يعد قطاع الشباب والرياضة من بين أهم القطاعات وأكثرها تأثيرا في تاريخ ومستقبل الأوطان والشعوب وإن تم دعمه واستخدامه بالطريقة السليمة تتحقق النهضة والتقدم وتنتهي الأزمات والمشكلات وتبدأ مراحل صنع الانجازات وإن تم إهماله تحول هذا القطاع لقنبلة موقوتة تستعد للانفجار في وجه الجميع في أوي وقت.. ويتكون هذا القطاع المهم في مصر حسب الإحصاءات الرسمية من 4360 مركز شباب و1280 ناديا وتنتشر 27 محافظة وتخدم حوالي 60 مليون شاب وفتاة هم القوة الضاربة والثروة الحقيقية للوطن.. وفي الفترة الأخيرة تعالت الأصوات وتم إطلاق الصيحات التحذيرية على مستوى محافظات الجمهورية التي انتفضت وهب مسئولوها الوطنيون على مستوى مراكز الشباب والأندية مطالبين بفتح أخطر الملفات واجرأها على الإطلاق والتي لا تحتمل التأجيل أو غض النظر عنه.. ويتمثل هذا الملف الذي تم الكشف عنه في سيطرة أعداد كبيرة من الخلايا النائمة من الجماعات الإرهابية والمتطرفين على أنواع مؤثرة من الأنشطة والرياضات وفي مقدمتها الكشافة والجوالة واللعبات القتالية المختلفة.. وما يزيد من خطورة الملف أن اللائحة التي تحكم وتدير قطاع مراكز الشباب حتى الآن هي اللائحة رقم 90 لسنة 2013 التي وضعتها حكومة الإخوان التي ثار عليها الشعب وأطاح بها كما في عهد هذه الحكومة قام أسامة ياسين وزير الشباب الأسبق بوضع 12 ألفا من إتباع جماعته للسيطرة على مراكز الشباب بالقاهرة وبالإضافة لعشرات الآلاف من جماعته بباقي مراكز الشباب على مستوى محافظات الجمهورية.. "أخبار اليوم" قامت بجولة على مستوى مراكز الشباب برصد الظاهرة والبحث عن حل لها في هذا التحقيق.

في البداية يشير أحمد حجاج رئيس الاتحاد الاقليمي لمراكز شباب المدن بمحافظة الغربية إلي واقعتين خطيرتين، الأولي عندما طلب محمد شحاتة وكيل وزارة الشباب والرياضة بالغربية المشاركة في احتفالات المحافظة بافتتاح قناة السويس الجديدة، فقام حجاج باستدعاء عدد من أفراد ومسئولي الكشافة ليشاركوا في الاحتفالات فأرسل وكيل الوزارة أتوبيساً لأفراد الكشافة الا أن أفراد وقيادات الكشافة أخذوا تعليمات تليفونية بعدم المشاركة في الاحتفالات وعاد الاتوبيس فارغاً بعد أن جاءت إليهم تعليمات بعدم المشاركة.
ويضيف حجاج أن الواقعة الثانية تتمثل في اتخاذه لقرار تجميد النشاط الكشفي بمركز شباب المحلة الكبري منذ فترة بعد أن هاجم قيادات وعناصر الكشافة القوات المسلحة والشرطة في حفلة سمر بأغاني وهتافات ضدهم.
خلايا خطيرة
ويكشف أحمد حجاج رئيس الاتحاد الاقليمي لمراكز شباب المدن بمحافظة الغربية والعائد لرئاسة مركز شباب المحلة الكبري بحكم القضاء الإداري عن أن أخطر الأنشطة التي تسللت عناصر الجماعة الإرهابية والجماعات المتطرفة للسيطرة عليها في الكثير من مراكز الشباب والأندية علي مستوي الجمهورية أنشطة الجوالة والكشافة بالإضافة إلي بعض الألعاب القتالية وتوجد بهذه الأنشطة خلايا نائمة خطيرة من قيادات ومدربين وناشئين بالمئات والآلاف كما أن الجوالة والكشافة أهم نشاطين يتم من خلالهما تربية النشء علي الولاء والطاعة، وكشف حجاج أيضاً عن أنه أبلغ جميع الهيئات المختصة مثل الأمن العام والنيابة العامة والرقابة الإدارية، ووزارة الشباب والرياضة بهذه الأمور في خطابات وشكاوي رسمية خاصة بعد وجود أكثر من واقعة.
ويضيف أحمد حجاج أن هناك مديريات وإدارات بالشباب والرياضة علي مستوي الجمهورية بها خلايا نائمة منتشرة وهذا يمثل خطراً كبيراً.
ويلقي أحمد حجاج بتساؤل مهم للغاية يقول: كيف نستمر بعد ثورة ٣٠ يونية وحتي الآن في قطاع الشباب والرياضة بتطبيق لائحة النظام الأساسي لمراكز الشباب رقم ٩٠ لسنة ٢٠١٣ وهي أساساً لائحة حكومة الإخوان التي تعمل علي تمكين الإخوان من السيطرة علي مراكز الشباب.
وكشف حجاج أنه قبل ثورة ٣٠ يونية شهد مركز شباب المحلة تدريبات قتالية بالأسلحة للجماعة الإرهابية من خلال أنشطة الكشافة والجوالة وأبلغ الدولة بذلك وأرسل تقارير وخطابات رسمية بالوقائع إلي الجهات الأمنية والجهات المختصة بالإضافة إلي وزارة الشباب والرياضة فالعناصر المتطرفة في الألعاب القتالية من المدربين والقيادات تقود الناشئين والشباب الصغير للقيام بالأعمال التخريبية وهذه نتيجة خطيرة لما يغذون عقولهم به من أفكار هدامة وكره للمجتمع والوطن.
مدربون إرهابيون
ويفجر عيد عشري المدير الفني لفرق الكاراتيه بنادي أبوتيج بأسيوط مفاجأة كبيرة ويقول إن هناك في عدد من مراكز الشباب بمحافظة أسيوط مدربين حاليين للألعاب القتالية سبق اعتقالهم لسنوات طويلة لاتهامهم في قضايا إرهابية وبعد الإفراج عنهم مباشرة يمارسون التدريب لمئات البراعم والناشئين والشباب ويحدث هذا الأمر أيضاً علي مستوي مركز أبوتيج دون أن يتدخل مسئولو مديرية الشباب والرياضة بأسيوط وأي جهات أخري.. ويتساءل عشري قائلاً.. هل ترك هؤلاء كذلك شيء معقول؟!
سوهاج في خطر
ويؤكد د.محمد عسكر المدير الفني لنادي شطورة بطهطا بمحافظة سوهاج أن الوضع خطير في الصعيد والأقاليم لانتشار أعداد من مدربي الألعاب القتالية في مراكز الشباب من أصحاب الانتماءات السياسية المتطرفة مثل أصحاب الفكر الإخواني علي سبيل المثال ولابد وبشكل عاجل تغيير هذه القيادات التدريبية حتي تعود مراكز الشباب لأداء دورها الحقيقي في تخريج الأبطال وممارسة الألعاب بدلاً من استغلالها في تخريج الإرهابيين والبلطجية، ويقول د.عسكر إنه للأسف فإن مثل هذه القيادات التدريبية تستغل الدين في اقناع الشباب البسطاء وتوجيههم نحو المخططات الشيطانية.
وكشف د.عسكر عن أن الفترة التي أعقبت تنصيب أسامة ياسين وزيراً للشباب اسفرت عن اهتمامه بضخ أعداد كبيرة من الأعضاء والمدربين التابعين لجماعته وفكره وأيضاً الاهتمام بالألعاب القتالية مثل الكونغ فو والكاراتيه والمصارعة والملاكمة بدلاً من الألعاب الأخري مما جعل هذه المراكز تحيد عن دورها الحقيقي وهذا خطر كبير يجب معالجته عاجلاً فكرياً وأمنياً.
أسيوط والعمل تحت الأرض
يقول محمود العسيري سكرتير منطقة القوي ومصارعة الذراعين وعضو مركز شباب أبنوب السابق بأسيوط إنه من بين أسباب الأزمة التي تعيشها مراكز الشباب قيام وزارة الشباب والرياضة بالمد لمجالس إداراتها وهذا خطأ كبير أسفر عن سيطرة العناصر المتطرفة عليها وكذلك سيطرة العائلات وأنه كان من المفروض تعيين مجالس أخري.
ويكشف محمود العسيري عن أن أخطر الأمور التي يتعرض لها قطاع الشباب والرياضة الخلايا النائمة والسرية وهم يعملون تحت الأرض وهذه مصيبة كبري، ويضيف أن تخلي الدولة عن تقديم الدعم الكافي لمراكز الشباب والأندية وتركها لأعضاء مجالس إدارات تتحكم فيها أسفر عن نتيجة خطيرة هي عزوف الشباب عن المشاركة في الأنشطة الشبابية واستهداف العناصر المتطرفة من الإخوان وغيرهم والسيطرة علي مجموعات كبيرة من الشباب والبراعم عن طريق تنظيمهم لأنشطة وعمليات إثراء وجداني لتنفيذ سيطرتهم ومخططاتهم بإتقان وبالتالي فالكثير من الشباب بدأ يتطرف فكرياً.
المدارس الخاصة كارثة!!
يضع محمد سعدة بإدارة الجمالية للشباب والرياضة بالدقهلية يديه علي عنصر مهم يتمثل في أن أغلب الألعاب القتالية يتم التدريب عليها من خلال مدارس خاصة منتشرة في مراكز الشباب في ظل علاقة ايجارية فقط بين أصحاب المدارس وبين مسئولي المراكز دون لوائح محددة توضح كيفية الممارسة ودون فحص كاف للمدربين.
ويضيف محمد سعدة ان التطرف ليس فقط تطرفاً سياسياً ولكن له أوجه كثيرة مثل التطرف الفكري والأخلاقي ويتساءل.. هل للمدرب شهادة كفاءة مهنية في لعبته وكذلك هل لديه شهادة حسن سير وسمعة، ويطالب سعدة بتشديد الرقابة ووضع معايير حازمة في هذا المجال.
أعمال شغب!!
ويقول طارق فاروق الجوهري المدير الفني لمدرسة الكرة بمركز شباب عزبة النخل إن ما يحدث في بعض اللعبات النزالية والقتالية بمراكز الشباب والأندية يعد ظاهرة خطيرة لأن المدرب يقوم بتربية الناشيء الصغير علي طباعه وأن الجهل والتطرف مجالان خصبان لتنشئة اللاعبين الصغار علي أفكار متطرفة وكل ذلك ينتج عنه نتائج خطيرة ومدمرة يجب أن ننتبه لها جميعا دولة وشعباً وكشف فاروق عن أنه شاهد ذلك بنفسه في عدد من أعمال الشغب والخناقات التي تم خلالها قتل وذبح البعض.
مراكز تدريب خاصة
ويكشف د.أحمد فاروق أستاذ اقتصاديات الرياضة المساعد بجامعة حلوان أن هناك مشكلة أخطر تتمثل في انتشار مراكز التدريب الخاصة وأن ذلك يعد قنبلة موقوتة تهدد الوطن خصوصاً في ظل اشراف غير المتخصص والتراخيص الوهمية التي تصدر لهذه المراكز والتي تتدخل فيها في بعض الأحيان وزارات أخري مثل وزارة الشئون الاجتماعية التي تمنح حق الاشهار للمراكز بالإضافة إلي المراكز التي يتم انشاؤها بتراخيص من وزارة التربية والتعليم داخل المدارس.
ويضيف د.أحمد فاروق أنه انتشرت في الآونة الأخيرة آليات جديدة للتدريب في بعض الرياضات مثل الجمباز والسباحة والأخطر انتشار تدريب للرياضات النزالية والقتالية مثل الكاراتيه والمصارعة والتايكوندو والكونغ فو والجودو.
ويدق أحمد فاروق ناقوس الخطر قائلاً: والأخطر أنه تم استغلال هذه المراكز وأيضاً العديد من مراكز الشباب في تدريب فئات معينة من قبل الجماعات المحظورة التي تقوم فيها بتدريب شبابها علي أعمال العنف ويضيف فاروق أنه وللأسف تحظي هذه الأماكن بالإقبال من الشباب التي تستطيع هذه الجماعات تجنيد ضعاف النفوس فيها بدعوي جودة التدريب والحصول علي امكانيات مضاعفة.
ويطالب أحمد فاروق وزارة الشباب والرياضة بإعادة النظر في أسلوب ترخيص وعمل هذه المراكز وتشديد الرقابة عليها وعلي الهيئات المشرفة عليها.
قنبلة مدوية
ويفجر علي تبارك نائب رئيس نادي المطرية قنبلة مدوية بقوله إن الجماعة الإرهابية قامت بزرع ١٢ ألفاً من كوادرها وشبابها كأعضاء علي مستوي مراكز شباب القاهرة وعشرات الآلاف من الكوادر والشباب علي مستوي مراكز شباب محافظات الجمهورية.. وأضاف تبارك أن هذه حقيقة دامغة أكدها واعترف بها أسامة ياسين وزير الشباب الأسبق وصرح بها في القنوات التليفزيونية الحكومية.
ويقول علي تبارك ان تصريحات ياسين تؤكد خطة جماعته في التأثير والسيطرة علي خريطة الشباب علي مستوي الجمهورية للتأثير علي انتخابات هذه المراكز ثم التأثير علي انتخابات المحليات وانتخابات البرلمان علي التوالي وهذا أمر خطير للغاية خاصة في الوقت الحالي والحل المطلوب وبشكل عاجل سرعة تنقية عضويات مراكز الشباب وكذلك الأندية التي اخترقها شباب الجماعة الإرهابية بشكل خطير.
وفجر علي تبارك قنبلة مدوية أخري قائلاً: للأسف نحن كشعب طيب لماذا ننسي كل هذه التصريحات التي قالها ياسين في التليفزيون؟ وأضاف أن أسامة ياسين تحدث في حوار خطير مع مذيع الجزيرة أحمد منصور في أحد برامجها بأنه كان قائد الفرقة ٩٥ التي كانت تعتلي أسطح العقارات المحيطة بميدان التحرير كاملة والتي اكتشفنا بعد ذلك بأنها هي التي كانت تقوم بقتل المتظاهرين وليس الشرطة.
ويؤكد علي تبارك ان الكاراتيه والكونغ فو هما أخطر لعبتين تم ضخ فيهما عناصر متطرفة لقيادة التدريبات فيها علي مستوي القاهرة والجمهورية وأنه من بين هذه العناصر مدربون «اعترفوا» فيما بعد بالاضافة إلي مدربين آخرين خلايا نائمة غير معروفين حتي الآن وهذا خطر كبير.
التجربة المريرة
ويطلب يحيي دياب مدير عام الشباب والرياضة بالوادي الجديد من مجالس إدارات مراكز الشباب والأندية الابلاغ عن أي عناصر مشكوك فيها من المدربين والمسئولين عن الأنشطة والألعاب لما لهم من تأثيرات خطيرة فمحافظته التي تضم ٦١ مركز شباب و١٣ نادياً منتشرة علي مستوي ٥ مراكز مترامية الأطراف علي ما يقرب من نصف مساحة مصر كان لها تجربة مريرة بعد المحاولات المستميتة التي قامت بها احدي الشخصيات المنتمية إلي الجماعة المحظورة للسيطرة علي قطاع الشباب والرياضة في عهد حكم الإخوان وأدي هذا الصراع إلي اغلاق مديرية الشباب والرياضة بالوادي بالجنازير إلي أن تم حل الأزمة فيما بعد.
محاكمات عاجلة
ويؤكد رفاعي منيب المدرب السابق بقطاع الناشئين بطلائع الجيش وعضو مجلس إدارة مركز شباب ميت حمل ببلبيس بالشرقية انه يجب تغيير آليات تعامل الدولة في هذا الشأن لإنهاء سيطرة أعداد كبيرة من المدربين المتطرفين في أكثر من لعبة علي مراكز الشباب والبراعم.
ويكشف رفاعي عن ان كل متطرف أو منحرف يعمل ضد الدولة ويخرب المجتمع يجب تقديمه للمحاكمة فوراً، هذه العناصر كانت تنظم دورات في كل اللعبات كل خميس بعد الفجر في عهد مبارك وأن هذه الدوريات كانت تستمر حتي الفجر تحت مسميات مختلفة وعندما كانت تقترب الدوريات الأمنية كان يتم ابلاغهم من بعض الناضورجية فيهربون علي الفور.
السويس خالية ولكن!!
ويذكر ياسر البعيري مدير إدارة الإعلام بديوان محافظة السويس أن محافظته من أنجح المحافظات في مكافحة أي محاولات لسيطرة أي عناصر متطرفة أو منحرفة علي تدريب اللعبات القتالية بمراكز الشباب والأندية عن طريق الرقابة المستمرة علي هذه المراكز والأندية.
ويقول ياسر البعيري إن أكثر اللعبات التي يسعي المتطرفون والمنحرفون السيطرة علي تدريبها في محافظات أخري الكاراتيه والكونغ فو والتايكوندو، وانه من الواجب وفوراً تحويل أي مدرب أو مسئول يتورط في هذا الأمر للمساءلة والتحقيق للكشف عن دوافعه ومن يقف وراءه.
مهزلة بالغربية
ويتهم مسئول كبير بمديرية الشباب والرياضة بالغربية المسئولين والإداريين المختصين بمتابعة وتنفيذ الأنشطة بمراكز الشباب والأندية بالكثير بالمحافظات بالتقاعس والتواطؤ في أداء مهام عملهم مما أدي إلي تسرب الكثير من المدربين المتطرفين فكرياً للألعاب المختلفة وأبرزها اللعبات القتالية.
وتساءل المسئول قائلاً أين لجان المتابعة وأين مديرو الإدارات خاصة في مراكز الشباب والأندية بالأقاليم والقري.
وكشف المسئول عن مهزلة كبري حدثت في احدي الدورات الرمضانية بسمنود عندما ارتدي فريقه الفانلات الصفراء الداعمة للجماعة الإرهابية ورفعوا شارة جماعتهم في تحد للجميع، وحدث ذلك في مركز شباب العزيزية.
لجان المكافحة
طالب عدد كبير من مسئولي ورواد مركز الشباب والأندية بإنشاء لجنة لمكافحة الفساد والعناصر المتطرفة الهدف منها كشف الفساد والإبلاغ عن أي عناصر متطرفة لإيقاف تغلغل هذه العناصر وإفشال مخططاتها التي تم وصفها بالشريرة التي تهدد الوطن وتنال من شبابه.
واقترح هؤلاء المسئولون والرواد تقديم تقارير شهرية دورية للجهات المختصة متمثلة في وزارة الشباب والرياضة والجهات الرقابية والأمنية.