منذ ساعات قليلة أعلن مكتب التحقيقات وتحليل بيانات الرحلات الجوية الفرنسي BEA، عن قيام الطائرة المصرية MS804 المنكوبة بإرسال ثلاث إشارت أوتوماتيكية تُعرف في عالم الطيران باسم ACARS، عن وجود دخان على متن الطائرة وكذلك حدوث ماس كهربائي قبل السقوط..

وهو ما يحلله في السطور التالية جيرار أرنو، رئيس هيئة سلامة الطيران المدني في فرنسا في حوار مع صحيفة الإكسبرس الفرنسية..

في البداية يقول أرنو: «لست أفهم لماذا لم يُعلن عن ذلك منذ البداية، ولماذا هذا الإفصاح عن المعلومات بالقطارة، ولماذا هناك صمت يُمارس ومحاولات غير مبررة للإثارة، في الحقيقة إن ما تفعله السلطات الفرنسية أمر لا يمكن أن يتحمله أسر الضحايا.. الكل يعلم أن سقوط أي طائرة يعني بشكل تلقائي أن هناك دخان قد انبعث وأن الأجهزة ترسل إشارات أوتوماتيكية بذلك.. النتيجة هو أن لدينا في فرنسا إحساس دائم بأن هناك من يريد إخفاء المعلومات».
وعن تصريح وزير الطيران المصري بإمكانية وجود عمل إرهابي خلف الحادث، قال أرنو: «الرجل لديه الحق في أن يذهب لما ذهب إليه فنحن لا نمتلك الكثير من القرائن على ما نقول».

في تفاصيل البيان الذي أصدره BEA فإن ما حدث كان على النحو التالي: الخلل الأولي الذي تم التوصل إليه كان في عمل الأجهزة المضادة للتثلج وفي أجهزة الكشف عن الدخان بالحمام وهو ما حدث في تمام الساعة الثانية و26 دقيقة من صباح الخميس 19 مايو، وبعد ذلك بدقيقة واحدة تم اكتشاف دخان آخر في المخزن الألكتروني (يحتوي على 80 جهاز حاسب آلي صغير الحجم عليها بيانات الطائرة) قبل أن يتعطل الطيار الألي، ثم اختفت الطائرة بعد ذلك بدقيقة واحدة.

وتعقيباً على هذا السيناريو العجيب، حيث لم يسبق أن أصاب العطل طائرة في عدة أماكن متفرقة في هذا الزمن القصير للغاية، علق أرنو: « إن هذا هو أسوأ سيناريو على الإطلاق يمكن أن يحدث لطائرة حديثة التصنيع (الطائرة المنكوبة موديل إيرباص 320 عام 2003)، وما جاء في بيان BEA هو حالة نادرة الحدوث، ولو افترضنا أن ذلك حدث فعلاً فإنه يتطلب من طاقم القيادة القام بإجراءات مرهقة للغاية كعزل الأماكن التي ينبعث منها الدخان عن بعضها البعض، ومراجعة ورق الصيانة في أسرع وقت ممكن، وقبل كل ذلك إنزال أقنعة الأوكسيجين للركاب، ثم العمل على إنقاذ الطائرة وهو ما يعني عدم وجود وقت كاف للاتصال بالخارج.

في الواقع، هذا السيناريو يطرح الكثير من الأسئلة أكثر مما يقدم إجابات، إذ كيف يمكن تفسير حدوث ماس كهربائي؟ طالما أن الدخان تم اكتشافه في دورة المياه وفي مخزن الألكترونيات الذي يقع في مقدمة الطائرة؟ هل اكتست مقدمة الطائرة بالكامل بالدخان؟

في الوقت الراهن أعتقد أنه ينقصنا الكثير من المعلومات التي لا يمكن لأجهزة أوتوماتيكية تزودنا بها».

ويبقى سؤال هام: هل يمكن أن نثق 100% بأن هذه الإشارات بوجود دخان قد صدرت بالفعل؟

يجيب أرنو بثقة: نعم، لأن ذلك ببساطة يحدث أوتوماتيكياً، ولكن ذلك غير كاف على الإطلاق.. فقط الصندوقين الأسودين للطائرة بإمكانهما إخبارنا المزيد.
وما يحزنني في تلك المرحلة هو عدم وجود اتصال مباشر من القيادة إلى الإعلام مباشرة.. من الأفضل التعامل بشفافية،حيث كان من المفترض أن يكون البيان الأول الصادر عن السلطات الفرنسية منذ البداية هو: فقدنا الطائرة كذا وأنها أرسلت الإشارات كذا وكذا قبل اختفائها.

وأخيراً يفسر أرنو هذا الكشف عن المعلومات بالقطارة بقوله: « يجب الأخذ في الاعتبار أن الطائرة اختفت في نطاق جيوسياسي حساس للغاية، وأن هناك مخاطر صناعية جمة قد تطال شركة ضخمة مثل إيرباص.. ولكن أكرر مرة أخرى أن كل ذلك لا يمكن احتماله من قبل أسر الضحايا.. نحن نعيش في حالة من الجنان تماماً كما حدث في مارس من العام الماضي حينما كان نائب عام نيس هو أخر من يعلم بأمر تحطم طائرة جيرمان وينجز، إذ أخطره BEA بذلك في وقت متأخر جداً بعد وقوع الحادث.

جدير بالذكر أن جيرار أرنو صرح في وقت سابق لصحيفة ليبراسيون أن فرضية الخطأ التقني في حادث الطائرة المصرية ضعيفة، وأنه من السهل لعناصر إرهابية التسلل لمطار شارل ديجول وزرع قنبلة.

حادثة جيرمان وينجز 9525 كانت رحلة دولية تحطمت يوم 24 مارس 2015 وأقلت 150 راكباً لم ينج منهم أحد، حيث أقلعت الطائرة من برشلونة في أسبانيا وتوجهت إلى دوسلدورف في ألمانيا ولكنها اصطدمت قرب بلدية برادز-هوت-بلون في سلسلة جبال الألب، على بعد حوالي 100 كم شمال مدينة نيس.