قصص وحكايات عشناها، وتجارب إنسانية مررنا بها، لكن الحدث الأهم والذي سنذكره دائما وسيذكره أهل الوادي الجديد أن هناك ملحمة إنسانية صنعتها قافلة «أسبوع الشفاء»، شارك فيها الجميع لتخفيف آلام ٦٥٠٠ مريض وإجراء ٣٠٠ جراحة.

٥ أيام قضتها القافلة بين أبناء الوادي لتقدم لهم الرعاية الصحية بمليون جنيه، منها ٦٥٠ ألف جنيه لشراء أجهزة طبية من جمعية مصطفى وعلى أمين الخيرية، بالتعاون مع الأزهر الشريف الذي شارك بـ ٣٣ طبيبا من أساتذة طب الأزهر، ما بين المستشفى والصيدلية والاطمئنان على المرضى كان اليوم يمر بعلاج جميع الحالات.

استقبل مستشفى الخارجة برئاسة الدكتور محمود حسن مهدي، وصاحب الصيدلية الدكتور فتحي عمر آلاف المرضى الذين توافدوا من كل مراكز وكفور ونجوع تلك المحافظة لإجراء الكشوف الطبية بالعيادات الخارجية.

وعكف أطباء الأزهر داخل غرف العمليات لإجراء أكبر عدد ممكن من الجراحات قبل عودة البعثة إلى القاهرة، وظل وفد جمعية مصطفى وعلى أمين الخيرية وبعثة «الأخبار» داخل الصيدلية لتوفير كافة الأدوية للمرضى الذين احتشدوا بعيون تملأها الأمل وابتسامة رسمت بداية الطريق للقضاء على أمراضهم وآلامهم متمنين أن تستمر القافلة لتساندهم في طريق الشفاء.

الصيدلية
فريق مؤسسة مصطفى وعلى أمين الخيرية اتخذ من الصيدلية مقراً يعكف فيه لمساعدة أبناء المحافظة، لم يتوقع أحد أن يستقبل هذا المكان صغير المساحة الآلاف من البشر لصرف الأدوية في تلك الفترة القصيرة.
المشهد داخل الصيدلية لم يكن طبيعياً، حيث تبدأ مهمتها منذ الصباح الباكر في استقبال المرضى وتنظيم طوابير تضم المئات خارجها حتى تم تركيب مظلة تحميهم من أشعة الشمس الحارقة لطول فترة الانتظار، «خلية نحل» أقل تعبير قد يوصف العمل داخل جدرانها، كمية الأدوية الكثيرة لم تستطع الصيدلية احتوائها لتملأ شقتين بنفس العقار، ومع آخر أيام القافلة كان أعضاء الصيدلية وفريق أسبوع الشفاء يسابقون الزمن لصرف آخر روشتة دواء للمرضى.

‎‫ملحمة وطنية كونها الأطباء داخل كافة أروقة المستشفى سواء في غرف العمليات أو غرف إقامة المرضى الذين توافدوا من شتى أنحاء المحافظة ليلحقوا بركب القافلة التي كانت بالنسبة لهم « نجدة من السماء» كما وصفها البعض.

الكل يعمل أطباء وممرضون وموظفون في محاولة لإنقاذ أرواح حرمت من ابسط حقوقها في الحياة وهو العلاج من كل الأمراض، وتحول المشهد العام داخل مستشفى الخارجة العام إلى أشبه ببطولات يصنعها الأطباء بأنفسهم في إنقاذ أبناء المحافظة من معاناتهم عن طريق العمليات الجراحية التي خلصتهم من تعبهم وأمراضهم.

أنقذوا خالي
«القافلة أنقذت حياته» كلمات قالها سامح سعيد، مؤكدًا أن خاله حمادة إبراهيم، الراقد على سرير العناية بعد إجراء عملية جراحية بالعمود الفقري، مشيرًا إلى أن خاله تعرض لحادث سيارة كبير وصادف أول أيام تواجد القافلة بمستشفى الخارجة العام بالوادي الجديد، لينقل إليه سريعاً والذي كان بديلاً لها السفر إلى أسيوط لمسافة 230 كيلومترا مهدداً حياته بالخطر.

وبالفعل، كشف أطباء القافلة عليه واكتشفوا وجود كسر بالفقرة الرابعة بالعمود الفقري، بالإضافة إلى كدمات وجروح ليقرر الأطباء إجراء جراحة عاجلة أنقذت حياته . ‎‫

ووجه سامح الشكر لأطباء الأزهر وجمعية مصطفى وعلى أمين الخيرية ومؤسسة أخبار اليوم لما بذلوه من مجهود في تجهيز قافلة لإنقاذ أهالي الوادي الجديد ومساعدتهم بهذا الشكل الراقي والمتكامل.

‫ابنتي وحفيدي‬
‎‫وداخل غرفة مكيفة وعلى أحد الأسرة، جلست حاملة بين يديها الواهنتين حفيدها الطفل الرضيع (فايز)، محاولة أن تهدئ من روعه وتمسح دموعه حتى يتمكن من الاستسلام للنوم، وبالفعل استسلم ونام بعد أن خضع لعملية خطيرة لطفل رضيع وهي «سقط اللسان» حتى يتمكن بعد ذلك من أن يعيش حياته بشكل طبيعي.

بدورها، قالت الحاجة جيهان المراغي جدة الطفل إن العناية الإلهية تحرسها وأبناءها وأحفادها، وبعثت لهم جمعية على ومصطفى أمين، التي اشترت المستلزمات الطبية اللازمة للعملية، وجاءت بمثابة نجدة من السماء.

‎‫6 أشهر
‎‫فرحة الشفاء غطت على آلام «أحلام» على خضر بعد «تعب» لمدة 6 أشهر بورم أكل من جسدها النحيل، وبعد الكشف على طبيب القافلة قرر إجراء عملية جراحية لإزالة هذه الأورام.

وقالت أحلام إنها لم تستطع إزالتها قبل ذلك رغم مرضها بسبب التكلفة الباهظة والظروف الاجتماعية والاقتصادية السيئة التي تعيشها مع أسرتها، ووجهت الشكر للقافلة على جهودها الإنسانية في مساعدة أبناء المحافظة.