السياحة العلاجية في مصر
السياحة العلاجية في مصر


إجراءات هامة لتعزيز منظومة السياحة العلاجية والاستشفائية في مصر

محمد مصطفى كمال

الإثنين، 13 مايو 2024 - 02:19 م

على مدى العقد الماضي، اكتسبت السياحة العلاجية شعبية كبيرة في جميع أنحاء العالم، وأصبحت خيارًا جذابًا للأطباء، بالإضافة إلى العديد من الأشخاص الذين يبحثون عن خدمات رعاية صحية عالية الجودة وبأسعار معقولة.

ويقصد بالسياحة العلاجية هى السياحة الصحية أو السفر الطبي، وهى صناعة سريعة النمو تتضمن سفر الأفراد إلى بلدان أخرى لتلقي أو تقديم العلاج أو الرعاية الطبية.

وتصف «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية»، السائحين العلاجيين بأنهم أولئك الذين يسافرون عبر الحدود الدولية لتلقي شكل من أشكال العلاج الطبي.

اقرأ أيضا: تعزز الاستثمار البيئي.. «واحة سيوة» وجهة السياحة الطبيعية والعلاجية في مصر

2.4 تريليون دولار حجم سوق السياحة العلاجية في 2031

ويقدر حجم سوق الرعاية الصحية على مستوى العالم بأكثر من 10 تريليونات دولار عام 2022 وفقاً لمجلة السياحة العلاجية، ووفقاً لجمعية السياحة العلاجية يعبر حوالي 14 مليون نسمة في العالم حدود بلدانهم الوطنية ويسافرون إلى وجهات أخرى لتلقي الرعاية الصحية، وفي ضوء تقديرات شركة "سكاي كويست" المتخصصة في الاستشارات التكنولوجية بلغ حجم السوق العالمية لسياحة الاستشفاء 814.6 مليار دولار عام 2022، وطبقاً للشركة من المتوقع أن يسجل حجم السوق العالمية لسياحة الاستشفاء من 915.8 مليار دولار عام 2023 إلى حوالي 2.4 تريليون دولار بحلول عام 2031 مسجلة بذلك معدل نمو سنوي مركب 12.4% خلال الفترة من 2024 إلى 2031.

وبحسب مركز معلومات مجلس الوزراء، فإن ماليزيا تعد من أشهر مقاصد السياحة الاستشفائية والعلاجية، حيث تستقبل أكثر من نصف مليون سائح طبي معظمهم من جميع أنحاء آسيا كل عام.

كما تتمتع سنغافورة بأحد أنظمة الرعاية الصحية الأكثر تقدماً في العالم، وتعتبرها منظمة الصحة العالمية الأفضل في آسيا، وهي تحتل المركز السادس على مستوى العالم، وتعتبر الدولة الأكثر تقدماً لإجراء عمليات جراحية رخيصة الثمن.

وتعد تايلاند واحدة من أفضل وجهات السياحة العلاجية في العالم، مع انخفاض أسعار الرعاية الصحية والخدمة الممتازة، وفي كل عام، تنمو السياحة العلاجية في البلاد بنسبة 16%، والهند التي أصبحت وجهة سياحية صحية رائدة لإجراء العمليات الجراحية المتطورة بأسعار منخفضة، ويوجد بها أحد أفضل عشرة مستشفيات للسياحة الطبية، وتعد أيضاً الوجهة الأولى لجراحات شرايين القلب، بالإضافة إلى كوستاريكا وتركيا واليابان وكوريا الجنوبية.

اقرأ أيضا: منصة الكترونية موحدة.. مصر تخطو نحو الخريطة العالمية بـ السياحة العلاجية

السياحة العلاجية في مصر

وأشار تقرير مركز معلومات مجلس الوزراء، إلى أن السياحة العلاجية تُعد أحد الأنماط الرئيسة للسياحة في مصر والتي تشهد تناميًا ملحوظًا، حيث تتفوق مصر بشكل كبير في مجال السياحة العلاجية، فهي من أولى الدول في هذا المجال، ومعروفة بالاستشفاء الطبيعي الذي يُسهم بشكل كبير في سوق السياحة الصحية.

وتوفر مصر علاجات تعتمد على الموارد الطبيعية مثل المناخ الملائم وينابيع المياه المعدنية وحمامات المياه الكبريتية والطين والرمال الساخنة.. كل هذه الأمور تجعل من مصر وجهة مفضلة للسياحة العلاجية على مستوى العالم.

وفي عام 2017، تم إطلاق مبادرة (Tour n' Cure) لجلب مرضى «التهاب الكبد الوبائي C إلى مصر للسياحة والعلاج».

وأعلنت مصر في عام 2019 أنها ستوفر اختبار «التهاب الكبد الوبائي C» وعلاجه مجانًا لمليون شخص في 14 دولة في إفريقيا، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية.

اقرأ أيضا: كهوف مصر.. لوحات فنية تروج لأنشطة السياحة البيئية

أشهر أماكن السياحية العلاجية في مصر

وتعد الواحات البحرية، وواحة الخارجة، ومدينة أسوان والتي يوجد بها مركزان لمعالجة الرمال والمياه يستخدمان لعلاج الروماتويد بسبب الأملاح الموجودة في مياه البحر والأشعة فوق البنفسجية، بالإضافة إلى استخدام الرمال السوداء الطبيعية، وواحة سيوة التي تحتوي على 230 ينبوع مياه عذبة طبيعية و1000 بئر طبيعية متدفقة، ويعد "جبل الدكرور" أشهر الجبال هناك ويستخدم في علاج الأمراض الروماتيزمية.

وارتباطًا بما سبق فإن مصر تمتلك جميع مقومات السياحة العلاجية، ولهذا يسافر الكثير من الأفراد إليها لتلقي العلاج الطبي كل عام، وفضلًا عن تلك المقومات الطبيعية توجد عدة أسباب جعلت من البلاد وجهة معروفة للسياحة العلاجية منها:

-التكلفة: والتي تعد أحد الأشياء الأساسية التي يأخذها كل سائح طبي بعين الاعتبار قبل السفر إلى أي بلد، وتُعد مصر من بين أرخص الوجهات للسياحة العلاجية.

-جودة الرعاية الصحية: حيث تتضمن 11 مستشفى معتمدًا من اللجنة الدولية المشتركة" (JCI) لاعتماد الرعاية الصحية، تقدم علاجًا عالي الجودة على مدار الساعة.

-الاستشفاء بالعلاج البديل: حيث طورت مصر أيضًا مجموعة واسعة من العلاجات البديلة للسياح القادمين بغرض العلاج؛ حيث يمكنهم العثور على العديد من مراكز العلاج والمنتجعات الصحية التي تقدم العلاج بالينابيع الكبريتية والعلاج بالرمال السوداء وغيرها من العلاجات الشعبية.

مبادرات لدعم السياحة العلاجية في مصر

خلال السنوات الأخيرة، تم إطلاق عدد من المبادرات لدعم السياحة العلاجية في البلاد، كما سبق وأعلنت لجنة السياحة والطيران بمجلس النواب، في ديسمبر 2018 عن بدء مشروع السياحة العلاجية الذي سيجلب السائحين إلى البلاد، وأبرزت اللجنة أن هناك العديد من المناطق السياحية في مصر التي لديها القدرة على الاستفادة من السياحة العلاجية بما في ذلك 16 موقعًا داخليًا وساحليًا؛ حيث تتوافر العلاجات الطبيعية فيها للعديد من الأمراض مثل حلوان وعين الصيرة والعين السخنة والغردقة والفيوم والواحات وأسوان وسيناء وسفاجا على البحر الأحمر.

وفي ديسمبر 2018 تمت الموافقة على مشروع القانون بشأن السياحة العلاجية لضمان التنسيق بين وزارة السياحة والآثار ووزارة الصحة والسكان في قطاع السياحة العلاجية في البلاد.

كما تم الإعلان عن واحة سيوة المصرية كوجهة عالمية للسياحة الطبية والبيئية خلال مؤتمر السياحة العلاجية الذي عقد بالإسكندرية عام 2017.

وأشار التقرير إلى إنشاء أول منتجع طبي وصحي في مصر، حيث وقعت الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، عقد إنشاء المنتجع الطبي بالمنطقة الاستثمارية بمركز الصف بمحافظة الجيزة والذي سيدمج خدمات الرعاية الصحية والضيافة في مكان واحد، ويكون أول مركز من نوعه لتنشيط السياحة العلاجية في مصر.

كما يستهدف المشروع استغلال المنطقة لتصبح نقطة جذب للأنشطة العلاجية والسياحية والخدمية والحرفية والتجارية، ما يعود بآثار تنموية كبيرة على منطقة إقامة المشروع والاقتصاد المصري ككل.

ويعد المشروع نموذجًا ناجحًا للشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، تنفيذًا لوثيقة ملكية الدولة التي تؤكد تمـكين القطـاع الخاص ورفـع نسـبة مسـاهمته فــي النـاتج المحلـي الإجمالـي.

المؤتمر الدولي للسياحة العلاجية

كذلك أشار التقرير إلى افتتاح مصر المؤتمر الدولي للسياحة العلاجية يوم 2 مارس 2024 الماضي في العاصمة الإدارية الجديدة بمشاركة 70 متحدثًا من العديد من دول العالم وبحضور رئيس مجلس الوزراء، الذي سلط الضوء خلال المؤتمر على دور صناعة السياحة العلاجية بالنسبة لصحة الإنسان ورفاهيته وازدهاره، مدعومًا بإحصائيات مختلفة تؤكد أهميتها الاقتصادية. وأشار إلى أن سوق الرعاية الصحية العالمية تنمو بسرعة، متجاوزة الناتج المحلي الإجمالي للدول الكبرى مثل اليابان وألمانيا والهند.

وأضاف أن هذا النمو مدفوع بالتقدم في الرعاية الصحية والتكنولوجيا والتقنيات العلاجية، مما يؤدي إلى زيادة السياحة الطبية والاستشفائية. وهذه الزيادة تغذيها شيخوخة السكان، مما يخلق طلبًا متزايدًا على خدمات الرعاية الصحية والسفر المتعلق بالتعافي

وتناول التقرير التقنيات الحديثة في مجال السياحة العلاجية، حيث أشار إلى تمتع الذكاء الاصطناعي بالقدرة على إحداث ثورة في مجال السياحة العلاجية، مما يوفر فوائد عديدة لكل من المرضى ومقدمي الرعاية الصحية. بدءًا من خطط العلاج الشخصية ووصولًا إلى روبوتات الدردشة وحلول التطبيب عن بُعد التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، ويعمل تكامل تقنيات الذكاء الاصطناعي على تعزيز تجارب المرضى وتحسين الكفاءة التشغيلية وزيادة نتائج العلاج إلى أقصى حد.

وأوضح مركز المعلومات التحديات والمخاطر المتعلقة بالسياحة العلاجية، حيث أشار إلى وجود مجموعة مخاوف أولية تنتاب الأفراد قبل اتخاذ قرار السفر للخارج للعلاج؛ حيث تصدرت المخاوف المتعلقة بالمتابعة بعد الخضوع للعلاج بنسبة 53.8%، وذلك وفقًا لما أظهره استطلاع آراء المرضى في مجال السياحة العلاجية لعام 2024 الصادر عن كلٍ من «جمعية السياحة العلاجية» و«المركز الدولي لأبحاث الرعاية الصحية».

وحلت المخاوف بشأن السلامة وجودة المعايير الطبية في المرتبة الثانية بنسبة 51.9%، يليها بعد ذلك انعدام الثقة في مقدم الخدمة، والمخاوف بشأن التكاليف الخفية أو الإضافية بنحو 40.4% و34.6% على الترتيب، يليها عدم اعتماد منشأة الرعاية الصحية أو مخاوف بشأن مصداقية الاعتماد المحلي لمقدم الخدمة بنسبة 30.8%، ثم بعد ذلك مخاوف بشأن سداد المدفوعات دولياً واحتمال التعرض للاحتيال أو الاستغلال بنحو 26.9%.

وأوضح التقرير أن السياحة العلاجية يمكن أن تكون محفوفة بالمخاطر، ويحتمل خطر حدوث المضاعفات على الوجهة، والمنشأة التي يتم فيها تنفيذ الإجراءات العلاجية، وما إذا كان المسافر يتمتع بصحة جيدة لإتمام تلك الإجراءات، وتشمل المشكلات الأخرى التي يمكن أن تزيد من خطر تعرض المسافر للمضاعفات مقاومة مضادات الميكروبات، وجودة واستمرارية الرعاية، وتحديات التواصل من خلال اللغة، والسفر جوًا.

اقرأ أيضا: سماء مصر تجذب عشاق مراقبة الطيور المهاجرة

4 إجراءات لتعزيز المنظومة البيئية للسياحة العلاجية والاستشفائية في مصر

وتناول التقرير في ختامه كيفية تعزيز السياحة العلاجية والاستشفائية في مصر، مشيراً إلى ما اتخذته الدولة المصرية من خطوات حثيثة لتعزيز المنظومة البيئية للسياحة العلاجية والاستشفائية في ربوعها، مضيفاً أنه لا يزال هناك جهود مُبتكرة عدة يُمكن تبنيها لتحويل مصر إلى وجهة عالمية لهذا النوع من السياحة، لتُصبح رافدًا أصيلًا لتعزيز مسارات النمو والتنمية الاقتصادية الشاملة تحقيقًا لرؤية مصر 2030.

وأضاف أنه يُمكن الوقوف على تدابير ومبادرات وتجارب ناجحة تم تبنيها دوليًا، يُمكن لمصر الاهتداء بها لتأسيس صناعة تنافسية وجذب مزيد من الاستثمارات الوطنية والأجنبية إليها، وتوفير تجربة صحية سياحية استثنائية. منها على سبيل المثال:

- تأسيس مناطق اقتصادية متخصصة للسياحة العلاجية، وتكوين عناقيد صناعية مُبتكرة لهذه السياحة.

- استحداث تأشيرة دخول البلاد لغرض السياحة العلاجية والاستشفائية، وتطوير برامج سياحية تدمج بين الخدمات الصحية والأنشطة الثقافية والترفيهية.

- توفير منصات افتراضية لتنسيق خدمات الرعاية الصحية قبل الحصول عليها وأثناءها وبعدها، ما يتيح تجربة كاملة للعميل، بما في ذلك الاستفسارات الأولية، والتنسيق مع مقدمي الخدمة، والمتابعة بعد الحصول على الخدمة.

- إدماج الممارسات المستدامة والصديقة للبيئة ضمن صناعة السياحة العلاجية والاستشفائية.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 

 

 
 
 
 
 

مشاركة