يأتي لها زوارها من كل المحافظات، قلوبهم تسير بهم إلى مقامها وكلهم رجاء بأن يقضوا في حضرتها ساعات تسمو فيها روحهم أو بحثا عن شفاعة يقضون بها حاجاتهم، وداخل ضريح السيدة زينب تجد نماذج مختلفة من الزوار.

تختلف مستوياتهم الثقافية والاجتماعية والمادية، ولكن جمعهم ضريح واحد يحرصون على زيارته والتبرك بصاحبته رضي الله عنها وأرضاها، يشقون أمواج البشر في ميدان السيدة يدخلون المسجد ويؤدون صلاتهم فرضًا وسنة ثم يتوجهون إلى الضريح المبروك، فيؤدون ركعتين لله تبركا به، ثم يسألون الله حوائجهم وكلهم أمل في الشفاعة.

وداخل الضريح سمعنا العديد من العبارات التي قد يختلف الناس الذين فيه،ولكن تتوحد عباراتهم،بعضهم يمسك بأسوار الضريح يلصق جبهته عليه، أو يمسك حديده وهو ينظر إلى الضريح بغطائه الملون.

يكتفي بعضهم بالمناجاة فلا تكاد تسمع صوته، ولكنك تري دموعه،في حين يعجز آخرون عن كتم نجواهم،وتتعالي أصواتهم: "يا طاهرة ارزقينا.. يا أم هاشم.. يا أم العجايز اهدينا واشفينا وعافينا"، ولا يخلو الأمر من وضع الأموال داخل صندوق النزور، ويزيد بعضهم على ذلك، بوضع نسخة من القرآن الكريم أعلى صندوق النزور.

لم يكن غريبًا أن يطلب أحد العاملين على خدمة المقام، وهو يجلس على كرسيه الخشبي من الزائرين أي نقود «عشان خاطر السيدة زينب» سألناه :لماذا؟.. فرد علينا: «أي حاجة علشان السيدة زينب.. هاتي هاتي أي حاجة قبل الدخول، وبالفعل أعطيناه ما فيه النصيب، وتجولنا بين الزائرين».

وتقول لنا سعاد أبو ضيف، جئت أنا وابنتي لزيارة السيدة زينب، لعل الله يهدي ابنتي ويشرح لها صدرها وتعبر الحالة النفسية السيئة التي تمر بها، فهي تبكي بحرقة دون سبب منذ أيام.

كما يحرص محسن متولي على زيارة السيدة زينب من أجل الشعور بالراحة، ويقول بعد الزيارة وأداء الصلاة في السيدة زينب تتفتح لي طاقات العمل والرزق، ويشير إلى الزوار ويقول: هكذا الحال، فالدموع تنهمر من كل من يطلب شيئًا من السيدة.

وتقول لنا السيدة نهي فاخر: "المال والبنون زينة حياة الدنيا، وتوضح أنها تقوم بزيارات متكررة للست ام هاشم وتقول : أدعو الله وأنا في الضريح بأن يرزقني بسند ليا في الدنيا ليزين حياتي التي أصبحت بلا طعم بعد أن فقدت الأمل في الانجاب".

يبقى أن حسين شريف، وربما لا يكون ذلك اسمه الحقيقي، قدم إلى السيدة قادما من الصعيد هربا من الثأر، ويقول لنا: زارتني في منامي أم هاشم، وطلبت مني اللجوء إليها لحمايته من التار، بعد أن تم قتل ابني وهروبي إلى الجبل خوفًا على حياتي، ولازمت مقامها منذ جاءتني في منامي وقررت بعدها أن أعيش بجانب «ريحة من روائح آل البيت».

في المقابل لا يريد سعيد منتصر "أي حاجة" من السيدة زينب، فهو لا يريد سوى حبها الذي لا يتوقف داخل القلوب، ويقول إنه يوميًا يأتي إلي المقام، ممسكًا بالسبحة وجالسًا أمام الضريح يبكي حبًا في بنت ابنة رسول الله صلي الله عليه وسلم.

تركنا المقام وخرجنا حيث كان المريدون في الخارج لا يقلون عمن هم في الداخل، ومن بينهم «ساقي المياه»، الذي يسقي كل من زار الضريح، من أجل أن يروي عطشه في حر الصيف أو الشتاء، مؤكدًا أن المياه «مقروء عليها» بحسب قوله، وتشفي كل مريض وكل عليل.