• الأهالي : نمتلك الأرض بعقود منذ 19 عاما وبعد استصلاحها سحبتها الدولة
  • أنفقنا 650 مليون جنيه على البنية التحتية والبدو سيطروا على كل شيء

فصل جديد من مسلسل الصراع بين الحكومة والجهات التابعة لها مع المواطنين على الأراضى العامة. فبعد أزمات أراضى الطرق الصحراوية التى تحولت إلى منتجعات بدلا من استصلاحها وزراعتها ولم يتم حسمها حتى الآن. تتجدد أزمة أرض الحزام الأخضر فى مدينة السادس من أكتوبر.

القصة تعود إلى 19 عاما مضت. فهناك 15 ألف فدان طرحتها الدولة عام 97 للاستثمار الزراعى، لتكون متنفسا ورئة خضراء لمدينة 6 أكتوبر، وبعد أن تسلم الأهالى- وعددهم أكثر من 1600 شخص - الأرض وبدأوا فى استصلاحها تمهيدا لزراعتها وأنفقوا عليها ما يتجاوز 650 مليون جنيه، قامت الحكومة بشكل مفاجئ بسحب الأرض فى عام 2011 بدعوى عدم الجدية، ليبدأ الصراع بين الطرفين منذ ذلك التاريخ حتى الآن. لم يخرج الملاك من الأراضى، فقد طرقوا كل الأبواب ونظموا العديد من المظاهرات والوقفات الاحتجاجية، لكن الدولة مصرة على سحب الأراضى، وتحويلها إلى وحدات للإسكان الاجتماعى... «الأخبار» ترصد تفاصيل المشكلة وتناقش جميع الأطراف.. هل لملاك الحزام الأخضر الحق فى تملك تلك الأراضى ؟ وهل خالفوا شروط التعاقد الرسمية ؟ وما هى حقيقة قيام بلطجية من البدو بمنعهم من الوصول لأراضيهم ؟ وماذا عن قانونية قرار وزير الإسكان بسحب الأرض منهم ؟

البداية كانت من مدينة 6 أكتوبر وتحديدا من طريق الواحات وأرض الحزام الأخضر. عندما تضع قدميك فى بداية البوابة الرئيسية تجد لافتة كبيرة مكتوبا عليها أرض ملك شركة 6 أكتوبر الزراعية لاستصلاح وتعمير وتنمية الأراضى رغم أن هذه الأرض أصبحت ملك الدولة بعد قرار سحبها فى 2011، لكن رغم اللافتة فإن البوابة الرئيسية تم ردمها بشكل شبه تام من خلال بعض جماعات البدو وفقا لحديث مشترى الأرض حيث وضعوا أكوام الرتش والقمامة فى مدخلها لمنع ملاك الحزام الأخضر من الوصول لأراضيهم، وتركوا ممرا صغيرا لكى تعبر منه معدات وزارة الإسكان فقط للوصول إلى أماكن الإنشاءات الخاصة بمشروع الإسكان الاجتماعى.. دخلنا إلى أرض الحزام بمساعدة أحد المهندسين الذين يعملون فى الإنشاءات. النظرة الأولى الأرض صحراء جرداء لا زرع فيها ولا ماء ولا تجد سوى بقايا أشجار تتطاير مع نسمات الهواء فى حين تجد هناك عدة «خراطيم» قديمة أحرقتها أشعة الشمس، رصدنا قيام مجموعة من العرب البدو بحراسة الارض وشاهدنا بعض الزراعات وقد تحول لونها إلى الأصفر من قلة الماء ومنع ملاك الأرض من ريها.

تحويشة العمر
التقينا بعدد من ملاك أرض الحزام الأخضر الذين عبروا عن غضبهم مما يحدث من قبل أجهزة الدولة لأرضهم التى ضحوا من أجلها بـ «تحويشة العمر» مؤكدين أن الدولة سحبت الأرض منهم فى انتهاك واضح لدولة القانون حيث لا يجوز صدور قرار سحب من جهة إدارية على عقد بيع مسدد الثمن بالكامل وإذا جاز لها الحق فيكون عقد البيع محل فسخ وليس سحبا كما أنه لم يكن للشركة الحق فى تحرير عقد البيع من الجهاز دون إثبات الجدية طبقا لبنود العقد مؤكدين أن وزير الإسكان الحالى قال فى البداية إننا لسنا أصحاب حقوق ثم خرجنا عليه بالعقود فقال : قررنا سحب الأرض لعدم الجدية والآن نخرج عليه بتقارير الجدية مضيفين أنهم يتمسكون بدولة العدل وقانونها ومسئوليها الشرفاء لإنهاء هذا الصراع بين الملاك ووزارة الإسكان.
مشروع تكرير الزيوت
تؤكد هانم حجازى أنها تمتلك 5 أفدنة فى مشروع أرض الحزام الأخضر وكانت تمهد لإقامة مشروع لتكرير الزيوت موضحة أن قصة أرض مشروع الحزام الأخضر بدأت فى27/11/1997عندما قمنا بشراء الأرض من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بعقد بيع لشركة 6 أكتوبر الزراعية للاستصلاح وتعمير وتنمية الأراضى والتى تخضع لهيئة الاستثمار بمساحة 14 ألف فدان واستلمنا الأرض بموجب محضر تسليم رسمى من قبل الشركة وتنقسم أرض الحزام الأخضر إلى قطعتين الأولى 12 ألف فدان شمال طريق الواحات والثانية 3 آلاف فدان كأرض بديلة جنوب طريق الواحات لأن الأرض المتبقية كانت ميدان رماية للقوات المسلحة فاعطونا 3 آلاف فدان فى منطقة بديلة فى نهاية طريق الواحات مشيرة إلى أن الأرض عندما تم استلامها كانت عبارة عن مقلب عمومى للقمامة ومحاجر وليس لها مداخل لوقوع خط سكة حديد الواحات بمدخلها ويقطعها من المنتصف خط غاز مشيرة إلى أنه إثناء استلام الارض كان معنا عدة جهات استلمت الأرض أيضا منها شركة وادى النيل والشركة الكويتية ورغم أنهم غيروا النشاط من زراعى لسكنى لم يعترضهم أحد وفى النهاية تم التصالح مع الدولة وأصبحت الأرض وحدات سكنية بالملايين.
زراعة الأرض
وتضيف أن الملاك بدأوا على الفور بعد استلام الأرض إزالة القمامة والرتش على نفقاتهم الخاصة ثم قمنا بمد شبكة الطرق وشبكات الرى والكهرباء ومياه الشرب ومن ثم زراعة الأرض وتعهد لنا الجهاز بأن تكون مياه الصرف المعالجة هى مصدر رى زراعتنا إلا أننا لم نجد أى دعم من الجهاز ونقوم بشراء فنطاس المياه للرى بـ 300 جنيه ونحتاج ثلاثة فناطيس فى الأسبوع الواحد يكلفوننا 900 جنيه بالإضافة إلى نفقات العمال ليبلغ حجم الإنفاق الشهرى على الأرض 5 آلاف جنيه مشيرة إلى أن تكلفة توصيل البنية التحتية زادت عن 620 مليون جنيه كما ساهم الملاك فى مشروعات الدولة بأكثر من 35 مليون جنيه منها ما يقرب من 26 مليون جنيه فى مشروع الشباب ومحور أكتوبر مؤكدة أن الأرض مدفوعة الثمن بالكامل... وتضيف: ورغم كل هذه المعاناة وجدنا قرارا بعد ثورة 25 يناير من وزير الإسكان بسحب الأرض تحت مسمى عدم الجدية مع أن الملاك فى عدة تقارير للجدية أكدت أننا وصلنا إلى 76% رغم أن الأرض مالحة ونعانى من ندرة المياه إلا أننا قمنا بزراعتها فى ظروف صعبة.
دعاوى قضائية
وتقول د. سيدة أبو الخير أنها عملت بالخارج لمدة 40 عاما وعادت ووضعت «تحويشة العمر» فى شراء 10 أفدنة فى أرض الحزام الأخضر ثم فوجئنا بعد الثورة بسحب الأرض منا حيث أصدر الجهاز قرارات السحب بمبرر عدم الجدية كنتيجة لتقرير مكتبى مقدم من لجنة شكلية للمعاينة وعمل محضر من طرف واحد فى 4 أيام منها يومان إجازة لمعاينة مساحة 12494 فدانا وهو ما يعد تقريرا وهميا مسبق النتائج لنزع ملكية الأرض منا وتشير د. سيدة إلى أن ملاك الحزام الأخضر قاموا برفع قضيتين على الهيئة برقم 16747 لسنة 66 ق و4225 لسنة 67 ق فى مجلس الدولة ومازالت متداولة. وكذلك تم اللجوء إلى الهيئة العامة للاستثمار- لجنة فض المنازعات لاختصاصها والتى طلبت تجميد قرارات السحب حتى يتم الفصل فى النزاع ثم صدر خطاب موافقة من المهندس إبراهيم محلب بصفته وزيراً للإسكان حينئذ بحل النزاع وديا.
بلطجة العرب
وتضيف أن الوضع ازداد سوءا بعد تولى د. مصطفى مدبولى وزيراً للإسكان، حيث قام جهاز6 أكتوبر باستئجار بلطجية بالأسلحة الآلية لطرد الملاك من مساحة 3120 فدانا وإغلاق جميع مداخل الأرض وقطع المياه عن الزرع لتعطيشه وإتلافه وإتلاف الممتلكات والاستيلاء على المعدات ومواتير الرى لتغيير معالم الأرض قبل أى معاينات وقاموا ببيع المعدات بعد نهبها «خردة» مؤكدة أنه بعدما سيطر العرب على المنطقة قاموا بضرب الملاك وفى اثناء زياراتها لأرضها قالت «أخذت أولادى وذهبت إلى أرضى التى وضعت فيها تحويشة عمرى ووجدت العرب خرجوا علينا بالسلاح وقالوا ارجعوا من هنا مفيش أرض ليكم هنا» مضيفة أنها تعانى من مرض السرطان ولا تجد نفقات علاجها على عكس ما يقوله وزير الإسكان بأن ملاك الحزام الأخضر أغنياء مؤكدة أن الوزير خرج فى إحدى الفضائيات>

وقال إننا ليس لنا أى حقوق وعندما أظهرنا عقود الأرض التى تثبت ملكيتنا خرج الوزير ليقول مرة أخرى فى الفضائيات إنه تم فسخ العقود بحجة عدم الجدية ونقول للوزير إن آخر تقرير أثبت أننا وصلنا إلى 76% مشيرة إلى أنه صدر خطاب تجميد اتخاذ أية إجراءات فى مواجهة الشركة لحين الانتهاء من استصدار قرار المجموعة الوزارية لفض المنازعات فى هذا الشأن لأن الأمر متداول أمام القضاء وكذلك بلجنة فض المنازعات ولكن كانت المفاجأة بطرح الوزير الأرض للاستثمار فى مشروع واحة أكتوبر فى المؤتمر الاقتصادى منتهكا القوانين والقرارات السابقة بعدم اتخاذ أية إجراءات على الأرض لحين الفصل فى النزاع، ولم ينجح فى تسويقها مشيرة إلى أنها تطالب الرئيس السيسى بالتدخل لحل الأزمة لأنهم مصريون ابتعدوا عن مصر سنوات كثيرة من أجل لقمة عيشهم وعندما عادوا وجدوا أن الدولة تسرق تحويشة عمرهم بحجة عدم الجدية مؤكدة: احنا ناس شقينا وتعبنا واتغربنا.. عشان نشترى حتة الأرض دى لمستقبلنا ومستقبل أولادنا وكانت زبالة وعملناها أرض بفلوس الأعضاء من مزلقانات وطرق ودخلنا كهربا وسوينا الأرض وركبنا شبكات رى وفى الآخر سحبوا الأرض منا واختتمت د. سيدة حديثها: «مش هسيب أرضى لو حتى هموت فيها».
تدويل القضية
وتقول هناء محمد على أنها متزوجة من مهندس مصرى يحمل الجنسية الإيطالية وعاشوا خارج مصر لعدة سنوات وعندما قرروا العودة إلى مصر اشتروا أرضا فى الحزام الأخضر من أجل الاستثمار فى مصر وقامت بالبناء على مساحة 2%طبقا للعقود المبرمة حيث قامت ببناء فيلا صغيرة فى عام 2008 بترخيص بناء من جهاز مدينة 6 أكتوبر وقامت بزراعة أرضها ولكن فوجئت بقرار سحب أرضها وقام العرب بسرقة المعدات وبيعها خردة فى ظل غياب أمنى مؤكدة أنها لا تريد أن تصعد هى وزوجها القضية إلى السفارة الإيطالية وتدويل القضية من أجل صورة مصر الخارجية متمنية حل الأزمة وديا.
مشروع إسكانى
وتضيف : فوجئنا فى شهر فبراير 2016 بقيام الوزير مصطفى مدبولى ومسئولى هيئة المجتمعات العمرانية وجهاز 6 أكتوبر بإصدار قرار بتحويل الأرض إلى أرض للإسكان القومى لبناء 125 ألف وحدة سكنية مشيرة أن هذا الإجراء هو تغول واضح على حقوق المواطنين وذلك باقتحام أرضنا عنوة بمعدات ثقيلة للحفر والبناء من قبل مقاولين وبإسناد شفوى وفى حماية العرب بأسلحتهم الآلية مؤكدة أن ملاك الأرض احتشدوا بأرضهم للدفاع عنها ضد عملية تغيير المعالم باقتلاع الزرع وتدمير شبكات المياه والرى وتبوير الأرض وفرض الأمر الواقع.

ويؤكد محمد هاشم أبو هشيمة أحد المستفيدين من أرض الحزام الأخضر أنه اشترى الأرض ومعه شقيقه وأحد أصدقائه الذين يعيشون خارج مصر ودفعوا فيها «دم قلبهم، وأنه صعق من قرار وزير الإسكان بسحب الأرض بحجة عدم الجدية على الرغم أن دخول أرض الحزام الأخضر إلى الحيز العمرانى جاء بناء على قرار جمهورى صدر فى 2009 بالتوسعات العمرانية لمدينة 6 أكتوبر والتى كان نطاقها حتى الكيلو 68 فنحن لم نتدخل أو نطالب بدخول الأرض الحيز العمرانى مضيفا أن الملاك ليسوا من الأثرياء والأغنياء كما يدعى بعض المسئولين بل نحن «غلابة» محدودو الدخل. مضيفا أنه يطالب رئيس الوزراء بعقد لقاء مع ملاك الحزام الأخضر لمعرفة الحقيقة الكاملة وإنصاف الملاك.
الجهاز يرد
توجهنا إلى جهاز مدينة 6 أكتوبر لاستجلاء الحقيقة حيث قالت المهندسة منال الأخرس مدير عام المشروعات بجهاز مدينة 6 أكتوبر إنه تم سحب الأرض بعد ثبوت عدم الجدية وتم بالفعل تحويلها لمشروع إسكان اجتماعى مشيرة إلى أن قرار سحب عدد 3120 فدانا من جمعية 6 أكتوبر الزراعية من منطقة الحزام الأخضر جاء بسبب عدم جدية الجمعية فى استصلاح وزراعة الأرض، والتىمازالت صحراء جرداء لا زرع فيها ولا ماء رغم استلام الملاك لها منذ سنوات طويلة وتؤكد أن الملاك لم يكونوا جادين فى زراعة الأرض بل تركوها صحراء لكى يتم بيعها «بالمتر» كأرض مبان وتحقيق ثروات طائلة من وراء ذلك. وتضيف مدير عام المشروعات بجهاز مدينة 6 أكتوبر أن عدم استصلاح الأرض وعدم زراعتها يخالف عقد الشركة ما استوجب صدور قرار بسحبها وهو ما ينص عليه التعاقد بين الهيئة والشركة، وليس من حق أعضاء الجمعية أو الجمعية ذاتها الاعتراض على القرار.

وحول ما قاله الملاك باستعانة جهاز مدينة 6 أكتوبر ببلطجية لاسترداد الأرض قالت أن ذلك غير صحيح وأن ما يقوم حاليا بحراسة الأرض هى شركة حراسة تعاقد معها الجهاز مضيفة بأن الجمعية باعت أراضى الحزام الأخضر لبعض المستثمرين الذين تركوها دون زراعة أو إثبات جدية وعندما قمنا بجولة ميدانية داخل الأرض لم نر أى ملامح زراعة أو تشجير فصدر قرار بسحب الأرض وتم تخصيصها حاليا للمشروع القومى للإسكان وسوف يتم بناء 125 ألف وحدة سكنية للإسكان الاجتماعى ضمن خطة الدولة لبناء 400 ألف وحدة سكنية مؤكدة أن الجهاز لم يعتد على حقوق ملاك أرض الحزام الأخضر بل طبق القانون وبنود العقود.
وترى المهندسة منال الأخرس مدير المشروعات بجهاز مدينة 6 أكتوبر أنه لو صدر حكم القضاء فى هذه القضية بأحقيتهم فى الأرض فمن الممكن أن يتم تعويض الملاك بأرض بديلة فى منطقة أخرى بأكتوبر مع استمرار العمل فى مشروع إنشاء 125 ألف وحدة سكنية أما لو تم رفض الدعوى فستصبح الأرض ملكا غير متنازع عليه لجهاز مدينة 6 أكتوبر وله حق التصرف فيها كما يشاء.