رحلة العائلة المقدسة
رحلة العائلة المقدسة


أصل الحكاية| رحلة العائلة المقدسة.. ملاذ آمن واستقبال حافل في أرض الكنانة

شيرين الكردي

الأربعاء، 15 مايو 2024 - 11:43 ص

تروي المصادر التاريخية والدينية رحلة العائلة المقدسة "السيدة العذراء مريم والمسيح عليه السلام ومعهم يوسف النجار" التي طافت على مدار 4 سنوات تقريبًا عدة مناطق في مصر، بدءًا من صحراء سيناء مرورًا بمناطق الدلتا ووادي النيل وحتى أواسط الصعيد، وهي تعتبر من الأحداث المهمة التي يخلدها التراث المسيحي، لما تحمله من دلالات روحية وثقافية عميقة.

** رحلة العائلة المقدسة إلى مصر

تعتبر رحلة العائلة المقدسة إلى مصر إحدى المحطات البارزة في التاريخ الديني المسيحي، فعندما هربت السيدة العذراء مريم والطفل يسوع المسيح ومعهم يوسف النجار من بطش الملك هيرودس في فلسطين، وجدوا في مصر ملاذًا آمنًا.

عبرت العائلة المقدسة صحراء سيناء، مرورًا بمناطق عديدة في الدلتا ووادي النيل، حيث استقبلهم المصريون بحفاوة، استقرت العائلة المقدسة في عدة مواقع، منها تل بسطا في الزقازيق وسمنود وسخا، وصولًا إلى مناطق في صعيد مصر مثل دير المحرق في أسيوط.

وأكد الدكتور أحمد النمر عضو المكتب العلمي لوزير السياحة والآثار ومسئول ملف رحلة العائلة المقدسة بالمجلس الأعلى للآثار، في تصريحات خاصة لـ"بوابة أخبار اليوم"، أن أهمية هذه الرحلة تتجسد في الدروس الروحية التي تحملها، إذ تعكس قصة الهروب واللجوء والتجوال معاني الصبر والإيمان والثبات على الحق، كما تشهد المواقع التي مرت بها العائلة على الترحيب والضيافة المصرية التي استقبلتهم بقلوب مفتوحة.

وتحولت محطات هذه الرحلة إلى مزارات سياحية ودينية يقصدها المؤمنون من جميع أنحاء العالم، لتخليد ذكرى العائلة المقدسة وتجديد معاني الإيمان والمحبة التي تميزت بها تلك الرحلة المباركة.

مسار العائلة المقدسة من سيناء إلى القاهرة

وأضاف د. أحمد النمر، أن العائلة المقدسة قد نجحت في الهروب من "هيرودس" ملك اليهود آنذاك ودخول البلاد عن طريق تل الفرما بسيناء ومنها إلى تل بسطا بالشرقية ومنها إلى كنيسة العذراء بسخا وأديرة وادي النطرون، واستمرت السيدة العذراء وطفلها عيسى في الهروب حتى وصلا إلى منطقة المطرية بمدينة القاهرة.

** قصة شجرة السيدة العذراء في المطرية

تعد شجرة السيدة العذراء مريم في المطرية (مدينة هليوبوليس القديمة) من أقدس المعالم الدينية في مصر، حيث استظلت تحتها العائلة المقدسة خلال رحلتهم المقدسة هربًا من بطش الملك هيرودس، على مر العصور، اشتهرت الشجرة كمزار ثقافي وديني يجذب الحجاج والزوار من مختلف أنحاء العالم.

وأضاف د. أحمد النمر، أن في عام 1656م، سقطت الشجرة الأصلية بفعل الزمن، إلا أن مجموعة من الآباء الفرنسيسكان قاموا بجمع فروعها وأغصانها وزرعوها مجددًا. بفضل جهودهم، نمت الشجرة وتفرعت من جديد، حاملةً في طياتها رمز الصمود والإيمان. 

اليوم، تُعتبر شجرة السيدة العذراء مريم علامة فارقة في التراث الديني والتاريخي لمصر، وتظل مقصدًا للمؤمنين الباحثين عن البركة والسكينة، شاهدة على رحلة العائلة المقدسة عبر العصور.

عرج مجموعة من الجنود الفرنسيين إلى الشجرة في عام 1800م، وقاموا بحفر أسمائهم الباقية على فروعها بأسنة سيوفهم أثناء معركة عين شمس بين قائد الحملة الفرنسية كليبر والجيوش التركية.

جذبت الشجرة اهتمام مؤرخي العصور الوسطى أمثال المقريزي والإمام السيوطي فقاموا بزيارتها، وكذلك الرحالة كالمستشرق الإنجليزي ستانلي لين، وأيضًا " أوجيني" امبراطورة فرنسا أثناء احتفالات قناة السويس عام 1869م في عهد الخديوي اسماعيل. 

بئر مريم.. شاهد على رحلة العائلة المقدسة

يجاور شجرة مريم في منطقة المطرية بئر شربت منه العائلة المقدسة أثناء إقامتها هناك. يُروى أن السيدة العذراء غسلت ملابس الطفل يسوع في هذا البئر، ثم نثرت من مائه على الأرض، فنبت في تلك البقعة نبات عطري ذو رائحة جميلة يُعرف بنبات البلسم أو البلسان. يُضاف هذا النبات إلى أنواع أخرى من العطور ويستخدم في صنع الميرون المستخدم في الطقوس الدينية، مما يجعل البئر ذا أهمية تاريخية ودينية عميقة.

اهتمام وزارة السياحة والآثار بمواقع مسار العائلة المقدسة

تولي وزارة السياحة والآثار اهتمامًا كبيرًا بالمواقع الأثرية والتراثية المدرجة على قائمة مسار العائلة المقدسة، وأبرزها شجرة مريم في المطرية. تم تنفيذ أعمال تدعيم وترميم للشجرة والبئر المجاور لها، إلى جانب تنظيف البئر وتشغيل شلالات المياه عند فوهته. 

كما جرى تأهيل الموقع العام لاستقبال الزوار، من خلال تحسين خدمات الزوار، وتمهيد مسارات خاصة لكبار السن وذوي الهمم. بالإضافة إلى ذلك، تم تركيب لوحات تفسيرية ولافتات إرشادية، وتهيئة مراكز الزوار لاستقبالهم وتعريفهم بتاريخ رحلة العائلة المقدسة في مصر، وتاريخ شجرة مريم، عبر عرض أفلام تسجيلية وصور وثائقية.

كما تم تأهيل الموقع العام لاستقبال الزائرين من خلال رفع كفاءة خدمات الزائرين وتمهيد مسار الزيارة وعمل مسارات حركة لكبار السن وذوي الهمم، وكذلك توفير لوحات تفسيرية ولافتات ارشادية وتهيئة مراكز الزوار لاستقبال الزائرين والتعريف بتاريخ رحلة العائلة المقدسة في مصر وتاريخ شجرة مريم من خلال عرض افلام تسجيلية وصور وثائقية. 

بالإضافة إلى قاعة المحكى التي تضم لوحة للسيدة العذراء مريم وهي تستظل بشجرة الجميز وتحمل السيد المسيح طفلاً، ويقدم لهما السيد يوسف النجار ثمار الجميز، وعلى جانبي القاعة توجد أيقونتان حديثتان إحداهما تصور رحلة العائلة المقدسة في مصر والثانية للسيدة العذراء مريم وهي تحمل الطفل يسوع.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 

 
 
 
 
 

مشاركة