كريم عبد العزيز أدهش الجمهور بأداء شخصية حسن الصباح
كريم عبد العزيز أدهش الجمهور بأداء شخصية حسن الصباح


مصطفى حمدى يكتب: كريم عبد العزيز .. أن تبقى نجماً بين ملوك اللعبة!

مصطفى حمدي

الجمعة، 12 أبريل 2024 - 07:56 م

فى لقاء تليفزيونى سابق استوقفتنى إجابة للنجم العالمى آل باتشينو لخص فيها سر نجاحه لأكثر من نصف قرن فى عالم التمثيل.. قال صاحب رائعة «الأب الروحى»: من السهل أن تخدع العين، ولكن من الصعب أن تخدع القلب.

فى الفن ما يخرج من القلب يدخل القلب، ولهذا لم تكن غريبة أو مريبة تلك الإشادات الحارة بأداء الفنان «الكبير» كريم عبد العزيز لشخصية حسن الصباح مؤسس طائفة الحشاشين، ولأكن أكثر دقة أعنى الاشادات التى نالت أداءه فى الحلقة الأخيرة من مسلسل «الحشاشين» والتى جسد فيها خريف أيام «الصباح» بعد أن ذاق سكرات ضلالاته حتى الموت حبيسا ذليلا مخبولا فى مخدع لا يقل وحشة عن زنازين قلعة «ألموت» .

لم يقع كريم عبد العزيز فى فخ النمطية التى تحاصر أداء شخصية الشرير، وكأنه جلس على كرسى الطبيب النفسى تاركا حسن الصباح يتمدد أمامه فوق شيزلونج «التاريخ» يحكى ويبوح بأغوار نفسه، يفرد أحلامه وطموحاته، ويعتصر أوهامه وأفكاره ليخرج الطبيب «كريم» من الجلسة متلبسا شخصية «البطل المضاد» وهو تصنيف سينمائى شهير لشخصيات الأبطال الأشرار فى مراجع السينما، تلك الشخصيات عادة تتطلب من مجسديها السير فوق سراط حاد بين الاعجاب والرفض، شخصية مثل حسن الصباح انتهجت منهجا دينيا وسياسيا «باطنيا» انعكس على انفعالاتها ومشاعرها، فأصبح «باطنيا» فى مشاعره وانفعالاته، يبنى بجاذبيته رصيدا من القداسة عٌملته الهدوء والرجاحة، حتى فى أصعب وأقسى لحظات قد يواجهها بشر وهى لحظة الحكم على ابنه بالقتل أمام عينيه، ذرف كريم عبد العزيز دمعة يقوضها الكبرياء .. أى فهم وتحليل عميق هذا لشخصية شيخ الجبل؟!

مدرسة تمثيلية انتهجها على مدار 29 حلقة، واستبدلها فى الحلقة الثلاثين ليعبر عن انهيار مشاعر الصباح فى لحظة الحقيقة بأداء انفعالى مندفع بإحكام ممثل محترف، وهو ينازع سكرات الموت والجنون متأرجحا بين الضحك والبكاء فى ذات اللحظة، منتظرا ملاك الموت وهو يسأل: أنا مين؟!

عام 2014 التقيت كريم عبد العزيز، عقب عرض فيلمه «الفيل الأزرق» وسط احتفال كبير بالتجربة، سألته : هل ترى فى هذه التجربة محاكاة لمغامرة عادل إمام عندما قدم فيلم «الإنس والجن» وهو فى قمة نجاحه كفنان كوميدى؟

ابتسم وكأن المقارنة فاجأته، ثم قال: شرف لى أن تُقارن خطوة فى مشوارى بمشوار الزعيم عادل إمام، بالفعل هو مدرسة نتعلم منها ونسير على نهجها وكل خطوة فى مشواره درس لى ولزملائي.

صاغ القدر ميلاد كريم عبد العزيز فى أحضان كبار «المهنة» فتعلم منهم أصولها قبل أن يتذوق حلاوتها، وقبل كل هذا تسللت جينات الفن إليه عبر دماء والده المخرج الكبير محمد عبد العزيز، والذى قرر كريم أن يكمل مسيرته بدراسة الإخراج فى معهد السينما، ولكن الكاميرا أحبته وقدمت لنا واحدًا من أهم «الممثلين» المصريين على الإطلاق.

اقرأ أيضاً| نيقولا معوض: كريم عبد العزيز صفق لى بعد هذا المشهد!

كريم الذى لم يُخف على زملائه فى المعهد عدم اقتناعه بالتمثيل، بل كان مندهشًا من نجاحه فى «اضحك الصورة تطلع حلوة»، وكاد يعود إلى مقاعد الإخراج لولا إيمان كل من حوله به، من يصدق أن هذا الشاب سيصبح الأكثر حضورًا وموهبة ونجاحًا بين أبناء جيله وربما الجيل التالى!

قدرة مدهشة على التلون من الكوميديا إلى الأكشن والرومانسية، وحتى الرعب، تُصدقه فى كل شخصية يجسدها، ابن البلد الجدع، الغلبان، اللص، المنتقم، الضابط المخلص، وحتى مندوب المبيعات، أو الأب المكلوم، أوالزوج المقهور، أوالطبيب النفسى، وأخيرا حسن الصباح.

لم يرتد «أبو على» شخصية إلا وترك بصمته فيها، لم يعتبر ملامحه الوسيمة عائقًا أمام تقديم كل الأدوار، ولم تأسره خفة ظله فى مربع الكوميديا الضيق مقارنة بما تفيض به موهبته.

تركيبة انسانية يشكلها بخبرة السنوات، كل هذا فى صمت تام، دون ضجيج العالم الافتراضى المزعج، لم يقل إنه الأول، ولم يرفق إلى جوار اسمه لقبا، مترفع عن حسابات السوشيال ميديا الهشة، وإن كان حاضرًا فيها بإرادة الجمهور الحقيقى وضع تحت كلمة «حقيقي» ألف خط.

الفن لعبة والمصريون ملوكها فى المنطقة، فى كل موسم، وفى كل مناسبة، نرسم هذا الخط ونكتب قواعد السير عليه، ولقد شاء القدر أن يولد كريم عبد العزيز نجمًا منذ طفولته، ولكنه صاغ لنا فى «الحشاشين» حكمة أراها موجزة لمشواره : « أن تولد نجمًا فهو اختيار القدر .. وأن تبقى نجمًا فهذا هو اختيارك».

 


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة