الكاتب محمد عاطف الجندي
الكاتب محمد عاطف الجندي


«سعادة مفاجئة» قصة قصيرة للكاتب محمد عاطف الجندي

صفوت ناصف

الإثنين، 24 يونيو 2024 - 01:30 م

وقف متلهفًا ونظره للبعيد في إشراقة شمسٍ جديد، إلى كل سيارة تقترب من المحطة يجري إليها وكأنه يقابلها بالأحضان وبأملٍ جديد لكي يجدها ماضية إلى ميدان عبد المنعم رياض حيث عمله في هيئة الكتاب والأهم أن يجد بها كرسيًّا خاليًا ليتصارع عليه مع جمهور المنتظرين أمثاله من الآملين في الذهاب إلى عملهم في خط كورنيش النيل.

تحسس جيب بنطاله ليطمئن على وجود الموبايل في مكانه .. أخرجه ونظر له وقرأ ساعته، فامتعض لتأخره عن الذهاب إلى عمله.

أعاد الموبايل إلى جيبه مرة أخرى وجرى بلهفةٍ نحو سيارة قادمة، ليبحث عن ضالته، ثم جرى نحو سيارة أخرى ..ثم أخرى ثم إلى ما لا نهاية .. ..

لا شيء.. انتقل لمكان آخر ليستقبل السيارات القادمة قبل المحطة بقليل وتكرر الأمر كثيرًا في الذهاب والعودة لمسافة لا تقل عن مائتين متر.

في لمحةٍ خاطفةٍ لمح الجميعَ يهرولونَ ناحية سيارة ميكروباس قد توقفت .. هرول معهم .. تكدَّس الجميع ،وتزاحم الكل للفوز بالدخول في السيارة فأخيرًا أتت واحدة واشرأبت الأعناق وزادت الهمم وانطلقت السيقان عدوًا لها.

تصدرتْ باب السيارة سيدة سمينة وسدت المدخل محاولة الدخول.. وقف محاولاً من ورائها .. حريصًا على ألا يلمس أو يحتك بهذه السيدة.

أحس بشيء يخلع من جيبه بنعومة، وبحركة لا إرادية تحسس جيبه فلم تصل يده إلى الموبايل، بل وصلت إلى جسده فصرخ بأعلى صوته لقد سرقت .. موبايلي أتسرق .. فيه حرامي هنا .. يا عالم فيه حرامي!

لم يكد ينتهي من كلامه هذا إلا وسمع صوت ارتطام خفيف ولمح تليفونه ملقى على الأرض بين الأقدام .. لم يصدق نفسه ها هو تليفونه بجرابه الأصفر الكالح والقديم كقدم التليفون ولكنه يفي بالغرض، ويصل ثمنه لبضعة آلآف من الجنيهات في عصر لا قيمة للمال فيه، فكل شيء يتبخر كمرتبه في أول أيام الشهر في سعار الأسعار اليومي، بلا رقيب ولا ضابط تحت مرض الجنيه المتواصل وسقوطه المدوِّي.

مد يده وانتشله سعيدًا من على الأرض، وهو غير مصدق بأنه قد عاد إليه مرة أخرى .. علا صوته بالحمد والشكر .. واحتضن تليفونه فهو كل حياته وما بها من أسرار وأحس بسعادة غامرة وكأنه قد اكتسب مليون جنيه بدون سابق إنذار.

جرى نحو سيارة قادمة جديدة، ثم أخرى وهو ممسك بقوة على تليفونه وأثناء تحرك السيارة التي ركبها لمح عينين تنظران له بحنق، لم تركبا معه السيارة ونظر لهما بابتسامة الفوز، وكأنه قد عرف اللص الذي سرق تليفونه، الذي لولا صراخه ما خاف وألقى بتليفونه أرضا ليعود له ويبدأ يومه بسعادة غير منتظرة ولتبدل الحال الآن!.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

 

 

 

 
 
 
 


 

مشاركة