إيهاب فتحى
إيهاب فتحى


قوانين الثورات

أخبار الحوادث

الثلاثاء، 02 يوليه 2024 - 01:19 م

‭‬عندما‭ ‬يمر‭ ‬عقد‭ ‬كامل‭ ‬على‭ ‬حدث‭ ‬ونفتتح‭ ‬عقدًا‭ ‬جديدًا‭ ‬يصبح‭ ‬هذا‭ ‬المرور‭ ‬الزمنى‭ ‬فرصة‭ ‬ثمينة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مناقشة‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬حوله‭ ‬بعقل‭ ‬هادئ‭  ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الحدث‭ ‬نفسه‭ ‬غير‭ ‬عادى‭ ‬وفارق‭ ‬فى‭ ‬حياة‭ ‬الأمم‭ ‬ولايوجد‭ ‬ما‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الدرجة‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الثورات‭ ‬الشعبية‭ . ‬

نتطلع‭ ‬الآن‭ ‬إلى‭ ‬ثورة‭ ‬الـ‭ ‬30‭ ‬من‭ ‬يونيو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬النافذة‭ ‬الزمنية‭ ‬أى‭ ‬بعد‭ ‬عقد‭ ‬وعام،‭ ‬تسمح‭ ‬هذه‭ ‬المساحة‭ ‬الزمنية‭ ‬التى‭ ‬مرت‭ ‬على‭ ‬ثورة‭ ‬يونيو‭ ‬أن‭ ‬تخلص‭ ‬الحدث‭ ‬الثورى‭ ‬من‭ ‬انفعالاته‭ ‬الأولى‭ ‬شديدة‭ ‬العاطفية‭ ‬وهو‭ ‬مايميز‭ ‬أى‭ ‬حراك‭ ‬ثورى‭ ‬انطلقت‭ ‬به‭ ‬أى‭ ‬أمة،‭ ‬تعطى‭ ‬هذه‭ ‬المساحة‭ ‬الزمنية‭ ‬للعقل‭ ‬الفرصة‭ ‬الكاملة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬رؤية‭ ‬الحدث‭ ‬الثورى‭ ‬من‭ ‬كافة‭ ‬جوانبه‭ ‬ونتائجه‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الانفعالات‭ ‬والحشد‭ ‬الجماهيرى‭ ‬الكثيف‭ ‬المرتبط‭ ‬باللحظة‭  ‬الثورية‭ ‬الأولى‭ . ‬

تستطيع‭ ‬الرؤية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬العقل‭ ‬تحليل‭ ‬ماحدث‭ ‬وما‭ ‬سيكون‭ ‬وفق‭ ‬حوار‭ ‬معمق‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬الفهم‭ ‬لطبيعة‭ ‬ماحققته‭ ‬الثورة‭ ‬وجماهيرها‭ ‬من‭ ‬أهداف‭ ‬خرجت‭ ‬فى‭ ‬لحظة‭ ‬الحشد‭ ‬لتحقيقها،‭ ‬نفس‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬تتجنب‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬الفعل‭ ‬السحرى‭ ‬للثورة‭ ‬أى‭ ‬أن‭ ‬انطلاق‭ ‬الحراك‭ ‬الثورى‭ ‬والحشد‭ ‬الجماهيرى‭ ‬يكفيان‭ ‬لتغيير‭ ‬حال‭ ‬الأمة‭ ‬من‭ ‬الضعف‭ ‬إلى‭ ‬القوة‭ ‬فى‭ ‬خلال‭ ‬ساعات‭ ‬أو‭ ‬أيام‭ .‬

ينسى‭ ‬الكثيرون‭ ‬أن‭ ‬الثورة‭ ‬هى‭ ‬فعل‭ ‬بداية‭ ‬لأحداث‭ ‬وطريق‭ ‬طويل‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬النهضة‭ ‬للأمة‭ ‬وليست‭ ‬فعل‭ ‬نهاية‭ ‬على‭ ‬طريقة‭ ‬الأحلام‭ ‬السحرية،‭ ‬بل‭ ‬أن‭ ‬أسهل‭ ‬ما‭ ‬فى‭ ‬الثورات‭ ‬هو‭ ‬الاندفاعة‭ ‬الأولى‭ ‬والحشد‭ ‬لتغيير‭ ‬حالة‭ ‬سياسية‭ ‬حاضرة‭ ‬قامت‭ ‬الثورة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تغييرها،‭ ‬يبقى‭ ‬الأصعب‭ ‬وهو‭ ‬تغيير‭ ‬مفاهيم‭ ‬المجتمع‭ ‬ونقله‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬الحداثة‭ ‬والأكثر‭ ‬صعوبة‭ ‬صناعة‭ ‬مستقبل‭ ‬يتخلص‭ ‬من‭ ‬تبعات‭ ‬أى‭ ‬ضعف‭ ‬مجتمعى‭ ‬وسياسى‭ ‬واقتصادى،‭ ‬هذه‭ ‬الصعاب‭ ‬لايمكن‭ ‬تجاوزها‭ ‬بعصا‭ ‬الأحلام‭ ‬السحرية‭ ‬وعواطف‭ ‬الاندفاعات‭ ‬الثورية‭ ‬الأولى‭ .‬

هناك‭ ‬أمر‭ ‬آخر‭ ‬تتيحه‭ ‬الرؤية‭ ‬العقلانية‭ ‬للحدث‭ ‬الثورى‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬عاطفة‭ ‬الأحلام‭ ‬السحرية‭ ‬وهو‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬صناعة‭ ‬قرار‭ ‬سياسى‭ ‬وطنى‭ ‬ثابت‭ ‬يتشكل‭ ‬يوميًا‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬أزمات‭ ‬لا‭ ‬تنتهى‭ ‬فى‭ ‬منطقتنا‭ ‬الشرق‭ ‬أوسطية‭ ‬وتحيط‭ ‬بنا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬اتجاه،‭ ‬طبيعة‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬لاتعتمد‭ ‬على‭ ‬بريق‭ ‬الدعاية‭ ‬و‭ ‬تحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬شعبوية‭ ‬زائلة‭ ‬تنتهى‭ ‬بصدمات‭ ‬مؤلمة‭ ‬تدفع‭ ‬ثمنها‭ ‬الأمة‭ ‬والأخطر‭ ‬أن‭ ‬يرتهن‭ ‬القرار‭ ‬لأغراض‭ ‬لا‭ ‬تخدم‭ ‬أهداف‭ ‬الأمة‭ ‬بل‭ ‬تكون‭ ‬مصلحته‭ ‬الخبيثة‭ ‬خدمة‭ ‬أعداء‭ ‬الأمة‭ .‬

بالتأكيد‭ ‬عندما‭ ‬نفتح‭ ‬باب‭ ‬الحوار‭ ‬والنقاش‭ ‬حول‭ ‬حدث‭ ‬بحجم‭ ‬ثورة‭ ‬الـ‭ ‬30‭ ‬من‭ ‬يونيو‭ ‬فلن‭ ‬تكفى‭ ‬تلك‭ ‬السطور‭ ‬لتغطية‭ ‬كافة‭ ‬جوانب‭ ‬الحدث‭ ‬لكن‭ ‬يمكن‭ ‬رؤية‭ ‬حضور‭ ‬يونيو‭ ‬الكثيف‭ ‬فى‭ ‬صناعة‭ ‬قرار‭ ‬سياسى‭ ‬وطنى‭ ‬مصرى‭ ‬تماما‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬أزمة‭ ‬حاضرة‭ ‬تعصف‭ ‬بالشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬والمجتمع‭ ‬الدولى‭ ‬وهى‭ ‬الحرب‭ ‬فى‭ ‬غزة‭ .‬

يمكن‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬طرح‭ ‬سؤال‭ ‬عن‭ ‬علاقة‭ ‬حدث‭ ‬مر‭ ‬عليه‭ ‬عقد‭ ‬مهما‭ ‬بلغ‭ ‬حجمه‭ ‬وأهميته‭ ‬بحرب‭ ‬انفجرت‭ ‬فى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬قبل‭ ‬شهور‭ ‬وتتوالى‭ ‬تداعياتها‭ ‬الكارثية؟‭ ‬الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬الإجابة‭ ‬الواضحة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬تقول‭ ‬إن‭ ‬يونيو‭ ‬هى‭ ‬صانعة‭ ‬القرار‭ ‬السياسى‭ ‬بالكامل‭ ‬الذى‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬الخطيرة‭ ‬وتداعياتها‭ ‬يوميا‭ ‬وفق‭ ‬محددات‭ ‬الأمة‭ ‬والدولة‭ ‬المصرية‭ .‬

هل‭ ‬اكتفت‭ ‬يونيو‭ ‬بالحضور‭ ‬الكثيف‭ ‬فى‭ ‬صناعة‭ ‬القرار‭ ‬السياسى‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬العاصفة‭ ‬؟‭ ‬الإجابة‭ ‬بوضوح‭ ‬أن‭ ‬يونيو‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬حضور‭ ‬أكثر‭ ‬كثافة‭ ‬فى‭ ‬الوعى‭ ‬الجمعى‭ ‬المصرى‭ ‬فى‭ ‬نظرته‭ ‬لتلك‭ ‬الأزمة‭ ‬من‭ ‬نافذة‭ ‬الهوية‭ ‬والقومية‭ ‬المصرية‭ ‬ولانبالغ‭ ‬بأن‭ ‬يونيو‭ ‬صنعت‭ ‬عقلا‭ ‬مصريًا‭ ‬جديدًا‭ ‬تتشكل‭ ‬آلياته‭ ‬فى‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬محيطه‭ ‬الداخلى‭ ‬والإقليمى‭ ‬والدولى‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬عقد‭ ‬كامل‭ ‬ومازالت،‭ ‬جعلته‭ ‬يزن‭ ‬الأمور‭ ‬وفق‭ ‬بوصلة‭ ‬هويته‭ ‬المصرية‭ ‬وفاهما‭ ‬بعمق‭ ‬ماذا‭ ‬يعنى‭ ‬انتماؤه‭ ‬لهوية‭  ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬أى‭ ‬هويات‭ ‬بديلة‭ ‬وزائفة‭ ‬ومنتحلة‭ .‬

هذا‭ ‬الظهير‭ ‬من‭ ‬الوعى‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬أعطى‭ ‬صلابة‭ ‬ورسوخًا‭ ‬للقرار‭ ‬السياسى‭ ‬المتخذ‭ ‬تجاه‭ ‬تداعيات‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬ولعل‭ ‬محور‭ ‬أغلب‭ ‬القرارات‭ ‬السياسية‭ ‬التى‭ ‬تتوالى‭ ‬هو‭ ‬الرفض‭ ‬المصرى‭ ‬التام‭ ‬لعملية‭ ‬تهجير‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطينى‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬أرضه‭ ‬بسبب‭ ‬الإجرام‭ ‬والعدوان‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬مما‭ ‬يؤدى‭ ‬لتصفية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬يأتى‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطينى‭ ‬كهدف‭ ‬مصرى‭ ‬نزيه‭ ‬وعادل‭ ‬تصر‭ ‬عليه‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬منذ‭ ‬تصديها‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بكل‭ ‬الطرق‭ ‬وهوأمر‭ ‬أثبته‭ ‬التاريخ‭ ‬والتضحيات‭ ‬المصرية‭ ‬طوال‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ .‬

عند‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬آليات‭ ‬الوعى‭ ‬التى‭ ‬تشكلت‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬عقد‭ ‬يونيو‭ ‬ومازالت‭ ‬سنجد‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الوعى‭ ‬أعطى‭ ‬بعدًا‭ ‬مضافًا‭ ‬للنزاهة‭ ‬والعدالة‭ ‬المصرية‭ ‬فى‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬السياسى،‭ ‬هذا‭ ‬البعد‭ ‬الجديد‭ ‬ارتبط‭ ‬بالهوية‭ ‬واستعادة‭ ‬روح‭ ‬الانتماء‭ ‬للأمة‭ ‬المصرية‭ ‬كمرجعية‭ ‬ثابتة‭ ‬تعلو‭ ‬فوق‭ ‬أى‭ ‬انتماء‭ ‬آخر،‭ ‬وأن‭ ‬تهجير‭ ‬شعب‭ ‬قسريًا‭ ‬من‭ ‬أرضه‭ ‬أمر‭ ‬يرفضه‭ ‬الضمير‭ ‬المصرى‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بحكم‭ ‬قيم‭ ‬العدالة‭ ‬والإنسانية‭ ‬التى‭ ‬تحكمه‭ ‬منذ‭ ‬فجر‭ ‬التاريخ‭ ‬لكن‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬الفعل‭ ‬الإجرامى‭ ‬متمثلا‭ ‬فى‭ ‬التهجير‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬الإضرار‭ ‬بالهوية‭ ‬وثوابت‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬تجانس‭ ‬حضارى‭ ‬وتاريخى‭ ‬ومجتمعى‭ ‬راسخ‭ ‬منذ‭ ‬آلاف‭ ‬السنين‭ .‬

هذه‭ ‬الآليات‭ ‬من‭ ‬الوعى‭ ‬بالهوية‭ ‬والانتماء‭ ‬للأمة‭ ‬المصرية‭  ‬التى‭ ‬تشكلت‭ ‬ومازالت‭ ‬وتتعامل‭ ‬مع‭ ‬محيطها‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬المستويات‭ ‬يمكن‭ ‬ملاحظتها‭ ‬بيسر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ثورة‭ ‬المعلومات‭ ‬التى‭ ‬أنتجت‭ ‬وسائط‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعى‭ ‬فمن‭ ‬خلال‭ ‬متابعة‭ ‬آراء‭ ‬المواطن‭ ‬المصرى‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬رقابة‭ ‬أو‭ ‬توجيه‭ ‬سنجد‭ ‬آراء‭ ‬ورؤى‭ ‬تثبت‭ ‬أنه‭ ‬خلال‭ ‬عقد‭ ‬يونيو‭ ‬عاد‭ ‬المواطن‭ ‬بنسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬وبقوة‭ ‬إلى‭ ‬هويته‭ ‬وإنتمائه‭ ‬إلى‭ ‬أمته‭ ‬المصرية‭ ‬متخلصًا‭ ‬من‭ ‬ضباب‭ ‬وزيف‭ ‬الهويات‭ ‬البديلة‭ ‬والزائفة‭ ‬والمنتحلة‭ .‬

فى‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬فهذا‭ ‬الوعى‭ ‬المنتمى‭ ‬فى‭ ‬حضوره‭ ‬ليونيو‭ ‬لايقتصر‭ ‬تعامله‭ ‬مع‭ ‬أزمة‭ ‬كأزمة‭ ‬غزة‭ ‬فقط‭  ‬لكنها‭ ‬تعطى‭ ‬نموذجًا‭ ‬يغطى‭ ‬الطبيعة‭ ‬الجديدة‭ ‬من‭ ‬التفاعل‭ ‬الجمعى‭ ‬المصرى‭  ‬بحديه‭ ‬السياسى‭ ‬والمجتمعى‭ ‬فهذا‭ ‬التوافق‭ ‬والبعد‭ ‬المضاف‭ ‬للقرار‭ ‬المصرى‭ ‬شكلته‭ ‬وصنعته‭ ‬يونيو‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ .‬

يقودنا‭ ‬نفس‭ ‬الحوار‭ ‬الذى‭ ‬يحكمه‭ ‬العقل‭ ‬ويدور‭ ‬حول‭ ‬العقل‭ ‬الجديد‭ ‬الذى‭ ‬شكله‭ ‬عقد‭ ‬يونيو‭ ‬ومازال‭ ‬إلى‭ ‬ملاحظة‭ ‬تطور‭ ‬الثبات‭ ‬الانفعالى‭ ‬للمجتمع‭  ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬الأزمات‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية،‭ ‬ففى‭ ‬بدايات‭ ‬التشكل‭ ‬وأمام‭ ‬موجات‭ ‬من‭ ‬الدعاية‭ ‬السوداء‭ ‬وحملات‭ ‬التشكيك‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬تقودها‭ ‬الفاشية‭ ‬المندحرة‭ ‬وتحركها‭ ‬بحقد‭ ‬وجنون‭ ‬مرارة‭ ‬هزيمتها‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الحراك‭ ‬الثورى‭ ‬وتساندها‭ ‬قوى‭ ‬الاستعمار‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الثبات‭ ‬الانفعالى‭ ‬المجتمعى‭ ‬فى‭ ‬مرحلة‭ ‬النمو‭ ‬ويعانى‭ ‬من‭ ‬مراحل‭ ‬شد‭ ‬وجذب‭ ‬،‭ ‬بمرور‭ ‬الوقت‭ ‬وخلال‭ ‬عقد‭ ‬كامل‭ ‬استطاع‭  ‬الحراك‭ ‬الثورى‭ ‬أن‭ ‬يعبر‭ ‬من‭ ‬تقلبات‭ ‬العاطفة‭ ‬والخشية‭ ‬من‭ ‬ضياع‭ ‬المكتسبات‭ ‬إلى‭ ‬الرسوخ‭ ‬العقلانى‭ ‬فى‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬مايواجهه‭ ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬ماهو‭ ‬طارئ‭ ‬عليه‭ .‬

لذلك‭ ‬عندما‭ ‬تراجع‭ ‬أحداث‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭  ‬التى‭ ‬مرت‭ ‬وتتساءل‭ ‬عن‭ ‬كيف‭ ‬واجهت‭ ‬ثم‭ ‬انتصرت‭ ‬جماهير‭ ‬يونيو‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الإعصار‭ ‬من‭ ‬الزيف‭ ‬؟‭ ‬ستجد‭ ‬الإجابة‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الثبات‭ ‬الانفعالى‭ ‬المجتمعى‭ ‬الذى‭ ‬تطور‭ ‬ليصبح‭ ‬آلية‭ ‬هامة‭ ‬ورئيسية‭ ‬يستخدمها‭ ‬الوعى‭ ‬والعقل‭ ‬الجديد‭ ‬الذى‭ ‬تشكل‭ ‬خلال‭ ‬عقد‭ ‬يونيو‭ ‬فى‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬مكتسباته‭ ‬وهويته‭ ‬وأمته‭  .‬

هناك‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬يتصور‭ ‬أن‭ ‬يونيو‭ ‬اكتفت‭ ‬وأدت‭ ‬ما‭ ‬عليها‭ ‬خلال‭ ‬عقد‭ ‬كامل‭ ‬ويكفى‭ ‬أنها‭ ‬شكلت‭ ‬هذا‭ ‬الوعى‭ ‬والثبات‭ ‬الانفعالى‭ ‬المتطور‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬يتصور‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬قوانين‭ ‬الثورات‭ ‬وآلياتها‭ ‬فى‭ ‬إدارة‭ ‬التحول‭ ‬المجتمعى‭ ‬فالثورات‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬لحظة‭ ‬انطلاقها‭ ‬تاريخ‭ ‬مضى‭ ‬ولكن‭ ‬فعلها‭ ‬يتجاوز‭ ‬التاريخ‭ ‬فهو‭ ‬دائم‭ ‬ومستقبلى‭ ‬وتغير‭ ‬مجتمعها‭ ‬بعزيمة‭ ‬وهدوء‭ ‬متخلصة‭ ‬من‭ ‬انفعالية‭ ‬لحظتها‭ ‬الأولى‭ ‬وصخب‭ ‬الحشد‭ .‬

يونيو‭ ‬فى‭ ‬عقدها‭ ‬الجديد‭ ‬ستصنع‭ ‬مزيدًا‭ ‬من‭ ‬التغيير‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬المستويات‭ ‬لسبب‭ ‬واضح‭ ‬وبسيط‭ ‬أن‭ ‬المجتمع‭ ‬الذى‭ ‬أطلق‭ ‬يونيو‭ ‬تغير‭ ‬فعليًا‭ ‬بقوة‭ ‬ثورته‭ ‬وهذا‭ ‬المجتمع‭ ‬سيعيد‭ ‬إنتاج‭ ‬مفاهيمه‭ ‬الجديدة‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬المستويات‭  ‬وسيصيغ‭ ‬وعى‭ ‬أكثر‭ ‬تطورًا‭ ‬يدفع‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭  ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬الحريات‭ ‬والتقدم‭ ‬والحداثة‭ .‬

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 

 

 

 

 
 
 
 


 

مشاركة