الرواية الفائزه بجائزه البوكر
الرواية الفائزه بجائزه البوكر


جائزة للإصرار على الحرية

أخبار الأدب

الخميس، 09 مايو 2024 - 04:21 م

منى الشيمى

ربما للمرة الأولى، لم يُستقبل خبر إعلان اسم الفائز بجائزة الرواية العربية البوكر: باسم  خندقجى بالجدال والفرقة، بل على العكس، أثلج صدر الجميع، من قرأ الرواية الفائزة: «قناع بلون السماء» ومن لم يقرأها، واعتبروه فرحة صغيرة قد تهون قليلاً مما يلاقيه كاتبها الأسير فى سجون الاحتلال منذ عشرين عاماً، مدة سجنه، تنفيذاً لحكم صدر ضده بثلاث مؤبدات، عند إعلامه بالخبر عاجلاً أو آجلاً. فحسب معلوماتي، أخبار الأسرى مقطوعة، منذ عملية طوفان الأقصى فى السابع من أكتوبر الماضي.

فى العام 2017 كان لى حظ حضور مؤتمر الرواية الأول فى رام الله بفلسطين. كانت هناك لقاءات كثيرة على ضفافه، وهى ما يوثق الروابط بين الكتاب، وفى دعوة من قناة الفضائية الفلسطينية، للتحدث عن إحساسنا بزيارة بلاد الزيتون وكسر العزلة، بل وتجولنا بين المدن الفلسطينية والاختلاط بإخوتنا هناك، التقيت مع المذيعة آمنة خندقجي.

وهى شابة صغيرة بملامح جميلة صلبة، فى كلماتها وضوح وإصرار. حدثتنى بعد انتهاء اللقاء التليفزيونى عن أخيها باسم خندقجي، وقيامه بكتابة الشعر والسرد فى زنزانته، لا لينتزع حريته رغماً عن سجانيه، ويحلق خارج الأسوار فحسب، بل ليواصل نضاله أيا كان مكانه. وكيف أن العائلة، قررت أن تطبع له ولبقية الأسرى ما يقومون بكتابته، فى مبادرة بسيطة، عُرفت لاحقاً، وبعد إصدار كثير من الكتب، باسم: «أدب السجون».

وقد بدأت التجربة بإنشاء صندوق وأودع فيه عشرين ألف شيكل باسم «باسم خندقجى»،  لطباعة كتب للأسرى على مبدأ الشراكة، أى أن تكاليف نشر  ما يكتبه الأسرى تكون مناصفة بين أهل الأسير والصندوق مع بقاء حق التوزيع والطبع محفوظة للمكتبة الشعبية المملوكة لعائلة الخندقجي. وبالفعل بدأت التجربة، وكان أول إصداراتها، كتاباً للأسير المحرر: نواف العامر، ابن مدينة نابلس ومنسق البرامج فى فضائية القدس، والكتاب يحتوى على 125 حكاية من حكايات الأسرى، تصف مشاعرهم، وتؤرخ بشكلٍ أدبى لما يتعرضون له. 

وتم الاتفاق على ألا يقتصر النشر على أبناء حزب دون آخر ، أو فصيل دون آخر، فأساس المبادرة دعم موهبة الأسرى الفلسطينيين بغض النظر عن انتمائهم السياسي، وتهدف إلى إيصال تجاربهم الإنسانية القاسية للعالم، علَّ صوتهم يصل لمن يدعم الكيان المحتل، ويتغافل عن حقهم فى الأرض والحياة. وقد كان اختيار المكتبة الشعبية- المملوكة لآل الخندقجي: خالد وصالح وناديا- موفقاً، لأنها عضو اتحاد الناشرين الفلسطينيين، ويحق لها نشر إبداعاتهم ضمن معارض الكتب العربية والعالمية.

كنت أستمع بدهشة من قدرة الفلسطينى على ابتكار طرقٍ كثيرة للسعى للحرية! والحقيقة أن كل ما لاقيته فى فلسطين، حتى الصفائح الكثيرة جداً، المصفوفة جوار بعضها البعض فى الشوارع والحارات وأمام أبواب البيوت العتيقة فى البيرة ورام الله ونابلس، والتى زُرع فيها القرنفل والفل، وممارسة الفنون بأشكالها، والتأنق فى المظهر، وإلقاء النكات تؤكد على هذا الإصرار. 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة