أشعر باطمئنان كلما حاورت أحد هؤلاء المسئولين المصريين الذين يتحدثون بهدوء وبتأن وبثقة شديدة،ذلك التأنى الذين أصبحنا كلنا كمصريين فى حاجة إليه مؤخرا بعد أن علا الضجيج فى كل مكان ولم يعد أحدنا يسمع الآخر،الشخص الهادىء فى كلامه والمسيطر على انفعالاته تجده فى الأغلب الأعم صاحب رؤية وبصيرة نافذة،يؤدى عمله باتقان شديد تحت أى ظرف ومهما كانت الضغوط التى تحيط به.

ومن هؤلاء المسئولين الذى شعرت أنهم ممن تنطبق عليهم كل تلك المواصفات هو السفير أحمد فاروق قنصل مصر العام فى نيويورك ورغم أنه يتصف بما يتصف به غالبية من يعملون، فى السلك الدبلوماسى إلا أنه يتمتع أيضا بصفات شخصية عديدة ساعدته على النجاح فى عمله وهو ما لمسته من الاشادة المتكررة به من أعضاء الجالية المصرية بنيويورك وهى مايعنى نجاح الرجل فى مهمته، التقينا بالسفير فى مكتبه بالقنصلية المصرية فى قلب مانهاتن.

بداية أود معرفة العدد الحقيقى لأبناء الجالية المصرية فى نيويورك حيث غالبا ماتتضارب الارقام ونادرا مانسمع رقم واحد من مصدرين مختلفين؟

تحديد الرقم الفعلى للمصريين فى نيويورك مسألة ليست سهلة كما يعتقد البعض،فعدد المصريين المسجلين فى القنصلية يبلغ 55 الفا بينما يبلغ العدد الفعلى فى الساحل الشرقى للولايات المتحدة ( 13 ولاية ) نحو نصف مليون مصرى على الأقل، ممايجعل من الصعوبة عمل حصر دقيق للمصريين فالسلطات الأمريكية لا تمنحنا بيانات عن الحاصلين على الجنسية الأمريكية وتعتبرهم مواطنينأمريكيين لا يجوز لها أن تعطى بياناتهم لأى جهات اجنبية باعتبارهم مواطنين من دافعى الضرائب للولايات المتحدة ولا تقدم بيانات عن المصريين غير المقيمين إلا فيما يخص الطلبة او القادمين للعلاج او السياحة. لكن من خلال المعلومات المتوفرة لدينا يوجد أكثر من نصف مليون مصرى يعيشون فى ولايات الساحل الشمالى التى تقع فى دائرة اختصاص قنصلية نيويورك ما بين مصرى ومصرى امريكى لكن المسجلين لدى القنصلية52 الفا فقط والباقين غير مسجلين.

تيسيرات التسجيل

هل هناك صعوبات ربما تعيق عملية تسجيل المصريين لاسمائهم وبياناتهم وتجعلهم يترددون فى التسجيل؟

التسجيل لدى القنصلية مجانا ولا يلزم حضور المواطن بنفسه ليقوم به ويمكن إرساله بالبريد مع صورة جواز السفر ورقم الهاتف والعنوان البريدى أو عن طريق التسجيل من خلال موقع القنصلية على شبكة الإنترنت،وأهميته تكمن فىربط المواطنين بالوطن وابنائهم من الجيل الثانى ومعرفة ما يدور مثل لجان تسوية التجنيد، أو عقد امتحانات للأبناء بالخارج وخدمات تجديد الرخص والتوكيلات وجوازات السفر وجميع الأحوال المدنية باستثناء طبعا المعاملات التى تستلزم وجود المواطن بنفسه مثل استخراج بطاقات الرقم القومى حيث تحتاج وجود صاحب البطاقة لتصويره وكذلك التوكيلات القانونية للتوقيع أمام الموظف المختص.

ربما لا يدرك بعض أبناء الجالية أهمية التسجيل فهل هناك حملات للتوعية بهذا الشأن؟

بالطبع نحاول بكل الطرق توعية المواطن المصرى المقيم بالولايات المتحدة أهمية التسجيل لدى القنصلية لأن عملية التسجيل تفيده مثلا فى حالات كثيرة منها مثلا فى حالة فقدانه جواز السفر او سرقة متعلقاته الشخصية حيث يمكن للمسجل لدى القنصلية استخراج كل أوراقه كما يتيح التسجيل بالقنصلية الإطمئنان على المصريين كما حدث فى حالاتالطوارىء والكوارث سواء الطبيعية مثل إعصار ساندى أو الحوادث الارهابية مثل تفجيرات بوسطن وغيرها.

تواصل مستمر

كيف تتواصل القنصلية مع أبناء الجالية،وهل هناك لقاء دورى مثلا يتم تنظيمه للتعرف على مطالب ابناء الجالية والمشاكل التى قد تواجههم؟

التواصل مع أبناء الجالية لايتوقف سواء على المستوى الفردى حيث نستقبل هنا فى القنصلية كل من يطرق بابنا لقضاء مصلحة أو للاستفسار عن أى شىء وربما تكون المشكلة انه يوجد 30 جمعية مصرية أمريكية مسجلة بالقنصلية وتوحيدهم قد يكون صعبا فى الأجل القصير ولذا من المهم تشجيعهم جميعا وتقوية المنافسة فيما بينهم.فالتواصل هو ما يطلبه المصريون فى الولايات المتحدة الأمريكية وأهم ما تحرص عليه القنصلية وهى لا تطلب من كل مقيم إلا بريدهالاليكترونى فقط لترسل له أخبار القنصلية أولا باول وترد على استفساراته.

هل تقوم القنصلية بدور فى جذب المصريين من أبناء الجالية للاستثمار فى مصر؟

رغم أن رعاية شئون أبناء الجالية هو الدور الرئيسى للقنصلية إلا أننا لا نتردد فى المساهمة فى أى عمل يساعد فى زيادة استثمارات أبناء الجالية فى وطنهم الأم فالقنصلية ترعى الجميع انطلاقا من قناعتنا بأن المصريين يعيشون فى الخارج بجسدهم وقلوبهم معلقة بالوطن طول الوقت.وقد طالبت أكثر من مرة من المسئولين فى الحكومة بمصر ايجاد مزايا تفضيلية للمستثمرين المصريين المقيمين فى الولايات المتحدة وهذه ليست بدعة حيث كثير من دول العالم تقدم ميزة تفضيلية لأبنائها بالخارج لتشجيعهم على الاستثمار فى بلدهم الأم.كما أتمنى سرعة تفعيل نظام الشباك الواحد والذى أصبح أمرا حتميا لأن أكثر ما يعانيه المستثمرون المصريون المقيمون فى الولايات المتحدة الأمريكية إذا توجهوا باستماراتهم لمصر هو طول الاجراءات والتى تصيب البعض بالملل والاحباط فيضطر للاتجاه إلى مناطق اخرى تتفنن فى تسهيل كل الاجراءات أمام المستثمرين.

أعمال اجتماعية

ما أبرز المجالات التى يحرص المصريون من أبناء الجالية على المساهمة فيها فى مصر؟

مساهمات المصريين فى الأعمال الاجتماعية أكبر من أى تصور فقد أسهموا بقوة فى بناء مستشفى سرطان الأطفال وفى تقديم معدات لمركز مجدى يعقوب للقلب باسوان ومركز الكلى بالمنصورة ومشروع « معا « لتطوير العشوائيات وكل ذلك دون دعاية او اعلان ولازال عطاؤهم مستمرا.

هل معنى ذلك أن أبناء الجالية يثقون أكثر فى المشروعات المصرية التى يقيمها القطاع الخاص أكثر منالمشروعات القومية التى تتبناها الحكومة بدليل عدم الاقبال على شهادة بلادى الدولارية بالصورة التى كنا نتوقعها؟

لا الأمر هنا يتعلق بالاجراءات خاصة أن النظام المصرفى فى الولايات المتحدة الأمريكية له قواعد صعبة إلى حد كبير خاصة فى تحويل الأموال للخارج وهى التى منعت الكثير من المصريين من المساهمة فى شراء هذه الشهادات

بالمناسبة كم يبلغ حجم التبادل التجارى مع مصر وهل تراه مناسبا؟

يدور حجم التبادل التجارى بين مصر وأمريكا حول مبلغ مابين 8 و9 مليارات دولار سنويا وهو بالتأكيد ليس كافيا ونسعى لمضاعفته والمكتب التجارى فى نيويورك يتبنى مبادرات جيدة لزيادة هذا الحجم بما يفيد الاقتصاد المصرى وتعد الإليكترونيات هى أبرز الصادرات الأمريكية لمصر بينما تقوم مصر بتصدير المواد الخام والملابس والمنتجات القطنية خاصة فى اطار اتفاقية الكويز كما تصدر مصر كميات كبيرة من المواد الغذائية للولايات المتحدة الأمريكية.

مساهات فعالة

هل هناك اقبال من أعضاء الجالية على حضور أى فعاليات تخص مصر فى نيويورك؟

أبناء الجالية يحرصون على دعم أى احتفالية تتم فى الولايات المتحدة الأمريكية وعلى سبيل المثال وليس الحصر حدث على هامش اجتماعات الجمعية العامة الـ70 للامم المتحدة الأخيرة بنيويورك أن قامت هناك جمعيات مصرية بالولايات المتحدة بتنظيم حملات دعائية لتشجيع الاستثمار والسياحة فى مصر مستغلين هذا الحدث العالمى حيث كانت كل أنظار العالم تتجه صوب مدينة نيويورك.وقام بعض رجال أعمال مصريين كذلك بتأجير مراكب نهرية وسيارات وأتوبيسات بالإضافة إلى لوحات إعلانية ضخمة بميدان تايمز سكوير أشهر ميادين نيويورك للترويج لمصر فى الخارج،هذه الفعاليات تعكس المعدن الأصيل للجالية المصرية ومدى ارتباطهم بالدولة الأم رغم وجودهم بالخارج.

ماهى أبرز الخدمات التى تقدمها القنصلية لأبناء الجالية وماهى أبرز الصعوبات التى تواجهها القنصلية فى التعامل مع أبناء الجالية؟

جميع الخدمات التى يحتاجها المواطن المصرى المقيم فى مصر نوفرها هنا للمواطن المصرى المقيم بالولايات المتحدة الامريكية سواء كان حاصل على الجنسية الامريكة ويتواصل معنا أو كان مقيما ولكنه لم يحصل بعد على الجنسية، وأود هنا الإشارة إلى أن القنصلية المصرية حصلت على أفضل تصنيف قنصلى فى توفير خدماتها للجالية المصرية والسلطات الأمريكية تشيد بالجالية المصرية التى تعد من أفضل الجاليات المهاجرة للولايات المتحدة الأمريكية ويكاد يكون سجلها منعدم فى معدلات المخالفات القانونية مقارنة بالجاليات الأخرى وعلى فكرة أنا أحرص على المشاركة فى الاجتماعات الدورية لجمعية القناصل الأجانب والتى يحضرها ممثلون رسميون للولايات المتحدة وفى كل لقاء ألمس كيف أن الجميع يحسدوننا على الجالية المصرية لأن مشاكلها قليلة جدا ولا تقارن بمشاكل الجاليات الاخرى،فالمصرى جاد فى عمله ويسعى دائما للحفاظ على (لقمة عيشه) وكل مايشغله هو ان يحول ما يستطيع من دولارات لذويه او رفع مستواه التعليمى أو تعليم أولاده فى افضل الجامعات.

هل هناك أى شكوى من ارتفاع أسعار الخدمات التى تقدمها القنصلية للمصريين او للأمريكيين الراغبين فى الحصول على تأشيرة لمصر؟

بالعكس أسعار الخدمات بالقنصلية فى متناول الجميع وكلها معلنة ومتوافرة على موقع القنصلية على الإنترنت وأعلى تكلفة هى لجواز السفر لبدل فاقد وهو125 دولارا وجميع أسعار الخدمات فى متناول إمكانيات الجميع كما يتم استخراج التوكيلات فى نفس الوقت وهى أسعار متداولة ونبذل اقصى جهدنا لتوفير كل الخدمات للجالية المصرية في11 ولاية فى الساحل الشمالى وقد قمنا بتعميم الخدمات الإليكترونية بشكل واسع لخدمة أبناء الجالية كما يمكن طباعة التوكيلات وتوقيعها فى القنصلية كما نعد قاعدة بيانات لعمل أعلى مستوى من الخدمة يضاهى أفضل الخدمات للقنصليات فى العالم وحصلنا على أفضل تصنيف قنصلية وبالنسبة لرسوم الحصول على التأشيرة تعتبر عادية جدا بل وضئيلة مقارنة برسوم الحصول على تأشيرة دخول أمريكا ولم نتلق أى شكوى بخصوصها.

خدمات الجالية

ما الخدمات التى توفرها القنصلية للجالية ؟

كل المسجلين بالقنصلية يتم اطلاعهم على الخدمات التى توفرها القنصلية وإخطارهم بكل ما هو جديد فى مصر على الصعيد الاجتماعى أو الاقتصادى أو طرح أراضى أو فرصاستثمارية وذلك من خلال البريد الإليكترونى أو برسالة على الهاتف وقد أنشأنا إدارة بالقنصلية لهذا الغرض. وبالنسبة للرقم القومى تم الإتفاق مع مصلحة الأحوال المدنية كلما يصل العدد لـ500 طلب تحضر لجنة من مصر وبمجرد الانتهاء من البطاقات يتم عرض الأسماء على الموقع الإليكترونى للقنصلية ليتقدم المواطنون ويتسلمونها.وبالنسبة لشهادات الميلاد لمواليد أمريكا يتم استخراج شهادات ميلاد أمريكية وبالنسبة لحديثى الولادة فيتم إرسال صورة من شهادة الميلاد الأمريكية وصورة من جواز سفر الأب أو الأم حيث نقوم بإخطار مصر وبعد أسبوعين أو ثلاثة يتم إستخراج شهادة ميلاد بالرقم القومى للمولود أما بالنسبة لمن تخطى الـ21 سنة فعليه أن يتوجه بنفسه للقنصلية لإستخراج أوراقه وقد طلبت من زملائى هنا فى القنصلية توعية كل مواطن بأهمية أن يترك ايميله لديه القنصلية ليكون على اتصال بكل ماهو جديد سواء فى الاجراءات او فيما يخص مصر بشكل عام.

مشكلة بيت الوطن

سمعت بعض الشكاوى من المصريين الحاجزين فى مشروع بيت الوطن حيث سددوا الدفعة الاولى ولا يطالبهم احد بالدفعة الثانية ولا يعرفون ما مصير الدفعة الاولى حتى الآن وهو مايتسبب فى فقدان ثقتهم بالمشروع فكيف يمكن معالجة مثل هذه الأزمة؟

تلقيت فعلا مثل هذه الشكاوى ويتم حاليا التنسيق والاتصال بوزارة الاسكان لحل مشاكل الحاجزين فى مشروع بيت الوطن واتمنى حل المشلكة قريبا لان هناك حماسا كبيرا من جانب المصريين فى الولايات المتحدة للمساهمة فى المشروع والحصول على بيت لهم فى الوطن وهى أمنية كل مغترب فى اى زمان ومكان ولا نريد لهذا الحماس أن يفتر.

الجيل الثانى

كيف يمكن ربط أبناء الجيل الثانى والثالث من أبناء مصر فى المهجر ببلدهم الأم؟

هناك ترتيبات تتم حاليا لجعل رحلات الجيل الجديد التى تقام بالتعاون مع وزارتى الشباب والهجرة كل 6 أشهر بدلا من كل عام وبأسعار مخفضة،وبناء على مطالب المصريين المقيمين فى الولايات المتحدة تخفيض اسعار التذاكر على الشركة الوطنية لتشجيعهم على السفر الى مصر سوف ننظم لقاء قريبا بين مسئولى الشركة وممثلى الجالية لبحث حل هذه المشكلة.فعدد المصريين فى الخارج يقترب من 10 ملايين ومن الممكن مع مجموعة من الحوافز جعل الكثيرين منهم يقضون اجازاتهم فى مصر ممايسهم فى تحريك النشاط السياحى خاصة فى الوقت الراهن.