروس الخصوصية، وتغيير ثقافة كليات القمة وأن يترك للطالب حرية تحديد شكل مساره التعليمى فى الجامعة بما يتوافق مع ميوله وقدراته على التحصيل الدراسى، مشددا على أن تغيير ثقافة الحفظ أيضا والتلقين والامتحانات الصعبة والسهلة كل هذه الأمور سوف تكون محل اهتمام أثناء دراسة تطوير منظومة الثانوية العامة، قائلا: سوف تضع الوزارة كل محاور المنظومة الحالية على مائدة الحوار أثناء وضع استراتيجية التطوير الجديدة، كما سيكون للمجلس الأعلى للتدريب والتعليم أحد مخرجات الحوار الوطنى دور مهم ومحورى وأساسى فى إقرار منظومة التطوير بالثانوية بالعامة.

واشار حجازي، إلى أن التعليم العالى شريك فى تطوير منظومة التعليم، مستطردًا "سنعلن أنا ووزير التعليم العالى فى مؤتمر صحفى محددات شكل التعليم الجديد، ثم نقدم مشروع القانون معا."

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة