المعادلة الصعبة في استعادة العلاقة الطبيعية بين رجل الأمن والمواطن العادي، هي إحدى المهام الرئيسية للمجلس القومي لحقوق الإنسان.

معادلة يؤكدها عبدالغفار شكر نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان في حواره لـ"بوابة أخبار اليوم" أنها ليست مستحيلة بشرط قيام الأمن بدوره في حماية البلاد ومقاومة الإرهاب دون إخلال بحقوق المواطن وحريته.

وأضاف أن المجلس سيراقب الانتخابات البرلمانية القادمة من خلال 150 عضوا، كما سيتلقى أي بلاغات عن الانتهاكات من خلال غرفة عمليات علي مدار الساعة، كما يؤكد علي التعاون مع الداخلية في تطوير لائحة السجون كما سيشارك في تعديل قانون السجون.

كيف ترى حالة حقوق الإنسان في مصر حالياً؟

ــ حالة حقوق الإنسان في مصر في أزمة، فمنذ الإعلان عن خارطة الطريق في 3 يوليو 2013 وعزل محمد مرسي من رئاسة الجمهورية دخلت البلد في مرحلة توتر ومورست أعمال عنف تطورت إلى إعمال إرهابية واغتيالات وهجوم علي منشآت حكومية وتفجير أبراج كهرباء واعتداء على أقسام الشرطة فأصبحت حقوق الإنسان موضع تحد لأن الإعمال الإرهابية تمس أسمى حقوق الإنسان وهو الحق في الحياة وفي العيش بأمان واستقرار، وفي مقابل هذا كان على الأمن أن يتصدى للإرهاب فقام بتجاوزات وازداد القبض العشوائي والحبس الاحتياطي لمدد طويلة ونحن ندين الإرهاب لخطورته علي المجتمع ونرجو تقليل تجاوزات الأمن من ناحية أخرى في سياق جهوده للدفاع عن البلد.

وما موقف المجلس من هذه التجاوزات؟

ــ يرى المجلس انه لا يوجد تعارض بين قيام الأمن بدوره في الدفاع عن البلد وفي إقرار الأمن والاطمئنان وفي نفس الوقت يحافظ على حقوق الإنسان ودائما كان هذا التوجه موجودا في علاقتنا بوزارة الداخلية الذي يثبت إمكانية تحقق الأمن مع الحفاظ علي حقوق الإنسان وكلما كانت الدولة اقرب إلى مواجهة الإرهاب انحسرت تجاوزات الأمن وازداد التزامها بالحقوق والحريات.

وكيف يمكن أن تتوازن هذه المعادلة الصعبة ؟

ــ يتوازن بأن الأمن والدولة يركزان علي ضرورة الالتزام بحقوق الناس وهي تمارس دورها - الذي لا ينكره احد- في الدفاع عن حياة المواطنين وأمنهم واستقرار المجتمع.

هيكلة الأمن

ما تعليقك على قرار د.جابر نصار رئيس جامعة القاهرة لمنع عضوات هيئة التدريس المتنقبات من ممارسة عملهن إلي بعد خلع النقاب؟

د.جابر أخذ قراره وهو مقتنع من وجهة نظره بسلامته وقال: إن من حقهم الطبيعي الطعن علي القرار أمام القضاء الإداري وبذلك اثبت استعداده للتراجع عن قراره حسب الحكم القضائي وهو موقف ايجابي لأنه لم يصر على رأيه ولم يقل أن قراره محصن واحترام القضاء، ومن وجهة نظري أن موضوع النقاب خارج سياق العملية التعليمية لأنه يجعل التفاعل بين الطلاب والأستاذات المتنقبات صعبة لأنه لا يرون تعبيرات بصرها وتظل شخصية مجهولة، لهم وهذه ظاهرة لم تحدث في أي جامعة في العالم ولا اعرف إذا كانت المتنقبات موجودات في الجامعة من قبل أم لا ولكن الدكتور جابر اتخذ قراره عندما اكتشف وجودهن أما الطالبات المنتقبات فهن يرين أن زيهن يعد حرية شخصية وتم التأكد من شخصيتهم علي الباب من خلال موظفات الأمن.

هل تغيرت العلاقة بين الأمن والمواطنين علي مدار السنوات السابقة ؟

ــ الأمن كان ينفذ سياسة أمنية أيام مبارك وكان يواجه طوال عقد التسعينات موجة من موجات الإرهاب العاتية من الجماعات الجهادية السلفية وبالتالي حدثت تجاوزات من الأمن في مواجهتها ونذكر حوادث قهوة وادي النيل وحادث الأقصر ومحاولة اغتيال رئيس الوزراء واغتيال رئيس مجلس الشعب د. رفعت المحجوب واغتيال د. فرج فودة، وبعد ثورة 25 يناير أصبحت البلد في حالة فوران والحركة الشعبية بالشارع والمظاهرات المليونية وعجز الأمن عن مواجهة المتظاهرين فانسحب وكان الوضع ملتبسا بالنسبة لأجهزة الأمن في مواجهة شباب الثورة واكتفت بدور تقليدي في هذه الفترة والآن حدث تطور واستعاد الأمن وجوده وتطور تسليحه وأصبح في حالة تمكنه من مشاركة القوات المسلحة في الدفاع عن البلد سواء في سيناء أو داخل البلاد وهنا طرحت مسألة إعادة هيكلة أجهزة الأمن.


وما المقصود بإعادة الهيكلة من وجهة نظرك ؟

ــ ليس المقصود خروج مجموعة من رجال الأمن من الخدمة ولكن تغير عقيدة الشرطة سواء في كلية الشرطة أو في الدورات التدريبية او في النشرات التي تؤكد دائما على أن الأمن يقوم بدوره علي قاعدتين هما الدفاع عن الوطن وتأمين الناس والقاعدة الثانية هي احترام حقوق الإنسان وتقتضي الهيكلة ان تحصل الشرطة على أقصى تدريب ممكن لتتمكن من أداء دورها في إطار القوانين.

حقوق الإنسان

هل أدخلت مادة حقوق الإنسان في المناهج التي تدرس بكليات الشرطة؟

ــ بالفعل أدخلوها وأنشئوا قطاعا لحقوق الإنسان بوزارة الداخلية برئاسة اللواء أبو بكر عبد الكريم مساعد وزير الداخلية لحقوق الإنسان والمعلومات والإعلام وقابلت في هذا القطاع ضباطا كبارا بعضهم حاصل على الدكتوراه في حقوق الإنسان يعملون على قدر طاقتهم لحل ما يتلقونه من شكاوي عن انتهاكات حقوق الإنسان فالوزارة متجاوبة مع هذا التوجه.

ما مدى تعاون المجلس مع وزارة الداخلية في هذا الصدد؟

ــ منذ بدأنا تشكيل هذا المجلس في 2013 وهناك علاقة تكامل بيننا وبين الداخلية ونعقد اجتماعات دورية معهم ونرسل لهم ما يصلنا من شكاوي ونتلقى الرد منهم ولكن عندما زار وفد المجلس سجن أبو زعبل وجد بعض حالات تعد علي بعض المسجونين فأعلناها على الرأي العام كما زرنا سجن طرة وأبو زعبل والقناطر للنساء ودمنهور للنساء وإصلاحية الأحداث بالمرج ووادي النطرون .

زيارات السجون

ما أهم ملاحظاتكم على حالة المسجونين في السجون التي زرتموها؟

ــ تأكدنا من عدم وجود تعذيب ممنهج ولكنها حالات فردية ونخطر قطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية بطلبات زيارة السجون وتحدد لنا المواعيد وتتفقد بعثة من المجلس أوضاع السجناء وملاحظتنا الأساسية وجود تكدس في السجون لأن عدد المساجين زاد بطريقة غير معقولة وزادت أكثر في غرف الحجز بما يعكس زيادة عدد المسجونين والمقبوض عليهم وهذا يوفر إقامة غير لائقة لا تتفق مع المواصفات المحددة في إدارة السجون لهذا تم تشكيل لجنة مشتركة من المجلس والوزارة لتعديل لائحة السجون وبدأ تنفيذها كما ان قانون السجون بصدد تعديله الآن فقامت الداخلية بدعوة المجلس إلى اجتماع مشترك وقدمنا اقتراحاتنا والقانون موجود الآن في لجنة الإصلاح التشريعي.

القانون الجديد للمجلس القومي لحقوق الإنسان ما مصيره الآن؟


ــ كان مقررا أن يعرض علي لجنة الإصلاح التشريعي ليصدره رئيس الجمهورية ولكن مفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة تفضل أن تصدر قوانين مجالس حقوق الإنسان من مجلس النواب لتناقش مناقشة واسعة من المجتمع كله ولكننا دفعنا بمشروع القانون إلى لجنة الإصلاح التشريعي التي وافقت على جميع الاقتراحات التي تقدمنا بها منها مثلا حق المجلس في الحصول علي المعلومات اللازمة لنشاطه من أي جهة حكومية وان تزيد مدة المجلس من 3 سنوات إلي 4 سنوات ليجد الفترة الكافية لتنفيذ استراتيجيته وان تتم زيارات السجون بالإخطار وليس بالترخيص فحتى الآن نقدم طلبا للنائب العام ووزارة الداخلية وبدون موافقتهم لن نتمكن من زيارة السجن.

ولكن ليس من حق أعضاء المجلس زيارة السجون فجأة دون إذن مسبق؟

ــ طلبنا في مشروع القانون بتعديل هذا البند ليحق لنا زيارة السجون دون ترخيص، ولكن لجنة الإصلاح التشريعي التي وافقت علي كل المقترحات أثناء المناقشة اعترضت عليه، فسحبنا القانون لنعرضه علي مجلس النواب بعد تشكيله.

رقابة الانتخابات

مع اقتراب انتخابات البرلمان ما دور المجلس في الرقابة عليها؟

ــ دور المجلس في الانتخابات متعدد الجوانب أولا بعد آن تحصل منظمات المجتمع المدني علي تصريح بمراقبة الانتخابات من اللجنة العليا للانتخابات نعقد دورات تدريبية بجميع المحافظات للمراقبين علي كيفية مراقبة الانتخابات وطبيعة دور المراقبين وكيف يبلغون عن الانتهاكات كما ينشئ المجلس غرفة عمليات مزودة بوسائل اتصالات متعددة لتلقي بلاغات المراقبين ونقلها لوزارة الداخلية ووزارة العدل والنائب العام علي مدار أيام ومراحل الانتخابات ويصدر المجلس ثلاثة تقارير يومية للرأي العام عن نوعية الشكاوي التي تلقيناها وكيف تم التصرف فيها وتعلن في وسائل الإعلام كما يحصل المجلس علي تصريح لأعضائه ولباحثيه وعددهم حوالي 150 باحثا للقيام بمراقبة الانتخابات في جميع أنحاء الجمهورية وهذا عدد محدود ولكننا نختار أماكن فيها احتمالات تدخل في مراقبة رمزية وهذا هو دور المجلس .

عند تعديل قانون العقوبات دون عرضه علي المجلس أصدرتم بيانا للاعتراض عليه؟

ــ قانون المجلس ينص على أن أي مشروع قانون له صلة بحقوق الإنسان يستطلع رأي المجلس فيه وفوجئنا بعدم إرسال قانون الإرهاب لنا قبل طرحه للمجتمع وهذا القانون يتضمن تعديلات علي بعض مواد قانون العقوبات وبعض مواد قانون الإجراءات الجنائية لكنه أعلن على المجتمع قبل إرساله لنبدي رأي المجلس فيه كما أيدناه في قانون مصلحة السجون وغيره فأعلنا في مؤتمر صحفي رفضنا لإبداء رأينا في قانون لم يعرض علينا رسميا كما اشرنا إلى مواد بالدستور يجب ان تحترم فيما يتصل بهذه التعديلات وحتى الآن لم يحسم كما أن نقابة الصحفيين اعترضت علي المادة 33 الخاصة بالحبس ثم عدلت إلى تغليظ الغرامة المالية.

منظمات مشبوهة

بعض المنظمات الدولية المشبوهة مثل هيومان رايتس ووتش دائمة الانتقاد لحالة حقوق الإنسان في مصر ما موقف المجلس منها؟

ــ منظمة هيومان رايتس ووتش بالذات على صلة قوية بوزارة الخارجية الأمريكية ومنظمة العفو الدولية غير منصفة فتهتم بالانتهاكات ولا تشير إلي أي تطور ايجابي لكن المجلس يعتبر أن الرد على هذه المنظمات ليس من مهامه وعندما تصدر منهم تصريحات فجة أو تقارير غير مطابقة للواقع نرد عليها.

ولماذا يوجهون انتقادات دائمة لمصر؟

ــ تفسيري لذلك أن الإخوان نجحوا في أن يعطوا صورة غير حقيقية عن مصر في أوروبا وأمريكا وانتقدوا عزل الرئيس المنتخب مرسي ليبدوا للعالم انه انقلاب ولكن منظمات المجتمع المصرية لم يشرحوا للعالم حقيقة ما حدث وان حركة تمرد جمعت 20 مليون توقيع علي طلب إجراء انتخابات رئاسية مبكرة وان الرئيس الأسبق مرسي رفض وبالتالي تدخل الجيش حتى لا تحدث حرب أهلية بين الإخوان وباقي الشعب فكان عزل مرسي بناء علي إرادة شعبية وانتصارا لها، هذه الصورة لم تكن واضحة في الخارج بفعل ترويج الإرهابية وحلفائهم لفكرة الانقلاب العسكري لذلك كانت حكومة الولايات المتحدة متحفظة في البداية ولكن تدريجيا ومع أحداث العنف التي وقعت في مصر بدأت تغير مواقفها وتتفهم وتتجاوب معه وموقف أمريكا وألمانيا أحسن مثل في هذا الموضوع فأفرجت أمريكا عن الطائرات التي كانت في الصيانة وأفرجت عن الأسلحة والمعونة الاقتصادية ورأينا الحفاوة التي قوبل بها الرئيس في الأمم المتحدة وفي لقائه مع اوباما.

هل ساهمت رحلات رئيس الجمهورية للخارج في تحسين صورة مصر واستعادتها لمكانتها؟

ــ السيسي قام بخطوتين هامتين الأولى تنويع مصادر السلاح بعد أن كانت أمريكا لمدة 40 سنة هي المصدر الوحيد للسلاح ففتحنا الباب مع فرنسا وروسيا والصين فلم تعد أسيرة لدولة واحدة لحماية لمصر من التبعية.

الخطوة الثانية: تنويع علاقاتنا الخارجية فاهتم بالوطن العربي وبدأت مصر تستعيد تدريجيا قدرتها علي قيادة الوطن العربي لأوضاع أفضل لأن بعض بلاده تعاني من مأساة وركز علي الدول المحورية مثل ألمانيا فكان من نتيجتها تغير الرأي العام العالمي وهذا ما ظهر في المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ وفي افتتاح قناة السويس الجديدة والمسألة ليست حفر قناة ولكن إقامة منطقة استثمارات هائلة في الصناعة وفي الخدمات وفي الإمدادات وفي إصلاح السفن وهو ما يهم العالم الذي سيستثمر فيها ويمكن ان تكون مثل هونج كونج أو دبي.

أصحاب المعاشات

ما مدى تعاون المجلس القومي لحقوق الإنسان مع منظمات المجتمع المدني في نفس المجال ؟

ــ هناك مئات من المنظمات الحقوقية او الدفاعية في مصر وسياستنا منذ تشكيل المجلس هي التكامل بين المجلس وهذه المنظمات ولذلك نعقد مؤتمرات حول القضايا الحقوقية مثل حقوق المسنين بالتنسيق مع نقابة أصحاب المعاشات وخرجت منه توصية تبناها المجلس بإنشاء مجلس قومي للمسنين لرعاية هذه الفئة الكبيرة التي خدمت البلد وأدت دورها لكنها تمر بمرحلة سنية تحتاج لرعاية صحية واجتماعية فالمجلس نشأ بقانون باعتباره هيئة استشارية للحكومة وليست منظمة حقوقية ولهذه المنظمات القدر الكافي من الاستقلال الذي يمكنها من الاطلاع علي واقع المجتمع ويهمها طرح الواقع علي المجلس ونتعاون معهم في حل ما نستطيع من مشكلات.

الشكاوي التي ترد إلي المجلس من المواطنين هل تدور حول ظواهر معينة ؟

ــ المجلس لديه مكتب شكاوي أنشئ بالاتفاق مع الاتحاد الأوروبي الذي يتحمل تكاليف نشاطه ويعمل به عدد كبير من المحامين والقانونيين وينظم زيارات للمحافظات ويعلن قبلها عن زيارة القافلة للمحافظة لتقبل الشكاوي كما يستقبل الشكاوي عبر موقعه الالكتروني ونحيل الشكوى للجهة الحكومية المختصة ونتابع مدي قدرتهم علي حل المشكلة لكن ردود المحافظات والوزارات تتفاوت في درجة الاستجابة، فبدأنا منذ شهرين نعلن في تقرير شهري عدد الشكاوي التي وصلتنا والجهات التي أرسلت إليها والردود التي وصلتنا من هذه الجهات حتى يعرف الرأي العام الجهات الأكثر اهتماما بحل الشكاوي ونخطط للاتفاق مع بعض الهيئات ليكون لدينا مكتب شكاوي فعال حتى توجد آلية تضمن اهتمام الوزارات التي تحال إليها الشكاوي.