حرائق كاليفورنيا - صورة أرشيفية
حرائق كاليفورنيا - صورة أرشيفية


خسائر بالمليارات| حرائق الغابات بكاليفورنيا تهدد حسابات قطاع التأمين

إسراء ممدوح

السبت، 11 يناير 2025 - 04:11 م

باتت حرائق الغابات في لوس أنجلوس، تهدد الاقتصاد المحلي والصحة العامة والبنية التحتية بولاية كاليفورنيا، لتضع عبئًا إضافيًا على سوق التأمين الهش بالفعل.

فما بين الخسائر الضخمة التي جرت جراء حرائق الغابات، وضغط شركات التأمين، وتأثيرات تغير المناخ، تتزايد الأسئلة حول قدرة هذه الأسواق على الصمود أمام الكوارث المتكررة، فضلا عن هل تستطيع الإصلاحات الراهنة في الولاية الأمريكية كبح هذا النزيف؟ أم أن مستقبل قطاع التأمين في الولاية بعد الحرائق الأخيرة، يحمل تحديات أعظم في طياته؟

اقرأ أيضًا| حريق لوس انجلوس.. الأسباب الحقيقية وراء الكارثة المتكررة

 

 

◄الأزمة التأمينية بولاية كاليفورنيا 

ومع تزايد حرائق الغابات، انسحبت شركات التأمين من كاليفورنيا، ما أثار مخاوف كبيرة في سوق التأمين، فقد توقفت «State Farm»، أكبر شركات التأمين، عن تجديد وثائق المنازل في مناطق خطرة مثل باسيفيك باليساديس، أحد الأحياء الراقية بلوس أنجلوس، حيث تُقدَّر قيمة الممتلكات المعرضة للاشتعال بـ 5.9 مليار دولار، ما يزيد اعتماد السكان على خطة FAIR المدعومة حكوميًا، وفقًا لصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية.


◄كارثة باسيفيك باليساديس.. الأثر المالي والصحي

وأدى اندلاع 5 حرائق منفصلة في لوس أنجلوس هذا الأسبوع، إلى تدمير آلاف المنازل والشركات، ما وضع حي باسيفيك باليساديس في لوس أنجلوس، الغني والمعرض بشدة لحرائق الغابات، في قلب الأزمة، ومع غموض تقديرات الخسائر المالية «النهائية»، يُتوقع أن تصل إلى مليارات الدولارات، ما يزيد من هشاشة سوق التأمين المدعوم حكوميًا، وسط مخاوف من أن يصبح التأمين خيارًا بعيد المنال للكثيرين.


◄سياسات التأمين في كاليفورنيا

وأبدت الجهات التنظيمية وشركات التأمين بالولاية الأمريكية، تفاؤلا بإصلاحات جديدة تسمح بزيادة الأسعار لمراعاة مخاطر تغير المناخ، لكن مع اشتداد حرائق الغابات، يشكك الخبراء في قدرة هذه الإصلاحات على إحداث فرق ملموس، في حين أن خطة FAIR تقدم حلولًا محدودة، فإن أقساطها المرتفعة ومحدودية التغطية تجعلها خيارًا اضطراريًا أكثر منه مستدامًا.


◄الكوارث المكلفة وتأثير تغير المناخ

وتُظهر تقديرات وكالات مثل «موديز وجي بي مورجان» للخدمات المصرفية بأمريكا، أن الخسائر المؤمن عليها من حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا قد تصل لعشرات المليارات، وهذه الأرقام توضح القيم المرتفعة للعقارات المتضررة، وتسلط الضوء على الضغط المتزايد الذي يواجهه قطاع التأمين في ظل تغير المناخ، حيث تراجع 7 من أكبر 12 شركة تأمين في الولاية عن إصدار سياسات جديدة خلال العامين الماضيين بسبب هذه الكوارث.

مع انسحاب شركات التأمين الخاصة، أصبحت خطة FAIR الملاذ الأخير للكثيرين، ورغم أنها تقدم تغطية محدودة بتكاليف مرتفعة، زاد الاعتماد عليها بنسبة 85% في باسيفيك باليساديس خلال عام واحد، ليوضح أيضًا هذا التصاعد هشاشة سوق التأمين أمام الكوارث المناخية مثل حرائق الغابات، ما يثير تساؤلات حول كيفية تعزيز قدرة كاليفورنيا على مواجهة تحديات المستقبل.

اقرأ أيضًا| عن طريق الخطأ| أكثر من 10 ملايين شخص تلقوا رسائل إخلاء منازلهم بكاليفورنيا


◄مستقبل التأمين في كاليفورنيا

وتمثل حرائق الغابات في الولاية تهديدًا مزدوجًا للبيئة والاقتصاد في كاليفورنيا الاثنين على حد سواء، ومع انسحاب شركات التأمين وتصاعد المخاطر المناخية، يصبح إيجاد حلول مستدامة ضرورة للسكان لضمان استقرار الأسواق وحماية المواطنين.

وتُبرز الحرائق في كاليفورنيا معضلة معقدة، حيث تتشابك الأزمات المناخية مع تحديات اقتصادية تؤثر على سوق التأمين بأكمله، فالخطر لا يكمن فقط في الكوارث نفسها، بل في «التداعيات اللاحقة» التي قد تجعل توفير التأمين خيارًا مستحيلًا للمنازل المعرضة للحرائق بكاليفورنيا، الأمر الذي يُلقي بظلاله على مستقبل السكان والاقتصاد المحلي في الولاية الأمريكية.

◄ما هي خطة FAIR؟.. خبراء يحذرون من إفلاس مُحتمل

وتشهد خطة «FAIR» للخدمات التأمينية بأمريكا، توسعًا خطيرًا، إذ تواجه خسائر محتملة تُقدر بـ300 مليار دولار بعد حرائق الغابات التي اندلعت في ولاية كاليفورنيا، في حين أن احتياطاتها لا تتجاوز 200 مليون دولار، ويُحذر الخبراء من إفلاس مُحتمل للخطة، حيث أشار عضو الجمعية الأمريكية، جيم وود، إلى أن موسم حرائق واحد فقط كافٍ لدفع الخطة إلى حافة الانهيار.

وعندما تتجاوز مطالبات حرائق الغابات احتياطيات خطة FAIR، تُجبر شركات التأمين الخاصة على تغطية أول مليار دولار من العجز، وإذا زادت التكاليف، يتم تقييم حاملي الوثائق لدفع الفارق، ما يؤدي إلى زيادات كبيرة في الأقساط، وهذه الآلية تجعل السكان عرضة لضغوط مالية، بينما تضع شركات التأمين أمام خيار صعب بين الربحية والاستمرارية.

ورغم اعتماد الكثير من السكان على خطة FAIR، إلا أن الحد الأقصى للتغطية لا يتجاوز 3 ملايين دولار، وهو ما يقل عن متوسط أسعار المنازل في المجتمعات الغنية مثل باليساديس بولاية كاليفورنيا، بعد حرائق الغابات التي اجتاحتها، والآن يجد الكثير من السكان في الولاية أن تكاليف إعادة البناء تتخطى قيمة تعويضاتهم، ما يتركهم في مواجهة أعباء مالية هائلة، بحسب الصحيفة الأمريكية ذاتها.

ومن جهة، تصاعد الكوارث المناخية مثل حرائق الغابات يُعقّد العلاقة بين شركات التأمين وأصحاب المنازل، فالجهات التنظيمية تسعى لتوفير تأمين بأسعار معقولة، بينما تحتاج الشركات إلى تسعير يعكس المخاطر المتزايدة، ورفع الأسعار قد يثني السكان عن العيش في المناطق المعرضة للحرائق، لكنه في الوقت ذاته يهدد بتهجير المجتمعات واستنزاف بنيتها الاجتماعية.

اقرأ أيضًا| شرطة لوس أنجلوس تعتقل شخصا للاشتباه في إشعاله حريق «كينيت»

 

 

◄حرائق الغابات بكاليفورنيا تكسر الأرقام القياسية

وفقًا لصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، بلغت تقديرات خسائر حرائق لوس أنجلوس أكثر من 150 مليار دولار، لتُثار تساؤلات حول قدرة شركات التأمين على الصمود في وجه كوارث متكررة بهذه الضخامة، في حين قدر المحللون أن خسائر حرائق الغابات في لوس أنجلوس تعتبر الكارثة الأكثر تكلفة في تاريخ كاليفورنيا.


◄تأثير مباشر على أسهم شركات التأمين

تراجعت أسهم شركات التأمين الأمريكية بشكل حاد يوم الجمعة 10 يناير، متأثرة بتقديرات الخسائر المرتفعة الناجمة عن حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا، لتهدد هذه الخسائر بزعزعة استقرار سوق التأمين، حيث بدأت شركات التأمين في إعادة النظر في استراتيجياتها بالسوق الكاليفورني، الذي يعاني بالفعل من تحديات تنظيمية ومناخية معقدة.


◄جهود الإطفاء وعودة الرياح.. سباق مع الزمن

توقفت الرياح الشديدة التي أشعلت حلقة حرائق الغابات في لوس أنجلوس، ما أتاح لطواقم الإطفاء فرصة للتقدم في السيطرة على النيران، ومع ذلك، حذر خبراء الأرصاد الجوية بالولاية الأمريكية من عودة الرياح القوية خلال عطلة نهاية الأسبوع، الأمر الذي يمكن أن يعقد جهود احتواء الكارثة ويزيد من مخاطر توسعها مرة أخرى.


 

◄إجراءات استثنائية لضمان استقرار التأمين

في محاولة لدعم المتضررين من حرائق الغابات في كاليفورنيا، أمر مفوض التأمين في الولاية الأمريكية، ريكاردو لارا، بوقف عمليات إلغاء وتجديد السياسات التأمينية لمدة عام، والهدف من هذه الخطوة هو حماية الناجين وضمان حصولهم على تعويضاتهم بسرعة، في وقت أصبحت فيه استعادة الاستقرار ضرورة قصوى، وفقًا لـ«رويترز».


◄حجم الكارثة بمنطقة باسيفيك باليساديس؟

تُعد باسيفيك باليساديس واحدة من أغلى أحياء الولايات المتحدة، حيث تضم قصور نجوم هوليوود، وقبل الكارثة، كانت تكاليف التأمين في المنطقة معقولة، لكنها الآن مُهددة بارتفاع كبير بسبب حرائق الغابات والخسائر المتوقعة، ما يعيد تشكيل سوق التأمين في هذه المجتمعات الفاخرة.

وعلى الرغم من تمتع شركات التأمين الكبرى بحالة مالية قوية، فإن سوق التأمين في كاليفورنيا يواجه ضغوطًا هائلة، حيث ذكرت شركة «مورنينج ستار» العالمية للخدمات المالية، أن التحديات الناتجة عن حرائق الغابات في كاليفورنيا، دفعت العديد من الشركات إلى إعادة التفكير في عروضها، وحتى الانسحاب من سوق التأمين بشكل كامل.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 

 

 

 

 

مشاركة