مدرسة الحرية بالمرج تشهد "عنصرية" المعاملة فى مكان واحد

طالب "المجاني" محاصر داخل مدرسته وممنوع من دخول حمامات التجريبي

أولياء الأمور: "إحنا ناس على قد حالنا وما نقدرش على أبو مصاريف"

خبير تربوي: التضييق على المدارس الحكومية يرفع نسب التسرب من التعليم


الدولة عليها توفير التعليم المجاني" .. نص دستوري لم تعد وزارة التربية والتعليم تلتزم به، وانتهجت خلال الفترة الماضية خطة غير معلنة لتقليص عدد مدارس التعليم الحكومي والتوسع في مدارس التجريبيات وفتح المجال أمام المدارس الخاصة بما يقضى تدريجيا على فكرة التعليم "المجاني" بطريقة صادمة للأهالي، خاصة غير القادرين ومحدودي الدخل، وهو ما ظهر واضحا في عشرات المدارس بمحافظتي القاهرة والجيزة ، "بانتزاع" فصول من داخل المدارس الحكومية وتحويلها إلى تجريبية ، ليظهر النقيضان في مكان واحد.

فصول مكدسة تحمل "وصمة " التعليم الحكومي ، وفصول تجريبية جديدة تظهر عليها علامات التجديد للترويج لها والإقبال عليها بطريقة "أديك شايف المجاني وحاله" ، وهو ما يفسر ارتفاع نسب الكثافة بصورة رهيبة في فصول التعليم الحكومي وصلت لـ 130 تلميذ في إمبابة والوراق بالجيزة ومناطق المرج والمطرية بالقاهرة باعتراف الدكتور الهلالي الشربيني وزير التربية والتعليم.

وفي الوقت الذي قامت فيه الوزارة بطرح 1000 قطعة أرض على القطاع الخاص لإنشاء مدارس حكومية لغات معلنين أنها ليست لمحدودي الدخل ومخصصة للطبقة المتوسطة، في الوقت الذي توجد فيه أزمة وجود أراضى خالية لإنشاء مدارس حكومية جديدة خاصة في المدن والقرى الريفية، ومعها ترتفع نسب التكدس الطلابي في المدارس الحكومية دون أي تخفيف.

الأكثر من ذلك هو اتجاه وزارة التربية والتعليم لاستخدام أسلوب أكثر قسوة، في تطبيق خطتها غير المعلنة والتي بدأت منذ عامان تقريبا في 2014، الأزمة الكبرى حدثت دون وعى لتؤدى إلى ترسخ للعنصرية والتمييز بين تلاميذ المدارس الابتدائية، والعودة لزمن "الأسياد والعبيد"، وهو بقاء النظامان التجريبي والحكومي في مكان واحد ، بما يصنع حالة ذهنية لدى التلاميذ بواقع سوء فصول "الحكومي" ومقارنته "عقليا" في أذهان الطلاب بالتجديد والتطوير في "التجريبيات"، الأخطر من ذلك هو حالة التمييز بالفصل بين حمامات النظامين، فالتلميذ في المدرسة الحكومية مجبر على دخول حمامات قذرة متهالكة، وطالب التجريبيات لديه حمامات جديدة أنشأت خصيصا لهم.

"بوابة أخبار اليوم" دخلت المنطقة المحرمة لأحد مدارس تحمل النظامان في مكان واحد " الحكومية" و"التجريبية" لترصد حال الطلاب وواقعهم المؤلم وصرخات أهالي طلاب المدارس الحكومية، بضرورة تحسين وضع أبنائهم بدلا من تحويل الفصول إلى "علب سردين" ، ومعها يضيع أي مجهود لتطوير التعليم لأن بيئته لا تساعد على ذلك.

المدرسة في منطقة المرج بالقاهرة وتحمل اسم " الحرية"، الأرض ليست ملك الدولة ، ومنذ سنوات تبرع أحد الأشخاص بأرضها لبناء مدرسة لتعليم أبناء غير القادرين خاصة أن هذه المنطقة بلا مدارس ابتدائي، وفرح الأهالي بوجود مدرسة في محيطهم.

وفى 2014 قررت وزارة التربية والتعليم بإصدار قرار إنشاء عدد من الفصول التجريبية ، وظن الأهالي أن مبنى جديد سوف يتم بنائه، إلا أن الواقع صدمهم وهو انتزاع فصول من التعليم المجاني وتحويلها إلى فرع تجريبي، المشكلة هي أن مدرسة الحرية هي الوحيدة في التعليم الابتدائي بالمنطقة، وجاءت العواقب سريعة بتقليص حصة المدرسة في استقبال طلاب جدد.

وخلال فترة قصيرة نتيجة القرار تكدس التلاميذ داخل فصولهم وزاد عددها بشكل كبير وسط ضعف ميزانيات صيانة المدارس ، فساءت أحوال الفصول وتهالك "الديسكات"، وأصبح "الديسك" الواحد مكانا لـ 4 أطفال بدلا من اثنين ، ومعها سوء الحمامات، مما أدى لتآكل رسالة المدرسة بتعليم الصغار الذين يفترض أنهم شباب المستقبل.

وفى الوقت الذي يدور العمل على قدم وساق في فصول التعليم التجريبي بالمدرسة، وتم إنشاء حمامات خاصة بهم يحذر دخول طلاب "الحكومي" إليها ، لتبقى نظرات أمل تلاميذ التعليم المجاني لدخول حمامات التجريبي هي حلمهم اليومي.

وتقول آمال والدة أحد تلاميذ المدرسة أن أولياء الأمور تحملوا الكثير خلال السنوات الماضية وقمنا بتجديد دهانات الفصول وتطوير الحمامات على حسابنا لأننا نعرف قيمة هذه المدرسة في حياتنا فأحوالنا المالية لا تسمح بمصاريف المدارس التجريبية"، والتبرع بالقليل للمدرسة أهون من المصاريف بالآلاف سنويا، وتعليم أبنائنا يعتمد فقط على المدارس الحكومية لأننا ناس "على قد حالنا"، وفوجئنا بانتزاع فصول من المدرسة وتحويلها لتجريبي دون علمنا بدلا من إنشاء مبنى جديد.

وأضافت أن المشاكل ظهرت بداية من العام الدراسي السابق ورفض المدرسة لعدد كبير من طلبة الصف الأول الابتدائي بسبب تقليص فصول المدرسة، وتفاقمت الأزمة مع بداية الفصل الدراسي الحالي، وتحولت الفصول إلى علب سردين وزادت الكثافة لتصل إلى 80 تلميذ في الفصل الواحد، ومعدلات قبول تلاميذ جدد في تناقص كل عام لإفساح المجال أمام المدارس التجريبية.

وتؤكد فوزية والدة أحد التلاميذ أنا صاحب الأرض تبرع بها لصالح غير القادرين وهو الهدف الأساسي للمدرسة، وواجه العديد من الأهالي رفض دخول أبنائهم في الصف الأول الابتدائي العام الحالي.

وبكل أسى تحدثت عن واقع مؤلم يتعرض له ابنها كل يوم ، فالطفل يحلم يوميا بدخول الحمام "النظيف" بدلا من المتهالك الخاص بتلاميذ "الجزء الحكومي" في المدرسة، ولكن الإدارة تمنع ذلك لأنه خاص بطلاب الفصول "التجريبية"
ومن جانبها رفضت وزارة التربية والتعليم كشف العدد الحقيقي للمدارس الحكومية التي تحولت لتجريبيات أو إحصائية اقتطاع عدد من فصول المدارس الحكومية وتحويلها لقطاع تجريبي.

ويقول ناصر على الخبير التربوي أن أولياء الأمور في كثير من المدارس يصابوا بالصدمة في بداية العام الدراسي بتحويل المدرسة بالكامل إلى تجريبي أو جزء منها كما حدث في حالة مدرسة الحرية بالمرج دون علمهم.

وتسعى الوزارة من جهتها للتوسع في التجريبيات لأن الطلب عليها كثير ولكن التطبيق يتم بصورة خاطئة، فما يجب إتباعه هو بناء مدارس تجريبية جديدة، وليس التضييق على المدارس الحكومية، وتحويلها إلى تجريبي.

وأضاف أن المشكلة ترفع نسب التسرب من التعليم في الوقت الذي تسعى فيه الدولة لحل مشكلة تخلق وزارة التعليم أزمة جديدة.