عمرو الديب
عمرو الديب


صدى الصوت

«ريم» و«المنتمى»

عمرو الديب

الأحد، 28 أبريل 2024 - 08:05 م

يرفرف الساطعون فى آفاق نجاحاتهم، ومجال مجدهم متأملين منجزهم، ومغتبطين بما حققوه، والأثر الذى صنعوه، وقليل منهم من يغادر شرفة مجده فى الأعالى، وينشغلون بأوجاع الآخرين، وهموم البسطاء المكدودين، فيخصصون لهم أوقاتًا من برامج أنشطتهم، ينصتون فيها لأنين معاناتهم، وتباريح جروحهم، ولكن يستبقون معظم الأوقات لمشاغلهم الخاصة، وهمومهم الشخصية، لذا يبدو ذاك الوجه النبيل متفردًا يشع بضوء باهر من بين سائر النابهين، لأنه نموذج لا يتكرر إلا نادرًا، وقد تمر الدهور، وتنقضى العصور دون أن تَمُن علينا بمثله، فذاك المصرى المنتمى الساطع الذى أحرز لاسمه مجدًا بعد أن تبتل فى محراب العلم، وخاض غمار سباق الطب، وقفزاته، وقد حقق نجاحات محفورة فى سجل المهنة الأكثر حنوًا فى الوجود، أو هكذا يفترض فيها، ووسط كل ذلك المجد والنجاح والشهرة والسطوع، قرر الطبيب المنتمى منح بقية عمره إلى قلوب مواطنيه الموجوعة، وترك أوساط الشهرة، ودوائر الأضواء، وعزم على العودة من بلاد الضباب إلى موطن الشمس المشرقة، وقاد -بإخلاص- رحلة تحقيق حلمه.. أن يحظى وطنه ومواطنوه بصروح عملاقة تتسلح بأحدث التقنيات، وأكثر الأساليب العلاجية تطورًا، حتى لا يحتاج هؤلاء البسطاء الموجوعون إلى السفر للخارج تحت ضغط تعقد حالاتهم، وخطوة أوضاعهم الصحية، وبعيدًا عن هؤلاء الذين يعتبرون الانتماء سذاجة، والإخلاص شعارًا أجوف قضيت أوقاتًا بالغة الروعة والجلال، وأنا أتصفح كتاب سيرة السير د.مجدى يعقوب جراح القلوب العالمى، أو جراح خارج السرب، وهو الذى قدم إلى الدنيا أصدق نماذج الانتماء، وفى الكتاب الصادر عن الدار المصرية اللبنانية يروى لنا الجراح المنتمى -حقًا- تفاصيل رحلة كفاح مضنية، وقرارات حياته المصيرية، وقد بدأت قراءة هذه السيرة عقب إعادة قراءة رواية المبدعة المتميزة د.ريم بسيونى «القطائع» التى اعتبرها درة تاج إبداعها، وذروة مشروعها الأدبى، على الرغم من إنها لم تفز بجائزة، وقد بلغنى نبأ فوز روايتها «الحلوانى.. ثلاثية الفاطميين» الصادرة عن دار نهضة مصر بجائزة الشيخ زايد فى أحدث دوراتها، ومع إنى توقعت فى مقال سابق واكب صدور «الحلوانى» أنها ستحدث التفاتًا نقديًا، وجماهيريًا إليها، إلا أننى دائم العودة إلى «القطائع»، ربما لأن النصوص مثل البشر نقع فى حبها ونتلهف على لقائها دون أن ندرك تمامًا السبب الحقيقى لذلك، وما بين «القطائع»، و«الحلوانى»- التى أنتوى خلال الأيام المقبلة قراءتها مجددًا-، تترسخ خطى الروائية المبدعة د.ريم بسيونى، وتتعمق رحلتها الشيقة فى العصور والأزمان.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة