الثلاثاء، 02 يوليه 2024 - 02:11 م

كتب: نجلاء اسماعيل

ملئ الفنان محمود المليجي حياتنا الفنية بالعديد من الأعمال التي مازالت محفورة في الأذهان، هو الفنان العملاق الأصيل دائما والذي حافظ على مستواه الفني والأخلاقي، كان مخلصا لجمهوره في جميع أنحاء الوطن العربي متفانيا في خدمة الفن الذي وهب حياته له وكان مثالا رائعا للفنان الملتزم الجاد المتفوق في كل أدواره، كان يؤدي دوره ببساطة عظيمة سواء كان صغيرا أو كبيرا، كان يمثل دور الرجل الطيب والرجل الشرير ومع ذلك لا يهتز مستواه.

الفنان محمود المليجي كان نجما رائع الصيت دون أن يقوم بدور البطولة في أي فيلم من أفلامه، كما نال حب الجماهير والنقاد والمسئولين من خلال أدوار الشر وليس من خلال أدوار الخير، فأكد للجميع أن العبرة في النهاية بالموهبة الحقيقة والصدق في الأداء، وكانت الفرصة الحقيقية أمام الفنان محمود المليجي دور الفلاح «محمد أبو سويلم» في فيلم الأرض وقد رفعه هذا الدور الذي أصبح من علامات السينما المصرية إلى السماء، فقد حقق نجاحا كبيرا وأصبح محمد أبو سويلم هو رمز الفلاح المصري المطحون الذي يقبل الموت ولم يفرط في تراب أرضه.

وقد حصل الفنان محمود المليجي على هذا الدور على عدة جوائز عالمية ووصفه كثيرون من النقاد الأجانب بعد مشاهدة الفيلم «فيلم الأرض» بأنه «أنتوني كوين الشرق» وكانت الشخصية الحقيقية للفنان محمود المليجي بعيدة كل البعد عن أدوار الشر الذي قدمها فهو انسان طيب القلب شديد التواضع شديد الحساسية لذلك كان يقال له أنه «الحمامة التي تظهر للناس في ثوب صقر أو نسر قوي» فرحل عن عالمنا الفنان محمود المليجي الملقب بأنتونى كوين العرب الممثل المصري الذي توفي أثناء عمله في تصوير فيلم«أيوب» مع الفنان عمر الشريف أثر أزمة قلبية «أنتوني كوين الشرق» ، تميز بأدوار الشر وبارع فيها ولعب دور الطبيب النفسي ومثل أمام عظماء السينما المصرية.

نشأة محمود المليجي 

ولـد الفنان محمود المليجي ١٢ ديسمبر عام ١٩١٠، في حي، المغربلين، أحد أقدم أحياء القاهرة الشعبية وأشهرها.. ونـشأ في بيـئة شعبـية، وبعـد أن حصل على الشـهادة الابتدائية اختار المدرسة الخديوية ليكمل فيها تعليمه الثانوي، وكان حبه لفن التمثيل وراء هذا الاختيار حيث أن الخـديوية مدرسـة كـانت تشـجع التمـثيل، فالتحق المليجي بفريق التمثيل بالمدرسة، حيث أتيحت له الفرصة للتعليم على أيدي مدرب التمثيل هو الرائد المسرحى الشهير أحمـد عـلام.

لقائه بالفنانة فاطمة رشدي 

انضم الفنان محمود المليجي إلى فرقة الفنانة فاطمة رشدي، وبدأ حياته مع التمثيل من خلالها، حيث كان يؤدي الأدوار الصغيرة، ولاقتناع الفنانة فاطمة رشدي بموهبته المميزة رشحته لبطولة فيلم سينمائي اسمه «الزواج على الطريقة الحديثة» بعد أن انتقل من الأدوار الصغيرة في مسرحيات الفرقة إلى أدوار الفتى الأول، وبعد ذلك ترك الفرقة وانضم إلى فرقة رمسيس الشهيرة، التى أسسها يوسف وهبى ومنها إلى فرقة اتحاد الممثلين ثم عاد لفرقة يوسف وهبى ثم إلى الفرقة القومية.

المشوار الفنى للفنان محمود المليجي 

ظهر الفنان محمود المليجي أول مرة في السينما كان في فيلم الزواج عام ١٩٣٢ الذي أنتجته وأخرجته فاطمة رشدي، وقام هو بدور الفتى الأول أمامها. وبعـــد ذلك عمل الفنان محمود المليجي كملقن في فرقة يوسف وهبي المسرحية، كما أنه وقف في عام ١٩٣٦ أمام «أم كلثوم» في فيلمها الأول «وداد» إلا أن دوره في فيلم قيس وليلى هو بداية أدوار الشر له، والتي استمرت في السينما قـرابة ٣٠ عاماً حـيث قـدم مـع «فـريـد شـوقـي» ثنائيا فنيا ناجحا، وكانت نقطة التحول في حياة «مـحـمـود المـليجي» في عـام ١٩٧٠، وذلك عندما اختاره المخرج «يوسف شاهين» للقيام بدور «محمد أبو سويلم» في فيلم «الأرض»فقد عمل فيما بعد في جميع أفلام يوسف شاهين، وهي الاختيار، العصفور، عودة الابن الضال، إسكندرية ليه، حدوته مصرية.

وقد ترك الفنان محمود المليجي بصماته في المسرح أيضاً منذ أن اشتغل مع «فاطمة رشدي» حيث التحق فيما بعد بفرقة «إسماعيل ياسين»، وبعدها عمل مع فرقة «تحيـة كـاريـوكـا»، ثـم فـرقـة المـسرح الجـديـد، وبـذلـك قـدم أكـثر من عـشرين مـسرحية، أهـمـها أدواره في مسرحيات يوليوس قيصر، حـدث ذات يوم، الـولادة، ودور «أبو الـذهب» في مـسرحية أحمد شوقي «علي بك الكبير».

زواج الفنان محمود المليجي 

تزوج الفنان محمود المليجي من الفنانة علوية جميل واستمر هذا الزواج أربعين عاما، وتزوج من الفنانة فوزية الأنصاري وهى زميلته في فرقة إسماعيل يس ولم يستمر هذا الزواج إلا ثلاثة أيام فقط وكان محمود المليجي قد أخفى زواجه عن علوية وعندما علمت بالزواج اتصلت بفوزية الأنصارى بالتليفون في منزلها وقالت لها أنت طالق وأمرت محمود المليجي بأن يطلقها وبالفعل وبعد ٣ أيام أرسل لها المليجي قسيمة الطلاق، كما تزوج الفنانة سناء يونس عندما التقى بها أثناء تصوير مسلسل ظلال السنين وعندما علمت علوية بالأمر لم تفعل ما فعلته في الزيجة الأولى.

أعمال الفنان محمود المليجي 

قدم الفنان محمود المليجي العديد من الأعمال الفنية المميزة ومنها الآتى. 

قبلة في الصحراء، وداد، رجل بين امرأتين، صلاح الدين الأيوبي، الحب الضائع، غروب وشروق، إسكندريه ليه، حدوتة مصرية.

 أشهر الجمل الخالدة للراحل محمود المليجى

«كنا رجالة ووقفنا واقفة رجالة»

«قول ندمت وتوبت ولن أكون زملكاوي»

«أنا الرجل الكبير يا مصطفي»

«طب واللي خلق الخلق»

الجوائز التي حصل عليها الفنان محمود المليجي 

حصل على جوائز كثيرة منها «وسام العلوم والفنون» عام ١٩٤٦، و«وسام الأرز» من لبنان عن مجمل أعماله الفنية في العام نفسه ، وقد كرمته الدولة المصرية تقديراً لجهوده ولدوره البارز في مجال الفن، فحصل على جوائز عدة، منها «الميدالية الذهبية للرواد الأوائل»، وجائزة «الدولة التشجيعية في التمثيل» عام ١٩٧٢، و«شهادة تقدير» في عيد الفن عام ١٩٧٧. كما عين عضواً في مجلس الشورى ،وذلك في عام ١٩٨٠.

وفاة الفنان محمود المليجي

توفي الفنان محمود المليجي في يونيو ١٩٨٣ وكانت لحظة وفاته عندما كان يستعد لتصوير آخر لقطات دوره في فيلم «أيوب» في الاستديو في تمثيل مشهد الموت، وجلس وطلب أن يشرب فنجان قهوة وهنا أخذ يتحدث مع الفنان عمر الشريف الذي يشاركه في الفيلم عن غرابة الحياة عن النوم والاستيقاظ، وفجأة أمال رأسه كأنها في حالة نوم عميقة، وكل من في الاستديو يعتقدون أنه مشهد تمثيلي يؤديه، وأخذ بعض الناس يضحكون مع استمرار شخير الفنان كلمه الممثل عمر الشريف طالبا منه أن يكف عن ذلك، ولم يكن يدرك أن المليجي قد وافته المنية في هذه اللحظة وهو يمثل مشهد الموت، مما أثار اندهاش وتعجب الجميع اعتقاداً أن الفنان محمود المليجي يمثل، وآخرون اعتقدوا أنه نام، ولم يدر في بال أحد أنها اللحظة الأخيرة.

المصدر مركز معلومات أخبار اليوم