د.محمد سليم شوشة
د.محمد سليم شوشة


قضية ورأي

د. محمد سليم شوشة يكتب: اللغة هى المفتاح السحرى لكل الأبواب

الأخبار

الإثنين، 01 يوليه 2024 - 08:04 م

■ بقلم: د. محمد سليم شوشة

وضع علوم اللغة العربية لدينا هو الذي سيحدد مصيرنا في القادم .

لغة كل قوم هى المفتاح السحرى لهم لكل الأبواب المغلقة، فهى المفتاح نحو التطور والحضارة والتقدم الفكري، أو العكس، من أن تكون مفتاحا لأبواب الجمود والتخلف، والأمر متوقف على حالة علوم اللغة من التطور، وعلوم اللغة إنما تشكلت وتأسست من البداية لنفهم لغتنا بصورة أوضح وأعمق، ولنستوعب كل أنماطها وأحوالها وكل حضور للغة فى حياتنا، وبقدر ما نفهم لغتنا نكون قادرين على فهم ذاتنا بصورة حقيقية وبشكل عميق. وعلوم اللغة العربية فى مجملها أو فى التيار الغالب عليها مع الأسف الشديد يغلب عليها الجمود وتستقر على منجز عصور قديمة جدا منذ آلاف السنين، فذروة الفكر اللغوى الذى كان فى القرن الرابع الهجرى هو ما تجمدنا عليه ولم نقدم جديدا من بعده إلا النزر الهين والتطور المحدود جدا.

لقد أصبح لعلوم اللغة الآن علاقة وثيقة بالعمليات البيولوجية -الكيميائية فى المخ، ولها علاقة بالخلايا العصبية، ومع تطور العلوم العصبية والتشريح وتصوير المخ فى أثناء عمله بتقنية FMRI اختلفت أشياء كثيرة فى علوم اللغة وفهم طريقة عمل المخ فى أثناء إنتاجها واستقبالها وفهمها وتفسيرها، وهو ما ربط بين علوم عديدة فى فهم اللغة والأدب هى الإدراكيات والعلوم العصبية والذكاء الاصطناعي، وهذه الأمور من عقود وتتأسس على إنجازات سابقة أخرى بشكل تراكمي. وهو ما مكّن العلماء فى النهاية من استخلاص كثير من القواعد الذهنية العامة الخاصة باللغة والجماليات بما يكشف قوانين كونية يشترك فيها كل البشر، بل بعض الأنواع الأخرى من الكائنات الحية، وليست هذه الدراسات مقصورة على الغرب، بل هى يشترك فيها حضارات الشرق المتقدم كذلك، وخلاصات هذا يتم استثمارها الآن فى الذكاء الاصطناعى مثلا.

الخلاصة أن انغلاقنا على أنفسنا وقناعتنا بأن نجمد أنفسنا عند ماضينا وأن علوم الآخرين لا تنفعنا وكأننا أنواع أخرى غير كل البشر، أسهم فى هذه الحالة الغريبة من ضعف علاقتنا بلغتنا وتراجع نظريات فهمنا لنا وتراجع تصوراتنا حولها.

هذا التخلف غير المسبوق والعناد الذى ليس له مثيل سندفع ثمنه غاليا فى السنوات العشر القادمة، حيث أصبح الآخر مؤهلا لأن يكون فاهما للغتنا وثقافتنا أكثر منا عبر ما ينتج من نماذج للذكاء الاصطناعى التى يُحتمل أن تستوعب لغتنا بصورة عملية بشكل أفضل من أغلبيتنا، حينها ستختلف أشياء كثيرة وسيؤثر ذلك بدرجة أكبر فى موازين القوى بين الحضارات لأن اللغة هى المفتاح السحرى لأى أمة إما نحو أبواب الغباء والاستعباد أو العكس.

وضع علوم اللغة العربية لدينا هو الذى سيحدد مصيرنا فى القادم، مثلما أصبحت متيقنا الآن بأن وضع علوم اللغة العربية وحالتها من القوة أو الضعف هو الذى كان يحدد مصيرنا وحالتنا طوال القرون الماضية، وبقدر ما كانت علوم اللغة متطورة كان يختلف الفهم والتفسير والتأويل ويتجدد الفكر بكل صوره، والعكس، حيث بقدر ما يكون من جمودها يكون جمود الفكر فى كل المجالات.

وتبعا لحال الدرس اللغوى وموقفنا من تطوير علوم اللغة العربية ستتحدد مصائر عدد من التحديات الفارقة الخاصة بالمرحلة القادمة حيث ما هو قادم من غزو ثقافى مضاعف ومتنامٍ كأثر للتكنولوجيا وثورة الذكاء الاصطناعى المشتغل على النماذج اللغوية الكبرى ولهذا ستكون هناك مسئوليات ضخمة على الأكاديميات والكليات التى تدرس اللغة العربية ومجامع اللغة العربية كذلك وسيتحتم طرح تصورات جديدة ومناهج ونظريات مختلفة تتم دراسة اللغة فى ضوئها .

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 

 

 

 

 
 
 
 


 

مشاركة