رحلة العجل المقدس إلى متحف المتروبوليتان
رحلة العجل المقدس إلى متحف المتروبوليتان


حكاية أثر| تمثال أبيس.. رحلة «العجل المقدس» إلى متحف المتروبوليتان

شيرين الكردي

الأحد، 05 يناير 2025 - 11:52 ص

الحضارة المصرية القديمة مصدر إلهام وإعجاب للعالم أجمع، فقد أبدع المصريون القدماء في تصور مفاهيمهم الدينية وتجسيد معتقداتهم في رموز حية وأخرى صناعية. 

من أبرز هذه الرموز "العجل أبيس" المعبود المقدس الذي مثل رمزًا للخصوبة والتجدد، وارتبط مباشرة بعبادة الإله "بتاح" في منف.

اقرا أيضأ|أصل الحكاية | «خاتم الملك حور محب» رمزية القوة والإبداع في الحضارة المصرية القديمة

واليوم، نجد أثرًا استثنائيًا لهذا التراث العظيم متمثلًا في تمثال من العاج يُجسد العجل أبيس، محفوظًا في متحف المتروبوليتان للفنون بمدينة نيويورك، كما ذكره الباحث الأثري الدكتور حسين دقيل، المتخصص في الآثار اليونانية الرومانية.

 فكيف وصل هذا الرمز المقدس من أرض مصر القديمة إلى قلب الولايات المتحدة؟ وما هي قصته منذ عهده الأول وحتى يومنا هذا؟

أبيس المصري بأمريكا

العجل أبيس في الحضارة المصرية القديمة


ويعود تاريخ تقديس العجل أبيس إلى بدايات عصر الأسرة الأولى (حوالي 3100 ق.م)، حيث مثّل رمزًا للخصوبة والنماء، واعتبر المصريون القدماء العجل أبيس وسيطًا بين البشر والآلهة، وخصصوا له طقوسًا دينية دقيقة.

1- معايير اختيار العجل أبيس:


يتميز أبيس بلونه الأبيض وبقع سوداء مميزة على الجبهة والرقبة والظهر.

كان يُختار بعناية ليعيش في "الحظيرة المقدسة" مع أبقاره.

2- دوره في الاحتفالات:


كان العجل يظهر في الأعياد الكبرى مثل عيد "أوبت" واحتفالات الحصاد.

يُزين بأكاليل الزهور ويُقَدّم له الطعام الفاخر.

3- مراسم دفنه:


عند وفاة العجل، يُحنط بجنازة مهيبة تتضمن مواكب احتفالية، ويُدفن في مقابر مخصصة تُعرف بـ"السيرابيوم" في منطقة سقارة.

تطور عبادة العجل أبيس

بدأت عبادة أبيس تأخذ طابعًا أكثر تنظيمًا خلال الأسرة الثامنة عشرة، وتحديدًا في عهد الملك أمنحتب الثالث (1391-1352 ق.م).

 مقابر السيرابيوم:

اكتُشفت في سقارة، وهي عبارة عن غرف دفن تحت الأرض مخصصة لدفن عجول أبيس،و تميزت بتصميمها الهندسي المتقن وزخارفها التي تُخلّد العجل كرمز مقدس.

 ارتباط أبيس بالآلهة الأخرى:


رُبط أبيس بالإله أوزوريس، ليُصبح رمزًا للبعث والحياة بعد الموت.

عُرفت العبادة المشتركة باسم "أوزوريس-أبيس" أو "سيرابيس" لاحقًا.

العجل أبيس في العصر المتأخر
خلال الفترة المتأخرة (664-332 ق.م)، استمرت عبادة أبيس مع بعض التطورات.

أصبح تمثيل أبيس أكثر شيوعًا في الفن المصري، حيث نُحتت تماثيل صغيرة للعجل من مواد مثل البرونز والعاج.

يُعتقد أن هذه التماثيل كانت تُستخدم كقرابين أو تُوضع في المقابر كرموز للحماية والخصوبة.

تمثال العجل أبيس في متحف المتروبوليتان

ومن بين أبرز الآثار التي خلدت العجل أبيس، تمثال مصنوع من عاج سن الفيل يعود للفترة المتأخرة من تاريخ مصر.

وصف التمثال:

يبلغ طوله حوالي 30 سم، ويتميز بتفاصيل دقيقة تُبرز هيبة العجل المقدس.

يعكس التمثال الحرفية العالية للمصريين القدماء في التعامل مع المواد الطبيعية.

رحلة التمثال إلى أمريكا:

عُثر عليه في مصر خلال أعمال التنقيب في القرن التاسع عشر.

نُقل إلى متحف المتروبوليتان كجزء من مقتنيات الفن المصري القديم.

 أهمية أبيس الثقافية والدينية

رمز ديني: جسّد العجل أبيس مزيجًا فريدًا من القيم الروحية والرمزية المرتبطة بالخصوبة والتجدد.

 تأثيره الثقافي: ألهم الفن والأدب المصري القديم والحديث.

ظل موضوعًا مثيرًا للبحث والدراسة من قبل علماء الآثار والمؤرخين.

التحديات المتعلقة بالمقتنيات الأثرية المصرية في الخارج

رغم القيمة الحضارية التي يمثلها وجود الآثار المصرية في المتاحف العالمية، فإن هذا يطرح تساؤلات حول ملكيتها.

1- الجدل حول الملكية:


هل يحق لدول أخرى الاحتفاظ بآثار مصرية؟
أهمية عودة هذه القطع إلى موطنها الأصلي.

2- جهود استعادة الآثار:


حققت مصر إنجازات كبيرة في استعادة بعض القطع الأثرية، ويبقى تمثال أبيس مثالًا لآثار تحتاج إلى إعادة النظر في وضعها.

 أبيس كرمز ثقافي عالمي

مع وجود تمثال أبيس في متحف المتروبوليتان، يظل رمزًا عالميًا يجذب ملايين الزوار سنويًا، يُذكر العالم بجمال وتنوع الحضارة المصرية القديمة، يُحفز الأجيال الجديدة على دراسة التاريخ والتراث.

والعجل أبيس ليس مجرد تمثال أو رمز ديني من الماضي، بل هو شاهد حي على عظمة الحضارة المصرية القديمة، وجوده في متحف المتروبوليتان يمثل فرصة لنشر الوعي حول التراث المصري، لكنه يثير أيضًا تساؤلات حول أهمية إعادة هذه الكنوز إلى موطنها الأصلي.

وستظل قصة أبيس، برمزيتها الروحية وسفرها عبر الزمن، مصدر إلهام لا ينضب للباحثين ومحبي التاريخ.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 

 

 

 

 

مشاركة