جلال عارف
جلال عارف


فى الصميم

قرار بايدن.. وجنون نتنياهو

جلال عارف

الجمعة، 10 مايو 2024 - 05:56 م

العلاقات بين القادة العسكريين فى إسرائيل ونظرائهم فى الولايات المتحدة هى الأوثق بين البلدين. وعندما قال قادة الجيش وأجهزة الأمن والاستخبارات فى إسرائيل للقيادات السياسية قبل بضعة أسابيع أن الحرب فى غزة قد وصلت إلى «طريق مسدود» وأن الأولوية ينبغى أن تكون استعادة الرهائن ولو كان الثمن هو إنهاء الحرب.. كان على «نتنياهو» أن يفهم الرسالة وأن يتصرف بمسئولية،  لكنه - بدلاً من ذاك - 

أراد أن يخلط الأوراق مرة أخرى وأن يسير فى «الطريق المسدود» حتى  لو كانت النتيجة الحتمية هى وضع العلاقات مع الحليف الأكبر «وربما الوحيد» الذى مازال يدعم إسرائيل بلا حدود، ليتلقى - بعد ذلك - الصدمة التى توهم أن بايدن لن يقدم عليها وهو على بعد شهور قليلة من انتخابات الرئاسة!!
قد لا يكون قرار أمريكا بمنع إمداد إسرائيل ببعض أنواع الأسلحة والذخائر إذا قامت بهجوم واسع النطاق فى «رفح» مفاجئاً تماما لنتنياهو، وقد لا يكون تأثيره فى العمليات العسكرية كبيرًا على المدى القصير.. لكن القرار صادم - بالنسبة لنتنياهو - حين يتم إعلانه بهذه الصورة، وعلى لسان الرئيس الأمريكى نفسه، وحين يقترن باعتراف بايدن لأول مرة أن الأسلحة الأمريكية التى قرر منع إرسالها لإسرائيل قد استخدمتها إسرائيل قبل ذلك فى قتل المدنيين الفلسطينيين فى غزة.. ولعلنا هنا نرى النقيض لشهور من التأكيد الأمريكى بأن واشنطن «لا تري» فيما يحدث فى غزة أى «إبادة جماعية»!!

الأكيد الآن أن ما بدأ قبل أكثر من سبعة شهور بوضع «بايدن» لكل إمكانيات أمريكا لدعم حرب إسرائيل فى غزة، يدخل الآن بالعلاقات الأمريكية - الاسرائيلية مرحلة جديدة وصعبة. كان بايدن يصدق فى البداية تأكيدات إسرائيل انها ستنجز المهمة فى أيام أو أسابيع، ومع استمرار الفشل الإسرائيلى كان التورط الأمريكى يزداد ومعه تتضاعف الخسائر السياسية والأخلاقية. ولم يكن خافيا أن نتنياهو ليس أمامه طريق إلا الاستمرار فى الحرب ليبقى فى الحكم بدلاً من زنازين السجون.  ومع الاقتراب من موعد الانتخابات الأمريكية كان «نتنياهو» يتصرف على أنه «الناخب الأكبر» وأن على كل الفرقاء فى أمريكا طلب بركاته ومعها ولاء اللوبى الصهيونى الأمريكي!!

عاملان أساسيان أوصلا بايدن إلى أنه لافائدة من انتظار عقيم لنهاية الهوس الإسرائيلي.. فى المنطقة كانت محاولة نتنياهو لاستدراج أمريكا لصدام مع إيران،  وفى الداخل كان الأخطر حين انتقلت نيران الحرب التى لا يريد نتنياهو أن تنتهى إلى قلب أمريكا مع ثورة الشباب التى تنتصر لحرية فلسطين، وتدين مشاركة أمريكا فى  حرب الإبادة التى تشنها إسرائيل بدعم أمريكى كامل.  ولم يكن ممكنا لبايدن أن يتجاهل كل المخاطر التى تسببها حرب الإبادة الإسرائيلية، ولا أن يتحمل المزيد من الدعم غير المشروط لحكومة نتنياهو وبن غفير، ولا أن يسير معها فى طريق مسدود ومحكوم بالفشل!!

تدرك إسرائيل أن قرار بايدن بمنع بعض الأسلحة قد لا يؤثر - بصورة عاجلة - فى حربها المجنونة، لكنها تدرك أنها أمام مسار خطير.. فهى - تاريخيا- لاتخوض حربًا إلا إذا ضمنت دعم قوة كبرى لها وهى تفهم جيدًا أن قرار أمريكا سيكون قرار دول الغرب كلها، وتعرف أن المضى فى استفزاز واشنطن سوف تكون عواقبه وخيمة.

ومع ذلك يأخذ الجنون نتنياهو إلى مواصلة السير فى الطريق المسدود. يرفض إنهاء القتال، ويستعد لمذبحة غير مسبوقة فى «رفح» ويواصل التهديد الأجوف بأنه قادر على محاربة العالم وحده!!

نهاية هذا الجنون محتومة.. لكن بأى ثمن؟!

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة