أحلم بعلاج مليون كبد مصرية سنويا» جملة قالها الرئيس السيسي ولم تتوقف الآمال عند هذا الحد بل تعدت ذلك إلى الواقع فمنذ ما يقرب من عام انطلقت الشرارة الأولى لتحقيق حلم المصريين المصابين بالفيروس فانطلقت منظمات المجتمع المدني وتحت رعاية مبادرة الرئيس ومن قلب الريف حيث يسكن المرض ففي مدينة شربين بمحافظة الدقهلية حيث مقر مؤسسة الكبد المصرية.

أخد د. جمال شيحة رئيس مجلس الإدارة علي عاتقه مع فريق عمل أول خطوة علي طريق المبادرة بإعلانه خلو ١٠ قري من فيروس «سي» ومجانا دون أن تتحمل الدولة أي أعباء مالية في ذلك، ولم يكن هذا العمل الجبار لينجح لولا تضافر جهود أهل الخير من شرفاء مصر ورجال أعمالها الوطنيين ومنسقين متطوعين كان لهم الدور الفعال في تسويق الفكرة وإقناع المرضي خاصة في الريف بالدخول فيها حتي رسم الجميع ملحمة نتمني تكرارها فقد استطاعت هذه الحملة وجهود الدولة في معالجة أكثر من ٢٥٠ الف مريض «بفيروس سي» خلال العام الماضي فقط في حين ما تم علاجه من هذا المرض بالعالم كله ماعدا مصر لا يتعدي ٢٠٠ ألف حالة فقط.

«بوابة أخبار اليوم» خاضت التجربة وذهبت الي المرض في أعماق الريف ورصدت المبادرة بدءا من كونها فكرة أطلقها الرئيس حتي تم ترجمتها عن طريق منظمات أهلية ومتطوعين وطنيين ساهموا جميعا في نجاحها في هذا التحقيق.بعضهم يئس من الشفاء بعد أن وجد نفسه مطالبا بأموال للعلاج لاطاقة له بها، حتي جاءت مبادرة الرئيس وبتنفيذ من مؤسسة الكبد بعلاجهم بالمجان كطوق نجاة أعادتهم للحياة من جديد.. «أخبار اليوم» التقت بهم ورصدت معاناتهم:

مرزوق عبد العال «63 عاما».. أحد الفلاحين البسطاء الذين هاجمهم المرض بقسوة لا تتناسب مع ظروف معيشته البسيطة فهو أب يعول أسرة ولا يمتلك دخلا يستطيع الانفاق منه علي أولاده وتحمل تكاليف العلاج. حكي تجربته مع فيروس سي منذ بدء الإصابة حتي التعافي منه تماما فقال : أنا من قرية «الإبراهيمية البحرية» بدمياط وحين وصلت مبادرة العلاج في قريتنا كانت فرصة حقيقية خاصة بعد أن قال لنا المنسقون في القرية إن كل التكاليف بالمجان من التحاليل حتي الجرعات العلاجية. وبالفعل جاءت سيارات تابعة لجمعية الكبد بشربين لمركز شباب القرية وأجروا لنا التحاليل المطلوبة وبعدها ذهبنا لإجراء الكشف بشربين وبعدها أخذنا الجرعات المقررة للعلاج.. وتابع عبد العال : أحمد الله أن جسمي استجاب للعلاج من أول شهر وكانت النتائج مذهلة وتغير الحال بعد أن كنت طريح الفراش ولا أستطيع القيام بأي مجهود. وأود أن أوجه الشكر لكل القائمين علي هذه المبادرة وعلي رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسي ود. جمال شيحة وكل الذين ساهموا في نجاحها في قريتنا من المنسقين والشباب المتطوع وأتمني أن تعمم هذه التجربة في جميع أنحاء الجمهورية حتي يستفيد منها غير القادرين في عموم الوطن.
وتروي نبيلة عبد العزيز الخولي 49 عاما.. من قرية «ميت بدر حلاوة» مركز سمنود محافظة الغربية، حكايتها مع المرض فتقول إنها أثناء تواجد القافلة الطبية الخاصة بمشروع العلاج من فيروس سي شعرت ببعض الآلام فأجرت التحاليل وتبين منها إصابتها بالفيروس. وبعدها ذهبت مع آخرين لمقر مؤسسة الكبد بشربين وتم استكمال الفحوصات بالمجان وصرفوا العلاج ومن أول جرعة تبين استجابتها للعلاج واستكملت 6 جرعات حتي تماثلت تماما للشفاء وبعدها بشهر عاودت التحاليل ولم تحدث في القرية حالة انتكاسة واحدة.. وشكرت جميع القائمين علي هذا العمل.
عبد الرحيم عبد السلام.. من مركز كفر سعد بدمياط يحكي قصته مع المرض فيقول : حين اكتشفت المرض بالصدفة بعد حالات إعياء متكررة صدمت بالخبر وتقدمت منذ ثلاث سنوات للعلاج علي نفقتي الخاصة وكانت جرعات العلاج عبارة عن حقن ولم يستجب جسمي للعلاج وبعدها توقفت عنه بعد 24 حقنة، من أصل 48 وكانت صحتي بدأت في التدهور ثم جاءت الانفراجة باكتشاف العلاج الجديد من الفيروس وفور علمي بما تقدمه جمعية الكبد بشربين من خدمات مجانية تقدمت مع باقي المصابين من أبناء قريتي ووجدنا أفضل خدمة طبية ورعاية تفوق الوصف واستجاب جسمي للعلاج علي مدي 6 أشهر حتي شفيت تماما من المرض.
شوقي مروان عون 55 عاما.. من ميت بدر حلاوة مركز سمنود غربية قال : اكتشفت المرض منذ عام تقريبا وتواصلت مع جمعية الكبد بشربين والتي قدمت لنا كل الفحوصات والتحاليل مجانا واستكملت العلاج حتي شفيت تماما من الفيروس مع باقي المرضي من أبناء قريتي.
فريق النجاح
هم رجال مخلصون لوطنهم، سخروا كل جهودهم لخدمة مرضي بسطاء كاد أن يفتك بهم فيروس سي. كانوا فريقا لعمل استثنائي من التفاني والتضحية، ساهموا بجهدهم في نجاح مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي بعلاج مليون مريض سنويا.
د. جمال شيحة رئيس مجلس إدارة مؤسسة الكبد المصرية قال إن الإصابة بفيروس سي مشكلة عالمية ومصر ورواندا تحتلان المركز الأول عالميا في الإصابة ويعتبر ذلك وصمة عار في جبين الصحة المصرية بفضل الله نسعي للتخلص من هذا المركز المتردي ومؤخرا صدر بإحدي الصحف الأجنبية تقرير يوضح أن عدد حالات الوفاة بسبب الفيروس من الأمريكيين أكثر من عدد الذين يموتون بسبب أي مرض آخر بما فيها الإيدز. وتابع شيحة : يوجد بأمريكا أكثر من 3 ملايين مصاب بالفيروس وهذا الرقم جعل شركات الأدوية تتوجه باستثمارات بلغت المليارات لاختراع علاج للمرض. وفي العام الماضي تم علاج أكثر من 200 ألف حامل للفيروس بمصر من خلال المنظومة الحكومية وأكثر من 50 ألفا خارجها وفي المقابل نجد أن عدد من تم علاجهم في العالم كله لا يتعدي 200 ألف مريض بما فيهم الولايات المتحدة الأمريكية نفسها وهو مايؤكد اهتمام الدولة بمعالجة المصابين بهذا الفيروس حيث تم علاج في عام واحد ما عالجه العالم كله في نفس العام وحتي أمريكا نفسها لم يتعد المعالجون فيها 100 ألف مريض وهذا العام بمبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي ستضاعف وزارة الصحة رقم الحالات التي تم علاجها بالإضافة إلي أننا كمؤسسة أهلية سنقوم بعلاج عشرات الآلاف في القري المستهدفة ومنها العشر قري التي احتفلنا بتحقيق هذا الانجاز فيها الأسبوع الماضي.
وأشار شيحة إلي أن مؤسسة الكبد المصرية هي جمعية أهلية غير حكومية تعمل في المجال منذ أكثر من 20 عاما وتم وضع حجر الأساس لجمعية الكبد بشربين بمحافظة الدقهلية عام 2008 وفي 26 يوليو 2011 افتتح المعهد العلاجي الذي يستقبل 1000 مريض في المتوسط من خلال 14 عيادة تشمل كل ما يخص الكبد وتم تجهيزه علي أعلي مستوي لخدمة غير القادرين.
وأشاد شيحة بدور المنسقين المتطوعين الذين استوعبوا دورات التوعية قبل دخول القري وهو ما سهل مهمتهم في توصيل الرسالة الإعلامية المطلوبة وكذلك بعض الصحفيين والإعلاميين بذلوا جهدا كبيرا في تحقيق هذا الحلم. وتمني شيحة مساعدة كل الجهات المعنية من وسائل إعلام بالاضافة إلي المشاركة المجتمعية لحث الأغنياء علي التبرع لرفع المعاناة عن البسطاء. وأوضح «شيحة» أنه مازال العمل مستمرا في 25 قرية.. مؤكدا أن المطلوب هو الوصول لألف قرية بما يعني علي الأقل نصف مليون مريض وهو نصف ماتمناه الرئيس عبد الفتاح السيسي في عام.
الوصول لمحافظات الصعيد
وعن تقديم الخدمة لأهل الصعيد قال شيحة : توجهنا للجنوب وخاصة في أسوان باعتبارها محافظة مستهدفة بالكامل وفي أقل من عام ستكون خالية من فيروس سي وتواصلنا مع اللواء مجدي حجازي في سبيل تجقيق هذا الهدف. وبالفعل تم إنشاء مركز لمؤسسة الكبد هناك منذ شهرين ويعمل حاليا ويستقبل مئات المرضي وسنقوم بعمل قافلة في مركز «كوم امبو» ومركز «دراو» وسنختار عددا من القري وخلال عام ستكون المحافظة خالية بالكامل من فيروس سي. ونتمني تعاون رجال الأعمال والقادرين وكل الجهات الحكومية والأهلية في تحقيق هذا الانجاز.
د. وليد سمير المدير التنفيذي لمشروع «نحو قرية خالية من الفيروسات» ونائب رئيس مجلس إدارة مستشفي الكبد المصري قال إن الجمعية لها 20 فرعا علي مستوي الجمهورية وآخرها فرع بأسوان تم افتتاحه منذ شهرين وعالج بالفعل 700 حالة وخلال أسبوعين سيتم افتتاح فرع بأسيوط ثم سوهاج وتم توقيع بروتوكول مع القيادات العامة لشمال وجنوب سيناء ومع محافظة البحر الأحمر حتي نحقق شعار : مصر خالية من فيروس سي. وتابع سمير : جاري العمل في 36 قرية علي مستوي الجمهورية وأعلنا عن خلو أول 10 قري من فيروس سي الأسبوع الماضي بدأناها من عام سابق تقريبا بقرية «أشمون الرمان» بمحافظة الدقهلية والعمل مستمر في باقي القري ولدينا قائمة انتظار بعدد يفوق الضعف في قري أخري قدمت طلبات للإنضمام لمشروع «قرية خالية من الفيروسات».
وأكد سمير علي أن هذا المشروع سيعمم علي باقي المحافظات وهذا الهدف يتم الاعداد له جيدا ولكن علي حسب المقدرة المالية حيث أن هذا المشروع العملاق يمول بالجهود الذاتية دون تحميل خزينة الدولة بأية أعباء مالية. وأوضح «سمير» أن وجه التعاون بين المؤسسة والحكومة يكون من خلال وزارة الصحة بابلاغهم بالأعداد التي تم علاجها فقط. وأشاد «سمير» بدور منظمات المجتمع المدني وطالب بتوحيدها حتي تصب في تحقيق حلم أن تكون مصر بقراها دولة خالية من الفيروسات في أعوام بسيطة.
صعوبات التمويل
وأشار سمير إلي أن أكبر صعوبة تواجه هذا الحلم هي التمويل وتمني أن يكون هناك وعي مجتمعي بضرورة تحقيق هذه الرسالة السامية.
د.ة آمال مختار رئيس وحدة الوبائيات بمستشفي الكبد المصري والمسئولة عن الجانب الوقائي في مشروع «قرية خالية من الفيروسات» قالت إن هذا المشروع من أعظم ما تم انجازه في الشهور الماضية. ولكنه يواجه عده معوقات نتمني أن نتغلب عليها ومنها : التركيز علي الجانب الوقائي لأن هذا الفيروس ليس له أي لقاحات يمكن أن يأخذها المريض وهو مايعرض المصاب لتجدد العدوي بعد الشفاء الكامل ببعض السلوكيات الخاطئة مثل إعادة استخدام أي أدوات شخصية أثناء العلاج بعد تمام الشفاء والتي يجب التخلص منها مثل : فرشة الأسنان وماكينات الحلاقة أو القصافة وكثير من الحالات حدث لها انتكاسة بسبب هذه السلوكيات.
والمعوق الثاني هو مكافحة العدوي والتي للأسف غير مفعلة في كثير من المستشفيات الخاصة أو الحكومية مشيرة إلي الدور المهم للمشاركة المجتمعية في التوعية الصحية السليمة خاصة في ظل كثرة المصابين بالفيروس ومن غير المشاركة المجتمعية لايمكن للمشروع أن يؤدي رسالته علي أكمل وجه. وأوضحت «د. آمال» أن نجاح هذه المبادرة جعل المهتمين يفكرون في تكرارها مع أمراض كثيرة متوطنة في مصر مثل مرض السكر، وقريبا عن طريق معهد السكر سيكون هناك تعاون بين المعهد القومي للبحوث لعمل هذه المبادرة لتكون هناك قرية خالية من السكر تماما مثل نجاحنا في مبادرة قرية خالية من فيروس سي من المبادرات التي يمكن تفعيلها أيضا «مكافحة الأنيميا» لتكون هناك قري خالية منها خاصة أن الأنيميا من الأمراض المتوطنة بشكل كبير بين الأطفال والسيدات وبعد المسح الشامل تبين أن 50% من السيدات مصابات بها.
وعن نشر ثقافة الطب الوقائي خلال هذه المبادرة قالت د.ة آمال إنها واجهت صعوبات كثيرة في سبيل توصيل رسالة الطب الوقائي واعتبارها جزءا أصيلا ومكملا لمراحل العلاج وقالت : قمنا بعمل حملات توعية داخل القري واشترطنا علي المرضي عدم إجراء أية تحاليل قبل جلسات التوعية وبالفعل زادت درجة الوعي بمساعدة رجال الدين والقيادات التنفيذية والشعبية داخل لجنة مجتمعية متكاملة بكل قرية.
اللواء أحمد طنطاوي المستشار التنفيذي لمؤسسة الكبد المصري وعضو مجلس الإدارة قال إن وجود 10 قري تم علاجها من فيروس سي انجاز كبير تم برؤية جادة بعد مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي ونفذها د. جمال شيحة والطاقم الطبي معه. وأوضح أنه تم عمل استقصاء عن القري الأكثر إصابة بالمرض وتقسيمها إلي شوارع وأحياء حتي يكون الحصر دقيقا وشاملا بمشاركة العمد والمشايخ ورجال الدين والمنسقين والشباب المتطوع وخرجت قوافل طبية مجهزة من مؤسسة الكبد بشربين لسحب العينة من المرحلة العمرية 12 عام فما فوق ومن يتم اكتشاف إصابته من غير القادرين يتم علاجه مجانا.
جهود المنسقين
دون مقابل وبإنكار ذات كامل وتفانِ في خدمة البسطاء من المرضي ضحي هؤلاء بجهدهم ووقتهم في سبيل عمل نبيل يسجل لهم في التاريخ، وقفزوا به علي وعورة جغرافيا مجتمعية ملامحها الخوف والرجاء.. هؤلاء هم المنسقون بالقري الذين كان لهم الدور الأكبر في تسويق فكرة العلاج التام من فيروس سي وعودة اليائسين من المرض إلي الحياة من جديد..
حامد عبد الباقي منسق قرية «الفؤادية» بمركز كفر سعد محافظة دمياط أوضح أنه قام بهذا الدور مع مجموعة من المتطوعين، بعد أن تعرف علي رؤية مؤسسة الكبد من د. جمال شيحة لمعرفة المطلوب منهم كمنسقين بعد أن علموا بتنفيذ المشروع بقرية مجاورة وهي «الابراهيمية القبلية».. وقال : كانت مهمتنا حصر المصابين بالفيروس وساعدنا في ذلك العلاقات الاجتماعية بين أفراد القرية واستعنا ببعض المؤسسات التي ساهمت في الدعاية والتوعية بالمشروع مثل مراكز الشباب والمساجد واستطعنا عمل دعاية كاملة للمشروع وبعدها حددنا مواعيدا للتحاليل.
وتابع : في البداية لم يصدق كثيرون من أهل القرية أن العلاج من الفيروس سيكون بهذه السهولة - وبالمجان - خاصة أن كثيرا منهم فشل في انتظار طوابير العلاج بالمستشفيات الحكومية وعمل الاجراءات اللازمة ولكن بعد صرف أول دفعة لجرعات العلاج كانت هذه الخطوة أكبر دعاية للمشروع في قريتنا.
وعن الصعوبة التي واجهته كمنسق قال : تزامنت الدعوة للمشروع مع انتخابات مجلس الشعب ومن هنا بدأ التشكيك فيها من البعض مخافة أن تكون هذه الخدمة مقدمة من حزب ما بغرض دعاية انتخابية مما جعلنا نعاني كثيرا من تسويق الفكرة بعيدا عن السياسة.. وأوقفنا العمل بالمشروع في القرية لحين انتهاء فترة الانتخابات ثم انطلقنا به بعد ذلك.
ربيع عبد الفتاح الشيخ.. أحد المنسقين المتطوعين للمشروع حكي تجربته مع المشروع في قريته «ميت بدر حلاوة» بالغربية فقال : بعد خروجي للمعاش من القوات المسلحة فكرت في خدمة أهل قريتي بأي وسيلة. وجاءت فكرة مشروع علاج أهل القرية - غير القادرين- من فيروس سي مناسبة تماما خاصة أني أخطب بهم في المسجد وعن طريق المستشار «منصور صقر» الذي تواصل مع د. جمال شيحة وأخبرني بأنه سيدخل القرية في منظومة العلاج وبدأنا عمل حصر للمصابين بعد تقسيم القرية لقطاعات وفئات عمرية وسجلنا علي الحاسب كل البيانات حيث بلغ تعداد القرية إجمالا 23 ألف نسمة وبعد الحصر وجدنا المصابين بالفيروس 6 آلاف شخص. واستمر عملنا 11 شهرا تقريبا وعن المعوقات التي صادفته قال : قلة الوعي المجتمعي والذي يحتاج لشخص لديه قدرة علي الاقناع والتواصل الفعال .
التوعية الفعالة
وتابع الشيخ: بالنسبة لي كان ذلك سهلا نظرا لتواصلي مع الناس عن طريق المسجد في القرية بحكم عملي خطيبا بالمكافأة.. ولمسنا تجاوبا كبيرا من أهل الخير في قريتنا وأحدهم تبرع بقطعة أرض أقام عليها مبني من 6 أدوار كنموذج مصغر من مركز الكبد المصري بمدينة شربين بالإضافة إلي أن القرية بها مركز للغسيل الكلوي به 22 جهازا يعمل بكفاءة ويخدم 13 قرية وكل تكلفته بالجهود الذاتية.
عبد الله القطب محمد.. منسق قرية «الإبراهيمية البحرية» مركز كفر سعد بدمياط قال إن أهم الصعوبات التي واجهته تخوف أهالي القرية من مجرد - فكرة - التحليل وهي ثقافة كان من الصعب جدا تغييرها خاصة في القري التي غالبية سكانها لا يتمتعون بقدر تنويري مطلوب. وأشاد «القطب» بدورات التوعية التي كان يعقدها د. جمال شيحة للمنسقين قبل البدء في عمليات الحصر أو الدعاية للعلاج وقال إنها كانت مهمة جدا واستفاد منها كل المنسقين بالتطبيق علي أرض الواقع وقصّرت مسافات كثيرة في توصيل الهدف من المبادرة. وتابع القطب : من ضمن الصعوبات التي واجهتني كمنسق سوء الحالة النفسية للبعض من اكتشاف أنه مصاب بالفيروس مما يتطلب جهدا مضاعفا من المنسق حتي يخرجه من الحالة النفسية السيئة ويبدأ في تهيئته للعلاج مرة أخري. وطالب «القطب» كل من يجد في نفسه القدرة علي القيام بدور المنسق في أي قرية ألا يتردد في ذلك فهي أقل خدمة يمكن أن يتفاعل بها الانسان مع مجتمعه الصغير خاصة وأن دور المنسق مهم جدا في إحياء هذه المبادرة في عموم الجمهورية حتي تتخلص مصر من هذا المرض تماما.
ملحمة العطاء
تلعب منظمات المجتمع المدني دورا مهما في تفعيل الكثير من المبادرات الخيرية التي تستهدف غير القادرين من خلال مشاركة فاعلة بالجهد أو المال.
وبعد مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي بعلاج مليون مصاب بفيروس سي سنويا كان لبعضها أثر واضح في نجاح ضربة البداية بإعلان 10 قري خالية من المرض.. ومن أبرز هذه النماذج المهندس أحمد حامد أبو عمو أحد رجال الصناعة ورئيس «جمعية رعاية مرضي القلب والكبد» بالمحلة الكبري الذي قال : جاءت فكرة إنشاء جمعية لهذا الغرض بعد أن لاحظنا وجود مركز للكبد في المحلة ولكنه غير مجهز لخدمة المرضي خاصة أن المحلة بطبيعتها مدينة عمالية ومن هنا جاءت الفكرة حتي نحقق حلم أن تكون المدينة بأكملها خالية من فيروس سي. بدأنا بالمساهمة في علاج عمال المصانع باعتبارهم الأولي بالرعاية نظرا لأن مرتبات أغلبهم لاتكفي لمصروفات العلاج، وهم أكثرية من سكان المدينة. وعقدنا بروتوكولا مع جمعية الكبد برئاسة د. جمال شيحة وبمساعدة أحد كبار رجال الأعمال في المحلة الكبري وهو طارق الشيشيني. وبدأنا بعلاج الحالات المصابة بالمساهمة بنسبة 60% تدفعها الجمعية علي أن تتحمل مؤسسة الكبد 40% من التكلفة. وعن سر اختيار الجمعية لمرضي القلب والكبد قال «أبو عمو» لمسنا كرجال أعمال أنها أمراض تحتاج أدوية غالية الثمن لايستطيع تدبيرها غير القادرين من محدودي الدخل.. وتحمس الكثير من فاعلي الخير للفكرة. وعن الاشتراك في الجمعية قال أبو عمو : في البداية يدفع من يريد الانضمام إلينا 1000 جنيه ومثله كاشتراك سنوي ولم نحدد مبالغ معينه لأن أهل الخير يتسابقون بمبالغ كبيرة جدا. وأقل تبرع وصل لنا كان 50 ألف جنيه وهناك من أهل الخير من يسأل قبل تبرعه عن أكبر مبلغ تلقيناه ليدفع أكبر منه وأشاد برجال الأعمال الخيرين في المحلة واعتبر أن منظمات المجتمع المدني هي عصب أي مبادرات تخدم بسطاء هذا الوطن.
المهندس ابراهيم الشوبكي أمين عام جمعية «رعاية مرضي القلب والكبد» بالمحلة الكبري قال : منذ بدأنا في إنشاء هذه الجمعية وجدنا تجاوبا كبيرا من غالبية رجال الأعمال والصناعة بالمحلة الكبري، واستطعنا إشهار الجمعية في شهر أغسطس الماضي، وجعلنا أموال الزكاة هي المصدر الأول ولمن يرغب في الزيادة عنها فهو بالخيار. ولمست ايجابية كبيرة من جميع المؤسسين والأعضاء وبعد عمل البروتوكول العلاجي من فيروس سي استطعنا استقطاب رجال مهمين للعمل العام وكان لهم تأثير مهم جدا في نجاح التجربة وبدأنا بالفعل في مبادرة «مصانع خالية من فيروس سي».
وتابع : الشوبكي : أود أن أذكر الدور المهم لرجل الأعمال طارق الششيني الذي استطاع وحده إخلاء 4 قُري كاملة من فيروس سي علي حسابه الخاص بمجموع 680 مريضا.. بالإضافة لتبرعه بمستشفي كامل بالمحلة - للعلاج من فيروس سي- تحت الإشراف الطبي من د. جمال شيحة.
التجربة الصعبة
وكان لرجل الصناعة صلاح السجاعي تجربة شخصية قاسية مع المرض حيث مات له أخ أكبر بسببه وفي عام 2011 اكتشف هو إصابته بالمرض وخاف أن يلقي نفس المصير فطاف بلاداً كثيرة من العالم راغبا في الحصول علي علاج من الفيروس ولكنه فشل في ذلك آنذاك . وبالصدفة عن طريق الانترنت عثر علي موقع لدكتور أمريكي شهير وبالتواصل مع د. جمال شيحة علم أنه سيأتي لمصر وبالفعل أجري الفحوصات والعلاجات اللازمة وشفي من المرض تماما. وعن تجربته يقول : عانيت من هذا المرض بشكل كبير وتساءلت : كيف حال البسطاء وغير القادرين حين يواجهون نفس المرض وليس معهم نفقات علاجه ؟
ومن هنا وبالتعاون مع الأصدقاء من رجال الأعمال والصناعة بالمحلة الكبري قررنا إنشاء جمعية «رعاية مرضي القلب والكبد بالمحلة» ونتمني أن تكون نموذجا في مساعدة غير القادرين حتي نستطيع القضاء علي الفيروس في جميع أنحاء مصر.
د. منال العبسي رئيس مجلس جمعية «نساء مصر».. قالت إن دور المجتمع المدني هام جدا في تفعيل أي مبادرات تحتاج لتلاحم شعبي وخاصة المبادرات العلاجية ونشكر الرئيس عبد الفتاح السيسي علي هذه المبادرة التي ستخدم الملايين من غير القادرين. من جانبنا كجمعية عقدنا بروتوكولا مع مؤسسة الكبد المصري برئاسة د. جمال شيحة يتم بموجبها علاج المصابين بالفيروس في شمال وجنوب ووسط سيناء وبالفعل تم حصر 1800 مصاب بالفيروس بعد حصر دقيق قام به رجال القوات المسلحة في شمال وجنوب ووسط سيناء وهناك تعاون كبير بين جميع المؤسسات التنفيذية والأهالي وأعضاء الجمعية لتنفيذ المبادرة كاملة والوصول بسيناء كأحد المناطق الخالية من الفيروسات في مصر.