الكاتب الصحفي أحمد عبدالوهاب
الكاتب الصحفي أحمد عبدالوهاب


أحمد عبدالوهاب يكتب: جريمة شبرا.. وكفاءة الداخلية

بوابة أخبار اليوم

الخميس، 02 مايو 2024 - 09:06 م

تغيرت سلوكيات وقيم المجتمع، بشكل مخيف بعد التطور التكنولوجي الهائل، الذي من المفترض أن يساهم في تقدم الشعوب، ولكن في ظل تدني مستوى الثقافة والسلوكيات، خصوصًا في الدول النامية، أصبحت التكنولوجيا «نقمة»، انهارت بسببها أُسر، وراح ضحيتها أرواح. 

هنا اتحدث عن جريمة راحل ضحيتها أحد الأطفال، وشهدتها منطقة شبرا الخيمة، القابعة في نطاق محافظة القليوبية، وعُرفت إعلاميًا بقضية «طفل شبرا»، التي أحدثت ضجة إعلامية كبيرة، وهزت الرأي العام المصري والعربي، نظرًا لبشاعتها، فلم تطرأ من هذه الجريمة على المجتمع المصري من قبل. 

عقارب الساعة كانت تُشير، إلى الثالثة والنصف عصر الجمعة 19 أبريل الجاري، أي قبل نحو 10 أيام، إذ ببلاغ يتلقاه ضباط مباحث قسم شرطة شبرا الخيمة ثان، بالعثور على جثة طفل عارية وبلا أحشاء.. في غضون دقائق معدودة طغى صوت سارينة سيارات الشرطة في أرجاء المنطقة، وتحولت المنزل الكائن في منطقة «الفيلا» بعزبة عثمان لثكنة عسكرية، وبدأ رجال المباحث في إجراء المعاينة والفحص. 

كانت المفاجأة المدوية، هي أن جثة المجني عليه، الذي لم يتجاوز الـ 15 عامًا من عمره، بها «شق» من العنق وحتى نهاية البطن وبلا أحشاء، في مشهد مرعب لا يستطيع أحد تحمل محاكاته.. انتشر الخبر بسرعة البرق، في المنطقة المكتظة بالسكان، وأُشيع أن الجريمة وراءها عصابة للاتجار في الأعضاء البشرية، الأمر الذي أحدث حالة من الزعر والرعب لدى أهالي المنطقة. 

هنا جاء دور رجال المباحث، الذين تعاملوا مع الموقف باحترافية شديدة، وطمأنوا الأهالي بشكل غير مباشر، أن الواقعة جريمة قتل عادية، ونفي لما تردد من حدوثها بهدف الاتجار في الأعضاء البشرية.. ما أسفرت عنه المعاينة، ووجود بعض أحشاء المجني عليه «الطفل أحمد»، في كيس بلاستيك بجوار جثته، برهن لرجال المباحث أن الأمر خطير، وبشكل فوري أخطرت القيادات الأمنية، اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، الذي أمر بتشكيل فريق بحث على أعلى مستوى، ووجه بسرعة ضبط مرتكب الجريمة البشعة. 

بلا هواده، تم تشكيل فريق بحث ترأسه اللواء محمود أبو عمرة مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام، صاحب الخبرة الكبيرة والكفاءة في مجال البحث الجنائي، بمشاركة اللواء محمد السيد مدير مباحث القليوبية، واللواء عبدالفتاح القصاص حكمدار القليوبية، وفريق من أكفأ ضباط المباحث الجنائية، ووضعت خطة مُحكمة، أبرز محاورها «التحفظ على كاميرات المراقبة، المتواجدة حول مسرح الجريمة وفحصها، استجواب سكان المنزل الذي شهد الجريمة، ومناقشة أسرة المجني عليه، وآخر شخص شوهد مع القتيل». 

لم يمر 24 ساعة، وتمكن رجال المباحث الأكفاء، من تحديد هوية المجرم مرتكب الواقعة، والأماكن التي يتردد عليها، وألقت مأمورية أمنية القبض عليه، وكشفت اعترافات المتهم التفصيلية مفاجأة مدوية، وهي وجود مُحرض على ارتكاب الجريمة خارج البلاد، والذي طلب من المتهم، أن يقتل طفلً ويخرج أحشائه في «بث مباشر»، لنشر الفيديو على منصات «الدارك ويب»، وهنا تكمن خطورة الأمر. 

«الدارك ويب»، هو الجانب الخفي والعميق من الإنترنت، وأحد محاور حروب الجيل الرابع، الذي تهدد المجتمعات ليس بالأسلحة، وإنما بتخريب العقول، وبث الفتن والشائعات، واستنزاف طاقة الشباب.. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا وافق المتهم، على ارتكاب هذه الجريمة البشعة؟، وما المقابل؟. 

كانت المفاجأة المدوية، التي فجرتها اعترافات المتهم، أنه تعرف على أحد الأشخاص عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مقيم بدولة الكويت، وطلب منه قتل طفل، وإخراج أعضائه البشرية، واشترط عليه بث الجريمة البشعة «أون لاين»، وأغراه بمقابل مادي يبلغ 5 ملايين جنيه، وبالفعل نفذ المجرم طلب المُحرض، وكان الطفل المسكين «أحمد» ذو الـ 15 عامًا، ضحية المجرم الذي صاحبه لفترة حتى يطمئن له، ونفذ جريمته بدم بارد، وباع دينه وضميره أملًا في الثراء. 

المفاجأة الثانية التي فجرتها التحقيقات، واعترافات المتهم هي أن المُحرض على الجريمة أيضًا طفل في نفس عمر المجني عليه، ويقيم برفقة والده بالكويت، وتحركت الأجهزة الأمنية والمعلوماتية بسرعة البرق، وخاطبت الإنتربول، ببيانات المُحرض على الواقعة، وألقي القبض عليه هو ووالده، وتم ترحيلهما إلى مصر، لاستكمال التحقيقات في الواقعة، لمعرفة الشبكة العنكبوتية التي تخطط لتلك الجرائم البشعة، فتحية للأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية، بقيادة اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، «الحارس الأمين» والقائد المخضرم، الذي يعمل ليلًا ونهارًا، برفقة أبنائه من القيادات والضباط، بمختلف قطاعات وزارة الداخلية، لتحقيق الأمن والأمان للمواطنين. 

ما حدث في شبرا الخيمة، لا يجب أن يتوقف عند القبض على المتهمين، بل يحتاج إلى دارسة علمية، لمعرفة الأسباب والدافع النفسية التي غيرت سلوكيات المجتمع، إلى السلوك العدواني، فأصبحنا نسمع ونشاهد بين الحين والآخر، جريمة أبشع مما حدثت قبلها، لذلك يتطلب الأمر انتفاضة تثقيفية وتوعوية ودينية، لتعديل مسار المجتمع.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة