تم إجراء أول انتخابات بإيران منذ توقيع الاتفاق النووى رفع العقوبات الاقتصادية وسط صراع بين ثلاث تيارات رئيسية هي: تيار الرئيس حسن روحانى الإصلاحى وتيار المحافظين التابع للمرشد الأعلى على خامنئى ويتبعه الحرس الثورى الايرانى وقادة الجيش وهو التيار الذى يسيطر على مجلسى الشورى والخبراء واخيرا تيار المحافظين المعتدلين الذى يميل للاصلاحيين بقيادة أكبر هاشمى رفسنجاني.

تقدم تيار الاصلاحيين والمحافظين المعتدلين فى الانتخابات البرلمانية الإيرانية رغم استبعاد المئات من المرشحين الإصلاحيين من خوض الانتخابات، يعد إشارة إلى نجاح الرئيس روحانى فى السيطرة على البرلمان القادم بعد أن عارض البرلمان المنتهى ولايته الكثير من خططه الإصلاحية عندما كان فى قبضة المحافظين وهو استفتاء ايضا على شعبية الرئيس روحانى الذى يأمل فى إعادة انتخابه لفترة رئاسية جديدة فى الانتخابات التى ستجرى العام القادم. وفى حال فوز الإصلاحيين سيكون هذا الفوز هو الأكبر لهم منذ عام 2004.
ويسعى الاصلاحيون والمعتدلون لإجراء المزيد من التغييرات الديمقراطية فى البلاد وفى حالة فوز عدد كبير منهم بمقاعد البرلمان، فإن ذلك سيساعد روحانى على الانفتاح اقتصاديا لتقديم إصلاحات يحتاجها ملايين الإيرانيين فيما يتعلق بتوفير الوظائف ومشروعات الإسكان والرعاية الصحية وتحقيق طفرة اقتصادية خاصة بعد رفع العقوبات وجلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والتى من شأنها توفير وظائف للشباب. مما يعنى انها بمثابة علامة فارقة واستفتاء شعبى على المستقبل الذى يريده الايرانيون.حيث تبلغ نسبة البطالة بين الشباب الإيرانى نحو 25%. لكن المحافظين يتمسكون بمبدأ الإصلاح الداخلى والتحفظ فى الانفتاح على العالم وأن النمو الاقتصادى يمكن ان يتحقق من خلال الإنتاج المحلى وفقا "لاقتصاد المقاومة" الذى يعتمد على مبادئ الثورة الإسلامية التى اندلعت عام 1979.
وقد استغل المحافظون هذا التوجه فى الحملات الدعائية التى سبقت الانتخابات وعمدوا إلى التهويل من انفتاح ايران على العالم واظهار إيران كما لو كانت مخترقة أمريكيا ومعرضة لمخاطر الانفتاح الثقافى والفكرى والإعلامى على الغرب الذى سيصاحب الانفتاح الاقتصادي، الأمر الذى يفرض اتخاذ إجراءات وقائية تحول دون تمكين الأمريكيين والغرب من التغلغل الفكرى والثقافى داخل إيران.
ويتنافس على مقاعد مجلس الشورى الـبالغ عددها 290 مقعدا أكثر من 6200 مرشح من بينهم 586 امرأة، بينما تقدم 166 مرشحا للفوز بمقاعد مجلس خبراء القيادة لشغل 88 مقعدا، ممن لهم درجة من الاجتهاد فى الفقه الإسلامى واحاطتهم بالشؤون السياسية ومعرفة بالعالم المعاصر ومن المحتمل أن يختار مجلس الخبراء الجديد خليفة لخامنئى ( 76 عاما ) الذى يعانى من متاعب صحية.واستبعد مجلس صيانة الدستور، وهو هيئة تابعة للمرشد الأعلى نصف عدد المرشحين ولم يسمح سوى لنحو 200 مرشح من المحافظين المعتدلين لخوض الانتخابات. ومن ابرز المستبعدين من انتخابات مجلس الخبراء حسن الخميني، حليف روحانى وحفيد آية الله روح الله الخمينى الزعيم الراحل للثورة الإيرانية ومؤسس نظام "الجمهورية الإسلامية".ويمتد عمل مجلس الشورى الجديد لاربع سنوات بينما يستمر مجلس الخبراء لمدة ثمانى سنوات.ومن المتوقع إجراء جولة ثانية لانتخابات مجلس الشورى فى أبريل المقبل إذ إن المرشحين يحتاجون للحصول على 25 % من الأصوات للفوز من الجولة الأولى.
وإذا كان الداخل الايرانى معنيا برسم مستقبل البلاد فان الخارج أيضا يتابع بإهتمام الإنتخابات الايرانية حيث اعتبرتها امريكا استفتاء على الاتفاق النووى الايرانى وتحدثت الصحف العالمية عن دور ايران القادم فى ظل قيادة روحانى وما يحمله المستقبل من تدخل إيرانى فى كل من صراعات المنطقة فى كل من سوريا والعراق واليمن والأهم الصراع التاريخى مع السعودية واحتمال حدوث مواجهة عسكرية قريبة فى حال تدخل السعودية بريا فى سوريا. وأصبح روحانى معنيا أيضا بتحديد طبيعة الدور الذى ستقوم به ايران فى رسم خريطة الشرق الأوسط الجديدة وايجاد البدائل فيمن سيملأ الفراغ بعد انسحاب داعش من العراق. وأى نظام سورى جديد سيولد عقب انتهاء الصراع ؟ وقطعا لن تغيب ايران عن تحديد المصير فى العراق الجديدة وسوريا الجديدة واليمن الجديدة بالتعاون مع روسيا، الولايات المتحدة، تركيا، إسرائيل، السعودية.