◄| التوتر والحركة الزائدة والتأخر العقلي أبرز أعراضه.. ولا يوجد إحصاء لمعدل الإصابة به
◄| لا توجد مؤسسات خاصة لعلاجه.. والدمج مع ذوي الإعاقات العقلية "خطأ"
◄| العلاج بالخلايا الجزعية لم يثبت فعاليته.. والاكتشاف المبكر يزيد نسبة الشفاء


«التوحد»، ذلك المرض الذي حير الأطباء، ومازال يحيرهم إلي الآن، لعدم قدرت الأطباء علي التوصل لسبب الإصابة به وطرق علاجه، خاصة أنه يصيب الأطفال في عمر مبكر دون غيرهم، ليصبح الطفل المصاب به مختلفا عن غيره، وتظهر عليه أعراض، وتصرفات يصعب علي أسرته التعامل معها، وقد تجعلهم في حيرة دائمة، وشعور بالمعاناة.

أعراض المرض تختلف من طفل لآخر، منهم من يكون لديه حركة زائدة، وعصبية شديدة، وثاني يعاني من عدم القدرة على النطق، لدرجة تشعر من حوله بأنه مصاب "بالخرس"، وثالث يعاني من التشنجات، وآخر يضحك ويبكي دون أسباب.
الأعراض كثيرة، نحاول عبر السطور التالية، استعراض نتائج عدد من الأبحاث، التي عملت علي الوصول لأسباب هذا المرض وطرق اكتشافه، وعلاجه، وكيفية التعامل مع الطفل المصاب بالتوحد.
د.محمود يوسف، أستاذ أمراض التخاطب بكلية طب جامعة عين شمس، يري أن مرض التوحد، قاسم مشترك بين الطب النفسي وطب التخاطب، وأيضا أمراض المخ، والأعصاب.
ويضيف أن أمراض التخاطب تنقسم لعدة أقسام الأول: أمراض اللغة، وهي أن يكون الطفل متأخرا في النطق والتحدث، والثاني: أمراض الكلام مثل اللدغة أو التهتهة أو الخنف أو الحبسة الكلامية وأمراض الصوت، وهي عبارة عن أي تغير في الصوت لأسباب عضوية أو وظيفية، والثالث: صعوبات البلع وصعوبات التعلم علي الرغم من أن الطفل مستوي سمعه، وبصره، وذكائه كلها تكون جيدة، إلا أنه يجد صعوبة في التحصيل الدراسي.
الإنطوائية الذاتية
وتابع يوسف أن: "الاسم الأفضل لمرض التوحد هو الإنطوائية الذاتية أو الذاتوية "Autism" وهو مرض من الأمراض النفسية التي تصيب الطفل في أول 30 شهرا من عمره وليس له سبب معروف حتى الآن، كما أن معدل الإصابة به بين الأطفال يزيد، وإلي حد ما يكون القاسم المشترك بين كل هؤلاء الأطفال، الجلوس طويلا أمام التليفزيون أو الأجهزة الإلكترونية"، لافتا إلى أنه قد يعود ذلك للأسف لانشغال الأم عن صغيرها.
"الطفل الذي يعاني من الإنطوائية الذاتية يكون متأخرا في الكلام اللفظي وغير اللفظي واستخدامه للإشارة غير مضبوط وعلاقاته الاجتماعية أيضا، وهناك بعض الأفعال التي يكررها باستمرار وحتى اللعب الهادف لا يعرفه وهو عادة لا يطيع الأوامر ويبدوا كما لو كان لا يسمع"، بحسب يوسف.
تزايد النسبة
وأوضح أن سبب المرض في مصر وعلي مستوي العالم غير معروف، لكن النسبة أصبحت تتزايد، يوما بعد الأخر وكانت طفل واحد من كل عشرة آلاف، والآن قد تكون هذه النسبة اختلفت ولا يوجد إحصاء دقيق لها، ويوجد نظريات ترجع السبب لبعض المشاكل أثناء الولادة أو لوجود خلل في جزء معين بالمخ أو لجين معين من الجينات، وكلما كان الاكتشاف مبكرا كلما أعطي العلاج نتائج أفضل.
الخلايا الجزعية
أستاذ الطب النفسي، جامعة عين شمس، د.صفية عفت، أوضحت، أن نسبة الإصابة بالمرض أعلي لدي الذكور وتصل لـ 4 إلي 1 ، وأن أحدث الأبحاث في العلاج، تتمثل في العلاج الدوائي مثل مضادات الزهان، وهو مرض عقلي بجانب برامج علاج تعديل السلوك والتخاطب.
وأشارت صفية، إلى أن هذه الأدوية تم اكتشافها حديثا، وثبت بالتجربة أنها آمنة، وتعطي نتائج مرضية , وأن هذا العلاج يساهم بصورة كبيرة في تحسن حالة هؤلاء الأطفال المرضي وفي شفائهم.
وتابعت: "أما بالنسبة لدواء زيت كبد الحوت " أوميجا 3 وأوميجا 6 " فهي من الأدوية التي تساهم بصورة أو بأخرى وتساعد علي نضج الخلايا العصبية، وتستخدم في علاج حالات التوحد عند الأطفال دون الـ 3 سنوات، أما العلاج بالخلايا الجزعية لم يثبت فعاليته حتى الآن في علاج مرض التوحد.
أطفال أذكياء
"إلي الآن لا يوجد في مصر مؤسسات خاصة لعلاج مرض التوحد، والمؤسسات الموجودة حاليا تضع أطفال التوحد مع الأطفال من ذوي الإعاقات العقلية الأخرى".. حقيقة صادمة جاءت على لسان د.هبة حامد الشهاوي، أستاذ الطب النفسي، جامعة عين شمس، مؤكدة أن هذا الأمر خطأ، لأن أطفال التوحد دائما يكونوا أذكياء، لكن ليس لديهم القدرة علي فعل عدة أشياء بصورة سريعة مثل صعود درجات السلم، أو ركوب الدراجات ، كما أن طفل التوحد ليس لديه القدرة علي التفرقة بين الأقارب والأغراب.
وطالبت كل أم أثناء تعاملها مع طفلها، بضرورة غلق التليفزيون والموبايل، واللاب توب تماما قبل سن 3 سنوات، لأن هذه الأجهزة تؤدي إلي تعلق الطفل بها، وليس بالأشخاص، وأن تقوم الأم والأب بقضاء أطول وقت ممكن من اللعب والتعامل مع الطفل، وأن يهتموا بالتواصل البصري والتواصل مع أشخاص كثيرين مختلفين وتعريضه لاماكن مختلفة والبدء معه في رحلة العلاج مبكرا، كما أن الموسيقي والرسم تحسن الحالة المزاجية لديه.
خطة قومية
"هبة" قالت، أن هناك إحصائية صدرت في الولايات المتحدة الأمريكية، ذكرت أن معدل الإصابة بين الأطفال أصبحت 1 كل 67 طفل، علي مستوي العالم، وأنه يوجد في مصر أبحاث كثيرة عن هذا المرض، وأسبابه وطرق علاجه، لكن دعم الدولة لها قليل وتسير بشكل فردي، ولا يوجد خطة قومية موضوعه لعلاج الأطفال.
وشددت علي أنه منها: أبحاث أجريت علي اضطرابات المناعة، وتوصلت إلى أن بعض الأمهات التي أنجبت أطفال مصابون بالتوحد، يعانون من مرض الذئبة الحمراء، ولديهم مشاكل من حساسية الطعام، بينما أثبتت أبحاث أخري أن رحم الأم تعرض لملوثات بسبب تلوث الجو، أو المبيدات لفترات طويلة، غير أنه لا يوجد معلومات دقيقة حول السبب الحقيقي.
وأشارت هبة، إلى أنه يوجد نظرية تقول أن هذا المرض نتيجة فيروس أصيبت به الأم أثناء فترة الحمل، أو أصيب به الطفل في سنواته الأولي من العمر، وهذا بشكل عام وإلي الآن لم نتمكن من معرفة سبب هذا الفيروس، لكن بعد سحب عينات من الدم من بعض الأطفال المرضي وجد أن الأجسام المضادة في بعض أجزاء من الجهاز العصبي المركزي نسبتها مرتفعة عن الطبيعي، كما أن هناك أبحاث أخري عملت علي معرفة نسبة المعادن الثقيلة ووجدت أن النسب أيضا مرتفعة، خاصة الرصاص، مما يؤثر علي الجهاز العصبي.
أجسام مضادة
وأوضحت هبة، أنه جرت العادة علي أن يتم علاج التوحد بالتدريبات سواء التخاطب أو تنمية المهارات، لكن الجديد هو أن طريقة التدريبات نفسها أصبحت الآن مختلفة لأنه أصبح لها برامج ومراكز.
ومن هذه التدريبات تدريبات النفس الحركية التي تجعل الطفل يتحكم في حواسه وحركته ويصبح متوازن بطريقة أفضل وتجعله يشعر بملمس الأشياء الباردة والساخنة وغيرها، ويساعده كل ذلك علي نطق الكلام بطريقة أفضل، هذا بجانب الحمية الغذائية التي تتم عن طريق إجراء بعض التحليلات للأطفال لمعرفة هل الطفل لديه حساسية من بعض المواد الغذائية التي قد تكون بمثابة سموم في الجسم تنتج أجسام مضادة تهاجم المخ كما كان في السابق معروف عن القمح واللبن أم لا.
للأسف دائما نجد أطفال لديهم هذه الحساسية من بعض الأطعمة مثل الأرز والذرة والبرتقال ، وهذا لا يجعلنا نفرط في التفاؤل في الوصول لنتيجة شفاء عالية بعد منع هذه الأغذية لأنه قد لا تتجاوز نسبة تحسن الحالة عن 25% والأبحاث في مجال الحمية الغذائية قليلة .
الأدوية الحديثة
وأشارت إلي أن الأدوية الحديثة كلها تعالج الأعراض إلي حد ما وآخر هذه الأدوية عقار " الجلنتامين "، الذي يستخدم في علاج الزهايمر ويساعد المسنين في تحسن الذاكرة وعندما يتناوله الطفل المصاب بالتوحد بجرعات بسيطة تناسبه يؤدي إلي تحسن لغة الحوار لديه مع الآخرين وأيضا سرعة استعادته للكلمات تكون أفضل ، بالإضافة إلي عقار آخر وهو " الاكسيتوسن " وهذا يحسن حالة التواصل الاجتماعي والعاطفي لدي الطفل ولكن هذا العقار سويسري وما زال تحت التجربة وغير موجود في مصر ، وأيضا العلاج بجلسات الأكسجين قد يكون مناسب لبعض الحالات وخاصة التي تعرضت لنقص أكسجين أثناء الولادة وهناك أبحاث تقول أن هناك بعض الأطفال تم علاجهم بالأكسجين وتحسنت حالتهم وأنه غير مناسب لحالات أخري يعانون من نظائر الأكسجين الحر وهذه النظائر إذا زادت عن حد معين تقوم بتدمير بعض الخلايا وخاصة في المخ .