◄ العمال: سعداء بمشاركتنا فى صياغة أسـطورة تتناقلها الأجيال .. والمهندسون: نستعين بالثلج لحماية الخرسانة من الحر

عمال المشروع يرتدون خوذات، جباههم يتساقط منها العرق، وجوههم تحولت من اللون الأبيض إلى اللون الأحمر من شدة الحرارة، يرتدون أحذية «سيفتى» وكأنهم فى طابور عرض فى القوات المسلحة، كل منهم يعمل فى مكانه، عشنا معهم وارتدينا «الخوذ» لكى لتحمينا من حرارة الجو..

وجدنا أنفسنا نتصبب عرقا من شدة الحرارة ولم نحتمل البقاء أكثر من ساعتين، مما جعلنا ندرك حجم المجهود الجبار الذى يبذلونه، اقتربنا من العمال الذين يعملون فى الجزء اليابس من المشروع..

كان ياسر محمد – حداد – يقوم بلى أسياخ الحديد المسلحة وتحويلها إلى دوائر لاستخدامها فى ربط الأعمدة الخرسانية المستخدمة فى خوازيق قواعد الكباري، قال: أعمل من الساعة السادسة صباحا ولا أخشى أشعة الشمس فقد تعودنا عليها، وأضاف أن مهنته تحتاج لمجهود كبير ومساعدة عدد من الزملاء، وأشار إلى أنه يعمل فى جميع المشروعات القومية ويشعر بالفخر والسعادة لمشاركته حتى ولو «بثنى» الحديد، وأكد أن ما يفعله أضاف الكثير مما سوف يسجله فى ذكرياته ويحكيه لأولاده وأحفاده.

والتقط الحديث محمد محمود (عامل) وقال إنه يرفع شعار إنجاز العمل بدقة واتقان وأضاف: «كل ما نشوف المشروع بدأ يظهر على أرض الواقع ننتفض فرحا ونشعر بالقوة والنشاط»، وأوضح أن هذا المشروع سوف يخدم مناطق كثيرة وسوف يغير خريطة الطرق.

ويضيف هانى حامد (عامل) قائلا: أعمل هنا على مدار اليوم حيث أن «النبطشية» الواحدة 12 ساعة من أجل أن يتم إنجاز المشروع فى موعده، ويقول: نحن كعمال ننظر إلى هذا المشروع وكأنه بناء شخصى لنا لأن أبناءنا سوف يستفيدون من هذا المشروع فى المستقبل القريب، مؤكدا أنه فخور ويزداد فخرا كل يوم عندما يرى المشروع يخرج للنور، وأشار إلى أنه عندما يشاهد المشروع يشعر وكأن ابنه هو من يكبر ويترعرع أمامه كل يوم ويدعو المواطنين لمشاهدة المشروع بعد إنجازه فى القريب العاجل.

فى الحادية عشرة وجدنا العبارات تطلق إشارة صوتية بوصولها تحمل العديد من السيارات المخصصة لنقل الخرسانة المسلحة، وهنا طلب منا المهندس حسين مدير المشروع الانتقال إلى العمال والمهندسين الذين يعملون فى نهر النيل، وبالفعل قمنا باستقلال قارب وتوجهنا إلى الوراق لنلتقى بالعمال والمهندسين، وبمجرد أن وطأت أقدامنا أرض الجزيرة وجدناها ممتلئة بالكتل الخرسانية وذرات التراب تتصاعد وتجعل التنفس بالغ الصعوبة، من جديد شعرنا بالجهد المبذول، اقتربنا من أرض المشروع والتقينا بـ «أحمد سعد أحمد» - عامل - الذى قال: يبدأ عملى منذ الساعة الساعة السابعة صباحا واحصل على ساعة واحدة للغذاء كما تمنحنا إدارة المشروع وقتاً لأداء الصلاة فى موعدها مضيفا أن ما نبنيه الآن هو مستقبل لهذا البلد العظيم.

وأضاف أنه من سكان القناطر الخيرية وعندما يتوجه إلى هناك يحدث أهله بهذا المشروع الذى سيقضى على التكدس المرورى، حيث ينهى تماما الزحام فى وسط القاهرة وأضاف: سأظل أحكى لأولادى فى المستقبل عن الظروف الصعبة التى تم فيها بناء المشروع، مشيرا إلى أنه سيطلب من ابنائه استكمال خطة المشروعات القومية التى بدأتها الدولة.

ويضيف المهندس أسامه كمال أحد مهندسى المشروع أن مشكلة ارتفاع درجة حرارة الجو تؤثر على جودة الخرسانة المصبوبة فى قواعد المشروع، لكن يتم التغلب على ذلك من خلال إعادة تبريد الخرسانة المستخدمة، وأكد أن هذا المشروع ضخم وكبير للغاية وفخر لأى مهندس أن يعمل به، يبتسم وهو يقول ان حرارة الجو أحرقت حذاءه وكذلك جميع أحذية العمال، وأضاف أنه تم تنفيذ 80 عموداً فى نهر النيل وهذا يعد إنجازاً فعلياً تم فى وقت قصير جدا، وقال إنه من سكان الشيخ زايد ويعانى مثل جيرانه من الوصول إلى وسط العاصمة لأن المحور يكون مزدحماً باستمرار لكن بعد افتتاح الكوبرى سيكون المحور بلا أى تكدس مرورى.

أما المهندس خالد السيد المدير التنفيذى للمشروع، فأوضح أن طبيعة العمل فى مشروع محور روض الفرج تختلف بين البر والنيل، وأضاف أن عملية الحفر فى النيل تحتاج إلى تدقيق ودراسة؛ فبعد إتمام عملية الحفر داخل النهر لعمل أعمدة وخوازيق الكوبرى يتم صب مادة معينة مسئولة عن تبطين جوانب الحفر لكى لا يحدث انهيار، ويواصل: عقب ذلك يتم البدء فى عملية شد الحديد وصب الخرسانة لنبدأ عملية تنفيذ القاعدة وفى النهاية يتم تبريد الخرسانة بواسطة الثلج حتى لا تؤثر حرارة الجو عليها وبعد عدة أيام وعقب الاطمئنان من سلامة الخرسانة يتم إزالة الأعمدة الخشبية أو الجدران الحديدية، ويوضح أن الحفر داخل الماء له عمال ذوو طبيعة خاصة ويحتاج لمدربين مؤهلين، مشيرا إلى أن تنفيذ الخازوق الواحد قد يتطلب 24 ساعة بأكملها.

وأثناء تجولنا بأرض المشروع على جزيرة الوراق وجدنا عدداً من العاملين يمررون أسلاكاً داخل الخرسانة موصلة بجهاز كمبيوتر، وقال القائمون عن العمل أنهم يقومون باختبار الخرسانة والتأكد من جودتها وعدم وجود أى عيوب بها، مشيرا إلى أن هذا الكشف يوضح ما إذا كان هناك فراغ أو خلل داخل الخرسانة وفى حالة حدوث ذلك يتم التعامل إما بحقن العمود أو الخازوق، وفى حالة عدم القدرة على إصلاح الخلل يتم إزالة الخازوق وصب غيره.