الأربعاء، 15 مايو 2024 - 07:38 م

كتبت: د.هبة المهدي

مؤخرا، وخاصة مع تطوير مسجد سيدنا الحسين والسيدة زينب، رضي الله عنهما وعلى أل نبينا المصطفي أجمعين، ظهرت جماعة البهرة  وتكرر ذكرهم بعد أن تكلفوا بنفقات ترميم وتحديث تلك المساجد التي تحتل مكانا خاصا في قلوب المصريين..ولكن من هم البهرة؟

البهرة فرقة اسماعيلية مستعلية، يعترفون بالإمام المستعلي ومن بعده الآمر ثم ابنه الطيب ولذا يسمون بالطيبية، وهم إسماعيلية الهند واليمن، تركوا السياسة وعملوا بالتجارة فوصلوا إلى الهند واختلط بهم الهندوس الذين أسلموا وعرفوا بالبهرة، والبهرة لفظ هندي قديم بمعنى التاجر.
ومن وجهة نظر تلك الفرقة، الإمام الطيب دخل الستر سنة ٥٢٥هـ‍ والأئمة المستورون من نسله إلى الآن لا يعرف عنهم شيئاً، حتى إن أسماءهم غير معروفة، وعلماء البهرة أنفسهم لا يعرفونهم.

وتنقسم البهرة إلى فرقتين:
البهرة الداوودية: نسبة إلى قطب شاه داوود: وينتشرون في الهند وباكستان منذ القرن العاشر الهجري وداعيتهم يقيم في بومباي.
البهرة السليمانية: نسبة إلى سليمان بن حسن وهؤلاء مركزهم في اليمن حتى اليوم.
وهناك أيضا الإسماعيلية الأغاخانية:

ظهرت هذه الفرقة في إيران في الثلث الأول من القرن التاسع عشر الميلادي، وترجع عقيدتهم إلى الإسماعيلية النزارية، ومن أبرز قاداتها:

حسن علي شاه: وهو الأغاخان الأول: الذي استعمله الإنجليز لقيادة ثورة (*) تكون ذريعة لتدخلهم فدعا إلى الإسماعيلية النزارية، ونفي إلى أفغانستان منها إلى بومباي وقد خلع عليه الإنجليز لقب آغاخان، مات سنة١٨٨١م.
أغا علي شاه وهو الأغاخان الثاني:١٨٨١م ـ ١٨٨٥م
يليه ابنه محمد الحسيني: وهو الآغاخان الثالث:١٨٨٥م ـ ١٩٥٧م، وكان يفضل الإقامة في أوروبا وقد رتع في ملاذ الدنيا وحينما مات أوصى بالخلافة من بعده لحفيده كريم مخالفاً بذلك القاعدة الإسماعيلية في تولية الابن الأكبر.
 كريم: وهو الآغاخان الرابع: من ١٩٥٧م، وقد درس في إحدى الجامعات الأمريكية.
الإسماعيلية الواقفة:
وهي فرقة إسماعيلية وقفت عند إمامة محمد بن إسماعيل وهو أول الأئمة المستورين وقالت برجعته بعد غيبته.
ومن أهم الأفكار والمعتقدات تلك الفرقة هي ضرورة وجود إمام معصوم منصوص عليه من نسل محمد بن إسماعيل على أن يكون الابن الأكبر وقد حدث خروج على هذه القاعدة عدة مرات. العصمة لديهم ليست في عدم ارتكاب المعاصي والأخطاء بل إنهم يؤولون المعاصي والأخطاء بما يناسب معتقداتهم.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، من مات ولم يعرف إمام زمانه ولم يكن في عنقه بيعة () له مات ميتة جاهلية () .
يضفون على الإمام صفات ترفعه إلى ما يشبه الإله (*) ، ويخصونه بعلم الباطن ويدفعون له خُمس ما يكسبون.
يؤمنون بالتقية (*) والسرية ويطبقونها في الفترات التي تشتد عليهم فيها الأحداث.
الإمام هو محور الدعوة الإسماعيلية، ومحور العقيدة يدور حول شخصيته.
 الأرض لا تخلو من إمام ظاهر مكشوف أو باطن مستور فإن كان الإمام ظاهراً جاز أن يكون حجته مستوراً، وإن كان الإمام مستوراً فلا بد أن يكون حجته ودعاته ظاهرين.
 يقولون بالتناسخ (*) ، والإمام عندهم وارث الأنبياء جميعاً ووارث كل من سبقه من الأئمة.
 ينكرون صفات الله أو يكادون لأن الله ـ في نظرهم ـ فوق متناول العقل (*) ، فهو لا موجود ولا غير موجود، ولا عالم ولا جاهل، ولا قادر ولا عاجز، ولا يقولون بالإثبات المطلق ولا بالنفي المطلق فهو إله المتقابلين وخالق المتخاصمين والحاكم بين المتضادين، ليس بالقديم وليس بالمحدث فالقديم أمره وكلمته والحديث خلقه وفطرته.

من عقائد البهرة:
 لا يقيمون الصلاة في مساجد المسلمين.
 ظاهرهم في العقيدة يشبه عقائد سائر الفرق الإسلامية المعتدلة.
 باطنهم شيء آخر فهم يصلون ولكن صلاتهم للإمام الإسماعيلي المستور من نسل الطيب بن الآمر.
 يذهبون إلى مكة للحج كبقية المسلمين لكنهم يقولون: إن الكعبة هي رمز على الإمام.
 كان شعار الحشاشين (لا حقيقة في الوجود وكل أمر مباح) ووسيلتهم الاغتيال المنظم والامتناع بسلسلة من القلاع الحصينة.
 يقول أبو حامد الغزالي عنهم: (المنقول عنهم الإباحة المطلقة ورفع الحجاب واستباحة
المحظورات واستحلالها، وإنكار الشرائع، إلا أنهم بأجمعهم ينكرون ذلك إذا نسب إليهم) .
 يعتقدون أن الله لم يخلق العالم خلقاً مباشراً بل كان ذلك عن طريق العقل الكلي الذي هو محل لجميع الصفات الإلهية ويسمونه الحجاب، وقد حل العقل الكلي في إنسان هو النبي وفي الأئمة المستورين الذين يخلفونه فمحمد هو الناطق وعلي هو الأساس الذي يفسر.
الجذور الفكرية والعقائدية:
 لقد نشأ مذهبهم في العراق، ثم فروا إلى فارس وخراسان وما وراء النهر كالهند والتركستان فخالط مذهبهم آراء من عقائد الفرس القديمة والأفكار الهندية، وقام فيهم ذوو أهواء في انحرافهم بما انتحلوا من نحل.
 اتصلوا ببراهمة (*) الهند والفلاسفة الإشراقيين والبوذيين وبقايا ما كان عند الكلدانيين والفرس من عقائد وأفكار حول الروحانيات والكواكب والنجوم واختلفوا في مقدار الأخذ من هذه الخرافات وقد ساعدتهم سريتهم على مزيد من الانحراف.
بعضهم اعتنق مذهب مزدك وزرادشت في الإباحية والشيوعية (القرامطة مثلاً) .
 ليست عقائدهم مستمدة من الكتاب والسنة فقد داخلتهم فلسفات وعقائد كثيرة أثرت فيهم وجعلتهم خارجين عن الإسلام.
الانتشار ومواقع النفوذ:
 لقد اختلفت الأرض التي سيطر عليها الإسماعيليون مدًّا وجزراً بحسب تقلبات الظروف والأحوال خلال فترة طويلة من الزمن، وقد غطى نفوذهم العالم الإسلامي ولكن بتشكيلات متنوعة تختلف باختلاف الأزمان والأوقات:

ـ فالقرامطة سيطروا على الجزيرة وبلاد الشام والعراق وما وراء النهر.
والعبيديون أسسوا دولة امتدت من المحيط الأطلسي وشمالي أفريقيا، وامتلكوا مصر والشام، وقد اعتنق مذهبهم أهل العراق وخُطب لهم على منابر بغداد سنة ٥٤٠هـ‍ ولكن دولتهم زالت على يد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله.
والآغاخانية يسكنون نيروبي ودار السلام وزنجبار ومدغشقر والكنغو البلجيكي والهند وباكستان وسوريا ومركز القيادة لهم في مدينة كراتشي بباكستان.
والبهرة استوطنوا اليمن والهند والسواحل القريبة المجاورة لهذين البلدين.
 وإسماعيلية الشام: امتلكوا قلاعاً وحصوناً في طول البلاد وعرضها وما تزال لهم بقايا
ارتبطنا كمصريين منذ زمن ليس بقليل بحب وتقدير آل بيت رسولنا الكريم محمد عليه افضل الصلاة والسلام حيث النزعة الروحانية الدينية على مر العصور وذلك بسبب مكانة مصر الدينية .
بشكل عام، تعد طائفة البهرة جزءا هاما من الطيف الديني والثقافي في العالم الإسلامي، وتحافظ على تراثها الديني والثقافي والفكري من خلال ممارسات دينية وتأملات فلسفية مختلفة ، حيث تمتلك تقاليد وتعاليم دينية تمتزج بالإسلام وبالفلسفة تشدد طائفة البهرة على العلم والرفاهية الروحية والدنيوية يعتبر العدل والرفق والمحبة
والشفقة أهم قيم تعتمدها طائفة البهرة.
تأثرت طائفة البهرة بالفلسفة اليونانية والعربية، وطورت تصورا فلسفيا دقيقا حول الإيمان والعقيدة.
تسعى إلى تعزيز التفاهم الديني والثقافي بين أتباع مختلف الطوائف، وتحث على التسامح واحترام الرأي الآخر. كما تركز على تعليم المعرفة والثقافة وتشجيع العمل الخيري والإنساني، فهي جزءاً حيوياً من المشهد الديني في الشرق الأوسط وأجزاء أخرى من العالم، وتحافظ على هويتها وقيمها رغم التحديات التي تواجهها. تعد طائفة البهرة مصدر إلهام للكثيرين ومثالاً يحتذى به في تعزيز السلام والتعايش السلمي بين مختلف الطوائف والثقافات.
وارى ان هذا ما يميز تلك الطائفة ( التمسك بتعاليم التسامح والاحترام المتبادل للآراء ) الأسرة النبوية ورعايتها وحمايتها جزءا أساسيا من عقيدتها. يعتبرون الإمامة كجزء من تعاليم الدين الإسلامي
ويرى أن جميع الأئمة ينبغي أن يكونوا من أصل ال آل بيت.
يظهر ذلك من خلال الاهتمام الشديد بترميم وتجديد مساجد آل البيت الكريم خصوصا داخل مصر
طائفة البهرة تؤمن بتفوق علوم الأئمة عن سائر الناس وتعتبرهم مهديين ومرشدين يقودون الناس إلى الحق والعدل. كما يرون الأئمة كأعلم الناس بتعاليم الدين وأقدرهم على الفهم والتفسير.
حيث أن محبة ال بيت النبي عبادة مشروعة واللغو فيهم بدعة ممنوعة كما قال الرسول الكريم "
وأنا تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله، فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال :
وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي ...
إذا، فإن العلاقة بين طائفة البهرة وال آل بيت علاقة تعتبر قلبية وحميمة حيث يعتبرون ال آل بيت الحاملين لعلم الدين وراية الإمامة التي تستمد قوتها من النبوة. هذه العلاقة تعكس التبني العميق والولاء الشديد الذي يشعر به أتباع طائفة البهرة تجاه الى آل بيت وتراثهم الديني والثقافي.
طائفة البهرة لها تاريخ طويل وعلاقة وثيقة بمصر، حيث لعبت دوراً هاماً في الحياة الدينية والثقافية في البلاد. تأسست طائفة البهرة في مصر في القرون الوسطى وانتشرت في العديد من المناطق في البلاد.
تاريخيا، كانت مصر تعد وجهة مهمة لأعضاء طائفة البهرة ومراكز للدراسات الدينية والفلسفية الخاصة بهم. كما شهدت مصر نشاطاً ثقافياً وفكرياً كبيراً من جانب أتباع الطائفة البهرة، حيث أسهموا في إثراء التاريخ الثقافي والديني للبلاد.
على مر العصور، أسهمت طائفة البهرة في تعزيز التعايش الديني والثقافي في مصر، وكانت تسعى دائما إلى تعزيز السلام والوئام بين المختلفين. كما شارك أتباع الطائفة في الحياة الاجتماعية والسياسية لمر، وقدموا
إسهامات ملموسة في مجالات متعددة.
بشكل عام، يمكن القول إن علاقة طائفة البهرة بمصر كانت نشطة وإيجابية على مر العصور، وقدمت الطائفة
إسهامات قيمة في تعزيز الثقافة والفكر في البلاد.
حرصت الحكومة المصرية بقيادة الرئيس السيسي على تعزيز الوحدة الوطنية وتعزيز التعايش السلمي بين جميع المكونات الدينية في البلاد، بما في ذلك اتباع طائفة البهرة. تمتلك طائفة البهرة حرية ممارسة عقائدهم وشعائرهم بحرية في مصر، وهو ما تؤكده السلطات المصرية وتعمل على توفير الحماية اللازمة لهم حيث يشارك اتباع طائفة البهرة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية في مصر، تعزز السلطات المصرية الحوار بين الثقافات المختلفة
وتعمل على تعزيز التفاهم والتعاون بين جميع المجتمعات.
بشكل عام، يمكن القول إن علاقة طائفة البهرة بمصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي تتسم بالاحترام المتبادل وتعزيز التعايش السلمي، وهي علاقة تسهم في تعزيز الوحدة الوطنية والاستقرار في البلاد.
تقوم طائفة البهرة بصيانة المساجد وإصلاح الأضرار التي قد تحدث بفعل الزمن أو العوامل البيئية، وذلك للحفاظ على هيكلية المباني وجماليتها.
كما تسعى الطائفة لتجديد الديكور والزخارف داخل المساجد لتكون بمظهر جذاب وملهم للمصلين، بما يعكس القيم والتقاليد
الإسلامية
باختصار، يلعب أتباع طائفة البهرة دورا مهما في دعم وتجديد مساجد آل البيت في مصر، ويسعون جاهدين للحفاظ على هذه المعالم الدينية والثقافية الهامة في البلاد حيث أن مصر لديها الكثير من مقومات نجاح السياحة الدينية لما بها من وفرة في الأماكن ذات الطابع الديني ..
كما كانت رؤية الرئيس السيسي في تشجيع السياحة بكافة انواعها ومنهم السياحة الدينية التي تتميز بها مصر .
ويلعب أتباع طائفة البهرة دوراً مهماً في دعم وتجديد مساجد آل البيت في مصر، ويسعون جاهدين للحفاظ على هذه المعالم الدينية والثقافية الهامة في البلاد.