◄الحوثي يسعى إلى شرعية انقلاب سبتمبر ٢٠١٤ .. وصالح يحلم بالعودة إلى السلطة
◄خمس سيناريوهات تواجه مباحثات الكويت أبرزها العودة من جديد لاستئناف المعارك
◄الحوثي يفاوض على الطريقة الإيرانية .. ووفد الشرعية يتمسك بالقرار ٢٢١٦
◄هدنة منتهكة.. وموقف دولي ضبابي .. واستمرار حصار تعز
حالة من التفاؤل الكاذب سادت الأوساط السياسية العربية في إمكانية أن تكون جولة مباحثات الكويت الأخيرة بين وفدي الشرعية اليمنية من جهة وبين وفد الحوثي وجماعة صالح من جهة أخرى.
بداية مرحلة جديدة تختلف عن سابقتها في جنيف ١ وجنيف ٢ ، وأن تكون مدخل لتحقيق السلام وعوده الاستقرار إلى ربوع اليمن في ظل الترويج لأنباء ظهر فيما بعد أنها غير صحيحة وتسريبات حول موافقة الحوثي وجماعة صالح على تنفيذ القرار الأممي ٢٢١٦ والنقاط الخمسة التي بلورها المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ باعتبارها أساسا للحل ومنها وقف القتال ويحب القوات من جميع المناطق التي سيطرت عليها الأطراف المتصارعة في وقت سابق وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة ووقف أي أعمال تعتبر من الصلاحيات الحصرية للحكومة الشرعية والإفراج عن المعتقلين والأسرى والسجناء والأشخاص الموجودين تحت الإقامة الجبرية والامتناع عن أي استفزازات أو تهديدات للدول المجاورة بما فيها استخدام صواريخ أرض أرض أو الاستيلاء علي مخازن أسلحة تقع في مناطق محاذية على الحدود أو داخل دول مجاوره والبدء في عمليه سياسية وفقا للمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني.
وكانت أول المؤشرات غير المبشرة تلكؤ وصول وفد الحوثي وصالح عدة أيام مما كان وراء تأجيل الحوار عن موعده ومقاومه للضغوط الدولية الإقليمية التي مورست عليه من قبل عواصم مختلفة وعندما استجاب لتلك الضغوط حرص الوفد علي التوقف في مسقط العاصمة العمانية والتي تمثل محطة مضمونة لإجراء مشاورات مع الجانب الإيراني ، حيث التقى وفق تقارير صحيفة مع مجموعة من المستشارين الإيرانيين وتم رسم خطة عرقلة المفاوضات القادمة على ضوء خبرات الإيرانيين السابقة في فن استهلاك الوقت والتملص من الوعود والتخلص من الالتزامات والاستحقاقات حتى لو كانت واجبة أو سبق الموافقون عليها.
والقراءة المتأنية لواقع مرحلة ما قبل جولة مفاوضات الكويت تكشف لنا أسباب التوقعات بأن تلحق جولة الكويت بسابقتها ونتوقف عند بعض تلك الأسباب :
أولا : عدم حدوث تغييرات درامية على ساحة القتال وبقاء الوضع على الأرض ، كما هو صحيح أن الشرعية استطاعت بمساعدة قوات التحالف تحرير مابين ٧٠ إلى ٨٠ % من الأراضي اليمنية ولكن هناك من الشواهد ما يؤكد آن الأمور ظلت على حالها ومن ذلك:
ا– حصار مدينه تعز التي تم فكه مؤخراً بدأ يعود بالتدريج بعد تخاذل السلطة وتراجعها عن مد الجبهات بالدعم اللازم.
ب- أن الجنوب تم تحريره من الحوثي وجماعة صالح ولكن السلطة الشرعية لم تتولي بعد زمام الأمور ولم تبسط سيطرتها الكاملة على الكثير من المناطق.
ج- استمرار تردي الأوضاع الأمنية والمعيشية في معظم الأراضي اليمنية
د- عدم الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار ووصلت عمليات انتهاك ذلك الاتفاق إلى المئات وعلى جبهات القتال وفي مناطق مختلفة مع استمرار تبادل الاتهامات بين الطرفين الشرعية وقوات التحالف من جهة وبين الحوثي وصالح من جهة أخرى باستغلال الهدنة وتزامنها مع وقف الغارات الجوية في عملية إعادة تموضع عسكري وإرسال تعزيزات عسكرية إلى مناطق يشعر كل طرف بضعف وجوده فيها أو يرغبون في تقويتها استعدادا لمعارك مستقبلية قادمة ، ومن ذلك إرسال تعزيزات عسكرية كبيرة إلى عدد من المحافظات مثل تعز وأب والبيضا والضالع وحجة وأطراف محافظة مأرب.
لقد تم استغلال الهدنة لعلاج الوضع العسكري المتفاقم خاصة مع الإنجازات المهمة والتقدم المتواصل للقوات الشرعية على صعيد محافظات تعز ومأرب وحجة والضالع ..وقد حاول الحوثي وجماعة صالح الادعاء بأن الانتهاكات مسئولية فردية لا تمثل موقف عام وهي كذبة كشف عنها قيام منظومة الدفاع الجوي التابع للتحالف العربي باعتراض صاروخ بالستيي في محافظة مأرب عيشه المفاوضات ومثل هذه العملية تحتاج إلى موافقات من المستويات العليا وكان إسماعيل ولد الشيخ أحمد متفائلا عندما تحدث عن نسبه ما بين ٧٠ إلى ٨٠ % تمثل التزام باتفاق الهدنة.
ثانيا : وجود خلاف شديد في الرؤى وتباين في نظره كلا من الطرفين أو الأطراف المشاركة في المفاوضات ، فعلى سبيل المثال الحوثي جاء إلى الكويت ليقطف ثمره جهوده العسكرية بتحقيق تسوية سياسية تتيح له المشاركة في العملية السياسية ، كما أن جماعة صالح جاءت تبحث عن آليات تمكنهم من الدفاع عن صالح وأسرته وتسعى إلى رفع العقوبات عنهم وإنهاء عمليه الإقصاء السياسي لهم مع التعامل بجديه مع فكره وجود خلاف حوثي مع جماعة صالح واتهامات متبادلة ومنها اتهامات بالتهميش والإقصاء واستئصال وجودهم في المؤسسات الحكومية وهو ما بدأ منذ الجولة الأولى من مشاورات جنيف ٢ في ديسمبر الماضي بعد فشل صالح في تشكيل حكومة لسد الفراغ السياسي في صنعاء واعتبار الحوثي بان هذا الأمر تهميش لهم ولنفوذهم وعندها ، وطالبوا بأن يتم التشكيل عبر اللجنة الثورية الذين يتحكمون فيها ، بينما طالب صالح بأن تكون عبر مجلس النواب والذي يضم كتله كبيرة من أنصار صالح ، كما وصل الخلاف إلى درجة التنافس حول إدارة الحرب وأحكام السيطرة حول كافة مناحي قيادة المعارك مع نجاح صالح وأنصاره في إحكام السيطرة على المؤسسات والمرافق الحكومية ومسرح العمليات اعتمادا على استمرار ولاء قيادات عسكريه كانت جزء من سلطته السابقة.
ومن المهم هنا التذكير بحقيقة قد تغيب عن ذهن البعض أن استمرار ذلك الخلاف ليس نقطه في صالح التحالف يمكن استثمارها لأنه في النهاية يصب في خانه عرقلة أي اتفاق سياسي.
ثالثا : ضبابية موقف الأمم المتحدة ومبعوثها إسماعيل ولد الشيخ في التعاطي مع القرار الدولي الخاص باليمن وهو القرار ٢٢١٦ وسط إشارات وتسريبات بان المبعوث الأممي في سبيل ضمان مشاركه وفد الحوثي وصالح في جولة مفاوضات الكويت لمح إلى إمكانية التراجع عن النقاط الخمس المطروحة للنقاش ورؤية الأمم المتحدة لهذه النقاط باعتبارها غير مسلسة ويتم النقاش فيها بشكل متوازي عبر لجان عمل تدرس آليات تنفيذيه للوصول الي اتفاق واحد شامل يمهد لمسار سياسي منتظم ، وحتى البيان الرئاسي الذي صدر أثناء جولة التفاوض في الكويت لم يكن بالقوة الواجبة حيث دعي إلى وضع خارطة طريق للانتقال السياسي ويطلب من الأمين العام تقديم تقرير خلال شهر حول انسحاب المليشيات وأعادهم الأسلحة إلى الدولة وإطلاق المسار السياسي والاتفاق على خرائط طريق لتطبيق الإجراءات الآمنية الانتقالية دون أي أدانه لموقف الحوثي وجماعة صالح وعدم التزامهم بالمواعيد المقررة لإجراء المباحثات من جهة أو التراجع عن موافقة سابقة على النقاط الخمس.
لقد كشفت جولة الكويت عن وجود أجنده مختلفة وأهداف سعى كل طرف الى تحقيقها .
وبالنسبة للحوثي كانت مطالبه الأساسية هي:
١– وقف استمرار تحليق طائرات التحالف فقط وليس وقف الحرب خاصه وان التحليق وان كان لايتم استخدامه كغارات جويه ولكنه يساهم في منعهم من أعاده تنظيم وتجميع صفوفهم وأعاده تموضعها
٢– محاوله شرعنه الانقلاب علي الشرعيه من خلال العوده من جديد الي تجربه اتفاق السلم والشراكه الذي وقعت عليه كافة الأطراف برعاية المبعوث السابق "بن عمر" في سبتمبر ٢٠١٤ والذي تضمن شقا أمنيا وسياسيا .. التزمت الحكومة بالشق السياسي ولم يلتزم الحوثي بالشق الأمني كالانسحاب من المدن والعاصمة وتسليم السلاح الثقيل الذي تم الاستيلاء عليه
٣- رفع العقوبات الدوليه المفروضة على علي عبدالله صالح وابنه وقيادات حوثية آخرى.
٤- البحث في النقاط الخمس بترتيب معكوس بمعني البدء في استئناف العملية السياسية وهذا ما كان واضحا في تصريحات محمد عبد السلام الناطق باسم جماعه انصار الله الذي قال " نحن نري الاولويه تأتي في حل سياسي لسلطه توافقيه في البلد وأضاف ليذهب الجميع الي الحل الشامل لا مشكله لدينا نقاش مسأله السلاح او الانسحابات من كل الأطراف " والهدف واضح هم يرغبون في ان يكونوا جزءا مهمها في الحكومه التي ستشرف علي تطبيق القرار ٢٢١٦ ويهدفون الي الدخول في مرحله انتقاليه واجراء انتخابات جديده قد تمكنهم من العوده بالتحالف مع صالح الي السلطه من جديد خاصه وأنهم تحولوا خلال عامين فقط من مجرد متمردين مطاردين في صوره عصابات وتشكيلات مسلحه الي شركاء سياسين يجلسون وجه الوجه امام الحكومه الشرعيه ورئيسها وتخاطبهم العواصم العالميه والأمم المتحده
وبعد نحن امام خمس سيناريوهات في اطار النظره الي مفاوضات الكويت وهي كالتالي :
الاول : رفع سقف توقعات وفد الشرعيه بما يعني استسلام الحوثيين وقبولهم بالنقاط الخمس التي حددتها الشرعيه الدوليه وفقا للقرار ٢٢١٦ واحتمالات هذا السيناريو ضعيفة لانه قوات الشرعيه والتحالف لم يحققا انتصارا كاسحا يساعد علي تحقيقه كما ان انتصارات قوات الشرعيه والتحالف لم تغير كثيراً من توازن القوي رغم الإقرار بانه يميل لصالح التحالف والشرعيه ولكن ليس بالدرجه التي تسمح بتمرير ذلك السيناريو
الثاني : العوده الي اتفاق السلم والشراكه والذي تم التوقيع عليه بعد سقوط العاصمه صنعاء في ٢١ سبتمبر ٢٠١٤ وهو سيناريو شبه مستحيل لانه ببساطه يعني العوده الي ماقبل عاصفه الحزم ويتعامل مع نتائجها كما لو كانت كما يعني ايضا إلغاء كل القرارات التي اصدرها الرئيس هادي ومنها أعاده بحاح رئيساً للوزراء وإلغاء قرار تعيين علي محسن الأحمر نائبا للرئيس واحمد بن داغر رئيساً للوزراء وتسليم سلطه هادي للحكومه عموما فهذا السيناريو يعني هزيمه عسكريه لم تتحقق للشرعيه والتحالف معا
الثالث : التوافق وهو الخد الأدني الذي قد تقبل به الجماعه الانقلابين بمعني تسليم العاصمه الي هادي واعلان حكومة جديدة وتقسيم حمايه العاصمة بين وحدات عسكريه من الطرفين وهو سيناريو قد يعطي انتصارا ظاهريا للتحالف ولكنه في مضمونه وحقيقته انتصار حقيقي للحوثي وصالح لانه يؤدي الي ابتلاع الدوله بشكل بطئ خاصه اذا تم التوافق علي دمج ميلشيات الحوثي دون تأهيل وقبل القيام بعمليه هيكله حقيقية للمؤسسة العسكرة والأمنية
الرابع : فشل جولة الكويت ومن ثم عودة الطرفين لاستئناف العمليات العسكرية لتحقيق انتصارات لأحد الطرفين مع اعتبار فترة المفاوضات فرصة لكسب الوقت وإعادة ترتيب القوات وهو يصب في مصلحة الجهة الأكثر قوة على الأرض مما يمهد للاستسلام الطرف الآخر.
الخامس : يعرف منهجيا باسم الصراع منخفض الشدة ويصبح اليمن من خلاله دولة منسية فاشلة تشنها الصراعات على السلطة وتتوزع القوة بين أمراء الحرب تحت أسماء قبلية أو فئوية أو مناطقية ويتحول اليمن إلى جار فاشل لا أحد يتذكره إلا على فترات متباعدة كما هو الأمر في الصومال وربما أسوأ.