جيش الاحتلال الإسرائيلي
جيش الاحتلال الإسرائيلي


إسرائيل دولة «مأزومة».. فشل في غزة وسعى للانتحار بجنوب لبنان

أسامة عجاج

الثلاثاء، 18 يونيو 2024 - 08:38 م

لم يعد خافيا على أحد أن تلك المرحلة التي تعيشها إسرائيل هي الأكثر سوءا في تاريخها الذي لم يتجاوز الـ٧٦ عاما على كافة الأصعدة.

ولن نبالغ أن الأشهر الثمانية الأخيرة كشفت المستور وأنهت مسلمات عديدة وأكاذيب عديدة عاشت عليها ونجحت في ترويجها الدعاية الاسرائيلية بدعم غير مسبوق من نخب وحكومات من دول الغرب وهم جميعا في دائرة صناعة القرار الدولي وتحولت إسرائيل الي دولة معزولة تعيد الكثير من عواصم العالم النظر في علاقاتها الدبلوماسية معها، تتعرض لأحكام دولية وأحكام بالإبادة الجماعية وارتكاب جرائم ضد الإنسانية بل وصل الامر ببعض قادتها إلى الخوف من الاعتقال والمحاكمة.

كما سقطت خرافة الجيش الذي لا يقهر حيث فشل في المواجهة المستمرة مع حركات مقاومة مسلحة في قطاع غزة في ظل فروق كبيرة في الامكانيات العسكرية كما انكشف بصورة واضحة أمنها القومي بدخول اطراف جديدة ولأسباب عديدة ساحة المواجهة وقد سبق لتل أبيب أن تحدث قادتها عن مواجهات مفتوحة في سبع جبهات في فلسطين غزة والضفة ولبنان والعراق وسوريا وجماعة الحوثي في اليمن وبالطبع مع ايران.

والأخطر وفي ظل ذلك كله تسعي تل ابيب وتخطط بأسباب غير مفهومة ولا تخضع لمنطق او عقل الي فتح جبهة جديدة مع حزب الله في لبنان وهي مواجهة غير مضمونة النتائج والعواقب وقد تجر المنطقة الي صراع إقليمي يخشاه الجميع ويسعي الي تجنبه الا قادة إسرائيل فقط والذي يمثل انتحارا سياسيا وعسكري للعديد من الأسباب نتوقف عند بعضها وهي كالتالي :

أولا :إسرائيل تعيش حالة فوضي مؤسسية وخلافات غير مسبوقة وصلت إلى مستوي صراع ارادات بين المستويين السياسي والعسكري وتمثل في مظهرين في الايام الماضية:

- ما يخص الازمة مع لبنان وهي الخلاف غير المسبوق والعلني  الذي لم يحظ بتغطية واسعة بين وزير الدفاع  يوأف جالانت ووزارة الخارجية الاسرائيلية حول المقترح الفرنسي الذي تعمل عليه باريس لايجاد الية مشتركة تضم فرنسا وامريكا واسرائيل لاحتواء التوتر والحيلولة دون خروج الامور عن السيطرة وبالتشاور والتنسيق مع السلطات اللبنانية وتحدث عنها ماكرون في قمة السبع الاسبوع الماضي ومن المعروف ان باريس منذ الشهر الماضي تطرح مبادرة  تتضمن وقف الاعمال العدائية بين الجانبين وانسحاب قوات الرضوان التابعة لحزب الله ومجموعات مسلحة آخري حتي مسافة عشرة كيلومترات من الحدود بين البلدين مع منح قوات الأمم المتحدة اليونيفيل حرية الحركة في المنطقة وتعزيز دور الجيش اللبناني وقد تم رفض الالية  من قبل وزير الدفاع الاسرائيلي وقال ان بلاده لن تكون جزءا من هذا المسعي ووصل الامر الي اعتبار الوزير المقترح الفرنسي (جزءا من السياسات  الفرنسية المعادية لإسرائيل) وجاء  الرد علي الوزير من  وزارة الخارجية الاسرائيلية وليس الفرنسية والتي اعلنت استنكارها لتصريحاته  وقالت في بيان لها (انها  غير صحيحة وفي غير محلها رغم وجود خلافات قائمة بين البلدين وعددت مواقف فرنسا الداعمة لإسرائيل على المستوي العسكري والسياسي الذي تقدمة فرنسا لإسرائيل).

- الخلاف حول الهدنة التكتيكية للعمليات العسكرية في قطاع غزة الذي كشف عن عمق الازمة بين المستوي السياسي والعسكري في اسرائيل بحجة السماح بإدخال المساعدات الإنسانية للقطاع حيث لم يناقش الامر ولم يعرض علي مجلس الوزراء واعلن نتنياهو  انه سيجري تحقيقا في صدوره ولم يتم التنسيق معه كما قال ووصفه بأنه قرار غير مقبول ونقل عنه قوله في اجتماع للحكومة المقولة الاخطر التي تكشف عن عمق الازمة التي تعيشها المؤسسات الحاكمة في تل ابيب حيث قال ( اسرائيل دولة جيش  وليس جيش له دولة ).

والذي يمثل نيلا مباشرا من المؤسسة العسكرية التي حظيت بتقديس منذ قيام الدولة فها هو  رئيس الوزراء يشكو من توغلها علي المستوي السياسي وقد اضطر الجيش الي العودة الى الخلف قليلا  حيث تم تسريب معلومة ان وزير الدفاع يوآف جالانت نفسه لم يعرف بالهدنة التكتيكية مسبقا  وسارع الجيش  الي تصحيح الامر بان التهدئة لا تعني وقف القتال ودافع عن موقفه وقال بيانه ( بأن قرار التهدئة التكتيكية قرار عسكري يخضع لسلطة قائد القيادة الجنوبية ولا يحتاج الي موافقة سياسية).

ثانيا: اتباع منهج الهروب الي الامام دون اي خطة مستقبلية علي الصعيدين العسكري والسياسي والامر يحتاج الي مزيد من التفاصيل، ففي الوقت الذي لم تستطع اسرائيل طوال اكثر من ثمانية اشهر تحقيق اهدافها الثلاثة في قطاع غزة القضاء علي المقاومة وضمان عدم تكرار ما حدث في اكتوبر الماضي والافراج عن الاسري والمحتجزين تسعي الي مواجهة مع حزب الله.

وهناك بعدٌ ثانٍ ان الحكومة فشلت فشلا ذريعا في تحقيق هدف الافراج عن العشرات من الاسري فماذا ستفعل مع الالاف من سكان المستوطنات الاسرائيلية في الشمال الذين دخلوا منذ بداية هذا الأسبوع علي خط الاحتجاجات بالقيام بمظاهرات في القدس وقد بدأت الازمة بقيام إسرائيل بإجلاء سكان ٢٨ مستوطنة بعد  اقل من عشرة ايام علي طوفان الأقصي ممن يعيشون علي بعد كيلومترين من الحدود ووصل عددهم وفقا للإحصاءات الإسرائيلية الي حوالي ١٢٥ الفا منهم ١٠٠ ألف اصبحوا لاجئين يعيشون خارج منازلهم مع تعطلهم عن العمل وتوقف الطلاب عن تلقي التعليم.

وبعد فإن إسرائيل تمارس لعبة الجنون إذا قررت في كل تلك الظروف الدخول في مواجهة غير مأمونة العواقب ومفتوحة مع كافة الاحتمالات، إذا قررت الدخول في مواجهة على صعيد الجبهة اللبنانية فهل تفعلها تل أبيب؟.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

 

 

 

 
 
 
 

مشاركة