بينما كانت جمعيات المستهلك تشكو من ارتفاع أسعار اللحوم والبروتين الحيواني بشكل عام، كان "الأرز" يقف صامدا محتفظا بخصوصيته، كطعام يتشارك فيه الأغنياء والفقراء.
احتفظ الأرز بهذه الخصوصية، لسعره المنخفض، والذي لم يكن يتأثر في السابق بحركة الدولار صعودا وهبوطا، لكونه سلعة محلية، ولكن فجأة وصل سعر كيلو الأرز في بعض المناطق إلى 8 جنيهات، وبات مرشحا للدخول في منطقة العشر جنيهات، بما يهدد بتحوله من طعام يتشارك فيه الفقير والغني، إلى طعام قاصر على الأثرياء فقط.
محمد عبد الجواد، المقيم في محافظة المنوفية، لم يشغل باله بالأسباب التي أدت لارتفاع سعر الأرز، وقال: "كل ما يشغلني، هو كيف وصل سعر الكيلو إلى سبعة جنيهات".
ويعود عبد الجواد إلى الخلف شهور قليلة، عندما كان سعر الكيلو لا يتجاوز الثلاث جنيهات ونصف، ليتساءل: "هو أيه اللي حصل، كيف أصبح الكيلو بسبعة جنيهات".
وقبل حلول شهر رمضان، صار لدى المستهلك قناعة بأن أسعار الأرز ستتحرك لتكسر حاجز العشرة جنيهات، وهو ما دفع عبد الجواد إلى المشاركة في موجة تخزين الأرز.
وأضاف: "مثلي مثل ملايين المستهلكين، خزنت حوالي 30 كيلو من الأرز، ما حدش عارف بكره فيه أيه".
وتكررت المخاوف ذاتها عند سيدة شافعي "ربة منزل"، مقيمة في أحد أحياء وسط القاهرة.
سيدة التقتها "بوابة أخبار اليوم" عند مدخل منزل، فأشارت إلى "كرتونة" من البيض كانت توجد فوق ثلاجتها، التي وضعت في مكان قريب من باب المنزل.
وقالت في إشارة إلى الارتباط بين البيض والأرز في حياة الأسر محدودة الدخل: "كنا بنعمل كيلو أرز ونسلق خمس بيضات، وكنا بنقضيها، دلوقتي الأكله دي كمان سعر الأرز هيغليها، هو أيه اللي حصل عشان نوصل للحالة دي؟".
ماذا حدث؟
لا توجد إجابة محددة على سؤال السيدة، فكثير من الإجابات قدمت خلال الأسبوع الماضي، بعضها يرجع إلى سلوكيات المستهلك، واتجاهه إلى تخزين الأرز، خوفا من ارتفاع سعره، والبعض الآخر يتعلق بسلوك التجار، واتجاههم إلى تخزين الأرز، لتعطيش السوق ومن ثم رفع الأسعار، في حين ذهب آخرون إلى أن السبب يتعلق بسوء إدارة من وزارة التموين.
رجب شحاتة، رئيس شعبة الأرز في الغرفة التجارية التابعة لمحافظة القاهرة، فاجئنا بأن كل هذه الأسباب مجتمعة أثرت في ارتفاع أسعار الأرز.
وقال شحاتة: "هناك شائعة سرت حول ارتفاع سعر الأرز، واستغل التجار هذه الشائعة، وقاموا بتخزين كميات كبيرة، لتعطيش السوق ومن ثم رفع سعره، والمستهلك ساعد في ذلك بتخزينه الأرز، ووزارة التموين تدير الأزمة بعشوائية".
وشدد شحاتة، على أنه لا توجد أزمة في كميات الأرز، ولكن المشكلة في السعر، وهو ما يمكن التغلب عليه بتوفير وزارة التموين كميات عبر المجمعات الاستهلاكية.
هدية التجار
وفي سعيها لحل المشكلة، وقعت غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات يوم السبت الماضي بروتوكول تعاون مع وزارة التموين لتوريد 50 ألف طن من الأرز، لمواجهة ارتفاع الأسعار خلال شهر رمضان.
ويقول رجب: "هذه الكمية ستوردها المضارب بسعر 4.5 للكيلو، كهدية منهم إلى المصريين، ولكن الحل النهائي يحتاج لسياسة متوازنة من الوزارة في التعامل مع المضارب".
ويضيف: "الوزارة تتعامل بعشوائية في توفير المخزون الذي تحتاجه، فعندما تحتاج تتواصل مع مضرب ما، ثم تقوم بتغييره بعد ذلك، دون أن تكون هناك سياسة واضحة".
والسياسة الواضحة في رأي رجب، لن يتم رسمها، إلا إذا تعاملت الوزارة بشكل مؤسسي مع غرفة صناعة الحبوب، لتتولي بدورها المساعدة في التوريد، كما حدث في الاتفاقية الأخيرة لتوريد 50 ألف طن.